أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد عصيد - التحرش الجماعي الأسباب والأبعاد














المزيد.....

التحرش الجماعي الأسباب والأبعاد


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5620 - 2017 / 8 / 25 - 22:28
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سوف لن يجد القراء والملاحظون صعوبة كبيرة في أن يربطوا بشكل آلي بين جموع الشباب الذين يلهثون وراء فتاة عصرية لمضايقتها بطنجة، أو يعملون مباشرة على نزع ملابس فتاة أخرى بالبيضاء والعبث بجسدها، وبين جموع الكلاب الضالة أو الحيوانات المتوحشة التي تستفرد بفريستها، إنه نفس السلوك، الذي يفسر بدواعي الغريزة البحتة. والسؤال المطروح هو: أين هو تأثير الثقافة ما دام الإنسان كائنا ثقافيا ـ اجتماعيا كما يقال؟
ثمة عاملان لابد من استحضارهما بهذا الصدد:
ـ رفض المرأة في الفضاء العام.
ـ وغياب التربية الجنسية الرشيدة.
يفسّر العامل الأول بأن زرع بنيات الدولة الحديثة بالمغرب لم يواكبه تطوير وتأهيل للوعي العام للمغاربة، حتى يكونون قادرين على مواكبة تحولات واقعهم وفهمها، حيث كان من بين نتائج مسلسل التحديث خروج المرأة من البيت (أي من الحريم) ومساهمتها بجانب الرجل في الإنتاج العام، مما جعلها بكفاءتها تغزو فضاءات كانت قبل عقود فقط ذكورية بامتياز، ولقد قبل الرجال بتواجد المرأة بينهم على مضض، بسبب ما يجنونه من وراء ذلك من أرباح، حيث أصبح للمرأة راتب شهري ومدخول، وصارت مشاركة في بناء الثروة، غير أن التربية ووسائل التوعية لم تجعل الرجال يقبلون المبدأ الأساس الذي بني عليه خروج المرأة إلى الفضاء العام، ألا وهو مبدأ المواطنة، أي أن المرأة مواطنة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، فحدث قلق واضطراب كبير في مواقف الرجال ورؤيتهم للمرأة العاملة النشيطة والعصرية، حيث اضطروا إلى قبول ثمرات عملها، لكنهم لم يقبلوا أبدا التنازل لها قانونيا، كما ظلوا ينظرون إليها على أنها جسد أنثوي يتحرك في الشارع وداخل المؤسسات، محدثا الكثير من الاستفزاز للوعي التقليدي الذي لم يتطور كثيرا. وهذا يعني أن الوعي الذكوري لم يقبل بتواجد المرأة في الفضاء العام، مما دفعه إلى البحث عن مبررات يجدها طبعا في استعمال الدين، واشتراط "الحجاب" والتظاهر بعدم قبول اللباس العصري، بينما الحقيقة أن المرأة تظل موضوع استفزاز حتى ولو لبست أي نوع من أنواع اللباس التقليدي، والدليل على ذلك تزايد نسبة الاغتصاب والتحرش مع تزايد ظاهرة الحجاب والنقاب كما هو الشأن في مصر مثلا. دون أن ننسى أن اغتصاب العاملات المغربيات في الحقول أو في معامل السمك والمصبرات لا علاقة له بموضوع اللباس بتاتا.
ويسمح العامل الثاني الذي يتعلق بغياب التربية الجنسية بفهم إشكال جوهري يتعلق بنظرة الناس إلى الجسد وإلى الجنس، ففي غياب أي نقاش جدي وشفاف لموضوع العلاقات الجنسية، والاستمرار في اعتبار الفقيه وحده الذي يخول له شرعيا الحديث في الجنس داخل الحياة الزوجية، في الوقت الذي يعرف فيه المجتمع أشكالا متعددة من الممارسة الجنسية، يحدث انفجار في سلوك الأفراد بسبب الكبت من جهة، وبسبب عدم التعود على التعامل مع جسد المرأة خارج الهياج الحيواني، وبهذا الصدد لا بد من التذكير بتجربة علماء الانثروبولوجيا التي أثبتت بأن الحيوان نفسه يعيش نوعا من الترويض والتربية في الوسط الحيواني أو في علاقته بالإنسان، حيث تبين بأن الحيوان الذي يتم عزله كليا منذ ولادته عن المجموعة الحيوانية، وعن أي وسط، يتعامل بوحشية مع مثيله من الجنس الآخر، مما يدل على وجود مكتسبات من الوسط تنضاف إلى الطبيعة الحيوانية الأصلية.
إن التربية الجنسية هي وحدها التي تستجيب لحاجات الأفراد في المجتمع العصري، حيث تعرف العلاقات بين الجنسين انفتاحا نسبيا، بينما السماح بالاختلاط في الفضاء العام وفي المدارس دون تأهيل وعي الأفراد وإدماجهم في منظومة العلاقات الجديدة يؤدي إلى أمراض اجتماعية كالتي نشاهدها اليوم، والتي تعكس انحطاطا قيميا كبيرا، واحتقارا للمرأة لا يفتأ يبحث عن شرعنة نفسه بشتى الطرق التقليدية.
لقد سبق أن قام السيد عبد الله ساعف أيام كان وزيرا للتربية الوطنية بتوزيع موسوعة للتربية الجنسية على مكتبات المدارس، مما جلب عليه آنذاك هجوما قادته "حركة التوحيد والإصلاح" التابعة لحزب العدالة والتنمية، والتي اعتبرت أن التربية الجنسية مدعاة إلى الانحلال ونشر الفسق والفجور، واليوم يتبين بأن التربية الدينية التقليدية قد آلت إلى الإفلاس، حيث لا تستطيع استيعاب الواقع الراهن، كما يتضح بأنّ الاستمرار في الاعتقاد بأن معالجة مشاكل الشباب بالوعظ الديني الشرس والترهيبي ومنطق التحريم، أو الترويج لـ"الحجاب" أو "النقاب" قد أصبح لعبة مكشوفة وعديمة الجدوى، إذ لا تهدف إلى أكثر من التغطية على مشاكل المجتمع بغطاء سميك من تقاليد النفاق الاجتماعي والتصنع الكاذب والفصام النفسي.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا تنفع انتفاضات الشارع في تغيير واقعنا ؟
- جمعيات -الطابور الخامس-
- -الاستثناء المغربي- هل يخون نفسه ؟
- عود على بدء
- حياد المساجد هو الذي يقي من الفتنة
- الفلسفة في درس التربية الإسلامية
- -حتى لا تفقد الأمة روحها !-
- ليسوا أشرارا يا زغلول النجار
- تركيا: خطوات ثابتة نحو العودة إلى ترسيخ الاستبداد الشرقي
- ترتيب البيت الداخلي أولا قبل نظرية المؤامرة
- كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب ؟
- من يحمي منظومتنا التربوية من الإرهاب ؟
- بين الصوفية والسلفية والإخوانية
- -البرقع- بين الحقوقي، القانوني والسياسي
- هل استوعب حزب -العدالة والتنمية- الدرس ؟
- رسائل قصيرة إلى المغاربة
- أزمة سياسة أم أزمة دولة ؟
- توسيع مفهوم -إمارة المؤمنين- يقتضي تدبيرا عمليا للتعددية الد ...
- الصورة والحياة الخاصة، قراءة في -النزعة الفضائحية-
- عالم مجنون يتجه بخطى ثابتة نحو الكارثة


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد عصيد - التحرش الجماعي الأسباب والأبعاد