أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد الحمد المندلاوي - موسوعة مندلي – 46ضياع في مندلي














المزيد.....

موسوعة مندلي – 46ضياع في مندلي


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6351 - 2019 / 9 / 14 - 03:47
المحور: المجتمع المدني
    


موسوعة مندلي – 46ضياع في مندلي
الباحث / احمد الحمد المندلاوي
تدوين / الدكتور كامل خورشيد مراد الحميري
# استعرتُ عنوان هذا المقال " ضياع في مندلي " من رواية أدبية رائعة كتبها أستاذي في اللغة العربية، السيد علي مهدي المندلاوي، أيام دراستي في متوسطة مندلي للبنين، ونشرها بكتاب مطبوع عام 1969، وربما استوحى المؤلف العنوان من رواية عالمية عنوانها " ضياع في سوهو " للروائي المعروف كولن ولسون !!
تتحدث رواية " ضياع في مندلي " عن تجربة معلم بغدادي، صدر أمر تعيينه معلما في مدارس " مندلي " في ستينيات القرن الماضي، في تلك القصبة النائية في أقصى الشرق العراقي المحاذية لإيران، فكان أن وقع " هذا المعلم " الوافد أو " المغترب " كما كان أهل مندلي يسمون الغرباء " في " حب " إحدى الفتيات من البلدة المحافظة جدا، والتي يندر أن تسمع فيها قصص حب منشورة أو معلنة او تتداولها الألسن !!
و " مندلي "، التي شهدت قصة "الضياع " تلك، مدينة عراقية تحاذي الحدود الايرانية من جهة شرق محافظة ديالى، تتوسط خط الحدود، مع ايران، البالغ أكثر من ألف كيلومتر، وفيها تآخت القوميات والأعراق العربية والكردية والتركمانية والفارسية، وسكانها نصفهم شيعة والآخر سنّة يعيشون منذ مئات السنين في وئام وسلام ومحبة دون أية حساسيات أو مشاكل اصطنعها الأعداء لاحقا، وكان فيها يهود ونصارى وملل ونحل كثيرة على صغر مساحتها وانزوائها في أقصى الشرق العراقي، وكانت تمثل بحق إنموذجا للمجتمع العراقي المتعدد الأعراق والطوائف !
و مندلي، المسماة بكتب التاريخ " بندنيجين "، هي من أقدم مدن العراق تاريخيا، وتحت تربها مازالت أطلال وآثار تنتظر من ينقب عنها، فهذه المدينة العريقة كانت ذات يوم حاضرة من حواضر الدنيا، ويتداول سكانها قصصا وحكايات كثيرة عن أهميتها ودورها الحضاري سابقا !
و" مندلي " هي مسقط رأسي، فيها ولدت، وفيها تعلمت ودرست، ومنذ أن هاجرت منها، عام 1974، فإنها بقيت في مقلتي تناغم دموعي، وتسكن أضلاعي، تزاحم قلبي، ورغم بعد المسافات، وطول مدة الفراق، إلا أنني ما برحت أفكر فيها، أحلم كل ليلة بطرقاتها البسيطة، وأزقتها الضيقة، ومقاهيها العبقة، وبساتينها الوارفة، ورمانها الشهير، ونخيلها الباسق، وأجوائها المعتدلة صيفا وشتاءا، وناسها البسطاء الطيبين، وأغلبهم كانوا فلاحين وأجراء وكسبة وفقراء ، وأسواقها العامرة بما لذ وطاب، وكيف أنسى كباب الحاج عبد علي في أقصى السوق الشعبي، الذي كنا نستمتع به فطورا صباحيا مع الشاي المهيل الذي لن يتكرر !!
وفي رواية " ضياع في مندلي " سرد عاطفي جميل لقصة الحب تلك، رواها المؤلف بتلقائية وبساطة محببة للنفس، وكأنه كان يتحدث بأسم كل عاشق ولهان، و لا يشك القارىء أبداً في كون الرواية هي جانب من حياة المؤلف نفسه، كما كنت، وما زلت، أظن، وإن بعض الظن إثم، وظني من البعض الآخر كما أرجو !!
لقد تداول سكان المدينة تلك الرواية العاطفية بشيء من الإهتمام، ربما تكريما لابن مدينتهم وهو يضع إسم المدينة عنوانا لرواية ستوزع في كل مكان، حتى أن الآفاً من النسخ قد نفذت من المكتبة الوحيدة التي كانت تبيع الكتب والجرائد والمطبوعات، وهي مكتبة سامي.
وكان " سامي " يوزع الصحف عصر كل يوم في مندلي، يطوف شوارعها مستخدما دراجته الهوائية يوزع المطبوعات على المشتركين معه من معلمين وموظفين وطلبة وتجار ومواطنين، فقد كان " سامي " لوحده يؤدي دور مؤسسة مختصة بالنشر والتوزيع والإعلان، وهو معروف لدى شركات توزيع الصحف والمطبوعات في مركز محافظة ديالى، بعقوبة، حيث كانوا يرسلون اليه الصحف بالسيارات كل يوم، ويعتمد توقيت وصولها على حركة الباصات الخشبية التي كانت تنقل المسافرين بين مندلي والمحافظة .
والعجيب في أمر " سامي "، أنه كان كفيفاً ، فاقد البصر بشكل كلي تقريبا ، و لكنه كان مثل طائر يختال فرحا وبهجة وهو يطير بدراجته الهوائية مسرعا بالطرقات غير المعبدة، والأزقة الضيقة، والكل مندهش من هذا الكائن الخرافي الذي حباه الله بصيرة الفؤاد وقوة الحواس الاخرى، فقد كان يميز الطريق، والألوان، والأصوات، يسلم على هذا، ويحيي ذاك، ولا تفارقه الإبتسامة المعهودة وكأنه يملك الدنيا وما فيها ، ويتخطى الطرقات بتلك الدراجة السوداء وكأنه بسباق حميم !!
وعندما سألته يوما إن كان يدرك ما يوزع من مطبوعات أو يعرف محتواها، أجاب ضاحكا بأنه يعد نفسه القارىء الأول في المدينة، والحقيقة أنه كان يستعين بأقاربه في القراءة، و كان معجبا برواية " ضياع في مندلي " وقال انه لو تسنى له كتابة سيرة حياته فسيختار عنوان " لا ضياع في مندلي " ليس ردا على الرواية بل مناظرة لها !!
ولا أدري هل حقق " سامي " تلك الأمنية أم لا، ولكن كل الذي أدريه إنه لم يسجل بحياته، وهو الكفيف الذي يقود الدراجة السوداء، حادثا واحــدا - على الأقل - من تلك الحوادث التي يرتكبها المبصرون .. ويا مكثرهم !!
ضياع في مندلي
الأحد، 22 مايو، 2011



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسوعة مندلي – 45 / بير محمد
- موسوعة مندلي – 45 / حاجي بكتاش
- موسوعة مندلي – 44 / البيات
- ديوان المندلاوي /6
- داستان / مكتبة مندلي الخاصة /1
- موسوعة مندلي – 43 / بادية
- ديوان المندلاوي /5
- موسوعة مندلي – 42 / باج
- موسوعة مندلي – 41 / بابا كُلاب
- موسوعة مندلي – 40 / الترخينة
- موسوعة مندلي – 38 / إبراهيم قادرج1
- ديوان المندلاوي /4
- موسوعة مندلي – 37 / بازار مندلي
- موسوعة مندلي – 36 / جبال حمرين
- موسوعة مندلي – 35 /السيد الطالقاني
- موسوعة مندلي – 34-بابا / باوه
- موسوعة مندلي – 33-حرف الباء
- موسوعة مندلي – 32 نبات الكاردي
- موسوعة مندلي – 31 مع بصام كياني
- ديوان المندلاوي /3


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد الحمد المندلاوي - موسوعة مندلي – 46ضياع في مندلي