أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد البهائي - ممالك النار بين الوعي والحياد















المزيد.....

ممالك النار بين الوعي والحياد


احمد البهائي

الحوار المتمدن-العدد: 6414 - 2019 / 11 / 20 - 18:28
المحور: الادب والفن
    


كثيرا ما نسمع عبارة عمل درامي ، الدراما هي حكاية لجانب من الحياة الإنسانية ، يعرضها ممثلون يقلَّدون الأشخاص الأصليين في لباسهم وأقوالهم وأفعالهم ، تعالج مشكلة من مشاكل الحياة الواقعية ، في شكل إجتماعي أخلاقي ، ويمكن تعريف الدراما بإختصار على انها " فن الحياة "، فهى تتناول المجتمع والانسان وقضاياه الحياتية ، فقد تجسد مرحلة تاريخية بعينها من مراحل تطور المجتمع والانسان ، فكل مرحلة حضارية لها اعمالها الدرامية التى تجسدها وقد تأتي منسجمة مع حالات وعي الانسان لذاته او للعالم الموضوعي والواقعي المحيط به ، فجميعنا نجيد فن الدراما ، ولكن كلا منا على طريقته ، وبواسطة ما يمتلكه من إمكانيات وادوات ، ولإكتمال المعنى والمقصود لابد من أن تتوفر عناصر الدراما " النص - التمثيل- الوسائط " ، إذن لإنجاح اي نص جيد لابد ان يكون هناك تأليف شعري او نثري يقدم حوار قصة يعالج جانبا من الحياة الإنسانية ، حيث تكون مصممة تصميما جيدا للعرض على خشبة المسرح او الشاشة ، ثم يأتي دور الممثلون الاكفاء أصحاب الملكة العالية ممن يمتلكون الوسائط ، كالفكر والثقافة والاحساس والصوت والحركة والسكون والصمت ، للتعبير عن حدث ذو دلالة في الحاضر والماضي من خلال تقمص شخصية حدث الماضي وكأنها الحاضر.

وهنا تستحضرني لاحد الفلاسفة تلك المقولة " إن الوضعية الغنية بالتصادمات تعتبر المادة الاساسية للفن الدرامي " ، فكلما زادت الصراعات وخرجت عن نطاق قوانينها الموضوعية وحتدمت بين الاخيار والاشرار إزدادت مادة الدراما قيمة ، لتعكس اهدافا فكرية تفوق التسلية والصورة الفوتوغرافية ، لتجسد القيم والظواهر الحضارية ، وهنا تتجلى الإستخلاصات عندما ينفعل معها الجمهور طواعية ، وينظر على انه جزء منها وشريك فعلي في كل مشاهدها ، بل هي رمز من رموز كفاحه وأمانيه ، وخاصة عندما تقدم إجابة منهجية واقعية واعية عن ما يدور في ذهنه ، وعن ما يمكن ان يكون عليه عالمنا المعاصر ، وهنا تكون الدراما حققت هدفها ومهمتها المزدوجة " الفكرة والرسالة - المتعة والجمال " ، لتجعلنا نقول ونؤكد ان الدراما هي فن الحياة وجوهرها .

هنا يستحضرني ، ممالك النار، مسلسل دراما عربي ، حيث يوثق المسلسل الحقبة الأخيرة من دولة المماليك وسقوطها على يد العثمانيين في بدايات القرن السادس عشر، مسلطاً الضوء على مرحلة في التاريخ العربي ثرية في الأحداث، كاشفاً العديد من الحقائق حول هذه الحقبة ، فعلى الرغم من أن العمل لم يعرض منه سوى ثلاث حلقات حتى الان ، إلا ان العمل أثار جدلا واسعا في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي ، وكثيرون اعتبروه مسيئا لتركيا، واتهم كاتبه ومخرجه بالسعي للاساءة لسمعة تركيا التاريخية ، ولكن ما شهدناه من العمل يبدو هو الحقيقة ، فما شهدناه حتى الان من احداث تجسيد واقعي لحقيقة كانت وقتها ، اجمعت عليها كل كتب التاريخ ، المتواجدة في كثير من المكاتب الاوروبية والتركية والعربية على السواء، فمن يطلع على صفحات تاريخ تلك الحقبة يعلم ان ما شهد منه هو ما حدث وقتها ، وما نتمناه ان تسير دراما العمل على هذا النهج وعرضه في صورة مواقف ومشاهد موثقة بكتب التاريخ ورصد الحقائق بصورة محايدة .

لنقول دائما وأبدا تقوم تركيا من خلال الدراما التاريخية بتقديم أعمال زائفة لا تبين الحقائق بصورة محايدة ، بهدف مسح وعي المتلقي وإستمالته ليكون في صالحها ، من خلال إظها مساوئ وعيوب الطرف الاخر في الاحداث ، وتجميل وإبراز دورهم الاجتماعي والاخلاقي في الحداث ، الذي هو في حقيقته مخالف تماما لما وقع في حدث التاريخ.

ما حدث لمصر وقتها على يد العثمانيين لم يكن فتحا وانقاذً كما يقدمه الاتراك ، بل كان غزوا حقيقيا ، فهزيمة المماليك، وانتصار العثمانيين، ومقتل السلطان قنصوه الغوري في موقعة " مرج دابق " 8 أغسطس 1516م ، كانت لم تحدث ، لولا ضيق الناس من حكم المماليك ، وتطلع المصريين إلى العثمانيين كمنقذين من الحكم المملوكي الذي أصبح متعسفا، ما حدث لم يكن انتصارا عسكريا كما يصفوه الاتراك بمعناه الكامل ، فالحقيقة التي يريد الاتراك تغيبها ، ان المماليك طغوا وتجبروا وازداد الظلم وانتشر الفقر والجهل في ايامهم الاخيرة ، وعندما إستفحل الامر إجتمع العلماء والقضاة والأعيان والأشراف وأهل الرأي في مصر مع الشعب، وتباحثوا في حالهم، ثم قرروا كتابة عريضة نيابة عن الجميع، يخاطبون فيها السلطان العثماني سليم الأول ، ويقولون أن الشعب ضاق بالظلم المملوكي وإن حكام المماليك يخالفون الشرع ، وإن السلطان إذا قرر الزحف ، فإن الشعب سيرحب به ، فعندما نادى السلطان قنصوه الغوري بالتعبئة العامة، قوبل بعرقلة الناس في مصر لتدابير التعبئة ، وبميل الناس إلى العثمانيين، حتى أن صناع الأسلحة أقفلوا دور صناعتهم، وتعالت في الشوارع التهديدات والشتائم الموجَهة ضد السلطان، وانخفضت درجة الانضباط في الجيش بِشكل كبير، ورفض الجنود المسير لقتال العثمانيين قبل حصولهم على المال والمكافآت ، وأخذوا في التمرد وعاثوا فسادا في الشوارع. وهذا ما ذكره " عبدالله بن رضوان " في كتابه تاريخ مصر بمكتبة بايزيد في استانبول ، ولكن الحقيقة المؤلمة التي ينكرها الاتراك يريدون طمسها ولكن لا ينكرها التاريخ ، ان العثمانيين الذين استنجد بهم المصريين ، كانوا اشد قسوة وظلما من الجراكسة المماليك ، فبعد دخولهم القاهرة استباحوها وفعل بها الجيش الانكشاري ما يفعله مع بلاد المفتوحة بالقوة العسكرية بل وأعظم ، حيث نهبوا كل ما أمامهم من محال وأسواق ودخلوا بيوت المماليك و بيوت المصريين على حدا سواء ، فسرقوا ما بها من نفائس ومجوهرات ونهبوها وسبوا النساء وطردوا من بيوت كثيرة سكانها وستولوا عليها ، ودخلوا المساجد و اعملوا بنادقهم على المصريين من مآذنها ، فلم يتدارك المصريين حقيقة العثمانيين بأنهم عزاة إلا بعد ان وقع " طومان باي " أسيرا وقتله بشنقه على باب زويلة نتيجة خيانة احد اتباعه له ، ومع وصول السلطان سليم الاول مصر ، أجبر علماء الديار المصرية على البيعة بالخلافة الاسلامية ، وتنازل له عنها اخر خلفاء بني عباس " محمد بن يعقوب المتوكل على الله " ، وقدم له شريف مكة مفتاح الحرمين الشريفين لتصبح الحجاز من ممتلكات الدولة العثمانية إجبارا ، وقد قام المؤرخ والشاعر ابن إياس برثي الدولة المملوكية بقصيدة كان مطلعها،
نُوحوا على مصر لأمرٍ قد جرى من حادثٍ عمَّت مُصيبتهُ الورى
زالتْ عساكِرُها مِن الأتراك في غمض العُيُون كأنَّها سنة الكرى
اللهُ أكبر.. إنَّها لَمصيبةٌ وقعَتْ بِمصر ما لها مثل يُرى
لهفي على عيشٍ بمصر قد خلَتْ أيَّامه كالحلمِ ولَّى مُدبرا
وعزلوا مصر عن العالم ، وأصبحت سلة الغذاء والمال للدولة العثمانية فغدت إتاوة مصر وحدها ما يقارب من ثلث إيراد الخزينة العثمانية ، هذا ما يريدون إخفاؤه وتغييب الإدراك عنه ، ومع ذلك نريد من العمل الدرامي ممالك النار، ان يكون منصفا برصد الحقائق بصورة محايدة .



#احمد_البهائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضخم النقدي في مصر
- ايميل الى الرئيس السيسي(مسرح المعقول)
- صراع الطبقات وانتلجنسيا السلطة في مصر
- التضخم في مصر
- أيهما افضل الفاشية ام جماعة الإخوان؟
- مشروعية التعديلات الدستورية
- التعديلات الدستورية..(السلطة نشوة تعبث بالرؤوس)
- سندات مصر الدولارية من الشراهة الى الإدمان
- الاختلالات الهيكلية للإقتصاد المصري..الادخار
- مبارك يطلب إذن..هل أهان دولة القانون؟
- فرنسا بين الإحتجاجات والانتلجنسيا
- الجنيه بين التعويم والتخفيض
- بروباغندا عقيمة
- مصر: زيادة أسعار المحروقات لثالث مرة في عامين
- إذن: مصادر تمويل الموازنة تضخمية
- أمريكا والصين من صراع تجاري الى حرب عملات
- النص .. تأويل لا تفسير
- رسالة الى من يهمه الامر(تحديد الأسعار)
- قصة في سطور - أتت تحمل مفاتنها -
- خفض سعر الفائدة .. قرار غير موفق


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد البهائي - ممالك النار بين الوعي والحياد