أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا كان المفكرون المصريون أهم من السياسيين؟















المزيد.....

لماذا كان المفكرون المصريون أهم من السياسيين؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5296 - 2016 / 9 / 26 - 16:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا كان المفكرون المصريون أهم من السياسيين؟
طلعت رضوان
الراصد للحراك الثقافى والسياسى فى تاريخ مصر الحديث ، يـُـلاحظ ارتفاع سقف الليبرالية الفكرية، وتدنى الليبرالية السياسية، ولعلّ هذا التدنى (على مستوى التجربة السياسية) هو ما جعل كثيرين يـُـهاجمون التجربة الليبرالية قبل يوليو1952، لأنهم لم ينتبهوا إلى الفرق بين الليبرالية الفكرية والليبرالية السياسية، ومزجوا بينهما فى (خلاط) معطوب ومن هنا جاءتْ كتاباتهم الفاسدة. فما سبب تدنى الليبرالية السياسية وارتفاع سقف الليبرالية الفكرية؟
أعتقد أنّ ما كتبه محمد التابعى فى مقال افتتاحى فيه إجابة عن هذا السؤال، ومن أين جاء الفرق بين الليبرالية السياسية والليبرالية الفكرية، حيث كتب ((يحز فى نفوسنا نحن الوفديين، أنّ زعيمنا حاكم ضعيف. مصطفى النحاس الدكتاتورالطاغية، كما يصفه المعارضون، كل عيبه عندنا– نحن أنصاره– أنه لا طاغية ولا دكتاتور. عيبه أنه وهو يستند إلى أغلبية قلّ أنْ يفوز بها زعيم من قبله، اختار أنْ يترك أقلية قلّ أنْ يوجد مثلها فى هزالها وضعفها، تتحكم فيه وتشغله بصخبها وصياحها عن الإهتمام بشئون الدولة. مصطفى النحاس لن يرضى بديلا عن الدستور والقانون، وعمامة ابن حنبل والسلام عليكم يوم نمسى ويوم نصبح. فإذا بمصطفى النحاس قد أضاع الدستور، من فرط حرصه على الدستور)) (عبدالعظيم رمضان- الفكر الثورى قبل يوليو1952- هيئة الكتاب المصرية- عام1994- من ص144- 147)
من بين أسباب تدنى الليبرالية السياسية، الانشقاقات داخل الأحزاب (وحزب الوفد بالذات) والصراعات السياسية، والأطماع الشخصية، وبريق كرسى الحكم، وغياب المشروع القومى فى فكر البورجوازية المصرية، التى لم تستفد من تجربة البورجوازية الأوروبية، التى زاوجتْ بين تحقيق أقصى الربح لمصلحتها الشخصية، وبين طموحات النهضة القومية من خلال الثورة الصناعية. إذا تذكّرنا كل ذلك نكون قد أضفنا ركنــًـا آخر إلى أسباب قصور العمل السياسى عن المجال الفكرى. وإنْ كنتُ أعتقد أنّ أخطر أعداء الليبرالية الفكرية، هو عداء الإسلاميين وعداء رجال السياسة ورجال الأعمال الذين يعتمدون على الأنشطة الطفيلية والريعية، العداء المتمثل فى محاربة أى توجه (عالمانى) صريح ولو أخذنا الزعيم سعد زغلول نموذجًا لعرفنا كم تقضى السياسة على التوجه العالمانى لإقامة دولة عصرية، ليبرالية السياسة عالمانية الفكر، إذْ أنّ سعد لم يكتف بممارسة بعض أشكال الدكتاتورية، مثل منع لجنة الوفد المركزية للسيدات من حضورحفل افتتاح برلمان1924، فى حين دعا سيدات أجنبيات لحضورهذا الافتتاح، الأمر الذى جعل السيدة هدى شعراوى وباقى أعضاء اللجنة أنْ يرسلن له بيان إحتجاج شديد اللهجة (مذكرات هدى شعراوى - مصدرسابق) ليس ذلك فقط وإنما مارس سعد زغلول أشد أساليب الدكتاتورية مع خصومه، مع فرض الوصاية على أعضاء الحزب، لدرجة أنّ قراءة جريدة السياسة التى كان يصدرها الأحرار الدستوريون، كانت إثمًا محرمًا على الوفديين وكان سعد يقول علنــًـا إنه يقرأ جريدة السياسة بالنيابة عن جميع المصريين. وأنه يجب ألاّ يقرأها أحد (تفاصيل استبداد سعد زغلول فى مراجع كثيرة من بينها كتاب د. هيكل " مذكرات فى السياسة المصرية " – مكتبة النهضة المصرية – عام1951- الصفحات : 183، 184، 187، 188، 189، 193، 179، 200، 206، 207) لم يكتف سعد بذلك وإنما فعل ما يفعله كل الطغاة المعادين لحرية الفكر والتعبيرعنه. ولعلّ المواقف الثلاثة التالية أنْ تكون أمثلة دالة على ذلك :
المثال الأول عندما أقدمتْ حكومة حزب الوفد الأولى عام 1924على إلغاء الحزب الشيوعى المصرى. المثال الثانى موقف سعد زغلول من كتاب على عبدالرازق (الإسلام وأصول الحكم) إذْ بينما كان الليبراليون يدافعون عن المؤلف ويهاجمون رجال الأزهر، وبينما تفتح جريدة السياسة صفحاتها لهؤلاء الكتاب، نجد سعد زغلول يقول بالنص ((قرأتُ كثيرًا للمستشرقين ولسواهم فما وجدت من طعن منهم فى الإسلام حدة كهذه الحدة فى التعبير، على نحوما كتب الشيخ على عبدالرازق. لقد عرفتُ أنه جاهل بقواعد دينه. بل بالبسيط من نظرياته. وإلاّ كيف يدعى أنّ الإسلام ليس مدنيًا ولا هو بنظام يصلح للحكم. فأية ناحية مدنية من نواحى الحياة لم ينصب عليها الإسلام؟ أو لم يقرأ أنّ أممًا كثيرة حكمت بقواعد الإسلام فقط عهودًا طويلة كانت أنضرالعصور؟ وأنّ أممًا لاتزال تحكم بهذه القواعد وهى آمنة مطمئنة0 فكيف لا يكون الإسلام مدنيًا ودين حكم؟ )) ويختتم سعد رأيه قائلا ((وما قرار هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ على من زمرتهم إلاّ قرار صحيح لاعيب فيه. لأنّ لهم حقــًا صريحًا بمقتضى القانون أو بمقتضى المنطق والعقل، أنْ يُخرجوا على من يخرج على أنظمتهم من حظيرتهم، فذلك أمرلا علاقة له مطلقــًـا بحرية الرأى التى تعنيها جريدة السياسة)) (د. هويدا عدلى- رسالة دكتوراه بعنوان التسامح السياسى- مركزالقاهرة لدراسات حقوق الإنسان – عام 2000- ص139)
المثال الثانى: موقف سعد وأغلبية أعضاء حزب الوفد من كتاب طه حسين (فى الشعر الجاهلى) حيث أنّ النائب الوفدى عبد الحميد البنّان تقدّم ببلاغ إلى النيابة ضد الكتاب، وقدّم استجوابًا لوزيرالمعارف مطالبًا إخراج طه حسين من الجامعة. وطبقــًا لما ورد فى كتاب غالى شكرى (النهضة والسقوط فى الفكرالمصرى الحديث) أنّ مضبطة مجلس النواب عام 1926 تفيد أنّ الأغلبية الساحقة من المعارضة الوفدية وقفت إلى جانب الاستجواب. وطالبتْ بطرد طه حسين من التعليم الجامعى، باستثناء على الشمسى باشا وزيرالمعارف الوفدى فى ذاك الوقت الذى قال ((إننا نطمع أيها السادة النواب أنْ تكون الجامعة معهدًا طلقــًـا للبحث العلمى الصحيح)) أما سعد زغلول فقال ((إنّ مسألة كهذه لايمكن أنْ تؤثرفى الأمة المتمسكة بدينها. هبوا أنّ رجلا مجنونــًـا يهذى فى الطريق فهل يضيرالعقلاء شىء من ذلك؟ إنّ هذا الدين متين. وليس الذى شكّ فيه إمامًا نخشى من شكه على العامة. فليشك من يشاء وما علينا إنْ لم تفهم البقر)) (هويدا عدلى- المصدرالسابق- ص141)
وهكذا نرى أنه بينما على باشا الشمسى مع حرية البحث العلمى، نرى زعيم الأغلبية الوفدية يصف طه حسين بالجنون، بل ويشبهه بالبقر. طه حسين (عميد الثقافة المصرية) الضرير الذى رأى ما عمى عنه كثيرون من المبصرين، يكون هذا مصيره من زعيم الأغلبية. فهل هى ألاعيب السياسة وأطماعها كما ذمّـها الشيخ محمد عبده ؟ أم هى العقلية التى تعتمد المرجعية الدينية فى توجهاتها؟ أم هى مغازلة الأصوليين لكسب أصواتهم؟ أم هو تواطؤ والتقاء مجموع ذلك؟ هذا التواطؤ الذى تسبّب فى تشويه التجربة الليبرالية المصرية، والذى لم يتوقف أمامه كل الذين هاجموا تلك التجربة بعد يوليو1952لأنها (= التجربة الليبرالية) كانت أشبه بالإنسان الذى يسير بساق واحدة، أو بساقين إحداهما عرجاء أو بها شلل مزمن، الأمر الذى كانت نتيجته أنّ مسئولية التنوير والنهضة تحمّلها تيار الليبرالية الفكرية بشكل رئيسى، بعد أنْ خذله السياسيون0
فى تقييمها لتجربة البورجوازية المصرية كتبت د0 هويدا عدلى ((كان الوفد أكثر التزامًا بما تطرحه الثقافة الدافعة للمجاراة من قيم ومعايير. ومن ناحية ثانية لم يكن الوفد تعبيرًا عن بورجوازية ذات نشأة طبيعية وليبرالية تجذّرتْ نتيجة تطورتاريخى اقتصادى واجتماعى وسياسى طبيعى، كما حدث فى التجربة الغربية، بل هو تعبيرعن بورجوازية مشوهة وليبرالية مجتزئة، ولم تنشأ نتيجة تطورطبيعى (كما حدث فى أوروبا) ولم تكن تعبيرًا عن قوى اجتماعية حقيقية ومُـتبلورة)) (د. هويدا عدلى- المصدر السابق- ص283)
وإذا كان السياسيون لم يكونوا فى مستوى المفكرين الليبراليين فى الإيمان بمبادىء الليبرالية بشقيها (الفكرى والسياسى) فإنّ هذا لايعنى أنّ بعض الكتاب والمفكرين لم يساهموا فى الكثيرمن الإخفاقات التى شوّهت التجربة الليبرالية المصرية. ولعل المثال الشهيرلذلك رجال الفكر الذين شاركوا فى صياغة مواد دستور1923، الذى يعد رغم المزايا العديدة فى الكثيرمن مواده، كان أقل بكثيرمن طموحات شعبنا الذى أُستشهد عدد كبيرمنه فى ثورة 1919، حيث أعطى للملك سلطات، كان يجب التمسك برفضها، وحيث نصّ على دين للدولة0
وإذا كان السياسيون تسببوا فى الكثيرمن التشوهات فى تجربة الليبرالية المصرية قبل يوليو 1952، فإنّ انقلاب يوليو(الفاشى العسكرى) تسبّب فى الإجهاز التام والإجهاض المحقق لتلك التجربة، خاصة وقد تضامن الحكم الاستبدادى مع توظيف الدين، ليس فى قمع المصريين بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية والدينية فقط ، وإنما فى قمع أية نهضة أو تنمية أيضًا وبالتالى قمع كل الحريات، وكافة قوانين حقوق الإنسان بما فيها أبسطها، مثل الاعتقال على نكتة.
كان المفكرون المصريون يسعون لتشييد قواعد دولة عصرية. وبفضل دور الليبراليين المصريين قبل يوليو1952، كانت مصر(بالفعل) مؤهلة لأنْ تكون دولة عظمى فى منطقة الشرق الأوسط على الأقل، إلى أنْ تم إجهاض هذه الدولة على يد ضباط يوليو. وعن دور الليبراليين المصريين قبل يوليو 1952 لا أجد أفضل من شهادة د0 لطيفة الزيات وهى تصف لحظة وداع عميد الثقافة المصرية (طه حسين) حيث كتبتْ ((وأنا أشيع جنازة طه حسين، شعرتُ أننى أشيع عصرًا لا رجلا. عصر العلمانيين الذين جرؤوا على مساءلة كل شىء. عصر المفكرين الذين عاشوا ما يقولون. وأملوا إرادة الإنسان حرة، على إرادة كل ألوان القهر)) (د. لطيفة الزيات- حملة تفتيش فى أوراق شخصية- - كتاب الهلال المصرى- أكتوبر1992- ص95- وهيئة الكتاب المصرية- مكتبة الأسرة- عام2000- ص100)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناخ الثقافى قبل يوليو1952
- كيف كانت مقاومة الأصولية الإسلامية ؟
- العلم والفكر ودورهما فى نشأة النهضة المصرية
- الملاحم اليونانية وهل أفادت البشرية
- التشابهات داخل شُعب الديانة العبرية
- الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية
- بداية النهضة المصرية
- ما مغزى أن يكون رئيس الوزراء أحد اللواءات؟
- لماذا يتجاهل المستشرقون والإسلاميون (المعجزات) المصرية؟
- الصراع النفسى داخل الضابط (المثقف)
- أليس نظام الكفيل عبودية عصرية ؟
- هل دوافع المستشرقين المدافعين عن الإسلام بريئة؟
- الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء
- أردوغان يطالب باسترداد الأهرام
- تواصل حوار القرآن مع الواقع
- هل يمكن إنهاء زواج رجال الأعمال برجال السلطة؟
- هل الحضارة المصرية حضارة موت ؟
- ما سر الولادة المتعسرة لقانون بناء الكنائس ؟
- لماذا ارتدى بوكاى عمامة المسلمين ؟
- لماذا يسعى الأصوليون للتدخل فى كتب التراث ؟


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا كان المفكرون المصريون أهم من السياسيين؟