صباح ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5368 - 2016 / 12 / 11 - 16:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يُعرّفْ القانون الطبيعي او الفيزيائي: انه الانتظام و التناسق في الطبيعة ، وهذا التناسق و التصميم البديع يشير الى وجود مصمم عاقل وذكي للطبيعة و هو من صمّمَ قوانينها . فانتظام حركة دوران الارض حول نفسها و حول الشمس ، و انتظام حركة الكواكب والاقمار في الكون في افلاكها و وجود الطاقة الحرارية و الاشعاعية في مجرات الكون و النجوم ووجود الشحنات الكهربائية الموجبة المخزونة في البروتونات والسالبة في الالكترونات، و حركة الالكترونات حول نواة الذرة تدل على وجود من صممها و حدد حركاتها و مساراتها و مقدار شحناتها .
كل ذلك و غيره هوالبرهان على وجود المصمم الذكي ، وهو من جعل كل الموجودات المادية و الموجات الاشعاعية و الضوء في الكون منتظمة بقوانين دقيقة لا تتغير . ويمكن التعبير عنها بمعادلات و صيغ قوانين رياضية .
لابد ان العقل و المنطق يسأل هنا من وضع تلك القوانين الدقيقة الغيرمتغيرة ومن يتحكم بها وبثباتها ؟
الجواب المنطقي الوحيد هو انه المصمم الذكي الذي خلق الكون و موجوداته من نجوم و مجرات و كواكب واقمار و صممها لتعمل بقوانين دقيقة لا تتغير وضبط حركاتها في مسارت محكمة .
انه الاله الخالق القدير الحكيم .
ومن المستحيل ان يكون كل شئ منتظم مقيد بقانون رياضي ناشئ من بناء عشوائي غير منضبط وغير منتظم .
الكثير من اساطين و علماء الفيزياء الحديثة يقرّون بوجود الاله الخالق للكون ، وانه من وضع هذه القوانين الفيزيائية و التي يُعبر عنها بالمعادلات الرياضية .
اكبر عبقري في الفيزياء البرت انشتاين قال : اريد ان اعرف كيف خلق الاله الكون ، اريد ان اتعرّف على افكار الاله ، والباقي سيكون تفاصيل مكملّة .
يفسّر انشتاين قابلية الانسان لمعرفة الاله بطفل صغير دخل مكتبة مليئة بألاف الكتب والمجلدات المكتوبة بلغات عديدة ، لكنه لا يفهمها ولا يعرف ما بداخل تلك الكتب من معلومات و لايفهم لغاتها، لكنه يعرف تماما و يؤمن ان هناك من قام بتأليف تلك الكتب و رصها بانتظام في رفوف المكتبة .
هكذا نحن البشر كلنا كهذا الطفل الصغير ، لا يمكننا ان نفهم قدرة الاله و امكانياته الغير محدودة لاننا لا نقدر ان نمتلك و نحن بعقلية الطفل عقلية وحكمة من الف تلك تلك المجلدات .
فكيف نقارن انفسنا بالاله و نريد ان نفهم من يكون وكيف خلق الكون ؟
بهذه الصيغة يفسر لنا انشتاين كيف يريد البشر و العقلاء ان نتحدى الاله الخالق و نعرف طبيعته وقدرته . ونحن لا نعرف من يكون ، لأننا من صنع يديه و جزء من خليقته العظيمة . فشكرا له لأنه اعطانا العقل لنفهم الجزء القليل من قوانين الطبيعة التي خلقها و صممها باروع ما يكون التصميم الذكي . و اعطانا القدرة لنستدل على وجوده و عظمته من مخلوقاته ، ولكوننا صنيعته فلا نستطيع ان نفهم كل افكاره والقوة الخفية التي تحيط به .
يؤمن انشتاين بوجود اله غير مادي متمثلا بقوانين الطبيعية. ولكنه ليس هو الطبيعة . ولابد للانسان ان يكون متواضعا ولا يقارن عقله بعقلية الاله الجبارة ليعرف من يكون هذا الخالق العظيم وما هي قدرته وحكمته .
اذا لابد ان يؤمن الانسان بخالق مطلق العلم ، مطلق القدرة لا يحده زمان و لامكان .
ليس انشتاين وحده من يؤمن بالاله وعظمته وحكمته ، بل اساطين علماء الكوانتم (جزيئات الذرة وقواها المغناطيسية والكهربائية ) يشاركونه الراي والايمان نفسه . فهم يؤيدون خلق الكون من العدم وانتظامه بقوانين رياضية ثابتة ، لكن لابد من وجود مصمم ذكي وخالق له ضابطا الكل بقوانين ثابتة .
لابد ان يفسر لنا الملحدون والماديون والناكرون لوجود الاله الخالق ، كيف نشعر بالبهجة والحزن ، نفرح بجمال الطبيعة او ننزعج من قباحة الروائح النتنة او تتقزز النفس من منظر الجثث و القاذورات . من يتحكم بهذه المؤثرات النفسية والمشاعر و من اوجد العواطف والحب و الحنان و الامومة والرغبات الجنسية و غريزة الخوف والدفاع عن النفس لدي البشر و الحيوانات الاخرى ؟
هل الطبيعة تفهم بواطن النفس و غرائزها واحاسيسها ؟
ام الاله الذي خلقها اوجد فيها تلك الاحاسيس لتكتمل خليقته باحسن تصميم ماديا و حسيا ؟
يقول مؤسس علم الكوانتم ماكس بلانك : " لايمكن ان نجد تعارضا حقيقيا بين العلم و الدين ، فكلاهما يكمل الآخر . ان كلا من العلم والدين يحارب في معارك مشتركة لا تكل ، ضد الادعاء والشك والتسلط والالحاد ، من اجل الوصول الى معرفة الاله .
ويقول بول ديراك (من كبار مؤسسي علم فيزياء الكم) :
" ان الاله خالق حسيب ، استخدم ارقى مستويات الرياضيات في تصميم الكون ، و وضع قوانينه " .
اما عملاق الفيزياء المعاصرة ستيفن هوكنج ، فيقول في كتابه ( تاريخ موجز للزمن ) : " اذا توصلنا الى النظرية الجامعة ، فأنها ستمكن كل من العلماء و الفلاسفة ، بل الناس العاديين ، من فهم بعض الجوانب عن الحكمة من وجود الكون و وجودنا. واذا عرفنا ذلك ، فسنكون قد عرفنا كيف يفكر الاله " .
يقول عالم البيولوجيا تشارلس داروين صاحب نظرية التطور و الذي اتهم كثيرا بالالحاد في سيرته الذاتية ما يلي :
" من الصعب جدا ، بل من المستحيل ، ان نتصور ان كونا هائلا ككوننا ، وبه مخلوق يتمتع بقدراتنا الانسانية الهائلة ، قد نشأ في البداية بمحض الصدفة العمياء ، أو لأن الحاجة أم الاختراع ، وعندما ابحث حولي عن السبب الاول وراء هذا الوجود ، اجدني مدفوعا الى القول لمصمم ذكي . ومن ثم فاني اؤمن بوجود الاله ."
لابد ان نتسائل :
من وضع الشحنات الكهربائية السالبة في الالكترون والموجبة في البروتون ؟
من جعل عدد البروتونات في نواة ذرات كل العناصر الكيميائية في الكون مساويا لعدد الالكترونات التي تسبح خارج النواة بسرعة ثابتة ؟
من خلق الجاذبية لكل كتل المادة الموجودة في الوجود و اعطاها خاصية التجاذب الطردي فيما بينها و العكسي لمربع المسافة بينها ؟
من جعل كل مادة الكون تتصرف بطريقة متشابهة في التجاذب ؟
اليس هذا دليلا ان هناك الها يضبط ايقاع كل شئ في الوجود لأنه الخالق المبدع والمصمم الذكي الحكيم ؟
يقول الفيلسوف العظيم ريتشارد سوينبرن : " ان افضل تفسير لهذا النظام هو وجود الاله الحكيم القادر الذي تصفه الاديان السماوية ."
يقول الفيزيائي الكبير فيرنر هيزنبرج صاحب مبدأ اللاحتمية و الارتياب : " كنت طوال حياتي مدفوعا الى تأمل العلاقة بين العلم و الدين ، ولم اجد في اي وقت مهربا من الاقرار بدلالة العلم على وجود الاله " .
وخير ما اختم به مقالي هو ما كتبه الملحد السابق و المؤمن لاحقا الدكتور عمرو شريف مؤلف كتاب رحلة العقل الكلمات التالية :
" بالرغم من اني كنت من قبل من المعترضين بشدة على ان دقة التصميم تشير الى وجود الاله ، فان اعادة النظر في البرهان وفي اسلوب الاستدلال الفلسفي به ، اوصلني الى الاقرار بوجود اله حكيم خالق " .
انه الله ضابط الكل وخالق السماء و الارض و كل موجودات الكون و ما فيه من احياء و جماد .
------------------------------------------------
المصدر
رحلة العقل - د.عمرو شريف
#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟