أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟















المزيد.....

الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 5251 - 2016 / 8 / 11 - 00:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن من أكبر المآسي التي حلت بأمة العرب - خاصة منذ مئة سنة بالتمام والكمال – هذه الشرذمة والفرقة التي ضربتها وما تزال تعيشها، منذ أن خرج العثمانيون من البلاد العربية، وما تلا ذلك من إلغاءٍ للخلافة – لأسباب لا مجال لذكرها الآن – فذلك الخروج أفرز ما نراه اليوم من وطنية عربية مقيتة، يتمسك بها سكان كل بلد عربي بهويتهم الوطنية، مع ادعاءات فارغة بحتمية الوحدة العربية، التي تبتعد عن هذه الأمة يوماً بعد يوم. ولعل التفسير الوحيد لهذا الأمر هو أن معظم القيادات الوطنية التي ساهمت في التخلص من الوجود العثماني – خاصة في المشرق العربي – كانت جميعها مرتبطة بقوى استعمارية غربية تتمثل في بريطانيا وفرنسا، وحتى الصهيونية العالمية، وبما أن هذه القوى السياسية احتكرت الحكم بعد الجلاء العثماني، فكان لا بد لها من التمسك بالوطنية – نقيض القومية – وذلك لاستمرار اكتساب ود من كان له الفضل من الغربيين في وصول هؤلاء إلى ما وصلوا إليه. ولعل أكبر مثال صارخ على ذلك كان اتفاق (فيصل – وايزمن) في مؤتمر الصلح في باريس عام 1919، وهو الاتفاق الذي منح اليهود مميزات في فلسطين، طلب هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، أقل منها بكثير من السلطان عبد الحميد الثاني عندما قابله في الأستانة عام 1900، والتي رفض فيها السلطان طلبات هرتزل، ورده التاريخي المعروف عن استحالة تضحيته بأرض بذل فيها المسلمون الغالي والنفيس للحفاظ عليها.
فيما بعد، وتحت وطأة المطالب الشعبية في تحقيق الوحدة، تحقق بعضها، كما في الوحدة السورية – المصرية (1958 – 1961)، والتي انهارت تحت مطارق تآمر الرجعية العربية المتمثلة في السعودية، مدعومة بالشوفينية الوطنية السورية المتمثلة بالأثرياء أصحاب رؤوس الأموال، الذين هددت القوانين الاشتراكية مصالحهم الاقتصادية، فضحوا بالوحدة على مذبح الأنانية، وربما كانت هذه الوحدة، قصيرة الأجل، هي الوحدة الحقيقية الوحيدة، حيث كانت قبلها وبعدها محاولات كثيرة باءت بالفشل، كمشروع الهلال الخصيب بين العراق وبلاد الشام، والاتحاد العربي بين (المملكة الأردنية والمملكة العراقية) 1958، رداً ونكاية بالوحدة المصرية - السورية، أو كجبهة الصمود والتصدي بين (العراق وسوريا والجزائر وليبيا واليمن الديمقراطي ومنظمة التحرير الفلسطينية)، التي كانت ردة فعل لم تدم على توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد، والاتحاد المغاربي، والذي كان مشلولاً بسبب النزاع الجزائري – المغربي، والنزاع الليبي مع جميع دوله، ومجلس التعاون الخليجي الذي كرس وطنية دوله، بحيث، وبسبب فشل جميع تلك المحاولات ومع مرور الزمن، تكرست الوطنية الضيقة، التي صبغت طبيعة المواطن فيها بطابعها الخاص، والتي نفّرت ويأَّست الشعوب نفسها من فكرة الوحدة العربية، فلو دخلت اليوم أي مكان عام يتجمع فيه العرب كالمقاهي والنوادي، لوجدت المغاربة في زاوية، والشوام في زاوية أخرى، والخليجيين في زاوية ثالثة، والمصريين والسودانيين في زاوية رابعة، مؤكدين بذلك ترسُّخ النفسية الوطنية، التي، كما أسلفت، هي نقيض القومية والوحدة العربية ، وربما كان هؤلاء على حق، إذ أنه بامتداد زمن الفرقة على مدى عدة أجيال، تباينت مصالحهم واهتماماتهم ومشاكلهم، علاوة على ترسخ لهجاتهم المحلية، مما حدَّ من التواصل بينهم.
والمعروف على المستوى البشري أن الجماعات تتقارب في أوقات الشدة والخطر، ولكن لعبقرية العرب، فقد أثبتوا العكس تماماً، فلقد كانت الوحدة بين سوريا والعراق بالخصوص، ضرورة ملحة للبلدين أمام الأخطار التي تهددهما، فهذه الوحدة فقط هي التي كانت ستكفل وجود العمق الاستراتيجي للعراق أمام العدو التاريخي "إيران"، وهي العمق الاستراتيجي لسوريا أمام العدو التاريخي "إسرائيل"، كما أنها كانت ستكون كتلة جيوسياسية مذهلة – لو تمت - ، حيث تتوسط قارات العالم القديم الثلاث، وتربط الخليج العربي بالبحر المتوسط بمسافة لا تزيد على الألف والخمسمئة كيلومتر، تقطعها الشاحنات في ثلاثة أيام، والقطارات السريعة في نفس اليوم، علاوة على التقوّي أمام الجارة تركيا، والتي من أراضيها يأتي الماء، شريان الحياة في العراق وسوريا، عبر أنهار الدجلة والفرات والخابور وقويق. رغم كل هذه المميزات المذهلة، لم تقم هذه الوحدة، بالرغم وجود حزب واحد يحكم البلدين (البعث)، بل على العكس من ذلك، فقد وقع نقيضها بالتمام، حين انحاز النظام السوري إلى إيران في حرب الثماني سنوات، فساهم في تدميرالعراق، عمق سوريا الاستراتيجي الحقيقي أمام إسرائيل، وفتح البوابة الشرقية للوطن العربي لكي تنساح منها إيران على ما نرى هذه الأيام، هذا رغم أن الجيش العراقي هو الذي أوقف الزحف الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 عند بلدة "سعسع" التي تقع في منتصف المسافة بين دمشق والقنيطرة، ولولا ذلك لدخل الإسرائيليون دمشق، تماماَ كما دخلوا بيروت عام 1982. هذا واحد من الأمثلة الصارخة على تمسك الحكام ذوي النزعة الوطنية الضيقة بكراسيهم على حساب القضايا الكبرى لشعوبهم، ولن تمل من تعداد النزاعات العربية – العربية كالحرب الليبية – المصرية في يوليو 1977، وحرب شمال اليمن وجنوبه في التسعينيات، والنزاع المغربي – الجزائري منذ عام 1975 حول قضية الصحراء الغربية، وإقفال الحدود بينهما لما يزيد على العشرين عاماً، وغير ذلك الكثير.
ولو عدنا إلى فرضية أن العرب أمة واحدة، لوجدنا أنهم قبل ظهور الإسلام لم يكونوا سوى مجموعة قبائل تنتمي بيولوجيا لأصل واحد، تجمعهم لغة واحدة وجملة عادات مشتركة، أما علاقاتهم البينية، فكانت الغزو والسلب والنهب، وباستثناء التراث الأدبي من شعر ونثر وخطابة، لم يكن هناك ما يفتخر به العربي سوى الغزو، ولعل أشعار عنترة، وغيره من شعراء الجاهلية، تنضح بصور القسوة بين العرب بعضهم على بعض، فالمدجج الذي (كره الكماة نزاله لا ممعناً هرباً ولا مستسلم)، والذي جادت له كف عنترة (بعاجل طعنة)، ذلك الفارس المدجج لم يكن من قومية أخرى غير العرب، رغم ذاك ما زال صوت عنترة يتردد إلى الآن مجلجلاً مفتخراً بقتل من المفترض أنه ابن قوميته، أما المناذرة والغساسنة في بلاد العراق والشام، فكان قسم منهم عميلاً للشرق "الفرس"، وقسم آخر تابعاً للغرب " روما ". بعد ظهور الإسلام وتحريم دم المسلم على المسلم، وبقيام إمبراطورية إسلامية امتدت من حدود الصين إلى الأندلس، برزت القومية العربية بقوة، بين جملة قوميات الإمبراطورية الإسلامية، حتى إلغاء الخلافة على يد أتاتورك عام 1924، حيث خلت تلك الإمبراطوريات الإسلامية جميعها من الحدود والحاجة إلى جوازات سفر، فانساح العرب بين أقطارهم بدون عوائق، واستقروا فيها للتجارة أو التعليم والتعلم، وامتزجوا بالتزاوج والنسب، ففي مصر تجد عائلة عبد اللطيف البغدادي وعبد السلام النابلسي وبيرم التونسي وعائلة الشامي، وفي العراق تجد اسم عزيز على المصري، وفي فلسطين تجد عائلات مشهورة كعائلة المصري والمغربي، وفي المغرب تجد رئيس الوزراء المغربي 1986-1992 عز الدين العراقي، وفي فلسطين وسوريا عائلة الجزائري، ففي زمن الدولة العثمانية، الذي استمر لأربعة قرون، تنقل العرب بين بلدانهم بحرية مطلقة، ولمسوا أنهم أبناء أمة واحدة. باختصار: لم يدرك العرب أنهم أبناء قومية واحدة تجمعهم إلا في ظل الإمبراطوريات الإسلامية: سواء كانت أموية أم عباسية، فارسية أم عثمانية.
ولئن ادعى أحدهم أننا الآن في وضعنا الحالي نشكل أمة – رغم أملنا بتحقيقها وشعورنا الخفي بها -، بسبب أنه تجمعنا عوامل اللغة والدين والأصل الواحد، أقول بأن جميع دول أمريكا اللاتينية كاثوليكية، لغتها الإسبانية – باستثناء البرتغال – وتنتمي لأحفاد إمبراطوريتي الآزتيك والآنكا، ورغم ذلك تتمسك كل دولة منها بوطنيتها المطلقة – كالعرب -، بحيث تقوم الحرب بن دولتين بعد خسارة مباراة كرة قدم، تماماً كما كانت ستقوم حرب بين الجزائر ومصر، لو كانت بينهما حدود مشتركة، بسبب خسارة مباراة كرة قدم، وما سبب حرب داحس والغبراء منا ببعيد.
لكن السؤال المنطقي الذي سيطرحه كل من ملَّ من هذا الحديث: ما هو الحل؟، وهو لا شك سؤال جريء ومشروع تماماً، لذا فالإجابة عليه ينبغي أن تكون جريئة ومشروعة كذلك، وهي ينبغي أن تكون ،مقتبسة من ومستندة إلى، دليل تاريخي. فالوحدة الألمانية التي حققها بسمارك، والوحدة الإيطالية التي أنجزها غاريبالدي، وتوحيد الشمال والجنوب عبر الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في الولايات المتحدة، جميعها لم تتم بطرق سلمية، بل بعد حروب سالت فيها الدماء بغزارة، لذا فلا يمكن استئصال الوطنية المقيتة والوصول إلى الوحدة العربية سوى بالقوة، فوجود حاكم قوي في بلد يتمتع بإمكانيات اقتصادية وبشرية، وقبل ذلك بروح قومية جارفة، هو وحده الكفيل بتحقيق الوحدة العربية، سلماً لو أمكن، أو بالحرب لو اقتضى الأمر، ولربما تجرأت على القول بأن اثنين فقط من الزعماء العرب كانا جديرين بالقيام بهذه المهمة: جمال عبد الناصر وصدام حسين، لكن الأول أمكن التخلص منه بالسم، والثاني بالإعدام في عاصمته، ولكن في رأيي أن الأخطر الذي أفشل الآمال البراقة للعرب بالوحدة كان النزاع بين النظامين السوري والعراقي آنف الذكر، ولا يتجلى لك قارئي الكريم هذا الأمر سوى بتذكر القيامة التي قامت على صدام حسين حين استرجع أرضه في الكويت، والاستعداء الذي أثاره جميع الرؤساء العرب على العراق في جميع دول العالم، إلى درجة استقدام مئات الآلاف من الجيوش الأجنبية لإخراج العراق من الكويت عام 1990-1991، بما فيها – ويا للخزي - الجيشان المصري والسوري، بينما بعض أراضي مصر وسوريا واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، ورغم أن الجنود العراقيين استشهدوا على الجبهات المصرية والسورية والأردنية في الحروب مع إسرائيل، إلا أن الرؤساء العرب معذورون في ذلك، إذ أنهم بهذا كانوا يدافعون عن كراسي حكمهم.
أتمنى ألا يفهم أحد مما قرأ أعلاه أنني منحاز إلى أي طرف، باستثناء الانحياز إلى فكرة تحقيق الوحدة العربية، بأي طريقة حتى ولو بالقوة، على غرار ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، وربما ضحى ذلك الشاعر المهجري بدينه في سبيل تحقيق الوحدة العربية - ولا أشاركه في رأيه هذا - عندما قال:
هبونيَ عيداً يجعل العُربَ وحدة وسيروا بجثماني على دين بُرْهُمِ
10 أغسطس 2016



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتحرك في القضية السورية
- هل هي بالفعل أدوات تواصل؟
- دردشة في السياسة السعودية
- حاولت جهدي أن أكون حماراً ... ونجحت
- الكلمة الطيبة
- مشاهد منسية، من أيام دمشقية +60
- حوثيو العراق!، ودواعش اليمن!
- صدق من قال: الكونغرس الأمريكي أرض إسرائيلية
- جاري صاحب الكيف: علاقة آثمة مع الخليفة البغدادي
- عنجهية فرنسية فارغة
- لا أحد يستطيع معاندة الحكومة،،، يا بُني
- جاري صاحب الكيف تاجر كراسٍ
- الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية
- سائق القطار
- اللاشيء
- جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة
- جاري صاحب الكيف يتاجر بالمسؤولين العرب
- جاري صاحب الكيف، طائفي ماكر
- جاري صاحب الكيف يكشف سر داعش
- -روديو أنغولا-


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟