أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فادي عميره - نحو تجذير الثورة المصرية















المزيد.....

نحو تجذير الثورة المصرية


فادي عميره

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 20:04
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


خرج عشرات آلاف الشباب المصري الواعي لأزمة المجتمع، كطليعة ثورية، ساعيةً لتغيير النظام المصري، بإيحاء وتأثير وتحفيز مباشر لهم من ثورة تونس ونجاحها في تفكيك النظام التونسي. تبع هؤلاء الشباب مئات الآلاف من المصريين الذين خرجوا لشوارع المدن والمحافظات، بدافع من قهرهم وفقرهم المتراكم لعقود، وتأثرهم من الثورة التونسية، وبالتالي تلبية دعوة ومبادرة "الطليعة الثورية" من الشباب المصري.

إرتبكت السلطة الحاكمة، وحاولت إحتواء الموقف بإظهار سماحها للتظاهر والإحتجاج السلمي، بينما واجهته بالعنف وبنشر الخوف والرعب والفتن ونظريات "مؤامرة تستهدف مصر من قِبل أعدائها في الخارج". فقتلت المئات وأصابت اللآلاف، وحاولت حرف المعركة الموجهة ضدها عبر خلق الفتن بين فئات المجتمع الدينية (المسلمين والمسيحيين). كما عملت على تخويف فئات المجتمع الصامتة وردعهم عن النزول إلى الشارع عبر إيهامهم بأن الخروج على سلطة يعني "الدخول في الفوضى والدمار"، فأخرجت المساجين وأطلقت بلطجيتها في شوارع المحافظات، ونشرت الرعب من "مؤامرة تستهدف مصر".

وبرغم قوة السلطة، تمدّدت الحركة الإحتجاجيّة وتوسّعت وإستمرّت بصمودها التاريخي. ونجحت الثورة في تجاوز كل مؤامرات السلطة، وكسرت إرادتها، حتى أجبرت رأس الهرم على التنازل عن موقعه. فأدركت أركان النظام والطبقات الحاكمة -وعلى رأسها الجيش المصري- جديّة الموقف، وكانت قد تعلّمت –كما الثوار- من تجربة تونس. فتحول موقعه من ركن أساسي من أركان النظام وداعم له، إلى محاولة الظهور بمظهر المحايد، ثم إلى محاولة لعب دور "المدير" لعملية التحول السياسي الديمقراطي في النظام المصري.

نقل مبارك السلطة إلى المجلس العسكري، الركن الأقوى من أركان نظامه. وعمل الجيش وحلفاءه من بقية مكونات الطبقة الحاكمة بالتعاون مع القوى الإنتهازية على محاولة الإلتفاف على الثورة، من خلال المجلس العسكري الذي قاد الفترة الإنتقالية التي إدّعى فيها "حماية الثورة" و"تحقيق مطالبها" التي لا يعيها ولا يعترف بها أساساً. والحقيقة هي أن الكتلة الأكبر من المجلس تتعامل مع الثورة على أنها "مشكلة" أو "أزمة" ينبغي حلها وتجاوزها. وتعتقد بأن مهمّتها هي حماية ما تبقى من النظام وتحالفاته ومصالحه، وحماية الطبقة الحاكمة من فقدان السيطرة كلياً عبر العمل على إعادة إنتاج نفس النظام لنفسه مع بعض التنازلات السياسية. بدأت قوى السلطة ومكوناتها بالتخبط، وهي تسعى الآن لإعادة تنظيم حركتها بإتجاه حماية مصالحها كطبقة حاكمة. تلك القوى ومن يتحالف معها ليست سوى قوى رجعية محافظة ومعادية للثورة، ويقود المجلس العسكري ثورتها المضادة للثورة الشعبيّة.

لقد أدت عدم جديّة المجلس العسكري في تنفيذ مطالب الثورة، ووعي الشعب المصري والنخب الثورية، إلى عودة المتظاهرين إلى الشوارع، بعدما أدركوا حقيقة دور المجلس العسكري المعادي للثورة. ونزولهم إلى الشوارع ثانية بمطالب جذريّة أعاد الثورة إلى مسارها الصحيح، وسيعطى دفعة قوية للهبّة الثورية في المنطقة والعالم أجمع. إن مستقبل ومجريات ونتائج الصراع في مصر سيؤثر كثيراً على المد الثوري الشعبي في المنطقة والعالم.

ظهر الآن فرز جديد مختلف عن سابقه. حيث كان الفرز الأول (في المرحلة الأولى من الثورة) بين القوى الثورية المطالبة بإسقاط النظام رافعة شعار المرحلة "الشعب يريد إسقاط النظام". والقوى الإنتهازية التي تحاول اللعب على موازين القوى وفق مصالحها. وقوى النظام وحلفاءها وأدواتها على الأرض. أما الآن -بعد سقوط مبارك- فالفرز الجاري هو بين القوى الثورية الأكثر جذرية، رافعة شعار "يسقط يسقط حكم العسكر" في تأكيد على عدم تحقيق الشعار الأصلي بعد. تلك القوى التي كانت أصلاً عماد الثورة في مرحلتها الأولى. ومن جهة أخرى هناك المجلس العسكري ومعه مكونات ومؤيدي النظام القديم. وهناك أيضاً القوى الإنتهازية نفسها التي تسعى للإستفادة من فرص الوصول إلى السلطة.

الشارع الأن منقسم بين ميدان التحرير، صاحب الشرعية الثورية، وميدان العباسية الذي يمثل القوى الرجعية المحافظة التي تؤيد العسكر. بعضهم عبدة مبارك، لكن أغلبيتهم خرجت خوفاً من الفوضى وطلباً للإستقرار. القوى الثورية الجذرية تضم طليعة ثورية جذرية، يتبعها مئات الآلاف من أبناء الشعب المصري في كل مكان. أطيافها متعددة من أقصى اليسار واليسار وقوميين وليبراليين وشباب إسلامي التوجه، متمردون على القيادات الإنتهازية لأحزابهم. وقوى النظام التي تقوم بثورة مضادة، تتضمن المجلس العسكري والأجهزة الأمنية وفلول الحزب والطبقة الحاكمة. وهناك الإنتهازيون، المعارضة التقليدية القديمة، وعلى رأسها "الإخوان المسلمين" والسلفيين، الذين يسعون إلى السلطة بإسم الدين، إلا أن الأولى (الإخوان) أذكى قليلاً من الثانية (السلفيين).

"الإخوان المسلمين" إستطاعوا إمتطاء الثورة في البداية، بعد تردد واضح، وسارعت للتفاهم مع المجلس العسكري طمعاً بالسلطة. وهم الآن لا يقفون مع الثوار والقوى الجذرية، بل يتبنون "موقف وسطي"، يحافظ على مصلحتهم كقوة ساعية فقط للوصول إلى السلطة. وها هم يقفون مع تشكيل الحكومة الجديدة لإعطاءها "الفرصة". حريصين فقط على إقامة الإنتخابات، للوصول إلى السلطة. ويدعون إلى "جمعة الأقصى" في محاولة وقحة ويائسة لحرف أولويّة معركة التغيير الثوري في مصر. مستخدمين ومستغلين –كعادتهم- المشاعر الدينية للشعوب. أما السلفيين، فقد وقفوا ضد الثورة في البداية، وبعد تنحي مبارك أصبحت قضيتهم الوصول إلى السلطة، وهم الآن يقفون مع المجلس العسكري، مبدين إستعدادهم المشاركة في الحكومة الجديدة.

المطلوب من أجل نجاح عميق وحقيقي للثورة المصرية هو إستمرار سعي القوى الثورية والشباب المصري من كافة الأطياف -الداعية لتغيير النظام بالكامل- إلى الإلتحام من أجل حسم هذا التناقض الذي يوحدهم. وتشكيل جسم سياسي قوي يعبّر عن الثورة وعن مصالح الطبقات الفقيرة. وتقود نضال شعبي هدفه تشكيل حكومة ثورية تعمل على تحقيق مطالب الشعب الثائر كاملة. الشرعية تأتي من ثوار وقوى ميدان التحرير، وهي التي يجب أن تفرض حكومة الثورة وتنتزع السلطة من الجيش الذي عليه أن يعود إلى دوره ومكانه الطبيعي.

أما أمريكا والدول العظمى -التي يؤذيها ما يحدث في مصر والعالم- فتدعم نهج الجيش بإعادة إنتاج النظام لنفسه، مع إصلاحات ديمقراطية سطحية تشبه ديمقراطياتها الرأسمالية الزائفة. البيت الأبيض وفرنسا يدعوان المجلس العسكري لـ"نقل" السلطة لـ"مدنيين" في أسرع وقت. أما أنا، فأقول إلى جانب الثوار، أنه على المجلس العسكري "تسليم" السلطة كاملة لـ"قوى الثورة" في أسرع وقت. القوى التي يفرزها ميدان التحرير، هي صاحبة الشرعية الثورية المعبرة عن إرادة ومصالح الشعب.

ميدان التحرير يكتب تاريخاً جديداً، ويعطي لثوار العالم مثالاً رائعاً للثورة الشعبية. إن إنتصار الثورة المصرية، بتحقيق الديمقراطية الحقيقية والعدالة الإجتماعية، هو إنتصارٌ لشعوب العالم أجمع.



#فادي_عميره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور القوى اليسارية والنقابات العمالية مابعد الربيع العربي
- المنطق والأخلاق في الموقف من الإنتفاضات الشعبية
- الماركسيين العرب: إنحراف عقول، وحالة إنفصام


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فادي عميره - نحو تجذير الثورة المصرية