أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد














المزيد.....

أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5604 - 2017 / 8 / 8 - 18:13
المحور: الادب والفن
    




من أشهر أغاني الأفلام المصرية، التي صارت من مأثورات اللسان المصري والعربي، أغنيةٌ كتبها العظيمُ "حسين السيد"، ووضع موسيقاها المرحة، أسطورةُ الموسيقى العربية "محمد عبد الوهاب"، الموسيقار المصري الذي عزّ نظيرُه، وشدا بها كلٌّ من الجميلة "ليلى مراد"، وعظيم الكوميتراجيدي "نجيب الريحاني". “أبجد هوز حُطّي كلمُن/ شكل الأستاذ بقا منسجمٌ". ولنا أن نتصوّر عملا يصنعه عظماءُ رفيعو الطراز على هذا المستوى، ثم يُعلّق عليها عظيمٌ آخر عزّ نظيرُه في كل العصور، هو عميدُ الأدب العربي "طه حسين".
حينما عُرض فيلم "غزَل البنات" عام 1949، وانتشرت تلك الأغنية المرحة وذاع صيتُها؛ سألوا عميدَ الأدب عن رأيه فيها. فأجاب بأنه استملحَ كلمات الأغنية، وراق له لحنُها وصوت المطربة الشابّة ليلى مراد، إلا أن لديه تحفّظًا ما على الكلمات. وحين سُئل عن ذاك التحفّظ، دُهشَ السائلُ. قائل د. طه حسين إن كلمات الأغنية كان يجب أن تكون على هذا النحو: “أبجد هوز حطي كلمُن/ شكل الأستاذ بقا منسجمًا"؛ (وليس منسجمٌ).... لأنه "منسجم" خبر (بقا) بمعنى أصبح، من أخوات كان. كذلك ما قاله الأستاذ "حمام"/ نجيب الريحاني: “بدل المهية راح آخد صرمًا"، (وليس صرمٌ)؛ لأنها مفعول به منصوب.
وسواءً كان الأستاذ يتكلم بجدية، أم يمزح ربما، لأنه يعلم ضرورات الوزن والقوافي، خصوصًا في أغنية كوميدية كتلك. وسواء كانت "أبجد هوز" هي مقدمة الأبجدية العربية: (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) أو أسماء ملوك مَدين أو غير ذلك، لكن الفكرة هنا هي يقظةُ عقل الأديب الذي لا يقبل الهِنات اللغوية والنحوية الصرفية، حتى في أغاني المرح والأفلام الكوميدية. والفكرة الأهم هنا هي خفّة ظل الأديب وسرعة بديهته في التقاط ما غاب عن آخرين.
ولا يجوز أن نذكر "أبجد هوز" دون أن نتذكّر أغنية "الشيخ إمام" التي كتبها عظيم الأغنية الثورية "أحمد فؤاد نجم" فرحًا بانتصار الفيتناميين وجلاء قوى الاحتلال الأمريكي وسقوط مدينة "سايجن":
أبجد هوز.. حطي كلمن/ افتح صفحة.. امسك قلمن/ اكتب زي الناس ما بتنطق/ سقطت سايجون رفعوا العلمن/ طلعت شمس اليوم دا أغاني/ كل ما نسمع نعشق تاني/ طلعت شمس اليوم دا حريقة/ تشفي الجرح وتبري القلمن/ سايجون عادت للثوار/ فوق الدم وتحت النار/ جدوا فوجدوا/ زرعوا فحصدوا/ وإحنا إيدينا للسمسار...”
وعودٌ على بدء، نعودُ لطرائف عميد الأدب العربي د. طه حسين الذي لم يكن يتساهل مطلقًا في صحيح اللغة العربية الفصحى وأجروميتها الصارمة. حكى لي حكّاء مصر العظيم "خيري شلبي" أنه قرّر في بداية حياته أن يكتبَ سيناريو وحوار لرواية: "الأيام" حتى تُذاع مسلسلا في الإذاعة. وكان لابد، أدبيًّا وقانونيًّا، أن يحصل على موافقة كاتب العمل د. طه حسين. ذهب خيري شلبي إلى بيت الأستاذ طه بالزمالك، فرحّب الأستاذُ بالفكرة، شريطةَ أن يكون الحوارُ بين الشخوص فى المسلسل بالعربية الفصحى، وليس بالدارجة المصرية! وأُسقِطَ فى يدِ السيناريست الشاب! كيف سيجعل أبناء الصعيد المصرىّ يتكلمون بالفصحى فى حياتهم اليومية؟ وكان من المستحيل مساومة الأستاذ فى شرطه الصعب فلن يقبل عن الفصحى بديلا، وليس ممكنًا، كذلك، أن يتخلى الشابُّ عن حلمه؛ فالتجأ إلى دهاء الفنان وذكاء المصرىّ؛ وكتب الحوار على النسق الذى يتَّسِقُ فصحًى ودارجةً فى آن؛ بحيث إن قرأه على الأستاذ مُنضّدًا، ظنّه فصحى؛ وهو عامية على ألسن الشخوص! مثلا: "معى جوابٌ، أَحْلِفُ بالله لو شَافَهُ مخلوقٌ لَرُحْتُ في داهية"، هكذا سيقرؤها خيرى شلبى على الأستاذ طه حسين، لانتزاع موافقته بالحيلة الجميلة. بينما فى المسلسل سينطقها عبد الوارث عسر، بتسكين نهايات الكلمات، مثلما نحن فى دارجتنا المصرية اليومية، مع تلوين اللسان باللكنة الصعيدية: “معي چواب أحلفْ بالْله لو شافهْ مخلوجْ لرُحتْ فـ داهية".
عاشت مصر بعظمائها.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
- مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد