أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد كشكار - كيفَ قسّمنا إرثَ أمي وإرثَ خالتي؟














المزيد.....

كيفَ قسّمنا إرثَ أمي وإرثَ خالتي؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6070 - 2018 / 12 / 1 - 12:14
المحور: سيرة ذاتية
    


أمّي، يامْنة بنت احْمِدْ بن حْمودَة، تيتّمت من الأم والأب وهي ما زالت طفلةً يافعةً، فكفلاها أخواتها البنات اللتان تعيشان في حوش واحد، الصغيّرة زوجة أبي الأولى وبرنية زوجة عمي محمد. ماتت الصغيّرة فتزوّجها أبي وهي في سن 14 وكان يفوتها بـ26 سنة. مات عمي قبل مولدي بأشهرٍ عام 1952 فنزحت برنية إلى العاصمة حيث تزوجت مرة ثانية.
ماذا تركت يامْنة؟
ماتت أمّي سنة 1993، وتركت عْديلَة (وعاءٌ من سعفِ النخيلِ لجمعِ وحملِ "الحَشِيشْ" أي العُشبُ)، وأربعَ أوتادٍ حديديةٍ لتحضيرِ الخيطِ الصوفي للمِنسِجْ (كل ما ورثت عن والدَيها)، وصندوقًا يحتوي على بعض الحلوى الرڤيڤة، وكمشة حُمْصْ مْعاوَدْ هْشوشْ (القليل مما نجا من غزاوت حفيداتها اليومية، بنات أختي الزهرات المشاغبات)، وثلاثة فولارات هدايا الحجاج، وفلاّية عاج (مشطٌ قديم).
أوصت بالأوتاد لجارتها على اليمين، للت الزينة بنت غنوة، وأوصت بالعْديلَة لجارتها على اليسار، للت امْنِي بنت احْمِدْ. طبّقنا وصيّتَها بحذافيرِها، قبل دفنِها.
ذهبت الغالية، لم ترِثْ شيئًا ولم تُورِّثْ شيئًا، عدى ذكراها العطِرة. وما أبهاها من ذكرى، وما أعذبها! ملكت قلوبَنا وقلوبَ كل مَن عرفَها وعاشرَها في حياتِها. تركتْ لنا كنزًا من الحنانِ، حنانٍ لو قسّمناه على الخليقةِ جمعاءَ بالتساوِي لكفاها جميعًا، أما إرثُها المادِّي فصِفرٌ، والصفرُ عددٌ عادةً لا يُقسَّم، لا بالشرعِ ولا بالحداثةِ!
ماذا تركت خالتي، برنية بنت احْمِدْ بن حْمودَة؟
لم تُنجِبْ، كنا نناديها أمّي. تركتْ منزلاً متواضعًا بِمَلاّسِينْ حمام الأنف، نصفه كان ملكها الشخصي وورثت عن زوجها الثاني ثُمْنَ ما تركْ. أوصتْ بإرثِها كلِّهِ لأختي الكبيرة فاطمة، الضريرة المستنيرة. بِعتُه ونصحتُ أختي بِادّخارِ المبلغِ في البنكِ (3500د)، رفضتْ نصيحتِي الحداثيةِ، هي ترى الفائدةَ حرامًا شرعًا. طلبتْ مني أن أشيِّدَ لها، في حوشنا القديم في جمنة، بيتًا للسكن وڤاراجًا للكراء. نفّذتُ أمرَها وهي اليومَ تسكنُ بيتَها مع أخي الأصغر احْمِدْ، الوكيلُ الأولُ العسكريُّ المتقاعدُ، المتزوّجُ ثانيةً من الملاكِ الطاهرِ عائشةْ بن عمرْ بعد طلاقِه بالتراضي من أمِّ أولادِه الأميرة لطيفة بِيدَة.
أما إرثُ أبي وعمي المتواضعُ (حوش عربي وسانية)، فقد قسّمناهُ بالتوافُقِ، للأنثَى مثل حظِّ الذكرِ، لكننا لم نُوزعْه منذ وفاتِه عام 67 (نحنُ ثلاثُ بناتِ وثلاثةُ أولادٍ، تُوُفِّيَ أكبرُنا وأفضلُنا، المرحوم صالح)، وكل فردٍ منا متبرّعٌ بِمَنابه لأختِنا فاطمة لو وافَتْه المَنِيّةُ قبلَها، و"خُرّافَتْنا هابَةْ هابْةْ وكل عام اتْجِينا صابَةْ".

خاتمة: فَعَلاَمَا تتخاصمونَ أيها المشرِّعونَ، شرعيّونَ وحداثيّونَ؟ أما الأغنياءُ، فثروتُهم عادةً ما يكون مصدرُها الاستغلالُ الحرامُ دينيًّا أو اشتراكيًّا، إلا مَن رَحِمَ ربي، فهل يجوز تقسيمُ الحرامِ بالحلالِ؟

إمضائي
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"الأساتذةُ لا يَفهَمونَ أن تلامذتَهم لا يَفهَمونَ" باشلار
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تغيرَ الزمنُ أم أنا الذي تغيرتُ؟
- ذكرياتي المقتضبة عن تسع سنوات دراسة متقطعة بجامعة كلود برنار ...
- معلومات دقيقة حول شيعة تونس، أكتشفُها لأول مرة في كتاب صديقي ...
- أعتذرُ!
- جاراتُ أمِّي ورفيقاتُ دَربِها في جمنة الستينيات!
- أمارس ثلاثة أنشطة ذهنية كانت لي بمثابة حبوب مهدِّئة؟
- عن أيِّ ضميرٍ مِهَنيٍّ تَتَحَدَّثونْ؟
- -الفِتنةُ- لم تكن فتنةً!
- بتصريحاتها العنترية الأخيرة، يبدو لي أن النهضة بدأت تهدد أرك ...
- دفاعًا عن منهجيتِي وأسلوبِي في الكتابةِ والنشرِ
- أشياءٌ كنتُ بالأمسِ معها وأصبحتُ اليومَ ضدها!
- بطاقة تعريف مواطن العالم محمد كشكار
- فكرةٌ مخالفةٌ للسائدِ: هل حقًّا إن المرأةَ العربيةَ المسلمةَ ...
- نساء مناضلات في جمنة الستينيات
- جمنة وروزا؟
- سيرة فكرية، تُقرأ ولا تُحتذى: خطاب الهوية، المختلف، المتعدد، ...
- سيرة فكرية، تُقرأ ولا تُحتذى: خطاب الهوية، المختلف، المتعدد، ...
- جولةٌ علمية داخل المخ صحبة دليلٍ عالِمٍ اسمه جان دِيدْيي فان ...
- حضرتُ اليوم بحمام الشط حفلاً دينيًّا بَهائيًّا
- عركة حامية الوطيس بين المخ والقلب!


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد كشكار - كيفَ قسّمنا إرثَ أمي وإرثَ خالتي؟