أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - في إنسانية المسرح الجامعي














المزيد.....

في إنسانية المسرح الجامعي


عبد الناصر حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5237 - 2016 / 7 / 28 - 18:17
المحور: الادب والفن
    


هناك شيء ما شديد الإنسانية والأصالة في أغلب عروض المسرح الجامعي، فبغض النظر عن نوعية الدراما، أو المستوى الفني لتلك العروض، فعادة ما تجد فيها شبابا يتعثرون في ذواتهم، أو يصطدموا بها، أو يكتشفوا جانبا منها.
فبالنسبة لهؤلاء الشباب ليس المسرح سوى جزء من سياقات أوسع يعبرونها في رحلة خروجهم إلى العالم، ولذلك فأيا كانت درجة إندماجهم وتناغمهم كمجموعة مسرحية، وايا كانت درجة التزامهم دراميا، فإن كل هذا قد يذوب وينمحي فجأة في مواجهة لحظة يقبض فيها أحدهم على بزوغ ما يخصه بحيث تستغرقه حالة من الانخطاف الكامل التي تطيح به خارج عالم الدراما تماما وتجلبه إلى حيث يتطابق مع ذاته، وهو ما قد يفجر فيض من الطاقة التي سرعان ما تلتف حول نفسها، لتنثر حالة من الحضور الجاذب والمبهج، بحميميته المعدية العصية على أغلب الممثلين المحترفين.
لحظة كهذه قد تنتهي بابتسامة واهية تحاول ملاحقة تلك الدهشة التي تفر من صاحبها لتستعرض وجودها الخاص، مثلما قد تنكمش ببطء أمام عتبات مقاومة خجولة تحاول تجاهل حضورها الذاتي، أو قد تتعثر في مواجهة وعي مرتبك ينازع انكشافه الذي أفقده سريته الواجبة، أو -وهذا هو الجمال الخالص- تستهل اندفاعا بلا حواجز تجاه ما أصبح -الآن فقط- متاحا وممكنا!


وهذه اللحظات القصيرة الخاطفة تقدم لنا في عبورها صراعات حقيقة قادرة على أن تلمسنا وأن تورطنا في نزاعاتها الأصيلة والأولية فيما تمرق تجاه مصائرها الحاسمة، وذلك على نحو قد لا يتأتى لمجمل المسارات الدرامية في العرض، وبالطبع فهذه اللحظات لا ينحصر ظهورها في عروض المسرح الجامعي فحسب، وإن كانت أكثر إنتشارا وتكرارا في تلك العروض بحكم تركيبتها الشبابية الغضة، والتجدد شبه الدائم تقريبا لعناصرها.
ولكن ما هو جمالي، وضمنه ما هو مسرحي بطبيعة الحال، لا يكاد يستهدف شيئا ارقى وأعمق من الانفتاح على العالم عبر انكشاف ما هو إنساني، واستجلاب ما يخصنا إلى حالة الحضور، وليس بالضرورة أن ينحصر استشراف هذه الأهداف وتحققها عبر "العمل الجمالي" المركب والمتكامل طبقا لنظرية الأنواع الجمالية، فمثل هذه اللحظات الطارئة التي يقدمها لنا هؤلاء النبلاء الصغار عبر تصدع علاقتهم بالدراما والعالم معا، هي في النهاية مجرد حالة من حالات الفعل الجمالي -الذي يتعالى على كل ما هو فني- والذي ينبثق على نحو لا ينقطع أبدا من تصدعات ما هو يومي وحياتي، وما قد يحجب هذه الأفعال أو الوقائع الجمالية عنا هو تبلد أو جمود الوعي الحسي الناتج عن الارتكاس أو النكوص والإذعان إلى قوالب ومصكوكات الخبرة المعاشة.
غير أن ضعف الاستجابة للفعل الجمالي لا يعني شيئا اقل من الانغلاق أمام انفتاح العالم، وأمام ما يتكشف فيما هو معاش، أي أنه في النهاية يمثل قيدا وعبودية ذات طابع نيتشوي في علاقتنا بذاتنا واستجابتنا للحياة والعالم ولما هو آخر، مثلما يحد من أفق مسئوليتنا عن مواجهة مصائرنا، وفي هذا الإطار ستبدو تلك اللحظات التي حاولنا هنا رصدها بمثابة إنتهاك عنيف أو على الأقل إزعاج مقلق وغير مبرر لهذ الانغلاق الذي يؤكد نفسه أمامها، وهو ما يصل بنا إلى جوهر ما هو إنساني فيما يقدمه لنا شباب المسرح الجامعي، والذي إما أن يكشف عن إنسانيتنا ومدى تجاوبها أمام ما هو جمالي في صورته الأولية، أو أن يسائل انغلاقنا ويضعه أمام إحراجاته، وبالمقابل يضع نفسه هدفا لمحاكماتنا!



#عبد_الناصر_حنفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من -ماكبث- إلى -بير السقايا- .... تأملات أولية في تحولات الد ...
- عن اليوم العالمي للمسرح ورسالته ... تأملات حول تقليد آن مراج ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها (2-2) .... نمط الوعي ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها!! (1-2) 1- -عن احصاءا ...
- عن الضغينة في مسرح الثقافة الجماهيرية
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (5) الدعم اللوجستي
- الصعود بديلا عن الخلاص ....... عن اضطرابات مسرح ما بعد يناير ...
- ظاهرة المسرح: بين العطاء الجمالي، والعطاء الاجتماعي *
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (4) خلق مساحات جديدة للعرض
- نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (3) من العروض إلى الفرق
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (4) من العروض إلى الفرق - خ ...
- نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (1)
- نحو إعادة بناء نوادي المسرح (2) استعادة الأمل
- حالات مسرح ما بعد يناير: من الاندفاع إلى التبدد .. -فرضيات أ ...
- عن انهيار مسرح الثقافة الجماهيرية 1- نوادي المسرح
- ورقة قديمة حول إعادة بناء مسرح الثقافة الجماهيرية عبر مؤسسة ...
- عن ناس مسرح الثقافة الجماهيرية
- الهيئة العامة للمناورات الثقافية: ومشروع مجدي الجابري!
- التقنيات الأولية لمسرح الشارع
- البارون والكتخدا: ملاحظات عابرة حول الثقافة المصرية في عصر ف ...


المزيد.....




- كيف لرجل حلم بالمساواة أن يُعدم بتهمة الخيانة؟ -يوتوبيا- قصة ...
- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - في إنسانية المسرح الجامعي