أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - عمتي سلوى والعربة














المزيد.....

عمتي سلوى والعربة


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6122 - 2019 / 1 / 22 - 12:38
المحور: الادب والفن
    



دقت عصابة (الهغانا) أقدامها في اللد
وفُتحت جميع الأبواب عنوة وأُسِرَت المدينة بأكملها!
نهار حار جدا فيه انهمر الرصاص مثل المطر فوق الرؤوس والمدينة عزلاء تقاوم وحدها تحت النيران، اختفى الشباب ولم يعد الرجال إلى بيوتهم، العدو لا يشبه أي عدو آخر في ذلك العصر ويقف لهم بالمرصاد منذ عقود، يتأمل تحركاتهم البريئة ويحصي عدد النازحين الهاربين، يا لها من جلبة مقيتة تلك التي حدثت يوم سقوط مدينة اللد في النكبة!
لم تعد سلوى ابنة العشر سنوات، لقد اختفت فجأة وضاع أثرها تماما، تشوش كل شيء في هذا اليوم الذي لا يمكن نسيانه، وعندما سألوا والدها داوود حنحن عنها قال والحزن يعتصر قلبه:
- لا أعلم أين ابنتي البكر فوتين الآن وماذا حصل لها ولأسرتها، وابنتي الثانية فيوليت، تعاني من مخاض الولادة الآن وبغياب زوجها الأسير، والثالثة سلوى، اختفت بلمح البصر ولا أعلم كيف أجدها من بين كل هذه الجموع المذعورة، لكنها حتما ستعود وأشعر أنها بخير، والكبير سالم مهزوما، (هاربا) ويختبئ في مكان ما ليته يبقى حيث هو حتى لا يؤخذ إلى الأسر، وسليم نفد (تخلّص) منهم بأعجوبة لكنهم وجدوه وذهب معهم لا أعلم إلى أين، لكنهم وعدوه بأنهم سوف يطلقون سراحه، أخشى أن يصبح جثة هامدة هو أيضا، لكن مهما فعلوا بنا فلن أنكسر لهم وأتمنى ألا يحصل مكروها لأبنائي فالرب معنا ويخللي لنا هالأطفال منير وجبرا وجورج بين أيدينا، شو بدنا نعمل يعني؟ المهم أنه مهما حصل لن أترك بلدي فها هنا مكاني وهذا يبقى وطني حتى لو احتله اليهود!
رفع الطربوش بعصبية عن رأسه، لفه بإصبعه نصف لفّة ثم علقه على التعليقة بجانب الباب، بما معناه أنه لن يخرج من البيت ثم قال لزوجته نايفة:
- والله والله والله لن أترك مكاني حتى يوم مماتي، هل نسيت أنني عدت سالما من الجيش العثماني بعد أن حاربت على جبهات كثيرة معهم أكثر من خمسة عشر سنة؟ فقد مات جميع من كان معي ولم يعد إلا القليل، أنا جندي والجندي لا يخاف، لقد رأيت الجثث المتناثرة أمامي بالمئات وساعدت عشرات الجرحى، وشاهدت مئات الإعدامات وبالخوازيق... بعد كل هذه السنوات التي أمضيتها راكضا في الوعور وتائها في الغابات المليئة بالذئاب والوحوش المفترسة؟ بدك إياني أخاف من هدول الزعران...يا بنت الحلال هدول زعران مش لازم نخاف منهم بل هم إللي لازم يخافوا منا؟
- لكننا سنموت هنا ألا ترى أخوتك فجميعهم رحلوا إلى رام الله، لنرحل معهم!
- ليذهبوا اخوتي ولن أرحل من هنا وأنا سأحميك من اليهود يا زوجتي الحبيبة، أنا بطلكِ فلا تخافي فبصحبتك بطل، أم أصبحت الآن عجوزا بعينيكِ يا أم سالم! قال لها مداعبا.
وإن حصل وسأله أحد الفضوليين عن الجبهات التي حارب فيها مع الجيش العثماني في حينه، قال غاضبا:
- الأبطال بأسرارها يا أولاد الخاينة!
ساعة المغيب،
عادت سلوى من غيبتها مع العربة وهي تلهث، متعبة وجائعة ومنهكة ومعتزة بنفسها، وهو أنه لم تضع منها العربة التي سوف تعينهم هم أيضا على حمل متاعهم في رحيلهم، والتي استخدمها النازحون لنقل حاجياتهم فيها، وكلما عادت بها فارغة وجدت من يأخذها منها ليحمّل حاجياته ويغادر بها، وإن حصل وتمنّعت يشدونها منها عنوة وبكل قسوة فتضطر إلى التنازل عنها والسير مع النازحين من جديد وتصل معهم حتى خارج حدود المدينة لكي تعود بها، وظلت على ذات الحال حتى فرغت المدينة من سكانها، لم تخش سلوى على نفسها بقدر خشيتها على العربة التي لا تساوي شيئا والتي كانت مهملة ومتروكة في حوش البيت فيما سبق، لكنها أصبحت بقدرة قادر وفجأة وبدون سابق إنذار عربة مطلوبة وحيوية جدا وغالية في زمن النكسات، صارت عربة عائلة داود حنحن أشهر من النار على علم واستقطبت النازحين الذين بحثوا عنها في حوش الدار في اليوم الثاني للسقوط!
أغلقت الحدود وبقي جدي مع عائلته في مدينة اللد، والبقية تأتي في رواية قادمة وبتفاصيل أوفى من أحداث مأساوية وحقيقية.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البُربارة في الحكايا الفلسطينية حكاية حقيقية
- الذكريات قرينة الحياة والممات
- بمناسبة مرور 100 سنة على توقف الحرب العالمية الأولى
- مستوطنات بريئة في الشمال الأسترالي
- بيكاسو والدير
- فراشات طائرة
- النادمون
- امرأة جميلة في حالة فصام
- إلى من أذلهم الحبيب
- في يوم ماطر
- مسايرة النفس المتألمة
- شموخ هو أن تسير في شوارع روما العتيقة
- لا بدائل للحزن
- شعوب تحت القمع
- مجرد خاطرة - دبابيس
- النبي يونان - يونس - يتظلل بشجرة في مدينة يافا
- مشهد اليوم في المتحف الأسترالي
- ذكريات لا تنسى من يافا
- مسرح شكسبير
- وأصبح النهار مراكب ذكريات


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - عمتي سلوى والعربة