أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - جاذبية العناد














المزيد.....

جاذبية العناد


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 5294 - 2016 / 9 / 24 - 13:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العناد موقف محافظ، متمسّك بإرادة سبق أن صدرت، مهما خالفت العقل أو حتى الضمير، هو دور ملتزم بالنّص، يكابر بالذات أمام الكلام. فالمتكلم الفذ قد يدرك قوة كلامه الهائلة، وأن قدرة الكلام على التغيير أو المحافظة -في وجود هو في أساسه وصف كلامي- هي أكبر من قدرة الفعل ومن سطوة الانفعال.

الكلام يواجه العدم، ويبطل الفعل، وينفّس الانفعال، وهو قدس الأقداس القادر بكلمة "كن" على البدء والإعادة. وهو الذي يؤثر في خواص المادة، ويطلق الطاقة، ويحصرها، ويوجهها. ولكنه دون انفعالاته اللاعقلانية باهت، ليس مغريا بالمرّة. هو الحقيقة المملة للوجود، التي وصفها زياد بن عاصي حفظه الله "متصور لو حدا ما عنده اشي الا يحكي قديش ممكن يحكي، خاصة إذا الله طوّل بعمره"، وهي عبارة من برنامجه "العقل زينة"، والكلام المنسوج بعناية هو زينة العقل، والعقل زينة هذا الوجود، الباهت بحقيقته، المثير بأوهامه. وقد سبق لي –قبل خمس سنوات- أن وصفت الحقيقة بقولي " إن الحقيقة لا بيضاء ولا سوداء، لا رمادية باهتة ولا صفراء فاقعة، لا هي بلون الفرح، ولا بلون الكآبة، الحقيقة غالبا شفافة لا تدركها الأبصار، ولا يمكن رسمها على ورقة أو إيجاد شيء له نفس لونها، وهي غير مغرية إجمالا.

إن نقطة قوة العناد هي إثارته، فالصلابة مثيرة، والثقل مغر. والكلام بتفسيره وتحليله وتركيبه وتأويله وحججه وحواراته وقتله لمتعة الفعل وللذة الانفعال هو محل احتقار لدى الأغلبية الساحقة من البشر، من يفضلون الإثارة على الحقيقة.

مع الكلام، يبطُل الدافع للتمسك بأي موقف، وأي إرادة، فهو بقدرته على الوصف والمحاججة والرد والأخذ يواجه النقائض ببعضها حد معادلتها كلها، فترتخي الأدوار وتصبح الحبكة نفسها رخوة لا حدّيّة فيها. فالصم البكم الذين لا يسمعون (يرفضون الكلام ويتجنبونه كي يحافظوا على مواقفهم) هم أهل إثارة.

لذلك يا صديقي ويا صديقتي، يا من أعرضتما عن سماعي ووضعتما أصابعكما في آذانكما حين بدأت بالكلام، أو سمعتما في أحسن الأحوال دون تدبّر لصدق مقالي وحكمته، أنا أفهمكما، فأنتما تريدان أن تحافظا على دوركما في القصة. تريدان أن تتجاوزا الفصل الحالي إلى الفصل الذي يليه. أما أنا كمتكلّم، فممل لدرجة أنني أفضل البقاء في الفصل نفسه، أشبعه تحليلا وتركيبا، وأعود إلى كل جملة فيه فأفسرها مرارا، لسد شعوري بالنقص إزاء انعدام الإثارة بخصوصي.

أنتما لا تتصوران مذاقي، تتصوران أن لا طعم لي، كونكما تعودتما على أنني أقتل الإثارة. لا تصدقان أنني الحمل القابع في بطن الحوت. النون الذي تختتم به كلمة "كن" التي جعلت من اللاشيء شيئاً. وواجهت وحشة الفراغ، قبل أن يكون هناك فعل وانفعال، يا من تعيّرانني بانعدام الإثارة. لكنني ملح الأرض، نعم أنا كمتكلم جيد ملح لهذه الأرض، ملح ينتج عن معاشرة حمضكم لقاعدتكم. ملح إذا فسد لم يعد مليحاً، ولا عاد يمكن أن يملّح به شيء، ولا لمواجهة العناد، بالكاد يصلح لقتل نكتة طويلة، تفسدها روايتها مرارا. لا يصلح الملح إذا فسد إلا لأن يطرح ويداس من الناس، كما قال المسيح.

أواجه إثارة عنادكم، وشبق الانفعال بإثارة عنادكم، بالسخرية من العناد، وبمن ينبهرون بالعناد. أواجهكم براوية النكات. فالكلام غير المتقن يقتل النكتة، ولكن النكتة بالأساس كلام، كلام منسوج بذكاء، خير مخرجات العقل، وزينته. فالنكتة وصف كلامي أيضا، وشهادة على الحلو وعلى المر.

رحم الله الشيخ إمام عيسى:

"ارمي الكلمة في بطن الضلمة، تحبل سلمى وتولد نور"....

تولد نون يا شيخ... تولد نون


العقبة 24-09-2016









#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معنى المعاناة ومعنى الصبر عليها
- عيون مغلقة على اتساعها
- البدائية كرغبة كونية - وداعاً أتلانتيس
- لم أخطئ
- سأكتب قصة
- معنى الأورجازم
- البدائية، كرغبة كونية
- الموقف من استمرار الوجود - ماني الغنوصي
- عصر الأنبياء الصامتين ...
- غاية التقدم... كشف الإنسان 3
- زمن الميمز
- حاول تفتكرني - تحدي الفاني للخالد
- إجابة السؤال الوجودي - من غير ليه
- أزهار سلمى
- قبض الريح - زي الهوا
- معنى التوبة، بين الفاعل والمفعول - 2
- يا ليت قومي يعلمون؟
- الكلام في مواجهة العدم
- إذا كان هناك حياة بعد الموت، لماذا الموت أصلا؟
- نهاية الإلحاد 3


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - جاذبية العناد