|
ايها الرئيس رأسك تحت رحمتي
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5345 - 2016 / 11 / 16 - 12:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أيها الرئيس رأسك تحت رحمتي شوقية عروق منصور أصابعه تحطم الاسوار المحيطة والهالة المخيفة ، يقتحم غابة الشجاعة بجرأة مذعور شعر أنه تورط في لحظة ، فسقط في بحيرة العسل التي قد تتحول الى بحيرة كبريت لا يستطيع الفرار منها ، الموت امامك ، خلفك ، يزنرك من كل الجهات ، هذا هو قدرك . يبدأ رحلة الخوف فوق الشعر والدقن ، وبين المقص والموس الحاد تكون مسافة الغيمة ، هل ستمطر دماً أم عطراً ، حباً أم كرهاً ، غطرسة أم تواضعاً . كنت دائماً أتساءل عن الحلاق الذي يقص الشعر ويحلق ذقن الزعيم ، الحاكم ، الملك ، الرئيس ، الحاكم ، عن علاقة الأصابع بهذه المسافة القصيرة التي قد تؤدي الى الخلاص ، عن القرب لدرجة الذبح والطعن تجعلنا نسأل بحذر الى أي حد كانت شفرة الموس تتوهم أنها تستطيع ذبح العنق ، أو كان رأس المقص يتسلل تحت معزوفة الطقطقة الى الصدر، فيغرس في خانة القلب الذي يخون يومياً المبادئ التي كانت يوماً تخرج من هناك على سلالم لسانه . قد يقوم الحلاق بواجب الثورة وتخليص الشعب من حاكمه، لكن لم نسمع عن حلاق أنهى حياة حاكمه بقدر ما سمعنا اسراراً تفيض على ارصفة الثرثرة التي تزيد من توهج الحاكم . صوراً عابثة في زمن عبثي ، لكن حقاً ليس من تأثير الأقلام الخيالية ، أو هي جزءاً من انتقام لقهر توحش الى حد التخيل ، لكن كان سؤالاً يطوف في الذهن عندما أرى الرئيس أو الملك أو الحاكم مصففاً شعره – الشعرة على الشعرة - وذقنه تلمع في الوقت الذي قراراته وتصرفاته وخطاباته وأفعاله مظلمة وظالمة ، ولا تتأثر تسريحة شعره برياح الحرب ولا تتلوث بالدم ، والادهى صبغ الشعر باللون الأسود حتى تبقى روح الشباب مشتعلة في الشعر ، أما داخل الرأس فكل شيء منطفىء حتى سراديب الإنسانية قد كسرت الأضواء وأغلقت الأبواب . كان بعض حلاقي الملوك في أوروبا أيضاً يعملون الى جانب الحلاقة أدوراً عدة ، منها الجاسوسية والتهريج والترفيه عن الملك ، ومنها الطبابة والعلاج . ويقال أكثر شخص يعرف حقيقة الحاكم والملك هم خدمه والعاملين في قصره ، لأنهم يرونه في كافة صوره العادية البعيدة عن البريق الإعلامي والصور المزخرفة والديكورات الجميلة ، واذا كان الفلم المصري " طباخ الريس " جاء ليلقي الظلال على حياة رئيس يعيش بين رجال يزيفون له الواقع البائس ويقدمون له التقارير الكاذبة ، ويكتشف من خلال الطباخ أنه لا يعرف شيئاً عن شعبه ، وأن الطباخ كان دليله الى الحقيقة ، وقد هاجم الاعلام هذا الفلم بحجة أنه يريد تبرئة مبارك ، كأن الريس في الفلم هو فعلاً مبارك. استيقظ الشعب الفرنسي على وسائل الاعلام التي نشرت أخبار حلاق الرئيس الفرنسي " هولاند " الذي يتقاضى عشرة الآف يورو، هذا المبلغ الباهض ، وقد صرح قصر الأليزيه بأن الحلاق يصفف شعر هولاند كل صباح وقبل كل ظهور علني له ، كما أنه يرافق الرئيس في سفرياته ، وأنه ملزم بالحفاظ على السرية . وقبل عدة أيام خرج حلاق الرئيس " ياسر عرفات " أنور محمد بكير ، عارضاً بعض الصور التي تجمعه مع الرئيس عرفات مع بعض الذكريات ، وقد أعلن أنه قام بتصفيف شعر أبو مازن. ولم يعلق شيئاً كأنه نذر نفسه للصمت . والحلاق " محمود لبيب" حلاق الرؤساء في مصر ، قال أن الريس حسني مبارك صموت لا يتكلم ، يبقى صامتاً ، بينما السادات كان يهدد ويتوعد ويشتم الشعب ، عندما اندلعت" انتفاضة الحرامية " كما أطلق عليها السادات عام 1977 بعد اصدار قرارات رفع أسعار بعض السلع الأساسية ، وكانت ملاحظته أن السادات لم يصبغ شعره أبداً ، مع أننا نعرف ان السادات قد صبغ الثورة المصرية وشخصية جمال عبد الناصر باللون الأسود . أما الرئيس جمال عبد الناصر فقد كان يسأله عن أولاده وتعليمهم ، المرة الوحيدة التي خالف فيها " الريس" عندما طلب منه قص سوالف أبنه خالد ، لكن خالد رفض ووقف الحلاق الى جانب ابن الريس . وقبل سنوات توفي الحلاق "محمود لبيب" وقد كتبت الصحف أنه كان خزانة اسرار جمال عبد الناصر وقد رفض الحديث عن الاسرار رغم الإغراءا ت المادية . نسمع عن الحلاقين الذين يرافقون الفنانين والمشاهير ، لكن أشعر أن حلاقي الرؤساء والزعماء والملوك لهم الوضع الخاص ، لأنهم وحدهم يملكون رؤوس ورقاب هؤلاء في لحظات خارجة عن زمنهم ، زمن القوة والتهديد والعجرفة ، الزمن الذي يملكون فيه رقاب ورؤوس العباد ، فهل نسمع عن حلاق يخلصنا من بعضهم ، او يجرحه حتى يشعر بألم الشعب الذي يجرحه ويطعنه يومياً .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاقي زيك فين يا علي
-
رسائل الحب في زمن الجفاف
-
الثقافة لا تعرف ميري ريغيف
-
الطفل خالد الشبطي يركب الطائرة مع ليلى خالد
-
ما زالت ذاكرتي في حقيبتي
-
الفن يزدهر في تربة السياسة
-
صورة سيلفي مع ثور وكوز صبر
-
نساء -داعش - بين فتنة السلاح والنكاح
-
الموت غرقاً ورائحة الخبز أبعدت زكية شموط
-
غزة انتصرت لكن ما زال دلو الركام في عملية خنق الرقاب
-
عن غزة وجيش المفاجيع بقيادة نانسي واحلام ووائل كفوري
-
في غزه الوقت من دم
-
التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون
-
ابو مازن في غرفة مغلقة والستائر سوداء مسدلة
-
الجريمة والعقاب
-
يهوشوع بن نون يجلس في حضن المهندس الفلسطيني..!
-
امريكا الأمير ونحن حذاء السندريلا
-
تعالوا نسافر بلا عودة..!!
-
-غندرة مشي الفدائي غندرة-..!!
-
حملة -اخبر ابنك- امام حملة -أنجب ابنك- رغم القضبان
المزيد.....
-
جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك
...
-
احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي
...
-
هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام
...
-
الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست
...
-
استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ
...
-
-رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
-
روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
-
رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
-
هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|