أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي















المزيد.....

نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5467 - 2017 / 3 / 21 - 16:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي


في القرن التاسع عشر، وفي غمرة الصعود الراسمالي الحديث، تخيل ماركس متمنيا، انتقال العالم الى "الشيوعية"، لم يكن هو في وضع يؤهله تماما لان يصدر حكما من هذا القبيل، الاان جذوة الحالة المحيطة به، والتي تسنى له ان يعيشها ذهنيا، ونتيجة قوة ايحائها غير العادي، فقد غمرته وقتها حماسة خاصة ومتاججة نحو الختامية، او الخلاصية اليوتوبية، ولانه تصوّر مصدقا ان التاريخ اصبح كما ظن رهن توقعاته، وان حساباته "العلمية" غدت مما لايرقى اليه الشك، فلقد تجاوز حينها انتظار نتائج الاختباروالتجربه، فلم يحسب وقع حصيلة الممارسة التي كان يقدسها مبدئيا، وغلبه الحماس، فلم يتوان عن منح العالم املا، هو بالأحرى امنية كونية، جعلتها الراسمالية بعالميتها، اقرب الى نقيضها ووجهها الآخرالمكمل تصوريا، لاواقعيا.
ولم تكن مجرد صدفة، ان يتزامن صعود الماركسية، مع توطد هيمنة الغرب على المعمورة كنموذج، وكافكار ومنهجيات تحليل، ونمط حياة، لا في مجال الدولة والأمة، ولا شكل الأنظمة والممارسة الديموقراطية وحسب، بل وأيضا في مجال المشروع المضاد للغرب ونموذجه السياسي والاجتماعي، وهكذا كان الغرب عمليا قد اغلق السبل كليا لصالحه، فصادر احتمالات مابعده، ما عزز حضوره ك"ممكن وحيد"، تمنع منظومة مفاهيمه ومنهجياته، أيا من اشكال، او احتمالات، او بقايا تصورات سابقة على مستوى العالم اجمع من الحضور، او تبرير احقيتها في الوجود، وصولا بالاخص، لاستحالة عودتها للفعل، او الانبثاق عن خيارات يمكن ان تكون لها دلالة محلية عصية على المسخ، او قابله للتحقق ضمن محيطها الحضاري الاقليمي، ناهيك عن العالمي.
ولم تكن نظرية ماركس خاطئة كليا، ففي الاطار العام الإجمالي المتاح له، كان هو بحاسة استشعارمرهفة قد توقع انغلاق السبل امام عملية التطور المجتمعي بعد الراسمالية، واعلن بان الراسمالية هي بالفعل العتبة الأخيرة التي لاعتبة بعدها "مجتمعيا"، لكن مع تغييرشكل البديل، او الحالة اللاحقة على الراسمالية، من "الشيوعية" التي اعتقدها هو، الى "اللا مجتمعية"، حيث مهمة الانسان منصبة بعد العتبه الالية البرجوازية الصناعية، على تجاوز الانسان نفسه، ومن ثم على أنماط تشكلاته المجتمعية. ولم يكن لماركس وقتها ان يذهب ابعد من حدود المادية التاريخية، التي تسنى له اكتشافها مستبصرا خط المتواليات المرحلية، وبحكم كونه معنيا بالمادة المجتمعية وبالديالكتيك، فلقدانتهى الى ماهو متفق مع المنطق والعقل المتاح له، بحيث تصبح النتائج والحالة هذه منسجمة مع سلسلة التعاقبات القبلية، ويصير اللاحق من جنس السابق، ومكملا له، مع تتابع حلقات ومراحل التاريخ الخمسه.
وهنا وحسب قاعدة القياس الماركسي المتداولة، تكون فكرة التشكيل المجتمعي النافي للمجتمعية من قبيل الهرطقة،.كما ماتزال في كل مكان، وفي العراق حتى الان، مع كل مايمكن تخيله من ردود الأفعال المرضية والهيستيرية الان او في المستقبل القريب، فالعقل الذي ظلت تحكمه على مدى عشرات القرون، فكرة ابدية الكائن البشري، ينتصر حتما للقدسية الحيوانية المتحكمة به وباشغالاته العقلية التي لافكاك له منها، مايجعل الماركسية والحالة هذه اقرب للقبول، بما انها تمثل مخرجا ضمن عالم مغلق، وبغض النظرعما يحيط بنظرية الشيوعية من رفض، الا انها تجتذب من ناحية أخرى، قوى وقطاعات واسعة من البشر، وفي القرن العشرين، كانت احدى اهم محددات الخيارات البشرية على مستوى المعمورة.
تفترق "اللامجتمعية" الامبراكونية العراقية، التي ماتزال جنينا، عن الماركسية في نقطتين جوهريتين:
تتاتى الأولى من كون اللامجتمعية تنتمي لعالم اخر، منفصل كليا عن التاريخ الإنساني المجتمعي وتشكلاته المختلفة ومراحله، انها عالم ثان من حيث التصورات والمفاهيم والقيم والممكنات، والعقل المجتمعي، من طبائعه الراسخة، او احدى أهمها، قوة الاعتياد، والرضوخ للمقر الراسخ، مع الميل الى نفي مالا يسهل ادراكه، ومثل هذا الموقف مفهوم، لان الانسان الحالي، وبحسب ماهو كائن، يستحيل عليه عيش مالم يختبره، وهو عادة يذهب الى المستجدات بقوة دفع عوامل خارجه تكون قاهرة، قبل ان يعود ليركب بناء على اشتراطاتها، مفاهيم تكون توافقية مع الشرط المستجد، اما من حيث الكينونة والجوهر، فانه ليس مبادرا من ذاته او من دون عوامل محفزة من خارجه، لهذا يتوقع لفكرة قبول مسار التحول النامي اليوم، ان تطول كثيرا، وكما انها كانت حصيلة التأمل والاختبار على مدى نصف قرن من الزمن تقريبا، فالمتوقع ان تستغرق سنوات، قبل ان تصبح مقبوله كموضوعه تستحق النقاش، ناهيك عن ان تعتبر من قبيل الخيار الوجودي التاريخي لمابعد التاريخ الحالي الآيل للاختفاء، واما قبل ذلك، فبالامكان توقع كل اشكال الرفض والنفور والعداوة غير المنضبطة، فضلا عن الخراقات الأقرب للهلوسة والهستيريا.
اللامجتمعية أيضا، تفتقر بالمقارنة مع نظرية ماركس، الى المبرر المادي الملموس والقابل للتطبيق، مما سيسهل على معسكر الهستيريا، بما ان سكانه يعتقدون، بجهالة طبعا، انهم "ماديون" حتى ينقطع النفس، وان النظرية العراقية في التغيير "مثالية"، ممارسة لعبتهم الاثيرة والمضحكة عن ثائيات (المثالية /المادية) المبتذلة، والتي لايعرفون عنها شيئا اكثر من النقل الببغاوي التعبدي ( نشرنا مقالا حول هذا النوع من الثنائية مقالا اوليا، وسنعود للبحث في المادية والمثالية الروحية العقلية في مقال لاحق) وهذا ريما سيكون اهم مناحي عسر الاثبات، او التقريب الذهني، كما انه سيكون هو نفسه لاحقا، عنصر انقلاب اذا ماحدثت القفزة التكنولوجية العقلية، وتبين تطابقها مع المقترح التمهيدي بين حالتي المجتمعية واللامجتمعية، الامر الذي يتوقع حصوله حسب "السنكيولارتي" بعد قرابة ربع قرن من الان، وهو وقت قصير للغاية، بالمقارنة بمعناه ودلالة دخوله العملية الوجودية، بغض النظر عن مشكلاته المتوقعة المرافقة، ومصاعب ادماجه وتطبيقه الأمثل، بعد بلوغ عتبة الالة الذكية والعقل المضاعف الذكاء، دون ان ننسى بان حضور "وسيلة الإنتاج الجديدة"، سيلازمه تضاؤل وانكماش وتراجع في دور وحضور وفعالية الوسائل المنقضية الصلاحية، اليدوية والالية، مايمنح وقتها نظرية اللامجتمعية قوة حضور ووجاهة عملية كاسحه.
ومع ان هذه القفزة في "وسائل الإنتاج" ـ مازال المصطلح المطابق لهذه الوسيلة المستجدة قيد البحث، ومتروك للمستقبل البحثي ـ كما لاحظنا، لم تعد بعيدة، الا انها واليوم، ليست موجودة بعد، وليس كما الحال مع الماركسية والشيوعية التي هي نتاج هيمنة وسيلة الإنتاج اليدوية والالية التي ابتعثتها، وجعلتها ممكنة نظريا، هذا مع ان الماركسية لم تجد الطريق امامها ممهدا، وعورضت وشكك بها كثيرا، وماتزال، مايدفعنا لتخيل مدى وحجم المصاعب التي تحيط بالنظرية مدار البحث، والتي لم تصبح بعد مكتملة حتى.
انه العبث غير المجدي، هذا ماسيراه العقل المجتمعي المبتذل والمازوم حين تعترف نظرية "المجتمع النافي للمجتمع" بانها، من عالم غير العالم الراهن، وانها مبنية على فرضية مستقبلية غير مؤكدة بعد حين يتعلق يتعلق الامر بالمبرر المادي الذي من شانه تكريس وجودها، لكن وبما اننا غدونا أبناء عالم منشطر، فالمتوقع ان نكون من هنا فصاعدا موضع تقابل لغتين، حيث مايعد " واقعيا" في عالم "المجتمع الازلي"، لايحمل نفس الدلالة والمعنى، في عالم " المجتمع النافي للمجتمع"، من قبيل مثلا معنى او دور "وسيلة الإنتاج"، بما انها في الحالة الثانية غير منفصلة عن العقل، بحكم ان الانتقال الراهن هو قفزة كبرى، من الإنتاج اليدوي الالي، الى الإنتاج "العقلي"، ويشمل ذلك سبل الفعالية، ودرجتها، ونطاقها.
اجمالا وفي العموم، تبقى التمايزات والاختلافات بين المجالين والعالمين، مدار ملاحظة مستمرة ومتكررة، بما انها ميدان تو ضيح ، ووسيلة فتح للافاق الجديدة على مستوى التحضير الفكري الطويل الذي تحتاجه القفزة الوجودية الراهنة.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة انقلابية للمادي والمثالي
- الموضوعات السبع وهزيمة ماركس ولنين !!!( 2/2)
- هزيمة شيوعية ماركس ولنين !!!(2/1)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ ..انقلاب لا استمرار (ملحق)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ انتقال للمستقبل( 2ب/2)
- - المؤتمر الوطني التاسيسي- ثورة تاريخية كبرى( 2أ/2)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ .. ملامح وتبلورات ( 1/2)
- تهافت حملة مايسمى -القوى الديموقراطية-؟؟؟؟؟ تعبيرعن ازمة حوا ...
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (25) نكوص مريع عن الماركسي ...
- لنين : عبقرية المشعوذ؟
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (24) نكوص مريع عن الماركس ...
- -الغائية التاريخية- والانسان -الايل للانقراض- (2/2)
- -الغائية التاريخية- مقابل - المادية التاريخية- (1/2)
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (23) - سلام عادل- شهيد، ام ...
- سفير يهودي عراقي في بغداد/ ملحق خطاب مفتوح للرئيس الفلسطيني ...
- هل من ابراهيمية عراقية ضد صهيونية (2/2)
- زمن فلسطين الابراهيمية العراقية (1م2)
- 8 شباط : يوم قتل حلم الخلاص من ظلام القرون السبعه
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟( 22)حيث الحزبية الايديلوجي ...
- أهلا ب- ترامب- في بلاد الرافدين


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي