أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فادي عميره - عالميّة الأزمة والثورة














المزيد.....

عالميّة الأزمة والثورة


فادي عميره

الحوار المتمدن-العدد: 5309 - 2016 / 10 / 9 - 22:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


شهدنا في الأعوام السّابقة –ولا نزال- أزمات إجتماعيّة متلاحقة في مناطق مختلفة من عالمنا، خصوصاً في المنطقة العربيّة التي تشهد مآسٍ قاسية ومؤلمة تمثّلت بإنهيارات إقتصاديّة وإجتماعيّة أسقطت مؤسّسات حكم مستبدّة، وأدخلت بلداناً في فوضى كارثيّة من قتل ودمار ولجوء بالملايين. إلى جانب ذلك، تعاني شعوبٌ بأكملها في العالم من الفقر والجوع وتفشّي الجهل والأوبئة. بالإضافة للإنهيار البيئي الذي لا نعرف إلى أي مدى ممكن أن تمتد حدوده، وبات يهدّد وجود الجنس البشري وحضارته، بل والحياة بأكملها على كوكبنا. إن الذي يجري في المنطقة والعالم اليوم ليس سوى البداية، وهو ينذر بمستقبلٍ مظلم.

الأزمة العالميّة هذه تؤكّد على فشل المنظومة الحاكمة في إدارة العالم وحل مشاكله. لقد أدخلت الأزمة التي تمر بها هذه المنظومة، وعلى رأسها المؤسّسة الماليّة، العالم بأسره في أزمة عميقة تبدو تجليّاتها واضحة في كل مكان تقريباً. قد تبدو هذه الحوادث منفصلة، لكنها في الحقيقة إنهيار شامل للنّظام القائم ومنظومة القيم والمفاهيم التي حكمت الوعي البشري على مدى التاريخ.

منذ قرون والمؤسسات الدينيّة تعمل من أجل الهيمنة على المجتمعات البشريّة، من خلال تزييف الوعي عبر زراعته بأوهام وخرافات بالية لا أساس لها في الواقع، ومن خلال فرض سيطرتها النفسيّة على الناس عبر التحكّم بغرائزهم وتقنين العلاقات الإنسانيّة وإغراقهم في تفاصيل القوانين والطقوس الدينيّة، واستغلال خوفهم من المجهول. هذه الأوهام والأدوات التي تستخدمها هذه المؤسسات أدّت لوعي فَصَل الإنسان عن الطبيعة الأم، ومن ثم فرّق بين البشر وقسّمهم. وهو ما يناقض حقيقة علميّة ثابتة، وهي أن البشريّة عائلة واحدة، تنحدر من فصيلة الثديّات، وتتشارك كوكباً واحداً تترابط فيه مع بقيّة الحيوانات والنباتات. لقد عملت هذه المؤسسات على خلق مجتمعات مفصومة عن واقعها وغير واعية به.

لاحقاً، استقلّت هذه المؤسّسات عن الحكم المباشر للشعوب، وخضعت للمؤسّسة السياسيّة، أو الدولة، التي إستخدمت الدين للسيطرة على عقول الناس وترويضهم واستغلالهم من أجل مصالح فئويّة. عملت المؤسّسات السياسيّة، عبر أنظمتها التعليميّة وأجهزتها الإعلاميّة، إلى خلق وهم "الوطنيّة" الذي يتناقض أيضاً مع حقيقة وحدة العالم وترابطه الطبيعي. الوطنيّة ليست سوى وهم لتكريس العبوديّة والخضوع للسلطة السياسيّة الحاكمة.

أخيراً، قامت المؤسسات الماليّة الرأسماليّة العالميّة على إخضاع الدول، وسيطرت على الإقتصاد العالمي وهيمنت على ثروات الكوكب. حدث ذلك عبر اختراع نظام مالي معقّد في ظاهره، وفاسد في باطنه، قائم على الدّيون والرّبح، وقيم المنافسة والمُلكيّة، التي تتناقض مع القيم الطبيعيّة من مشاركة وتعاون، من أجل استعباد المجتمعات واستغلال قوّة عملها. لقد قامت المؤسّسات الماليّة بإغراق المجتمعات والدول بدوّامات من القروض، أدّت إلى استعباد العالم أجمع من أجل مراكمة الثّروات بأيدي طغمة ماليّة مريضة.

لقد عمل النّظام القائم على الملكيّة والرّبح والمنافسة على تبرير وتضخيم الأنانيّة والمصلحة الشخصيّة ونشر الكراهيّة وعدم الثّقة على حساب التعاون والمصلحة العامة واحترام قوانين الطبيعة. كما أدى إلى استغلال كل شيء إلى حد استنزافه، وخلق مشاكل الفقر والتلوّث والجرائم والحروب.. ويبدو أن جشع الطغمة الماليّة العالميّة هذا لن يتوقف حتى ولو أدّى إلى دمارٍ شامل للعالم. ومن أجل تقبّل هذا الجنون، قامت المؤسسات السياسيّة والدينيّة بالتحالف مع قوى المال بتحضير مجتمعات خاضعة. حيث أن تقبّل هكذا نظام يتطلّب عقولاً مشوّهه ومُطيعة.
هذه هي مؤسّسات السّلطة الهرميّة التي تحكمنا اليوم عبر نظام عبودي شامل ممتلئ بالكذب والزيف، وتنتهك حقوقنا الطبيعيّة في العيش بحرية وكرامة، وتتناقض عميقاً مع الحقيقة. هذه المنظومة السلطويّة هي التي تتحمّل المسؤوليّة الكاملة عن تدهور العالم والأزمات التي يمر بها، وهي التي تسعى الشعوب إلى التخلّص منها عبر ثورات متخبّطة.

إن المطالبة بالمزيد من الديمقراطيّة وانتخاب حكومات غير فاسدة، ورفع المستوى المعيشي ليست سوى أوهام لن توقف من تدهور عالمنا، ولن تحل أو تغيّر بالوضع القائم. إن أصل الفساد والأزمة الراهنة والإستبداد ليس في الأشخاص الذين نختارهم لقيادة الحكومات، بل هو في طبيعة النظام نفسه المناقض للطبيعة البشريّة. والتغيير الحقيقي يتطلب إقامة نظام عالمي جديد قائم على قيم مختلفة، ومنسجم مع قوانين الطبيعة.

الموارد المتوفّرة، المنهج العلمي والتكنولوجيا هي مفاتيح العالم البديل. فعلى كوكبنا ما يكفي من الموارد لسد إحتياجات كل البشر. ولدينا من التكنولوجيا ما يمكّننا من إدارتها، وتحرير الإنسان من العمل القهري، وإنتاج ما نحتاج إليه بأعلى كفاءة ممكنة بواسطة الآلات. ونملك المنهج العلمي الذي من خلاله نستطيع حل أية مشكلة نواجهها وتطوير ما لدينا باستمرار. الوضع لم يعد يحتمل الإستمرار بنفس طريقة حياتنا، لم يعد هناك مبرّر للعمل المأجور والمال والديون والسيطرة وتقسيم العالم وتدمير البيئة من أجل الإستمرار، فكل ما نحتاج إليه متوفر حولنا.
الشّرط الأساسي لتحقيق التغيير هو أن نبدأ به بأنفسنا من خلال فهم الواقع المهترئ الذي نعيشه، والتخلّص من القيم السلطويّة والرأسماليّة المزروعة عميقاً في نفوسنا، ومن كل أوهام وأوساخ الماضي التي شوّهت عقولنا، والعودة إلى الطبيعة واحترام قوانينها. التّغيير الذي نحتاجه يجب أن يقضي على جذور الأزمة، ويستند على مفهوم وحدة العالم وترابطه وقيمة التشارك بدلاً من تقسيمه على أسس وهميّة. نحن نعيش في عالم واحد مترابط، السلطة الوحيدة الشرعيّة فيه هي للطبيعة وقوانينها.



#فادي_عميره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الوعي والثورة
- السّلطة وعقليّة المؤامرة
- الثورة السورية.. فرز عقلي وأخلاقي للنخب
- نحو تجذير الثورة المصرية
- دور القوى اليسارية والنقابات العمالية مابعد الربيع العربي
- المنطق والأخلاق في الموقف من الإنتفاضات الشعبية
- الماركسيين العرب: إنحراف عقول، وحالة إنفصام


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فادي عميره - عالميّة الأزمة والثورة