|
الحوار المتمدن في أفقنا المعرفي
سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 10:02
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
فراغ كبير تُرك هناك، في الفضاء المعرفي، بعد الانهيارات الدراماتيكية المريعة، لا لدول المعسكر الاشتراكي فحسب، بل للأحزاب اليسارية التي تلقت الصدمة الهائلة من دون أن تكون ممتلكة ـ هكذا اكتشفنا ـ لممكنات المواجهة التاريخية مع الرأسمالية المنتشية بنصرها المبين، حتى على الصعيد النظري/ الفكري، فأعلن الأميركي من أصل ياباني "فوكوياما" أطروحته عن نهاية التاريخ والإنسان الأخير. وهكذا، أيضاً، دخل أولئك المعجونين بفكر ماركس، وأسلافه، وتلامذته على مختلف مشاربهم، عبر أكثر من قرنين من الزمان، وكوكبة الحالمين بتحقيق الجنة على الأرض مع إشاعة مجتمع العدالة والوفرة والإبداع، دخل هؤلاء جميعاً، في دائرة شبه اليأس وشبه الصمت، حتى بات ثمة من يصور الكلام عن الاشتراكية واليسار والصراع الطبقي، وغيرها من المفاهيم الحافة، نوعاً من الهذر الذي لا معنى له، أو شيئاً ينتمي إلى ماضي الفكر البشري ليس إلاّ.. تغلب حس الأسى والفقدان على شريحة عريضة من المثقفين في العالم، ولا سيما في الدول التي تعاني من الظلم والاستبداد والدكتاتورية والفقر والتخلف ومنها بلادنا العربية، فكان لا بد من صحوة أخرى للفكر اليساري والعلماني تعيد، أو على الأقل تحاول إعادة التوازن في ساحة الصراعات الفكرية، على وفق إستراتيجية جديدة تبدل من شكل الصراع وآلياته ليكون متساوقاً مع معطيات عصر العولمة، والثورة المعلوماتية، واتساع مجال الاتصالات بين البشر. في هذا المنعطف الشائك، عند هذا الأفق الغائم والكئيب، انبثق الحوار المتمدن، على الرغم من محدودية الإمكانيات المادية المتاحة له، ليكون الفسحة الحرة التي يجد فيها أصحاب فكر اليسار والعلمانية ضالتهم.. وليسد جزءاً من الفراغ الذي تحدثنا عنه آنفاً هذه المرة، وبوعي تمثّل تجربة التاريخ القريب والبعيد، انفتح موقع الحوار المتمدن على الآراء والأفكار والرؤى والتصورات الجديدة، من دون تردد، أو حذر، فصار الموقع مرتعاً لنقد ممارسات الماضي والحاضر، ونقد الجمود العقائدي، مع فتح مديات مضافة لفكر يساري علماني أساسه المنهج العلمي النقدي الذي يطول كل فكرة أو ظاهرة أو تطبيق عملي بالتحليل والنقد والتقويم، داخلاً في منطقة المسكوت عنه، ولا سيما عربياً. ولذلك، وعلى الرغم من الهوية الواضحة للموقع، نلمس تنوعاً خلاقاً في الآراء والأفكار، بالصورة التي تتيح ممكنات خصبة للفكر الإنساني الذي صار يعاني من الاضطراب والتشوش في عالمنا الناطق بالعربية، بعد انتهاء الحرب الباردة، وتفرد أميركا بقيادة العالم، وبعد فشل وتلكؤ مشاريع التنمية والتحديث، وتكريس سلطة الدكتاتوريات، وانتشار الجهل والأمية والتخلف والفقر الذي مهد الأرضية لنمو الأصوليات وإشاعة مظاهر العنف والإرهاب والفوضى. كما أن الحوار المتمدن فتح مديات متسعة للحوار المبدع الخلاق، في مناخ ديمقراطي صحي، بين مثقفي البلاد العربية، لإخصاب أفكار ورؤى ومفاهيم جديدة تثري حياتنا الفكرية والثقافية، وترهص لتحولات حضارية مرتقبة على صعيد المجتمع برمته. مصادفة عثرت على موقع الحوار المتمدن، بعد أول تعرفي على عالم الانترنت قبل سنتين، بعد سقوط نظام صدام حسين.. كنت بحاجة إلى مصادر جديدة عن ماركس تفيدني في دراسة كنت بصدد كتابتها، فكتبت على موقع(google) كلمة ( كارل ماركس ) فكان لابد لهذا الكم من المصادر التي أشارت إلى الحوار المتمدن أن يثير انتباهي، فبقيت مدة أشهر وأنا أتابع ما يكتب على الموقع قبل أن أبادر وأرسل نتاجاتي إليه. يعد موقع الحوار المتمدن، مع مواقع قليلة أخرى، باللغة العربية، منبعاً ثرياً لثقافة معاصرة، حرة، تتبلور الآن، بعيداً عن وصاية الحكومات وأجهزتها، وعن تأثير المؤسسات الإعلامية المروجة للعولمة بنسختها الأميركية. ولا شك أن هذا الموقع سيكون له دور أعظم في نشر هذه الثقافة في الشارع العربي مع تقليص الأمية واتساع نطاق استخدام الانترنت في البلاد العربية. لموقع الحوار المتمدن حلّته الخاصة المميزة، التي تبدو، أحياناً، مفرطة في جديتها.. اقترح تخصيص ساعات محددة من كل يوم لنشر أخبار الساعة، في أشرطة متحركة، مع عرض الصور الكبيرة الملونة ذات الدلالات العميقة، فضلاً عن موضوعات تجذب شريحة الشباب، بطرق مبتكرة ومفيدة، فالشباب هم رهاننا للمستقبل.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلام والعولمة: كيف يحولنا الإعلام؟
-
حوارمع سعد جاسم أجراه بلاسم الضاحي
-
هيرمان الساحر
-
أدب الرحلات والشرق المفترض
-
السيرة الذاتية: حضور الوثيقة ومناورات الذاكرة
-
المثقف وخانق السياسة
-
نصف حياة - نيبول - نموذج للرواية ما بعد الكولونيالية
-
أدب ما بعد الكولونيالية: إتساع المفهوم وتحديدات السياق
-
إخفاق المثقفين
-
خطاب السلطة.. خطاب الثقافة
-
الفاشية واللغة المغتصبة
-
الفكر النهضوي العربي: الذات، العقل، الحرية
-
اغتراب المثقفين
-
في الثرثرة السياسية
-
ماذا نفعل بإرث إدوارد سعيد؟
-
أدب ما بعد الكولونيالية؛ الرؤية المختلفة والسرد المضاد
-
الأغلبية والأقلية، والفهم القاصر
-
قيامة الخوف: قراءة في رواية( الخائف والمخيف ) لزهير الجزائري
-
الرواية والمدينة: إشكالية علاقة قلقة
-
المجتمع الاستهلاكي.. انهيار مقولات الحداثة
المزيد.....
-
انحرف في لمحة بصر.. شاهد كيف تناثر طلاب بحافلة لحظة وقوع حاد
...
-
لماذا أصدرت شركة أبل تحديثاً لهواتفها يعالج الرمز التعبيري ل
...
-
ماكرون: على الاتحاد الأوروبي أن يوسع نطاق العقوبات ضد طهران
...
-
عضو في الكونغرس الأمريكي: البحرية الأمريكية متخلفة عن الصيني
...
-
الكونغرس الأمريكي يناقش مشروعي قانونين حول المساعدات لأوكران
...
-
تقرير: وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية تسعى الى تغيير الوضع
...
-
وزير القوات الجوية الأمريكية يتهرب من سؤال بشأن فشل مشروع مق
...
-
البحرية الأمريكية: عودة سفينة أمريكية كانت متجهة إلى غزة بعد
...
-
نائب أمريكي يستنكر عدم نشر أي منظومة فرط صوتية أمريكية حتى ا
...
-
بعد استدعاء سفيرتها لدى باكو...أذربيجان تندد بـ-ضغوط- و-تهدي
...
المزيد.....
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|