أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - المسئول الفقاعة














المزيد.....

المسئول الفقاعة


عبدالرازق مختار محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 14:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شاعت في الآونة الأخيرة أنماط جديدة من المسئولين، فقديما كنا نتعلم عن المسئول القائد، والمتسلط، والمخطط، والملهم، والاتكالي، والديمقراطي، إلى غير ذلك من الأنماط .
أما اليوم فأصبح السائد هو المسئول الفقاعة، وهو مسئول يمارس مسئولية محدودة في إدارات صغيرة، في السلم الإداري، فغالبا تجد فوقه العديد من المسئولين الأكبر منه حجما، وقدرة، ومسئولية؛ إلا أنه يشعر متوها أن له دورا أو حجما أو حيزا.
وفقاعة الصابون فهي عبارة عن طبقة رقيقة من ماء الصابون لها شكل كروي وسطح متقزح أي يعكس ألوان قوس قزح المختلفة باختلاف الزاوية التي يرى منها السطح. تدوم فقاعات الصابون لبضع لحظات قبل أن تفقع، إما من تلقاء نفسها أو نتيجة ملامستها لجسم صلب. كما تعد عملية نفخ فقاعات الصابون من الألعاب المحببة للأطفال.
أما علماء الفيزياء فيذكرون أن الفقاعات، تتكون، وتتجمع، في أشكال كروية، لأن تلك الأشكال يمكن تكونها عند حالة ذات طاقة أقل. والفقاعات تحكمها قوانين فيزيائية صارمة ومعقدة. فعلى الرغم من أن شكلها كروي، وتمتلك أقل طاقة ممكنة، إلا أنها عند تجمعها وضغطها، تحاول أن تحافظ على الشكل الكروي، وفي حال زيادة الضغط الواقع عليها وللوصول إلى الحالة الأقل طاقة، فإنها تنبعج نحو الداخل ليصبح مجموع سطوحها أقل ما يمكن.
وخبراء الاقتصاد يعرفون الفقاعة الاقتصادية بأنها: ظاهرة تبدأ بتوسع سريع في السوق يليها انكماش حاد فيه، تتميز الفقاعة بارتفاع أسعار الأصول لتتجاوز قيمتها الأساسية بهامش كبير، وتستمر في الارتفاع حتي تصل إلى نقطة السقوط الحر يتبعها انفجار الفقاعة، وغالبا ما تحدث في قطاع معين من قطاعات السوق.
أما علماء الطب فيعرونها بأنها: النفطة أو البثرة أو الفقاعة وهي جيب من السائل يتكون تحت بشرتك، وتنجم عادة عن الاحتكاك أو الفرك، أو الحرق أو التجمد، وقد تكون مؤلمة خصوصا عند الضغط عليها بقوة، وللتخفيف من خطر الالتهاب حاول عدم لمس الجيب، فالجلد غير المتشقق فوق الفقاعة يوفر حاجزا طبيعيا ضد البكتيريا لا تثقبها إلا إذا أصبحت مؤلمة جداً أو منعتك من المشي أو استعمال يديك. ولعلاج الفقاقيع في المنزل، تفادي مصدر الاحتكاك والفرك.، وحماية الإصابة إلى أن يتاح لبشرتك الوقت للشفاء.
ومما سبق وعند كاتب المقال فالمسئول الفقاعة: هو ذلك الهواء الفارغ المحلق في سماء الفراغ، المتوهم عظم الدور، المتخيل كبر الحجم، الساعي لعبادة المسئول الأعلى، الناظر باحتقار إلى من يعلوهم في الفراغ.
هو ذلك المسئول الذي يتصور أن السير على جثث السابقين هو انطلاقة حرة في طريق المستقبل الوعود.
الذي يتصور أن منصات الإعلام الزائف هي المعامل الحقيقية لتجارب نحاجه الوهمية.
الذي يتصور أن تسويق الوهم هو التاريخ الحقيقي الضارب في جذور الواقع.
الذي يتصور أن (البكش ) هو السلعة الرائجة في بورصة الإنجازات الفارغة.
الذي يتصور أن كلمات المديح الزائفة لمقعده الخرب هي صكوك اعتراف راسخة في ديوان إعجازه الفكري.
الذي يتصور أن وهم المخادعين هو الحقيقة المطلقة التي رسخت في وجدان المعجبين.
هو المسئول الذي يهلل لسقطات المحيطين حتى لو كانوا مقربين أكثر من تركيزه فيما يقدم من إنجازات لمن تولي عبثا أمرهم.
الذي يتوهم أن بث الاشاعات هي سلاح فتاك في مواجهة من يتوهم أنهم يرضون به عدوا.
هو المسئول الذي باع كل شيء في سبيل مقعده العفن: باع كل قيم ما كانت بحوزته، كل أخلاق ما اكتسبها، كل سيرة ما كانت عطرة، كل سمعة ما كانت حسنة، ومكانة أبدا ما كانت مرموقة، باع كل ذلك ويزيد من أجل أن يصبح وهما مسئولا فقاعة.
أيها المسئول الفقاعة عاود النظر في المرآة سوف تشاهد فقاعة من سماتها الواضحة لك قبل غيرك: أنها خالية من الجذور، يتقاذفها أصحاب القلوب السوداء، والرؤوس الخالية من كل شيء إلا الشر، والحقد الدفين على ماض كانوا فيه من العبيد، والمستخدمين، والراشين، المرتشين.
هي فقاعة في الهواء بلا وزن، وفي الماء تسير على غير هدى، وبين الأيدي بلا حجم، وعند الأطفال ألعوبة، وعند الكبار أضحوكة، وهي في عين الناظرين قرين الفراغ.
أيها المسئول الفقاعة:
عش ما شئت مختالا بفراغك، منفوخا بوهمك، متعاليا بوهنك، متبخترا بهشاشتك. نعم عش ما شئت لأنك فقاعة في ثنايا تكوينها كتب الاختفاء، وفي جدان بنائها كتب الانتهاء، وعلى أعتاب غلافها سطر التلاشي، ولأنها فقاعة فقد أنشئت بلا هدف، وقامت على عجل، لا يعلم لوجودها سبب، ولا يذكر لاختفائها مبرر، هي رحلت مهما علت، وانتهت مهما انتفخت، وتلاشت مهما بعدت.
أيها المسئول الفقاعة يكفي لك وصفا أنك فقاعة، وأعلم أن هذا المقال لو شعرت أنت وفقاعاتك الصغيرة التي تحيط بك أنه يشير إليك، وأن هذه الكلمات تلمح لك، أو أن هذا الخطاب موجه إليك، يا من لست عزيزي فورا تأكد أنك مسئول فقاعة، وإن تخليت وهما أو كبرا أنها ليست لك، وأنك أكبر من الفقاعة، فتأكد فورا أنك أيضا مسئول فقاعة.
وأخيرا وفي الأوقات التي تكثر فيها الفقاعات يخيل لكل فقاعة أن لها فائدة، ولكنها عندما تتلاشي حتما، لا أعلم أحدا بكي يوما أو ندب حظه؛ لأن هنا كانت فقاعة.
نسأل الله الكريم في هذه الأيام المباركة، أيام القدرة والاقتدار أن يرسل، ريحا غابرة محملة بالرمال والأتربة، تعقبها أمطار نادية، تسحق معها وبها كل كل الفقاعات.



#عبدالرازق_مختار_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُريد: منصة عربية في زمن التغريب
- لا تقف على ظل المعلم
- لأننا فقراء ننفق على التعليم
- ودقت أجراس الضغط النفسي
- أمة بلا أهداف سفينة بلا رُبّان
- خدعوك فقالوا ثروة
- معوقات تطوير التعليم في وطننا العربي
- تسريع القراءة في عصر التكنولوجيا
- أطفالنا أكبادنا في أحضان الشاشات


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - المسئول الفقاعة