أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - الوطن شجرة ترعاها العنزات...














المزيد.....

الوطن شجرة ترعاها العنزات...


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 6004 - 2018 / 9 / 25 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


هذا الوطن في قلوبنا منقوش كشجرة الزيتونة البرية تلك الاركانة الجرداء التي تقاوم الجفاف وتداوم العنزات الحزينة على تسلقها..ومضغ اوراقها وغلتها..ومواصلة النظر بعيدا الى الطرقات ..كل صباح..كانت تعلم ان نهب هذاالوطن م مباح ..مادام الراعي يفقد صوابه في كل اللحظات. ..تلك العنزات تنتصب جامدة كالاصنام على جدوع الشجرة..تتظاهر بعرض مفاتنها و جمالها على كل من يطمع في اخد صورلها او معها على هاتفه المحمول الذكي طبعا كي يلصقها على صفحته الشخصية في المواقع الاليكترونية.. ! هاهي جلالة المعزة البيضاء تتسمر على اعلى جدع في الشجرة.. وهي تحدث نفسها انه كان راع كريم وطيب يعيش في هذه الربى مع قطيع..كبير..قليلا ما كان افرادة يضطرون الى صعود الشجرة..يلتقطون الغلات من الارض وكانت وفيرة ..لكن الراعي فضل الغياب..وقيل لها انه ركب البحر على قورب صغير وانقطعت اخباره......بيننا كانت عنزة اخرى في جوارها وهي سوداء..داكنة كانت تروج كلاما لنفسها وتقول كانها جنت..حقا.. حقا ..ماع ...ماع..قد حكت لي جدتي انه في زمنها كان الراعي الكبير لا يقرأ. ..ويقولون انه كان جاهل بامور الحياة..لا يميز مابين حبة الزيتونة الطبيعية والمتوحشة..و يمقت غثاء القطيع...لم يكن قد دخل فصلا في مدرسة من مدارس الشعب ولا مدرسة من مدارس الكبار كدراسة القناطر..ولا دراسة البوليتيكنيك..التي تخرج النخب الحاكمة ..وانه اي الراعي .لم يتجاوز في دراسته مستوى الثانية ابتدائي..وله مزاج متقلب مولوع بتعديب افراد القطيع.. ..بينما كانت تعيد حكايتها القظيمة كانت القطيع يسير مبعثراعلى الطريق المؤدية الى مدينة ساحلية صغيرة تحضن من زمن قديم الفقراء والدرويش...تذكرت المعزة السوداء انهم في مناسبات كثيرة ..كثيرة كانوا يسرقون من القطيع عنزات سمينات ويقدمونها قربانات دسمة لارباب حفلاتهم الليلية الماجنة ...وفي تلك المدينة لايزال يستقر الكثير من الاجانب الفارين من شهقة التقنية والحضارة ....وتخترقها اي المدينة وليست الشجرة ..تيارات الرياح العاصفة الباردة..ولم يكن هناك مورد للرزق لقاطينها الاصليين سوى الموسيقى والسياحة..والرقص وتناول الحشيشة في ازقتها الضيقة..مع وجبات لذيذة من الاسماك..فواكه البحر.. والشباب معطل يقتله الفراغ لكنهم تعودوا على الاستمتاع بسماع سمفونيات النوارس الجائعة..التي تحط على ابواب المنازل والحوانيت وهي تنوح..من الجوع......باع ذلك الراعي القطيع ذات صباح وهجر الى هذه المدينة ليسعى وراء رزقه..فامتهن مهن عديدة واستقر اخيرا في البناء..ومن بناء تحول في غفلة من الشجرة الجرداء الى مقاول كبير في بناء العمارات في الوطن .مستلهما ما تعلمه تحت ظل الشجرة ..وبعيدا عن الشجرة.على نفس الطريق التي وثقت خطوات قطيعه المعذب حينما كان يرعاه..بين اشجار الاركان..المتناثرة..هنا وهناك..لا تزال تلك الشجرة الجرداء العملاقة تعيد ذكرى ملامح ووجوه المواطنين ..بل مشاعرهم وهواجسهم الليبيرالية المتوحشة..كان كل طموح الدنيا يتجمع في دواخلهم ..يتطلعون ليصبحوا يوما من اللصوص الكبار..ميليارديرات هذا الوطن ..على الطريق الاشجار التي كانت مشاعة بين القبائل..اكتسحت العولمة الفضاء وحطت بسرعة على الارض ومن اجل ذلك النوارس صامتة وحزينة ..تخوصص كل شيء في داخل المدينة وفي خارجها..حتى حفنات التراب..والغبار..ووسع ارباب المدينة الطرقات...وتضخم عدد زوار المدينة وكذلك مستعملي السيارات المرفهة ...على الطريق.... تسير بسرعة وتتوقف بسرعة تعلو منها موسيقى الضخب والعنف والبذاءة بسرعة..تتصطف الشاحنات الواحدة بعد الاخرى..وبسرعة ..فيسارع المسافرون في الخروج حاملين معداتهم الاليكترونية ليلتقطوا الصور....بسرعة ياخدون الصورمع تلك العنزات....وتبقى جلالة العنزة البيضاء منتصبة بلياقة ولباقة غربتين كبطلة اولمبية كبيرة في التحنقز على جدوع الشجر.. في اعلى جدع في الشجرة..تكمن الاسرار. ..والدسائس التي تحيكها ايضا .فالشجرة وطن العنزات.....على قارعة الطريق..على كل جدع تقف عنزة.ملتصقة. جامدة .متغطرسة ترى القطعان اسفلها ياخدون لها الصور...فينتابها الاحساس بالتجبر والغرور..وهي جائعة ..ومتكبرة ..لا تكاد تقضم حبة اركانة واحدة ..لجفاف المواسم المنصرمة .ولاحبة زيتونة برية.واحدة كانت ملقاة هكذا اسفل تلك الشجرة ..كل شيء التهمته القطعان ..بدد الالتهام كل شيء..ومياه البحر بلون التراب تمج بالعفن.والسنونوات في اسرابها ترفض الطيران...ولشعة الشمس تسقط حارة ومحرق على الشجرة....!!..ولا احد كان يتامل في حقيقة المشهد..ا ..يتقدم الشباب الرعاة ..تعرف وحدها المعزة السوداء انهم اصحاب شواهد جامعية وهم بورهم يقتلهم الجوع والظماء...لم تجد لهم اسما ..يتابطون صغار التيوس..تلك المسكينة ذات الالوان البيضاء والسوداء..والشهباء..والمنقطة..كانت كانها تستغيث وتمعمع بصوت خافت وشفيق....ماع ...ماع ...كانها كانت تستجدي ود الزبناء..العابرين للطريق..ولا ترغب في ان تقدم قربان لموسيقى العابرين البيض والسود...!والتيس صاحب الجلالة من اعلى جدع في الشجرة يتامل للقطيع...والشباب..يتقاضون الدراهيم القليلة كلما التقط واحد منهم صورة...مع العنزات مع البيضاء 20 درهما..ومع السوداء 10..و صورة مع التيس المسن الاجرب 5 دراهم..ومع التيوس الصغيرة بضمها في الاحضان ياوكني ..السعر المحد د يكون شيئا ما مرتفعا...50 درهما..والوطن لا بد هو غال عند القطيع.. .كل ما في الامر انه.كان مشهد هذا القطيع وهم يلتقطون الصور التاريخية لبعضهم البعض في غاية الروعة والجمال ..لولا الاحساس بالجوع..والمهانة والعذاب عند غالبية افراده..!!...
الشباب المعطل المرابط اسفل اسافل تلك الشجرة التي هي... الوطن..لم يكن ..اجدر بالاهتمام والرأفة..من تلك العنزات...!..

عبد الغني سهاد
.................





#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاصفة والكلاب ...
- خلف النوافذ...(20).
- خبب الجياد ما بين دفتي كتاب ...!
- فشل التعليم..وعسكرة المجتمع
- الانسان الخارق..(السوبيرمان)
- الباشا حمو...(مول الكرنة )
- اصوات مراكش..(1)
- خلف النوافذ...18
- سبقوا الشكيمة....قبل العود..!
- الكتابة وكرة القدم...
- مسرات بوريكو ...الحمار
- سليمان سلطان الحواتة...
- فوق المسمار...(2)
- فوق المسمار...(1)
- هل سيعود للشمس وهجها الاول..!
- مجنون...من يثق بها..!
- بويكوطاج الى ان تزول...
- ربطة عنق سوداء...
- اليهودية وتهمة معاداة السامية...
- تحت شجرة فلوبير...


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - الوطن شجرة ترعاها العنزات...