أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير الوعي.














المزيد.....

الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير الوعي.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 00:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من مشاكل الفكر التقليدي وإحباطاته هو الإقرار اللا واعي فيه بأن المعرفة محدودة وأن العلم يجب ألا يتجاوز ما هو مرسوم ومحدد سلفا، الحجة الجاهزة دوما أن العقل البشري قاصر دوما في إدراك ما فيه فكيف له أن يدرك ما فوقه، هذه الفرضيات صنعت شبكة من الخطوط والحدود التي كثيرا ما يطلق عليها تابلو أو المحرم المقدس لجعلها منطقة محمية من تدخل العقل وحقه في الكشف والتبيان، وكثيرا ما عطلت محاولات جادة لفهم ما يجري خلف هذه المحرمات المقدسة.
في الكثير من هذه المواضيع يكمن التقديس والتحريم ليس من كونها تتعلق بالحلال أو الحرام أو له صفة دينية فقط، فقد يكون الخوف والخشية من الخوض في هكذا مسائل ومواضيع محل تردد وتشكيك في جدوى البحث، مثلا مسائل الجنس والعلاقات الطبيعية فضلا عن الأنحرافات السلوكية هي واحدة من التابوهات التي نتردد في البحث فيها أو مناقشتها علنا، لكن في الأحاديث المنفردة والبعيدة عن الأعلان والجهر تكون مادة دسمة للحوار أو حتى في الممارسة الفعلية لها.
السؤال الذي يدور خلف هذه الظاهرة يكمن في حدود الخشية الأجتماعية أو نقص الشجاعة في تأشير ما يمكن أن يشكل أنتهاكا للخطوط الحمر المعتبرة داخل المجتمع، الأكيد أننا كبشر ولدينا إحساس في قيمة أحترام القانون الأجتماعي نخضع لهذه الخطوط ونحترمها، ولكن النتيجة هي تراكم الأسئلة المتعلقة بالظاهرة أو التابلو وربما يسبب مزيدا من التشكيك في قدرتنا على فهم أساس التحريم والحدود التي صنعها العقل الجمعي بما يزيد من حدة التناقض بين العقل الطبيعي الحر وبين الواقع.
التابوهات عموما والخطوط الحمر والسوداء التي نقدسها لم تكن يوما إلا مجرد أوهام نفسية، تجبر العقل على الإنكفاء والتقهقر إلى زوايا التردد والخوف ولربما القبول بالتزييف أو محاولة تبرير الأنحراف في نتائج مشوهة لا تقدم حلا ولا تنتج رؤية حقيقية، ودون أن نملك الشجاعة الكاملة والقادرة على الفحص أو أكتشاف حدود الحقيقة المجردة من الزيف والتبرير، وسنبقى نعان من تبعات المرض الأجتماعي الذي يفرضه العقل الجمعي وعدم تبلور الوعي اللازم لمواجهة هكذا إشكالات وقضايا الجرأة في أقتحامها هي المفاتيح الأولى لإعادة صيرورة الظاهرة وفهمها علميا وعمليا.
إن أول مهمات العقل النقدي أن يتصدى للعوامل النفسية الذاتية التي تصنع هذه السجون الفكرية الذهنية، وعليها مكافحة ظاهرة التابو من هذا الجانب دون أن نفرض مثلا ومقدما نتائج محددة خارج عملية النقد العلمي، وأيضا التعامل معها على أنها مجرد أفكار وضعية قابلة للنقد والتجاوز والإلغاء بالقدر الذي يثبت فشلها في الإجابة عن تساؤلات العلم والمعرفة في عملية أمتحان وبرهنة جادة وممنهجة وفقا للمنطق العلمي والمعرفي، وحتى يتمكن الناس من النظر للواقع الحولي وما يتصل بهم كبشر من حقهم وواجبهم أن يفهموا ما يدور وبتفسير كامل بكل شفافية عالية، ودون خوف ولا وجل من وجود أسوار وأسرار نقبع خلفها.
لا يمكننا أن نحرر طريقنا لإستعادة الوعي ما لم نتحرر من الطريق الممتلئ بالمحرمات والمقدسات والخطوط الحمر، ومحاولة تفكيك الواقع وإعادة بناء وعينا الفردي والكلي على ضوء تجربة نقدية متكاملة، هذه التجربة شرطها الأول التجرد من إسقاطات التأريخ والفكرة السابقة والخوف من أن نخرق ما لم يكون محصنا أصلا من الأنتهاك والخرق، فمثلا في القضايا التي تخص الذات الألهية والتي غالبا ما يلصق دعاة التحريم المقدس كل شيء فيها.
هناك فاصل حقيقي بين ما يمكن أن يخضع للفهم النقدي والإدراك المنطقي وبين ما هو أصلا خارج حدود الفهم والإدراك ليس بعنوان التقديس بل بعنوان عدم القدرة على إيجاد أسس مناسبة ممكنة للدراسة أو الفهم كونها تحتاج إلى أمثلة ومعايير ومقاسات محالة أن يتصورها أو يستحضرها العقل البشري على سعة ما يمكنه أن يفعل، كوصف الله أو تحديد ماهية للذات المقدسة أو كيفية النشأة والتكوين والكثير مما لا يمكن حتى تصوره ذهنيا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار صامت 33 الأخير
- حوار صامت 32
- بين الحرية السياسية وحقوق الإنسان نقتل مرتين
- صوت الصمت العالي
- حوار صامت 31
- حوار صامت 30
- حوار صامت 29
- حوار 28
- حوار صامت 27
- زهرة مدائن النور
- حوار صامت 25
- حوار صامت 26
- حوار صامت 24
- حوار صامت 23
- نستنسخ خيبتنا لنموت
- حوار صامت22
- حوار صامت21
- حوار صامت 20
- حوار صامت 19
- حوار صامت 18


المزيد.....




- اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في ...
- هيئة معابر غزة: معبر كرم أبو سالم مغلق لليوم الرابع على التو ...
- مصدر مصري -رفيع-: استئناف مفاوضات هدنة غزة بحضور -كافة الوفو ...
- السلطات السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق ...
- ترامب يتهم بايدن بالانحياز إلى -حماس-
- ستولتنبرغ: المناورات النووية الروسية تحد خطير لـ-الناتو-
- وزير إسرائيلي: رغم المعارضة الأمريكية يجب أن نقاتل حتى النصر ...
- هل يمكن للأعضاء المزروعة أن تغير شخصية المضيف الجديد؟
- مصدر أمني ??لبناني: القتلى الأربعة في الغارة هم عناصر لـ-حزب ...
- هرتصوغ يهاجم بن غفير على اللامسوؤلية التي تضر بأمن البلاد


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير الوعي.