أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - المادي والمثالي: الانفصال في الوحدة*















المزيد.....

المادي والمثالي: الانفصال في الوحدة*


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5469 - 2017 / 3 / 23 - 18:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تكرس مادية ماركس انطباعا حادا بالإنفصال بين حيزي المادي والمثالي، هذه الفكرة الأقرب للاستعمالية، والتي توفر مدخلا نحو ادلجة الفلسفة، الاغلب انها تتقصد المبالغة واعية، او ان هذا الجانب منها استجابة للحظة وشروطها، ونوع المجابهة التي كان متعينا خوضها في حينه اوربيا وعالميا، مايجعلها معرضة لان تكون مظهرا من مظاهر التفكير الآني، المحاط بمسببات عدم التطابق ومجانبة جوهر ماهومقصود.
هل المادي بمظهره الرئيسي متجسد في الطبيعة، منفصل عن العقل، او مايمكن تسميته بالروح، وقبلها حتما الإنسان العاقل، هذا التساؤل يستدعي قبلا البحث في مصادر الوجود البشري والحياتي، من دون نسيان كون من يبحثون في اصل المادة الحية او "اصل الحياة"، يعترفون أحيانا بجهلهم بمصادرها، وكيفيات وجودها في الطبيعة، والبعض منهم يذهب للقول بان المادة الحية هي طاريء، هبط على الكوكب الأرضي من خارجه، اذن وبناء عليه، يمكن الاعتقاد بان اصل الحياة "غير ارضي"، مايشجع على التصور بانه من المتاح الفصل، بين عالم الكائن الحي العاقل، وعالم الطبيعة، ان لم يعتبر ذلك من البديهيات. مع ان هذا الاعتقاد يوجب التفكير باحتمال كوننا ربما لانعرف سوى شكل من اشكال الحياة، هي البيولوجية والنباتية على وجه التحديد، مستبعدين صنف حياة الطبيعة ( الكامنة في جوهروجود ما نعتبره جمادا) ، بحكم كونها خارج المشاهدة، والإحاطة، هذا النوع من الحياة، المحال للغائية الكونية والسرمدية والياتها، والذي سيجبرنا الاعتراف به على رفع عادة وقاعدة التشكيك في قدرة الطبيعة الجامدة ظاهرا، على /"انجاب"الحياة/ ، وافراز او تخليق كائنات حية من صلبها، تحظى برعايتها الدائمه، وصولا لحضورها الواعي "العاقل"، بما هو ضرورة اكتمال حياة الطبيعة، خالقة وعيها بذاتها، مايعني في الاستنتاج النهائي ان مجال الحياة ومستوياتها لايتوقف فقط عند مانستطيع التعرف عليه من اشكالها.
وذلك ماينقصنا معرفة حتى يصبح القول بالحياة الوافدة من خارج الأرض من قبيل السذاجة المطلقة، فالانسان ليس مادة حية فقط، انه سيرورة طويلة من الوجود والتحولات، تظهر وكانها مرسومة ومقررة قبليا، ولايمكن ابدا تخيل هبوط المادة الحية والخلية الأولى من الفضاء، مع تجاهل النظر في مسارات وجودها الأهم من وجودها نفسه، بعد النظر في مآلاتها، وكيف تتحققت لاحقا، وضمن اية شروط او عوامل، ولماذا، ولاي غرض، وكيف؟، بحيث آلت الى الانسان، عبر الكائن المائي، والعضية، واللبونات، والكائن غير الناطق، وصولا، الى الانسان الحالي العاقل، والمجتمعي.
ليس اهم مافي الحياة كوجود ، من اين مصدر واساس نشأتها الكامنة في الطبيعة وطاتها الغائبة عنا وعن قدرتنا المتاحة على التحري والفهم، فالجانب الأكثر خطورة والاهم هو الكامن في قوة صيرورتها، فالمادة الحية يمكن ان تسقط على الأرض، لتموت، وقد يكون الكون مليئا بحالات سقطت فيها المادة الحية نفسها، ( مع فرض التصديق على النظرية الواهية عن خارجية الحياة) في أماكن وكواكب أخرى، ولم تتحول الى أي شي، فالمريخ القريب جدا، او زحل، او حتى القمر ضمن مجموعة جيراننا الأقرب، لم يعرف أيا منها ظهور الانسان الأرضي او مايشابهه، ذلك سوى ان المادة الاولى الأرضية قد عرفت رعاية مستديمة وخارقة، من قبل الطبيعة التي تحتويها ـ تعرضت خلالها لملايين ملايين الاحتمالات المميتة، والحاكمة بالزوال، بحيث لايمكننا ان نفكر مجرد تفكير، بان مسار الكائن الحي الإنساني، ممكن، او يجوز الاعتقاد بانه "براني"، او اقل من "عضوي" متدامج مع الطبيعة الأرضية ( في مثل هذه الحالة واذا اعتبرنا ان المادة الحياتية الساقطة على الأرض، جاءت متلائمة ومتداخلة عضويا مع الطبيعة الأرضية، أي انها من نسيجها، فيكون من غير المعقول ساعتها ان لايصير هذا الحدث غائيا ومصصما)، بالضبط كما الحال بالنسبه لاي كائن حي يحمل جنينا من جنسه، وفي التشبيه المقرب، يكون الانسان الجنين قبل العقلي، هو ذلك الذي بدا بالخلية الأولى داخل رحم الطبيعة التي حافظت عليه، ورعت وواكبت تشكله صعودا، الى الانسان والعقل.
من الذي تدبر ورعى سيرورة الكائن الطويلة عبر عشرات الاف السنين؟ هل كان هو من يفعل ذاتيا، وهل ينطوي هو منذ مراحل وجوده الدنيا، على "غريزة" البقاء، او " عقل ماقبل العقل" الأدنى، المنصب على تامين الديمومة، من غير ان يكون هنالك مايتفاعل معه، ويؤمن له الشروط والعوامل المفضية للاستمراروالتحول؟ ثم هل ان ذلك كله كمشهد بهذا القدر من التعقيد الحيوي، يمكن ان يتحقق بمثل هذا الإصرار الطويل الأمد، من دون زلل، ولا زوغان، ونحو "غاية" محددة، من دون توفر قوة ودافع حياة، او غائية فاعلة وواعية، و "حتمية" خارج الكائن المتحول الى انسان؟. مايطرح امامنا السؤال التالي: هل الطبيعة "جماد"، ام هي قوة حية، لاتكتمل الا يتحقق غائيتها في العقل؟ وانها صانعة وعيها بذاتها.
يمكننا ان نتوهم ابتداء، او خلال الفترات والمراحل الأولى من العقلانية وتقدم النظر المعروف ب " العلمي" في العصر الحديث، بان العقل والطبيعة منفصلان، بحث نتوقف عند التفسير الوصفي البدائي، الذي يقول بان "العقل"، او الفكرة المجردة، شيء، والطبيعة والموجودات خارجه، شيء اخر، منفصل، ووقتها نكون قد، تبنينا الفكرة عن خلق الانسان الكامل، كما ترد في المنظور الديني التوراتي، ومع ذلك، تبقى الطبيعة هنا حاضرة عبر "تفاحة آدم"، ولانعود منسجمين مع الإيقاع الاوسع للوجود في الطبيعة واليات تحققها باتجاه الوعي.
تكتمل الطبيعة "الحية"، المحكومة ل، والمصممة وفق غائية حتمية، بالعقل ووعي الذات كهدف، حال ان تغدو واعية لذاتها، وهو مايتحقق ضمن وحدة (الطبيعة/ العقل)، فالعقل والطبيعة كيان واحد، غير منفصل، ولايمكن تجزئته او فصل طرفيه، والاهم لايمكن اغفال ماينطوي عليه ويوحي به من ممكنات متجاوزة له، باعتباره طورا انتقاليا ضمن مسارلانهائي، سائر نحو ماوراء صيغته الراهنه، بعدما امكن بلوغها كعتبة ضرورية ليست نهائية، من دون ان يعني ذلك ان مسارها المبتديء منذ مراحل وجودها الأسبق على المادة الحية، الى وجود الحياة والعقل والانسان، ليس لها مابعد، أي استمرارية واكتمال لاحق، حسب سياقات الصيرورة المعينة غائيتها في الكون، وخارج قوانين الارض، تلك الصيرورة الكونية العظمى اللانهائية، وغير الثابته عند شكل نهائي، والتي لاشيء يجعلها خارج الوجود، سوى الجهل البشري الحالي بها وبآلياتها.
لا يتوقف حضور "الطبيعة" عند وعي الذات، فهي قد انتقلت مع العقل، بما هو غايتها، ومنتوج وافق تحققها الارفع الاول، نحو صيغة أخرى اكثر رفعة، وقد صارمشتملا على عناصر ومعطيات فعل جديدة متزاحمة ومتغيرة المعطيات، منها المجتمع، وتبدل محركات التفكير، من دون غياب حدة الإيقاع، وسيرورة المشهد المستجد، فلا عقل او تفكير خارج اجمالي تمظهرات الطبيعة الحية، بماهي، وبما تولده ويولد ضمنها من مكونات، من دون انعزال او خروج عن حكم الغائية العليا، ولا وجود او فعل للعقل، يمكن تصوره خارج الطبيعة التي هو منها بالاصل، وجزء أساسي من بنيتها، ومجسد لها، حتى في حالة انفصاله الذي هو انفصال ظاهر عنها، ذاتي، مصدره محدودية الادراك، مايجعل اي استقلال لاحق، اواي فعل مفارق لماهو مادي، يحدث باعتبارة وبصفته حصيلة المادي الطبيعي الاول، بالانتقال حسب مقتضيات الغائي الكوني، لصالح العقلي المتحرر من المادي.
هكذا يتحول العقل الى قوة متفاعلة مع الكون، بحكم السيرورة والتشكل الأعلى، بتخلصه من شرطه المادي الجسدي، والانتقال لنمط جديد من الفعالية الكونية، متناغم مع مايستجد من الغائيات العليا، والتي يكون قد اصبح مهيئا للتفاعل معها في المرحلة مابعد الجسدية المادية الأرضية. هنا يحدث عادة الالتباس في الوعي، ويظهر من يظنون ان مسيرة العقل موقوفة على الوجود الأرضي فقط، مع استبعاد تضمنه احتمال الانتقال والتحول الأكبر، نحو اللاارضية، الامر الذي يستنكره العقل الجامد المحدود الحالي، مع انه قد لايستنكر صيرورته المتتابعة، من العضية، او من السمكية قبلها، الى حالته العقلية التي هو عليها منذ قرابة 50 خمسين الف سنة.
لم يتراجع لحد الاختفاء، حضور الطبيعة بعد ان وجد العقل، وهو موجود في شكل تحقق المجتمعات والحضارة، واليات فعلها المتغيروتبادليتها، وفي أنماط المجتمعات وصراعاتها مع نفسها وغيرها، وفي توزع البشر على الأرض، واثر ذلك على المسار الإجمالي ضمن مرحلة العقل والاجتماع، مع سيادة العمل اليدوي والالي، وصولا الى الإنتاج العقلي والتكنولوجي، حيث يبدا البشر العبورمن تاريخ ازدواجية العقل الجسد، الى بدء انفصال العقل عن المادة كجسد وطبيعة، لتختفي هذه الأخيرة، بعد ان تكون قد تحققت بالصيغة الأعلى للعقل المستقل والمادي الأصل والصيرورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• حيث تبدو الأفكار الواردة هنا صعبة او غامضة،وغير معروضة بالقدر الكافي الذي يجعلها في المتناول، فان الامر يكون عائدا لجدة وبكورة المعروض، مايستوجب مزيدا من تكرار التناول ضمن المشروع الشامل التغييري العراقي بمختلف حقوله المعرفية، والبدايات دائما صعبه، على صاحبها، كماعلى متلقيها، على امل ان يتراجع منسوب مايبدو غامضا او عصيا، بإعادة وتكرار التوضيح، فما ان نكسب معركة، كما قال احد القادة العسكريين، حتى يتعين علينا ان نكسبها هي نفسها من جديد.




#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية التحوّل العراقية والمنظور الماركسي الغربي
- عودة انقلابية للمادي والمثالي
- الموضوعات السبع وهزيمة ماركس ولنين !!!( 2/2)
- هزيمة شيوعية ماركس ولنين !!!(2/1)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ ..انقلاب لا استمرار (ملحق)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ انتقال للمستقبل( 2ب/2)
- - المؤتمر الوطني التاسيسي- ثورة تاريخية كبرى( 2أ/2)
- معارضة مدنية وطنية صاعدة؟ .. ملامح وتبلورات ( 1/2)
- تهافت حملة مايسمى -القوى الديموقراطية-؟؟؟؟؟ تعبيرعن ازمة حوا ...
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (25) نكوص مريع عن الماركسي ...
- لنين : عبقرية المشعوذ؟
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (24) نكوص مريع عن الماركس ...
- -الغائية التاريخية- والانسان -الايل للانقراض- (2/2)
- -الغائية التاريخية- مقابل - المادية التاريخية- (1/2)
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (23) - سلام عادل- شهيد، ام ...
- سفير يهودي عراقي في بغداد/ ملحق خطاب مفتوح للرئيس الفلسطيني ...
- هل من ابراهيمية عراقية ضد صهيونية (2/2)
- زمن فلسطين الابراهيمية العراقية (1م2)
- 8 شباط : يوم قتل حلم الخلاص من ظلام القرون السبعه
- كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟( 22)حيث الحزبية الايديلوجي ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - المادي والمثالي: الانفصال في الوحدة*