أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش الممنهج














المزيد.....

من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش الممنهج


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5582 - 2017 / 7 / 16 - 22:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش الممنهج

وصلنا في ذلك اليوم إلى عيون أم الربيع، كانت المياه تنساب من كل جانب، كانت تتدفق بغزارة كأن هناك محركا يتحرك في عمق الأطلس المتوسط، إنه خزان مياه لا يتوقف عن إرسال المياه، الطريق المؤدية إلى عيون الربيع كارثية بكل المقاييس تتخللها الحفر والأخاديد، كما أنها ضيقة، وتعمها التعرجات الخطيرة من حين لآخر، على ضفاف المياه المنسابة شيد الأمازيغ منازلا من القش من أجل كرائها للزوار، كما شيدوا أفرانا من الطين وأعدوا الأكلات المتنوعة كالطاجين وغيرها من الأكلات، لكن بطريقة بدائية وتقليدية تعكس بساطة الساكنة الأمازيغية، ولا ننسى أيضا تأثيث المنازل بالحصائر والزرابي المحلية، يتم تشييد المنازل المجاورة للعيون بأشجار الأرز والدفلى والعرعار والزيتون وعلى سقفها يضعون القزدير الذي يوضع فوقه الطين لكي تظل المنازل باردة، في هذه العيون توجد ثلاثة فنادق بمواصفات عصرية، شيد أصحابها صهاريج لتجميع المياه، يشكو أحد هؤلاء من تردي البنية التحتية ومن الكلفة الضخمة لبناء فندق، فهذا الأخير مشيد في مكان عال على العيون وليس من السهل الوصول إليه، وعلى الرغم من تدفق المياه بقوة، فقد تم تشييد بحيرة بدائية يستحم فيه الأطفال الصغار، لكن لا أحد من المسؤولين فكر يوما في إصلاح هذه البحيرة، أو شيد القنطرة البدائية المتهالكة التي تعبرها العشرات من السيارات يوميا، اللهم رجل واحد يحمل معولا صغيرا، والملاحظ أن معوله لن يضيف شيئا للطريق، فلا يعدو هذا الرجل الفقير يوهم الزوار لكي يحصل على بعض الدراهم ليدبر حياته، سمعت أحد الزوار الراجعين من العيون يقول له : " فين هي الطريق اللي صوبتي وت سير تلعب، الطريق اللي شفت البارح هي اللي شفت اليوم ". قضينا ليلة في عيون أم الربيع وفي الصباح غادرناها وعلى مخرجها انحرفنا يمينا صوب عين اللوح في طريق تتخللها الحفر، ولاحت على ارصفتها منازل مبنية من القش يبيع أصحابها البيض واللبن، إلى جانب أطفالهم الذين يتسولون، يمارس السكان في هذه الربوع الزراعة كزراعة الشعير والقمح والذرة والمغروسات كالتفاح، وبالنسبة لأدوات الحصاد تبقى أدوات تقليدية بالنظر إلى التضاريس الوعرة، لذلك يتم اللجوء إلى المناجل لقص الزرع وإلى الاستعانة بالبغال لدرس المحاصيل في البيدر، لا تبدو التربة صالحة للزراعة لأنها مليئة بالحجر المنساب بفعل المجاري المائية المنزاحة من الجبال، يمارس السكان الرعي وخاصة الماعز والأغنام ويبني هؤلاء منازل ذات سقوف مثلثة خاصة بالثلوج التي تنهمر بغزارة في فصل الشتاء. وبينما السيارة تمضي بين الطرق الملتوية يلاحظ أيضا قطيعا من القردة يتسلق الأشجار المتاخمة للرصيف، غالبا ما يتوقف زوار المنطقة للتفرج عليهم . تتواجد بحيرة ويوان على بعد 10 كيلومترات من عيون أم الربيع، تصل مساحتها إلى أربعين هكتارا، تعني ويوان : " هذا في ملكي أنا " تحكي امرأة أمازيغية أن أحد الأشخاص كان يتصارعان على الأرض، فقال واحد للاخر : " ويوان"، يسمح المسؤولون بالتخييم فيها ولا يسمح بالسباحة فيها او الصيد وتضمن اسماكا متنوعة وعلى رأسها البوري والسلاحف أيضا والطيور وعلى رأسها البط، الملفت من خلال زيارتنا للبحيرة أنه على الرغم من لوحات التشوير التي تمنع الصيد أو السباحة، فهناك قوارب تتحيز على جنباتها وهناك سباحون وصيادون متعددون، لكن عموما لا توحي البحيرة كليا بالسباحة لأنها مليئة بالأعشاب المائية، كما أنها ملوثة وداكنة، قضينا بعض الساعات هناك وتوجهنا نحو عين اللوح وهي قرية أمازيغية تتموقع في منحدر عميق وسط غابات كثيفة ويحدها جبلان يسدان الأنفاس وتعرف كل صيف مهرجانا يسمى بحب الملوك الذي تجري أطواره في ملعب مترب يقع جنوب القرية، ينطلق الموكب بحضور الدرك والقوات المساعدة من الشارع الرئيسي ويرتدي المنظمون لباسا اسودا موحدا ويضعون أمامهم الطبول حتى يصلوا إلى المنصة . تميزت القرية عبر التاريخ بصناعة الأخشاب ومنها جاءت كلمة اللوح التي هي الخشب الموجود بكثافة بالقرب من العيون التي تتموقع في المنطقة. في المساء رجعنا إلى بحيرة ويوان وبتنا في منزل سيدة تكتري البيوت على جنبات البحيرة، تبلغ السيدة حوالي 60 سنة، لها أربعة أولاد وبنت، أعدت لنا طاجينا رائعا لا ينسى . صادف وجودنا في المنطقة تنظيم عرس هناك وحضرنا إليه وشاهدنا الأهالي يرقصون رقصة احيدوس جماعات، إذ يهب كل الأفراد من كل فج حاملين معهم البنادير ويشكلون دائرة كبيرة أو مجموعة دوائر ويرقصون بأكتافهم ويغنون أغاني امازيغية عجزت عن فهمها .الملاحظ أن النساء والرجال يرقصون جنبا إلى جنب دون عقد ويضحكون مع بعضهم ولا مانع في ذلك، يبقى المجتمع الأمازيغي مجتمعا مفتوحا، مع أفول الشمس مر الموكب أمامنا وكانت تقوده امرأة وهي تحمل قصبة تخترقها أوراق نقدية وتعلوها وردة ايذانا بالحب، كانت العروس ترتدي اللون الأخضر كرمز للطبيعة وللتجدد والحياة، كانت ترقص مع المجموعة بلا خجل . كان أغلب الزوار يرقصون مشكلين دائرة التي توحي بالكمال واستمر رقصهم حتى الخامسة صباحا .

عبد الله عنتار/ عين اللوح/ 16 يوليوز 2017 .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الدار البيضاء الى عيون أم الربيع : حين يختلط جمال الطبيعة ...
- المواطن أولا وأخيرا
- تقريظ الجهل
- ذكريات مدينة كان الخروج كان الخروج منها صعبا (6 )
- مازال هناك حنين
- ذكريات مدينة كان من الصعب الخروج منها (5 )
- ظلك
- صراعنا صراع مشاريع
- حوار المغرب والمشرق (1)
- أياد تحلم بالقمر
- بلابل تغني للضياء
- أنشودة الثرى
- تمردي يا غايا 1
- كيف يتواصل الرعاة مع مواشيهم ؟ (ملاحظة انثروبولوجية )
- وتسير القافلة
- الملاح التائه
- لن تغردي على نغمي
- الثورة السورية : جذورها، نتائجها ومآلاتها (مقاربة نظرية)
- ذكريات مدينة كان من الصعب الخروج منها (4 )
- ذكريات مدينة كان الصعب الخروج منها


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش الممنهج