أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر المحمود - كرسي مصاب بالزهايمر














المزيد.....

كرسي مصاب بالزهايمر


سمر المحمود

الحوار المتمدن-العدد: 5963 - 2018 / 8 / 14 - 19:27
المحور: الادب والفن
    



لا يدري كيف يزجه المساء في المقهى كل يوم على ذات الطاولة والكرسي التي تكرر حكاياتها كامرأة مصابة بالزهايمر
(تزوجت، أنجبت، تطلقت، أصبح عمرك خمسين ولم تتزوج؟) لتندمج مع أصوات الفناجين والأقداح وأحاديث رواد المقهى كموسيقى فيلم وثائقي يتسرب معه الملل كضباب من الأرض من الجدران ، النوافذ ، الساعة المتكاسلة ، نبتة الصبار المحملقة ،من هاتفه الجوال و خاتم أصبعه اليسرى ، يتطاول على أذنيه ككاتم صوت ينومه مغناطيسيا ويلبس جفناه رؤية : زاوية خالدة خلود أسطورة تشع منها عينان تطعن الملل بخنجر فيسيل دم الضباب و يحبو حتى حذائها الأسود يتلمس عذرا لسكينتها ، يهمل الكرسي تثرثر والهاتف المحمول يصرخ ، يترك نظراته تزحف حتى ذاك الشعاع محملة برسائل فضولية ملتهبة تحترق في طريقها ويعلو دخان غضبها حتى أنفه فيعطس مرات ومرات كبوق إنذار يستجدي التفاتتها ، يتمنى أن يستحيل جوقة سيرك تلهو ببصرها أو تلك الصبارة الحمقاء المستلقية على سريرها الترابي بجوار نافذتها ، لو يكون كرسيها المصاب بالزهايمر ليكرر عليها شكواه عن ملل آخر يشبه ملاقط قاسية تتمسك بجلده وتعلقه كثوب منشور على حبل عذابات متعاقبة بذات الوتيرة من صباح القهوة حتى مساء الحكايات المتكررة متأملا فستانها مفكرا كم مرة ينام ويصحو على هيكلها ، كم من آخر يستولي على مكانه ويحظى بفسحة .. ولما لا يكون هو؟
حينها تطلق شهقة ناعمة، يتزين وجهها بابتسامة رجل ما ببذلة رمادية يخطف قبالتها كرسي أصم، يحجب بمنكبيه العريضتين رؤيتها، يترقبه يلتقط يدها اليسرى يزرع عليها قبلة وقبلات متعددة
من أصبعها ينبع ذات الضباب يخلق ضوضاء، أشكالا مختلفة وأطفال صغار يتحلقون حولها تطويهم باختصارات بعدها كحلم، يثيرون كجوقة سيرك صخبا وضجيجا يعطل المخيلة
يتململ الملل ونحو فوهة الخاتم ينسحب كضباب بقوة جاذبة عنيفة
هاوية تبتلع آخر لحظة وصورة، تبتلع يقظة الأشكال المتحركة
وتعود ثرثرة الكرسي مع موسيقاه الوثائقية وصراخ الهاتف المحمول
- كانت امرأة حسناء تجلس على الطاولة المقابلة ترسل بعينيها رسائل تحترق في طريقها فيعلو دخان غضبها حتى أنفها لتعطس مرة وأخرى وأخرى

يلتقط هاتفه على عجل متحسسا أصبعه اليسرى العارية، يزفر براحة من تجول بغيمة وسقط وقوفا على شرفة منزله المنتظرة بفنجان قهوة ساخن على الطاولة وكرسي خشبي معاق مصلوب اللسان، يشيح بظهره مغادرا المقهى و في الخارج كان الضباب كثيفا يعيق الرؤية



#سمر_المحمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبوس
- أصغر من سؤال
- هناك دائما طفل ..هناك
- لاجئين
- مرة واحدة
- طبخة موروثة
- الريح العازبة
- رتابة مألوفة
- شرٌّ تبرَّج بمحبَّة إله
- خلفاء التاريخ
- بوصلة
- أرضنا وسماؤنا
- مُرَاهَقة
- نضج
- زيارة منتصف الليل
- صدق المنجمون ولو كذبوا
- عندما سقطت تنورة المعلمة
- شأن عادي
- نصف حلم
- جرائد الطريق


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر المحمود - كرسي مصاب بالزهايمر