أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - موسوعة مندلي – 47 عروس مندلي














المزيد.....

موسوعة مندلي – 47 عروس مندلي


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6351 - 2019 / 9 / 14 - 10:23
المحور: الادب والفن
    



# كانت ندى في بيت أهلها في غرفة صغيرة في الطابق العلوي عندما وصل اليها رسول من الجبهة – الخطوط الامامية للقتال – حاملا رسالة . لقد ازدادت ضربات قلبها وتحرك شيء يشبه الخدر في جسمها ، لقد كان الرسول يحمل اخبارا غير سارة وهذه طريقة من يأتون من الجبهة حيث يكتمون الاسرار ولا يذيعونها بسرعة ، فقد ماتت ام احمد بالسكتة القلبية وكذلك جارتها ام علي والخال حازم عندما فوجئوا بنبأ استشهاد اولادهم في بحيرة الاسماك في الحروب العبثية .
ماذا يريد الرسول ؟ ماذا يحمل من اخبار ؟ قالت ندى .. لكن الرسول دخل الى بيت اهل ندى بعد الاستئذان ، لم يكن مسرعا في الاخبار عن الكارثة وندى ترتجف بلا شعور كطفل استحم بالماء البارد في يوم شتاء قارص رفعت ندى الستارة عن باب الغرفة وتحركت داخل بيت اهلها مذهولة ، ماذا جرى يا الهي ؟ وفي تلك اللحظة كان صوتا شديدا مثل زئير اسد قد ادار جسمها الى كل الجهات ، لم يكن الرسول راغبا في تلاوة الخبر اليقين ، جلس على كرسي قرب الباب تنحنح قليلا ، هذه ورود زاهية حمراء وركع على ركبتيه واضعا حزمة الورود فوق منضدة صغيرة ، ما الذي حدث يا الهي قالت ندى واخذت حزمة الورود برفق رفعتها من فوق المنضدة ثم رجعت الى غرفتها في الطابق العلوي ، غطست في مقعد صغير وسط الغرفة لا تدري ما الامر وغطت وجهها بيديها كما هي عادة الذين يستجمعون افكارهم ، في لحظات فقدت قواها حيث انتابتها الشكوك ، ورود حمر؛ انها تعني الموت فقدت في لحظة كل شيء النطق والتفكير وعادت مرة اخرى كالمجنونة من الطابق العلوي الى أسفل فتحت الرسالة كل واحد يكبر الله اكبر ، لم يبق الا وجه الله والحمد لله ، ابوها ، امها ، شقيقها ، شقيقتها كلنا ودائع يا ندى عند الواحد الاحد والمال والاهلون ودائع لابد ان ترد الى صاحبها ، لقد عرفت المسكينة الخبر بعد ان حدقت في الرسالة ، لقد استشهد سامي في بحيرة الاسماك وكان ذلك الخبر الحد الفاصل بين ندى وسامي بين احلامها الجميلة وحياتها قفزت الى الاعلى لا شعوريا اسرعت الى غرفتها تقودها رجلاها بلا شعور بين جنبات الغرفة خرجت الى الشارع مذعورة وهذه هي حالة اللا شعور الذي ينتاب الاباء والامهات والاحباب عندما يفاجئون بخبر صاعق كهذا ، لقد وصلت ندى الى حياة تشبه الجنون عندما تيقنت ان سامي سوف لن يعود انه الرحيل الابدي .. تحققت الرؤيا وهي تتمتم وتجول شوارع المدينة قريباتها صاحباتها كل شارع كل منعطف كل زاوية تعرفت عليها انه الحلم انه الرؤيا لقد تحققت ، فقبل ايام كانت تقودها امها من الطابق العلوي الى اسفل الدار وكانت عيناها قد انطفأ نورها وهي الان عمياء . مات سامي ابن عمها وخطيبها للا شيء ولا هدف لا ندري لماذا غادر الى عالم اللا رجعة قطعت ندى مسافة اكثر من عشرة كيلو مترات مشيا على قدميها هي المسافة التي جالت فيها بعض شوارع المدينة ومنعطفاتها هائمة تهذي لا يدرك السامعون كلامها وصلت الى جامع المدينة دخلت بذهول صرخت صرخة تجمعت فيها كل الالام ارحم يا رب المظلومين ، ارحم اليتامى ، امحُ المجرمين من خارطة العالم لتنهي الحروب العبثية حتى تغدو اثرا من اثار المتاحف ، صلت ندى وشكرت الله وحمدته حمدا كثيرا ، هي ابنة التقاة ، هي حافظة العهد مؤمنة كثيرة الدعاء . رحل سامي عن الدنيا وياليتني تبعته عن قريب ، اللهم اسمع ندائي يا مجيب ، كان هذا النداء الاخير لندى وهي تطوي ايامها الحزينة يوما بعد يوم على رحيل سامي ولعل القدر يستجيب والله تعالى علام الغيوب .
ذات يوم اقترب الوقت من الغروب واختفت الشمس وراء الاشجار المصطفة حمراء كوجنتي "عروس مندلي" عليها الخجل وكانت السماء ملبدة بالغيوم الداكنة وفي هذا الوقت عاد الناس الى بيوتهم بعد عناء النهار وهم متعبون يحملون معهم مسواق اليوم التالي لاطفالهم وعائلاتهم مستعدون لمزاولة اعمالهم في الغد وهم في سباق مع الزمن وفي الليل رقص العشب على زخات المطر وهبت رياح منعشة فوق الاشجار والنباتات في سهول مندلي وازداد المطر بزخاته من الغيوم السوداء المتتالية ، كانت زخات الرصاص المتقابلة من الطرفين جبهة مندلي والجبهة المعاكسة لها ، الرعب مستحوذ على افئدة النسوة والاطفال ، تفرقن راكضات الى بيوتهن فالغيوم لازالت ممطرة تسكب زخاتها في سماء المدينة مصحوبة بازيز الطائرات واصوات المدافع ، حملت النسوة اطفالهن وكان الخوف يخيم على المدينة لا يعرف الناس ماذا يخبئ القدر .. دوت المدافع من جديد ، العروس لازالت في غرفتها في الطابق العلوي من الدار تخفي وجهها بيديها تستجمع افكارها وتود لو ان دعائها سوف يتحقق وتلتحق بابن عمها عند مليك مقتدر .. بدأت الغارة الليلية على جبهة مندلي حيث المواقع لا تبعد كثيرا قذفت الفانتوم حممها واستخدم الطرفان كل انواع المعدات الحربية ، كانت ندى لشدة القصف المدفعي على المدينة تنتقل من غرفة الى غرفة ومن دهليز الى دهليز اختفت في الحمام هربت مرة اخرى الى المطبخ وتارة اخرى الى الممر الخلفي للدار هرولت الى غرفتها اسرعت اليها قذيفة لتصطادها وهي على السلالم مزقت جسدها الطري تحققت احلامها وهناك من نافذة غرفتها كانت تلوح بوردة حمراء ايذانا بارتحال العروس ودعت المدينة هي الاخرى في خجل واحتشام معلنة قدوم يوم جديد وضحايا ابرياء ونحن مازلنا كل يوم نمر بتمثال العروس فعند الصباح عندما تشرق الشمس تسطع على ضفائرها لتشع جمالا وتعطي للمدينة بهاء وعند الغروب تغفو العروس على امنياتها واحلامها الجميلة فكأن العروس والضفائر والتمثال خلقت من طينة واحدة هي طينة الارض .



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسوعة مندلي – 46ضياع في مندلي
- موسوعة مندلي – 45 / بير محمد
- موسوعة مندلي – 45 / حاجي بكتاش
- موسوعة مندلي – 44 / البيات
- ديوان المندلاوي /6
- داستان / مكتبة مندلي الخاصة /1
- موسوعة مندلي – 43 / بادية
- ديوان المندلاوي /5
- موسوعة مندلي – 42 / باج
- موسوعة مندلي – 41 / بابا كُلاب
- موسوعة مندلي – 40 / الترخينة
- موسوعة مندلي – 38 / إبراهيم قادرج1
- ديوان المندلاوي /4
- موسوعة مندلي – 37 / بازار مندلي
- موسوعة مندلي – 36 / جبال حمرين
- موسوعة مندلي – 35 /السيد الطالقاني
- موسوعة مندلي – 34-بابا / باوه
- موسوعة مندلي – 33-حرف الباء
- موسوعة مندلي – 32 نبات الكاردي
- موسوعة مندلي – 31 مع بصام كياني


المزيد.....




- عُلا مثبوت..فنانة تشكيليّة تحوّل وجهها إلى لوحة تتجسّد فيها ...
- تغير المناخ يهدد باندثار مهد الحضارات في العراق
- أول فنانة ذكاء اصطناعي توقع عقدًا بملايين الدولارات.. تعرفوا ...
- د. سناء الشّعلان عضو تحكيم في جائزة التّأليف المسرحيّ الموجّ ...
- السينما الكورية الصاعدة.. من يصنع الحلم ومن يُسمح له بعرضه؟ ...
- -ريغريتنغ يو- يتصدّر شباك التذاكر وسط إيرادات ضعيفة في سينما ...
- 6 كتب لفهم أبرز محطات إنشاء إسرائيل على حساب الفلسطينيين
- كفيفات يقدّمن عروضًا موسيقية مميزة في مصر وخارجها
- عميل فيدرالي يضرب رجلًا مثبتًا على الأرض زعم أنه قام بفعل مخ ...
- انقطاع الطمث المبكر يزيد خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائ ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - موسوعة مندلي – 47 عروس مندلي