أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - حلب الشهباء التي أحببت














المزيد.....

حلب الشهباء التي أحببت


عبدالرازق مختار محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5354 - 2016 / 11 / 27 - 21:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ساقتني أقداري الطيبة إلي سوريا الحبيبة قبل بضع سنوات، وكانت الوجهة إلي حلب الشهباء، ومنذ أن وطأت قدماي أرض المطار، تلقفتني أيادي دافئة تقطر كرما، وعروبة، وأصالة، ورقياً، يشهد الله أنني ما وقعت عيناي علي موطن إلا والشعور يغمرني بدفء عجيب، فما شعرت إلا بأنني في بلدي، وبين أهلي.
في جامعه حلب وتحديدا في كليه الهندسة الكهربائية حيث المؤتمر الدولي للمعلوماتية الذي شرفت بتقديم بحث فيه عن التعليم الإلكتروني قضيت معظم الساعات هي هي المدرجات والقاعات ذاتها، هي العقول ذاتها التي قارعتها في مصر، وفي السعودية، وفي السودان، وفي لبنان، ومن الأردن، ومن اليمن، ومن الكويت، ومن عمان ...، هي البسمة نفسها التي يعلوها الشموخ.
في قلعه حلب الشامخة، وهى إحدى أقدم وأكبر القلاع في العالم، يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث مرت بالعديد من الحضارات بما في ذلك الإغريق والبيزنطيين والمماليك والأيوبيين، بينما يظهر أن أغلب البناء الحالي يعود إلى الفترة الأيوبية، في هذه القلعة تشعر أنك في قلعة صلاح الدين هو الشموخ ذاته، وكذلك هو الصمود، بل هي الخضرة عينها المخترقة قسوة الصخور، وعنفوان الجبال.
في جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي في حلب، وهو أكبر وأحد أقدم المساجد في المدينة، وهو يقع في حي (الجلوم) قرب سوق المدينة القديمة التي أدرجت على قائمة مواقع التراث العالمي لدى اليونسكو عام 1986، في الجامع يوجد ضريح النبي زكريا؛ ولهذا يطلق أهالي حلب على الجامع اسم جامع سيدنا زكريا، وعلى مقربة من الضريح كان مكاني في صلاة الجمعة، حيث تعلقت عيناي علي ذاك المنبر الضارب في جذور التاريخ، المحلق في سماء المجد، سمعت أذناي كلمات حادة من صوت شديد الوضوح مثقف، عميق الفكر، بادية منه رائحة الأزهر الشريف، وبعد الصلاة سألت لماذا كان يمسك الإمام بسيف في يده، وهو يلقي الخطبة؟ فقالوا: تلك عادة من زمن قديم، وقلت: هو رمز الرباط لاسترداد الحقوق في نفوس الشعوب.
وبعد الصلاة تجولت في سوق المدينة ما أروع تلك الرائحة المتفجرة من كل المكان خليط من البخور، والعطور، وأنفاس طاهرة من نفوس مقبلة على الحياة، حاملة جينات الإسلام الدعاية إلى السماحة في البيع والشراء، المتمثلة تبسمك في وجه أخيك صدقة، العاملة بأن المؤمن هين لين هش بش، ولم أنسى وأنا في طريقي للعودة أن أشتري الصابون والزعتر الحلبي الذي ما زلت أشم رائحته إلى اليوم.
في تلك الأيام أجريت حوارا تليفونيا فسألني المذيع كيف هي حلب؟ فقلت له علي الفور: الهواء هو الهواء، والوجوه هي الوجوه، الأحجار تخبرك بأنها الأحجار ذاتها، حتى دوران الطرقات كأنه هو، حتي تلك الكتابات على الجدران هي هي الكتابات؛ ولكن بتنسيق وجمال وهدف وراء الكلمات، فما توجهت إلي مكان وما زرت موطنا إلا ونفسي تحدثني أننا جمعيا خلقنا؛ لنكون كيانا واحدا.
واليوم وعندما تطالعنا الأخبار، وتلمح عيناي بقايا تلك الأماكن التي شعرت فيها وبها بأنني في بيتي، وقد مزقتها الحرب، والتهمتها البراميل المتفجرة، ودمرتها العربات المفخخة، وسوتها بالأرض تلك الطائرات الفاجرة، عندها يتمزق قلبي، ويتسابق الدمع قبل صوتي بأن يكتب الله لحلب الشهباء أن تعود كما أحببت بذات الهواء النقي، والوجوه الطاهرة، والنفوس الأبية، وأن يكتب لي زيارة أعاود فيها تذكير نفسي بأن وطننا واحد، وهدفنا واحد، ومصيرنا واحد.



#عبدالرازق_مختار_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل تحترق وماذا بعد ؟!!
- ما وراء مباراة مصر وغانا
- المرضى لا يعرفون
- شد السيفون ولا تخجل
- مفتون أصابته دعوة سعد
- اسم الآلة
- للاحتكار وجوه أخرى
- للشعب إعلام يلهيه
- لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة
- وزارة واحدة تكفي
- المسئول الفقاعة
- أُريد: منصة عربية في زمن التغريب
- لا تقف على ظل المعلم
- لأننا فقراء ننفق على التعليم
- ودقت أجراس الضغط النفسي
- أمة بلا أهداف سفينة بلا رُبّان
- خدعوك فقالوا ثروة
- معوقات تطوير التعليم في وطننا العربي
- تسريع القراءة في عصر التكنولوجيا
- أطفالنا أكبادنا في أحضان الشاشات


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - حلب الشهباء التي أحببت