أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - بيان حل -الحزب الشيوعي العراقي- (3/3)















المزيد.....

بيان حل -الحزب الشيوعي العراقي- (3/3)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 16:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




المهمة الرئيسية التي يواجهها العقل الوطني العراقي، هي مهمة تصفية الحساب مع الحقبة الايديلوجية من تاريخ العراق الحديث والمعاصر، فما يمر به العراق اليوم ومايغوص فيه من كوارث ، هو الحصيلة التي انتهت لها تلك الحقبة بتياراتها الثلاثة ( الماركسي ، والقومي، والليبرالي الشعبوي) والمعلوم ان احد التيارات الثلاثة انتهى وذاب لوحده، ومن تلقاء نفسه، بالانحلال التاريخي بعد ثورة تموز 1958 كما هو الحال من هنا فصاعدا مع من تبقى يحمل اسم الشيوعية، او فلول وبقايا الأحزاب القومية،او مايعرف من بقايا حزب البعث المتشظي والعامل تحت جناح وواجهة اسلاموية، ولسنا اليوم عند بدايات العملية المذكورة، فانتهاء حقبة او طور "الوطنية الحزبية الايديلوجية" وطغيانها على الواقع الوطني، يعود الى مابعد ثورة تموز1958، وتحديدا الى أعوام الستينات، حين تجلى ارفع اشكال تحقق تلك القوى في نظام البعث المحور سلطويا عام 1968، والذي اعلن بتحققه العملي والواقعي نهاية حقبة من التاريخ العراقي، ببلوغها اعلى ممكناتها ومنتهاها، ومنتهى فعالية قواها واحزابها، "فالحزب الوطني الديموقراطي" ممثل الليبرالية الشعبوية، خرج من المشهد، والحزبان العقائديان الأكبر، اصبحا خارج العملية التاريخية، وفقدا ماكان لهما قبل الثورة من تماس مع النبض الوطني، او من بقايا فعالية تاريخية ، احدهما بالتحول الى سلطة حاكمة، والثاني الى محاولة الاندماج معه، ومن ثم الهرب والالتجاء الى الحاضنة الكردية والاقدام علة تصفية، الحزب بجذوره الجنوبية المتماسة مع عالم اللادولة.
وقتها بدات تتغير موضوعات واشكال، ومهمات الصراع، ومقتضيات التشكل الوطني عمليا وفكريا، وصار النزوع النامي الأبرز والذي يشغل العقل الوطني،منصبا على الانتقال من "الايديلوجية" الى "الوطنية"، وغدت العقول والارادات الأكثر حساسية ووعيا بالمستقبل، تنتقل نحو مجال انشغال آخرمختلف ، ونحو معسكر من طبيعة ونسيج ينتمي للعقلانية لا للحداثية المنقولة، مه انه ظل عصيا على التبلورعلى مدى عقود،فليس مايواجهه العقل العراقي راهنا، من طينة او طبيعة نقلية، تتلقى الأفكار ببغاويا كما هو الحال مع الايديلوجيات واحزابها الثلاثينية، مستغلة ظرفا خاصا، وعوامل دولية بعينها، ظرفا مايزال غائبه الأكبرمستمرا في الغياب، يتحدى العقل، ويزداد الحاحا الى اليوم، فالعجز عن مقاربة وعي الذات والهوية العراقية الوطنية حينها، لم يكن على الاطلاق ناجما عن "ضعف البرجوازية الوطنية" كما يردد الببغاوات المتفيقهون، بل الامر عائد لكون العراق تكوين وكيان مركب، من نمط فريد وخاص، التعبير عنه ووعيه بذاته، يرتقي أصلا بالمفاهيم العامة المجتمعية والكيانية على مستوى المعمورة، وهي مهمة تأجلت لالاف السنين، واستهلكت ثلاث دورات حضارية، الأولى السومرية البابلية، والثانية العراقية العربية الإسلامية، والحالية الثالثة المبتدئه من القرن السابع عشر، يفصل بينها انقطاعان حضاريان. لكن الارادات الحية ظلت هي الأخرى شاخصة، تحاول وتبذل المستحيل، مصرة على الابصار وسط الظلمة الدامسة، وبحكم استمرار طغيان بقايا المحفوظات والاطلاقات الايديلوجية، المعتاشة على غياب الوطنية العراقية، والقائمة أصلا باعتبارها قوة مصادرة مزيفة لها.
ليس مايعيشه العراق اليوم "ازمة" على الاطلاق، انه لحظة انهيار مشروع الحداثة الايديلوجي على صعيدي النظر للدولة والأحزاب الايديلوجية، وكل تحريف خطابي او توهمي للسردية الوطنية التاريخية المعاصرة من وجهة نظر الايديلوجيات، وكل سعي للسطو على التاريخ وتشويهه لصالح رؤاها، ولتبرير وجودها المتهالك المنتهي تاريخيا، هو إصرار على تعميم زاوية النظر الايديلوجية وقد غدت مضادة للنبض الوطني الحي، ومتعارضة مع الاليات التاريخية، فالقوى الايديلوجية تعمد لاخضاع التاريخ ومساراته لمخططاتها الذهنية الجاهزة المنقولة، والمتفقة مع ماتراه وتستنسبه، وماتجده ملائما لها، ولاستمرارها الشكلي الفارغ، حيث تنأى بنفسها كانها محرمة وممنوعة على حكم التاريخ، وليست ابدا موضوعا من موضوعاته، بل هي نفسها التاريخ وهي خالقته، لاقوانين واليات تاريخية تنطبق عليها، وتقرر حركتها ووجودها، فهي كيان مجرد، فوقي، مستقل، له قانونه الخاص الجاهز، ومنطلقاته المعلبة في الحكم والنظر للاشياء، لم تستنبطها بجهدها، ولا أسهمت فيها الاقراءة وتصديقا اعمى.
اهم ماينبغي العمل عليه وابرازه اليوم على المستوى التصوري، إعادة النظر في تاريخ العراق الحديث ابتداء من القرن السابع عشر، مع ظهور اول علامات عودة التشكل المجتمعي الوطني جنوب العراق، على شكل اتحادات قبلية، أهمها واولها "اتحاد قبائل المنتفك"، بعدما بدات مفاعيل الانهيار والانقطاع الحضاري المستمرة منذ سقوط بغداد على يد هولاكو 1258 تتراجع لصالح بدء عملية حضارية تاريخية ثالثة، هي المعاشة الان، والمستمرة صعودا، تناوبت على تمثيلها وقيادتها ثلاث قوى وفترات : قبلية ، ودينية تجديدية، وايديلوجية. ظلت ثلاثتها عاجزة عن الارتقاء لمستوى ومتطلبات التشكل التاريخي المستمر بعد نهاية الحقبة الثالثة الايديلوجية، وانهيارها المريع، وعودة قوى ماقبل الدولة للحضور والرجحان، علما بانها لم تعد هي ذاتها كما كانت قبل عام 1920 فقد مرت عليها فترة 82 عاما من محاولات وعمليات التحوير، ومشاريع السحق البنيوي والابعاد عن دائرة الحياة والفعل، ماادى لتغيير أساسي أصاب بنيتها التنظيمية والقيمية.
لم تتوقف عملية التشكل الوطني عند انهيار مشروع القوى الحداثية الايديلوجية، بل انفتح من هنا فصاعدا افق الحقبة التاريخية الرابعة، "الامبراكونية" المتوافقة مع كينونة العراق وبنيته الاساسيه المزدوجة المركبة، مع ان مثل هذا التحقق التاريخي، يوافق وقوع اخطر اشكال الاضرار بعمل الاليات الوطنية المتاتي عن مفاعيل الحقبة الايديلوجية المدمر والمشوه، مع مجموع ما تسبب فيه حضور الغرب وافكاره، ومشاريعة المقحمة على الواقع، والساعية والتي سعت بكل جهدها، للي عنق الخاصيات التاريخية، وعملت على تشويهها، والحد من إمكانية تبلورها، فضلا عن حضورها الفكري والعملي. الامر الذي مايزال يشكل الى اليوم، احدى اخطر مناحي وجوانب العجز امام الكارثة الحالة بالبلاد، مع انهيار المشروع الايديلوجي، وصعود قوى ماقبل الدولة بطبعتها المشوهة.
ان العراق وبخلاف الموضوعة الاستعمارية الايديلوجية، لم يظهر، ولم يتشكل الى الوقت الحاضر، فماحدث عام 1921 هو توليف قسري لعراق مايزال الى اليوم قيد التشكل، وهو من تركيب وطبيعة "فوق وطنية"، لاتنطبق، ولا تسري عليه قوانين الكيانات العادية، ولا قوانين تشكل "الأمم الدول" الغربية الحديثة، فالعراق كيان مابعد غرب، حيث الغرب في انحدار، والعالم متجه الى مابعده، وبعد مرحلتي الإنتاج اليدوي والالي، ان تجربة الغرب التي لم تسلط الأضواء على انهيارها، وانغلاق افقها بسبب ضعف تبلور مابعدها، وقوة استمرارية حضورها وثقلها الفكري الدعائيوفعل المعتاد، هي تجربة افضت لاكبر الجرائم في التاريخ الإنساني، قتلت قرابة 70 مليون انسان، وهي التي ولدت الفاشية، والاشتراكية الوهمية القسرية، والحروب، ليس لدى الغرب، ولم يتبق له مايعطيه بعد كل هذه الكوارث الرهيبة التي هي خلاصة عقلانيته وجداثته. ودولته المدنية التي يحلم بها البعض اليوم، ليس لها من مكان سوى الماضي، وباعتبارها اهم تجليات وصور العقلانية الاجرامية التسلطية، قاتلة ثقافات الشعوب وحضاراتها.
تتجه البشرية الحية اليوم نحو نمط تفكري مختلف كليا عن كل ماعرفة الانسان، نمط متوافق مع وثبة في الوجود الإنساني، تكنولوجية ذكائية لامجتمعية نافية لمنتجات المجتمعية، على طريق القفز من عالم وونوايا التحكم بالطبيعة( تدميرها)، الى التحكم بالجسد عبر العقل، وفي سياق تكريس "الإنتاج العقلي"، وحيث يتخلص العقل من هيمنة اليد والجسد. وهذا النمط من الحياة المستقبلية، يبحث الان عن ركيزة ولادته وترعرعه عبر العالم.
لاشيوعية في أي بلد من بلدان المعمورة، لم يعرف تحولا برجوازيا ذاتيا، ودخل العصر بصفته ملحق، وملتحق بالسوق الراسمالية العالمية،حيث راسماليته فعل إيقاع من خارجه، وكل تحوراته الداخلية المستجده بالقسر الاقتصادي والسياسي والعسكري، هي عملية اخضاع من قبل نمط مهيمن عالميا، مع كل التشويهات والتخريب العمد المتاتي من قوة فعل واليات ومصلحة السوق الامبريالية، ومقابلها ماتنطوي عليه البنية التاريخية من اشكال رد الفعل والتاقلم، او الرفض المجتمعي والمقاومة، آن الأوان لان يعرف العراق والعالم العربي، ثورة العقلانية الخاصة، بدل الحداثية المنقولة المبتذلة، وحان الوقت لان يعلن عن حل الحزب الشيوعي العراقي، محور حديثنا الراهن في ذكرى تأسيسه ،وهو يوغل في شيخوخته، مجتازا الثمانين ببضع سنوات من دون أي منجزيذكر غير نبديد التضحيات والكلام المنفصل عن الواقع والحياة. بحيث يصبح مثل هذا التقدير، او القرار وفق المقتضى التاريخي، معلنا، ضمن توجية الانظارنحو تبلور ضرورات الزمن الجديد.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان حل - الحزب الشيوعي العراقي- (2/3)
- بيان حل- الحزب الشيوعي العراقي- (1/3)
- المادي والمثالي: الانفصال في الوحدة*
- نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي
- عودة انقلابية للمادي والمثالي
- الموضوعات السبع وهزيمة ماركس ولنين !!!( 2/2)
- هزيمة شيوعية ماركس ولنين !!!(2/1)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ ..انقلاب لا استمرار (ملحق)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ انتقال للمستقبل( 2ب/2)
- - المؤتمر الوطني التاسيسي- ثورة تاريخية كبرى( 2أ/2)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ .. ملامح وتبلورات ( 1/2)
- تهافت حملة مايسمى -القوى الديموقراطية-؟؟؟؟؟ تعبيرعن ازمة حوا ...
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (25) نكوص مريع عن الماركسي ...
- لنين : عبقرية المشعوذ؟
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (24) نكوص مريع عن الماركس ...
- -الغائية التاريخية- والانسان -الايل للانقراض- (2/2)
- -الغائية التاريخية- مقابل - المادية التاريخية- (1/2)
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (23) - سلام عادل- شهيد، ام ...
- سفير يهودي عراقي في بغداد/ ملحق خطاب مفتوح للرئيس الفلسطيني ...
- هل من ابراهيمية عراقية ضد صهيونية (2/2)


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - بيان حل -الحزب الشيوعي العراقي- (3/3)