أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - تفكيك العنف وأدواته.. (20)















المزيد.....

تفكيك العنف وأدواته.. (20)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6256 - 2019 / 6 / 10 - 20:16
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


انجليز في بغداد..
(1)
على مدى الحكم العثماني، بقيت روسيا الندّ اللدود للباب العالي، ولم تتوقف بينهما الحرب والمناوشات والأزمات، التي كانت تنتهي بهزيمة روسيا أمام العثمانيين؛ أو تدخّل الغرب، لوقف تجاوزات الروس، ومحاولات توسيع نفوذها. عقدة الروس الرئيسة، كانت الحصول على منفذ لها على االبحر المتوسط. ويبدو أن لغة العنف أصدق أنباء من الكتب والاتفاق الدبلوماسي.
الندّ الثاني للعثمانيين، كانت نمسا الهابسبورغ التي ضمت اليها المجر بالحيلة، وامتدت أنظارها، إلى الصرب والبوسنة، عبر الوساطة في النزاع الروسي- العثماني، واقتطاع جزء من (كيكة) الغنائم.
في (28 يونيو 1914م) اغتال ناشط قومي غافريلو برينيسيب [1894- 1918م]- من صرب البوسنة والهرسك-، ولي عهد النمسا الارشيدوق فرانتز فرديناند [1863- 1914م] وزوجته، في سراييفو.
لم يكن الاغتيال غير نقطة في سلسلة التوتر السياسي والحاف الهابسبورغ في بسط نفوذها شرقا. وفي نفس الوقت كان قرار الارشيدق للاستعراض في في يوغسلافيا أمر في غاية التهور والحمق السياسي، دون مراعات الاثار النفسية والسياسية لذلك، في بلد يعتدّ بذاته واستقلاليته.
سياسة شدّ الذراع بين النمسا والروس، رفعت معدل التوتر الاقليمي، لاصدار انذار نمساوي للصرب في (23 يوليو 1914م). ردّت عليه روسيا في (25 يوليو 1914م) بقرار الاستعداد للحرب. في (28 يوليو 1014م) قامت النمسا بقصف بلغراد، وفي (30 يوليو 1914م) اعلنت روسيا النفير العام.
في (31 يوليو 1914م) انضمت المانيا الى النمسا والمجر، في مواجهة روسيا. في (1 أغسطس 1914م)، أعلنت المانيا الحرب ضد روسيا. وتبعتها النمسا والمجر في (6 أغسطس 1914م).
في هذا السياق، كان الجو مشحونا بين فرنسا والهابسبورغ، لأسباب سياسية كثيرة، كان اخرها اجتياح فرنسا أراضي النمسا، والحاقها الهزيمة فادخة بجيش الهابسبورغ في جنوبي النمسا. ولما يزل النمسويون يكرهون الفرنسيين ويزدرون بهم. وطريقة زراية الأوربيين بالأخرين، هي وصفهم بالهمج والمتوحشين.
بينا الوضع بين المانيا وفرنسا، مشحون بإرث من الخلافات حول الأرض والحدود والسيادة، بحيث عدم الاستقرار بين جارين. وبعد اعلان المانيا الحرب ضد روسيا بيوم، أعلنت فرنسا انضمامها إلى صف روسيا في (2 أغسطس 1914م).
في (3 أغسطس 1914م) أعلنت المانيا الحرب ضد فرنسا. وجعلت أولوية الحرب مهاجمة فرنسا/(احتلال عسكري)، ضمن خطتها المعروفة/(شليفن)/(مباغتة) خلال اربعة أسابيع، تنصرف بعدها للجبهة الروسية. وعندما رفضت بلجيكا السماح للالمان بالمرور في اراضيها، اضطر الالمان لاجتياح بلجيكا في صباح (3 أغسطس).
كانت بلجيكا دولة مستقلة بموجب معاهدة (لندن/ 1839م) وباعتراف ورعاية الأطراف الأوربية جميعا. مما حدا ببريطانيا اعلان الحرب ضد ألمانيا في (4 أغسطس 1914م). وفي (12 أغسطس 1914م) أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا الحرب ضد امبراطورية النمسا والمجر.
وكانت لليابان اطماع في أرض جارتها الصين، وجدت الحرب الاوربية غطاء مناسبا لترجمتها، فأعلنت انضمامها لبريطانيا وفرنسا وروسيا في الحرب، في (23 أغسطس 1914م). وهكذا اكتملت دائرة الحرب، وكل طرف يسعى وراء أطماعه وتنفيس أزماته، تحت خيمة الحرب. وليس من أجل هدف مشترك للجميع.
(2)
ما ضرّ لو جعلوا العقة في غدٍ..... بين الشعوب مودة وإخاءا - أحمد شوقي
القانون الدولي والدساتير الوطنية، تقوم على أساس الحوار والتفاهم والتعاون والعلاقات الدبلوماسية، ولكن ذلك مجرد ظاهرة ترفية برجوازية، لا يعترف بها أحد في ساعة الجدّ. في ساعة الجدّ تظهر الأمور على حقيقتها، وتقوم الجيوش بحسم القضايا العالقة، أو تأجيج قضايا نائمة.
اوربا الحضارة والترقي والتمدن، تلجأ أيضا لأساليب همجية ووحشية، للتعبير عن حاجاتها واحتقاناتها النفسسياسية، بدل اللجوء لطاولات الحوار والتفاهم والاتفاق. ما قيمة طاولات تعقد بعد انتهاء الحرب، لاقرار نتائج الحرب الميدانية، ولا تعقد قبيل الحرب، لتجنب المجازر والكوارث ومسيل الدماء.
ولما تزل أوربا والغرب يستخدمون الجيش والأدوات العسكرية والتدميرية، لنيل أطماعهم، وفرض سياساتهم. كل ما حصل بعد خمسينيات القرن الماضي، ان الغرب نقل حروبه ونزاعاته خارج المحيط الأوربي، مستغلا العالم الثالث، ميدانا لتمارينه وفرضياته العسكرية، ومسرحا لاختبار الاسلحة والاعتدة الجديدة، رغم أنف العالم.
في كل هذا لم يكن للعثمانيين دور ميداني مباشر، في (إحماء) حمام الحرب، أو البحث عن أطماع وشروط جديدة، للمبارزة والسيادة في القرن الجديد. كانت مقتنعة بالحاجة، لبناء نفسها من الداخل. فيما الغرابوة ينتظرون انهيار الرجل العجوز، والاحتفال بوليمة الغنائم.
فالدولة العثمانية [1299- 1924م]، هي الدولة الوحيدة العابرة للزمن، من عصر ما قبل النهضة، حتى أواخر العصر الحديث.
ولولا تراخي النفوذ العثماني في شرق أوربا، لما ألحت روسيا، على الاندفاع وتوسيع أطماعها في شرق أوربا من جهة، وفي المجال السياسي العثماني ذاته. وهذا هو مركز الخلاف والصراع والتباغض بين الغرب والروس. فما كان الغرب ليسمح لأحد ما، الهيمنة على (أسيا الصغرى)، والتحكم بمصير العالم.
لقد وقفت المانيا وفرنسا وبريطانيا الى جانب الباب العالي على الدوام. من أجل الغنائم والامتيازات أولا، ولتحجيم الروس ونفيهم خارج الدائرة.
وما زال الغرب مناوئا للروس، وبكراهية واضحة في ثقافتهم الشعبية والاعلامية. فالخلاف الأوربي الروسي، ليس بسبب الاشتراكية والشيوعية، ولا بسبب صلابة بوتين القومية، ولكنها أقدم وأطول. انه صراع وجودي وفشل حضاري.
ولكن، ما صلة العراق، بصراعات الغرب وخلافاته المريضة والهمجية؟.. أين بنود مواثيق حقوق الانسان ومبادئ العدالة والسلام والمساواة، ازاء الفوقية والأفضلية الأوربية على بقية البشر.
وهنا، لابد من تنويه وتذكير، ان مواثيق حقوق الانسان، أظهرت من قبل امبراطورية الهابسبورغ، ذات المطمع/ المطمح، لحكم القارة الأوربية، تحت عنوان (قيصر/ سيزر الصليبية). وعقدوا أكبر شبكة مصاهرات ملكية، في معظم بلاد الغرب.
أما الامبراطورية الثانية المتلهفة على الانسان وحقوقه، فهي بريطانيا، التي حكمت خمس العالم، ومسحت أمما وبلدانا، وأقامت أمما وبلدانا جديدة، ببصمتها، وباستخدام مختلف أدوات الابادة الجماعية والقتل الجماعي، وتحكمها واستغلالها للهند، ليس رحمة أو متعة، ولكنها تجارة دم وامتهان واستعباد متصل منذ خمسة قرون للحظة.
أما الدعيّ الأخير لحقوق الانسان، والذي تصدر دائرة خارجيته، تقارير سنوية، توزع فيها علامات اداء والتزام الدول ببنود حقوق الانسان، فهي واشنطن. ولكن تقارير واشنطن لا تشمل اداء وممارسات الولايات المتحدة الاميركية. وتقارير لندن السنوية، لا تتضمن ممارسات بريطانيا وسياساتها العنصرية تجاه الناس والثقافات.
(3)
في منتصف أوكتوبر 1914م، انطلقت قوات بريطانية متجحفلة مع قوات هندية، من شبه جزيرة الهند، ووقفت امام ميناء أم قصر العراقي في (6 نوفمبر 1914م). وفي (نوفمبر 1914م) أعلنت الدولة العثمانية الجهاد ضد الامبراطورية البريطانية.
ولكن ما وقع/ صدى، النداء العثماني، و(الجهاد فرض) في العقيدة الاسلامية؟.. ما صدى النداء في جماهير العرب، مثقفين ومتدينين وغوغاء؟.. ما وقعه في نفوس المسلمين في العالم، بغض النظر عن طوائفهم ومذاهبهم، عندما يتعلق الأمر، بحياض الأسلام؟..
وليس أخيرا.. ما صدى النداء الجهادي، في صفوف الهنود الذي كانوا مادة التجنيد والجيش البريطاني، والقوام الرئيس لقوات احتلال العراق عام (1914م)؟.. شخصيا، تستوقفني نظرة استياء/ ازدراء الهنود للعرب، بما لا تتوافق مع نفاق الهنود وخنوعهم للانجليز حتى اليوم. رغم أن عوائل هندية كثيرة، تخلفت عن الاحتلال البريطاني، واندمجت في المجتمع العراقي.
الهنود احتلوا العراق وحوض الخليج، عسكريا وتجاربا، ولكن العرب لم يحتلوا بلاد الهند. انما توقف العرب عند حدودها، وما يزال الهندوس والبوذيون والجاينه والسيخ وسواهم، غالبية سكان الهند.
لكن الهنود لا يحتقرون الانجليز الذي استعبدوهم وينهبون بلادهم منذ قرون، وقد فرضوا عليهم الانجليزية لغة للثقافة والتعليم والاعلام.
منطقيا، كان لابد لنداء الجهاد ضد بريطانيا، أن يربك ترتيبات العدو، ويوقعها في حيرة، تدفعه لاعادة تنظيم صفوفه، والبحث عن متطوعين، مجندين من الهندوس. لكن قطعات الهنود البريطانية كانت من أغلبية مسلمين وسيخ!..
لقد بلغنا ما نحن فيه، بفضل غياب الموقف الوطني والدراسات التحليلية، لمواقف ومفارز خطيرة، في التاريخ العالمي للشرق.. وغياب اعتماد رؤية شرقية اسلامية مركزية، غير متغربنة.
لقد ضاعت المركزية العثمانية، بفضل المذهبية والطائفية الايرانية والسعودية والتشظيات البلدانية، فضلا عن تيارات العلمانية اللاوطنية، في المنظور الستراتيجي العام.
لا ضير أن يتساءل الفرد، المقيم في بلاد عربية أو مسلمة، لماذا يصدر الغرب عن وحدة ثقافية مركزية وسياسات ستراتيجية، رغم تعدد تياراتهم، وتقدمهم الفكري والحضاري، بينما نركس نحن المتخلفين، في مربعات ودوائر سيفونية، كل فرد أو جماعة، تستقل بفهم خاص للعقيدة والانتماء والوطن.
بل أن كل فرد، يرى نفسه الها، فوق النصوص وفوق الظروف، لا تحكمه ثوابت ولا مبادئ ولا أنظمة. انما على الثوابت والمبادئ والانظمة، أن تسجد عند قدميه، ويأتي الاخرون لخدمته، واشباع نوازعه ونزعاته.
اولئك جميعا، الذين افادوا طويلا من جدار الحامية العثمانية في مواجهة الغرب، هم الاساس في اسقاط الجدار العثماني. والذين يشتمون العثمانيين اليوم، -وهذا أمر، يندر حصوله في تجارب ومجتمعات أخرى-، يصدرون عن حجم الاحباط والهزيمة الداخلية، جراء الفراغ السياسي والثقافي الذي لم يندمل حتى اليوم.
فلا الاحتلال البريطاني، ولا الممالك والدول العصرية الكثيرة، ولا الثقافة الغربية وأزياؤها، عوّضت عن الفراغ السياسي العثماني، والحصانة الاسلامية التي كانت تشمل الشرق ومجتمعاته.
ان الفرنجة لم يستعلوا على الشرق، إلا بعد سقوط الاستانة، وتخلي ضباط الاتحاد والترقي، عن سلطنة الباب العالي والصدر الأعظم، بناء على املاءات بريطانية وفرنسية.
(4)
أولا: نحن الذين أسقطنا الحكم العثماني.
ثانيا: سقوط العثمانيين كان نهاية للشرق.
والسؤال، ما هو البديل الفارسي مقابل الحصانة العثمانية؟.. منذ سقوط الاستانة، تعاقبت ايران ثلاثة عهود: قجرية، بهلوية، خمينية؟.. ما فضل كل منها على ايران، وما فضل ايران خلالها على العرب والمسلمين؟.. وما هي الحصانة التي قدمتها في مواجهة الغرب؟..
يقول احدهم، ان الاتراك والعثمانيين همج متخلفون/(نفس الشتيمة تطلق على العرب والاسلام)؛ وان ايران وحدها المتحضرة ولها فضل على العباسيين!..
هل الكلام صادر عن وعي وانتماء، أم ردح واحتقار للذات؟.. أما إذا كان الشخص الشاتم، مهووسا بايران أو من ملتها، فيمكنه أن يفخر، من غير شتيمة. هل الشتيمة هي مصدر الفخر الوحيد لدى اولئك، -أعانهم الله- على أنفسهم.
الشتيمة، الشتائم، وجدت لها رواجا مع سياسة السوق المفتوحة ودعوات اللبرالية والدمقراطية الغربية. سقوط الحكومات المركزية الراسخة والقوية، أنتج فراغا سياسيا ونفسيا وعاطفيا؛ جعل الهاتفين السابقين: (بالروح بالدم..)، يتحولون إلى شتامين للثوابت والرواسخ.
لقد وضح للعيان، وصار ثابتا لدى السي أي أي والامريكان، ان ثمة اغلبية معارضة سياسية للحكومات الوطنية في كذا بلد عربي، وقامت واشنطن، بدورها في تنظيف البلدان العسكرية من انظمتها الوطنية الثورية. السؤال، لما لم تقم الاغلبية المعارضة، والمعارضات السياسية حتى النخاع، ببناء نظام سياسي بديل، يملأ فراغ النظام المخلوع؟؟..
انظر: بعد قرن من زوال العثمانيين، لم ينتج العرب نظاما يملأ الفراغ العثماني. كل ما حصل، أنظمة وحكومات تتمسح بأذيال الغرب. وعندما ظهر أردوغان، لاستعادة نفحة من الحصانة والاستقلالية من أثر الغرب، صنعوا تحالفا عربيا ضده، وعيّروه بصفة السلطان العثماني. هل صار (السلطان العثماني) سبّة؟.. كم سلطان عثماني أنتج الشاتمون!.
التحالف العربي، من أصدقاء الأمس، جاء تبعا، للتحالف الأوربي ضدّ تركيا التي عادت لتهديد المصالح الغربية، داخل أسيا الصغرى، وعبرها نحو الشرق. لكنه، للأسف، تحالف المهزوم والفارغ، مما لا يشبع ولا يضرّ.
حتى أمس القريب، كانت العلاقات [التركية السعودية الخليجية المصرية] على أفضل ما يكون. كيف انقلبت عقب سقوط (حركة الاخوان المسلمين) في مصر؟. ما هو المرجع القانوني الدولي للخلافات البينية للحكومات المسماة عربية ومسلمة. وما أثر المرجعية الانجلوميركية بتغيرات مواقف العرب من بعضهم؟.
ما هو السند القرآني/(أنا لا أعترف بالمدونات الاخبارية والعجمية المغرضة، عن العرب والاسلام)، لخلافات وتناحرات العرب ممع بعضهم ومع أنفسهم؟..
لقد أفلح العرب فلاحا عظيما، في موقفهم العدائي من عراق البعث، بعد (اغسطس 1990م)، بعدما كانوا ملتحمين به- نفاقا- في حرب الثمانينيات، ولهم الفخر، ان كان لهم الدور المعلى، في هدم بابل العصر، ووضعهم الهزيل اليوم في مواجهة ايران!.
هل عرب اليوم، لهم الاهلية لمواجهة ايران سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا أو ثقافيا؟.. الذين أسقطوا نظام صدام، عليهم أن يتفكروا بالفراغ السياعسكري لما بعد العراق القوي.
نفس السذاجة التي قادت العرب ضد العثمانيين، بجواسيس مثليين انجليز، قادت العرب ضد نظام صدام، مدعومين، بجواسيس أميركان أمثال بول وولفيتز، الغائب عن العيان هو الآخر، حتى ظهور المنقذ!.
وبدل التحالف/ الاتحاد العربي في مواجهة التحديات الوجودبة، من جانب الغرب، وايران، والنعرات الداخلية، تتولى السعودية دورا نشيطا، في تعميق الخلافات وتمزيق المتبقي من وشائج قومية/ اسلامية. فتبث الفتن في سوريا، -الحاقا بلبنان-، وتغرق اليمن بالدماء، بذريعة محاربة الحوثيين، ولا تريد أن تذهب للحرب مباشرة مع ايران.
لقد تم تدمير ستة بلدان: [مصر الناصرية، عراق البعث، سوريا، لبنان، اليمن، السودان، القطيف]، بذريعة النيل من ايران، وكانت النتيجة تضاعف النفوذ الايراني في كل تلك البلدان والاقاليم، وقد أضيف اليها لاحقا: [الكويت، قطر، عمان].
فكيف يكون الدفاع عن الذات بتدمير الذات. وكيف يكون الامن الستراتيجي، بتخريق المحيط الشتراتيجي.
السعودية اليوم تقف في عزلة، وتخلي تام عن القضايا القومية العربية والاسلامية. ولاسناد استمرار عرشها، تستدعي ثلاثة قوى اقليمية: [باكستان، مصر، اسرائيل] لقاء تنازلات ومليارات غير مبررة، وغير مضمونة النتائج. بينما تدفع (أتاوات باهظة) للبلطجة الاميركية.
(5)
كان لابدّ للباب العالي، ان يتوقع هجمات عسكرية معادية على حدوده الامبراطورية، في ظلّ حرب قارية، تشارك فيها امبراطوريات نافذة. ولم تكن تلك الواجهات، تحدث للمرة الاولى.
فهل يمكن وصف موقف عسكري لدولة امبراطورية بهذا الوزن، بالسذاجة، أم الخيانة، أسوة بما حصل في حصار فيننا؟.. وكيف يمكن تبرير سحب القوات العسكرية الميدانية من اقليم ذي أهمية ستراتيجية، والاكتفاء بفرقة مشاة، بدل فيالق.
الحرب عند الانجليز ليس غير مغامرة. مغامرة يقودها مغامرون. فليس لدى الانجليز جيش نظامي ثابت. جنرالاتها أفراد مغامرون، يتطوعون في الحرب هنا وهناك، لأغراض شخصية. ومن تلك الحروب تتكونلديهم خبرات الحرب، وخبرات التعامل مع مجتمعات مختلفة، غير أوربية.
أما الرتب العسكرية، فمصدرها الترقيات الميدانية، أو التعيينات الحكومية والمكافآت العُلوية. ومادة تلك الجنود، هنود وأفارقة، من مرتزقة وموالين، في صور جماعات قبلية، أثينية، دينية. كل ما يجمعها الاخلاص لقادتهم، والولاء للتاج.
من الانتقادات الموجهة للسياسة العثمانية، عدم اهتمامها المناسب بولاياتها في الأطراف. لكن الأكثر أهمية منه، عدم توفرها على مخطط عسكري ستراتيجي، يشمل مساحة البلاد، ويضمن حصاناتها الدفاعية، في حالات التهديد والحرب. ولو كانت لديها قوات كافية، ذات توطن ستراتيجي، لما أمكن اختراق البلاد من الخارج.
مسألة الامن الستراتيجي العسكري، هي أزمة الدولة العراقية. ان توزيع الجيش العراقي، منذ تأسيس المملكة العراقية/(1921م) حتى سقوط دولة البعث/(2003م)، اعتمدت خريطة التوطن العسكري البريطاني في العراق. وكل الحاميات البريطانية، هي مواضع المعسكرات العراقية التقليدية، وما أضيف اليها لاحقا من مطارات عسكرية، ومواقع دفاعية حول بغداد العاصمة.
فخريطة الدفاعيات البرية والجوية والبحرية، لا غنى عنها، لتوطيد أمن البلاد من الخارج أولا، ومن الداخل ثانيا. فكل من الامن الداخلي والخارجي، متعاشقان ومترابطان، على طول الوقت والجغرافيا السياسية. بل أن الدعامة الامنية لبلد ما، تشكل عمقا لأمن البلد الجار.
ان النجاحات المتقطعة التي حققها الجيش العثماني، والتي أعاقت وعرقلت تقدم الغزو البريطاني/(حصار الكوت من ديسمبر 1915م، الى ابريل 1916م)؛ كان من المفترض تدعيمها، واستقدام قوات اسناد كافية، لتغيير خريطة الغزو، والتمكن من طرد العدو. لكن حرص بريطانيا على استقدام التعزيزات الميدانية، لم يقابله، تعزيزات عثمانية، وهم على أرضهم، ولا يعرف موقف الأهلين، الستراتيجي، في تعزيز الدفاعيات، والحفاظ على الوطن.
ان السكان هم الظهير الستراتيجي لكل حالة دفاعية، عندما يكون لهم دور.
يبقى.. ان تقدم القوات البريطانية في أرض العراق كان بطيئا، بل بطيئا جدا، عند المقارنة، بين اول انزال في (6 نوفمبر 1914م) في البصرة، وبين (11 مارس 1917م) تاريخ دخول فردريك ستانلي مود [1864- 1917م] في بغداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أحمد شوقي [1868- 1932م] شاعر مصري رائد، ادخل المسرحية الشعرية في الأدب العربي، وتناول فيها ألبرز قصص التراث والتاريخ السياسي العربي. درس في فرنسا على نفقة الخديوي توفيق [1852/ 1879- 1892م]. خلال وجوده في فرنسا، ساهم في تشكيل (جمعية التقدم المصري) التي قربته من الزعيم الوطني مصطفى كامل [1874- 1908م]. ومن اعماله المسرحية: مجنون ليلى، كليوباتره، قمبيز، عنتره، أميرة الاندلس.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك العنف وأدواته.. (19)
- تفكيك العنف وأدواته.. (18)
- تفكيك العنف وأدواته.. (17)
- تفكيك العنف وأدواته.. (16)
- تفكيك العنف وأدواته.. (15)
- تفكيك العنف وأدواته.. (14)
- تفكيك العنف وأدواته.. (13)
- تفكيك العنف وأدواته.. (12)
- تفكيك العنف وأدواته.. (11)
- تفكيك العنف وأدواته.. (10)
- تفكيك العنف وأدواته.. (9)
- تفكيك العنف وأدواته.. (8)
- تفكيك العنف وأدواته.. (7)
- تفكيك العنف وأدواته.. (6)
- تفكيك العنف وأدواته.. (5)
- تفكيك العنف وأدواته.. (4)
- تفكيك العنف وأدواته.. (3)
- تفكيك العنف وأدواته.. (2)
- تفكيك العنف وأدواته.. (1)
- العمّال والمهجر..


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - تفكيك العنف وأدواته.. (20)