أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح2















المزيد.....

الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 17:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من يظن أن الإسلام التاريخي إسلام الفقهاء والروايات والتفسير يمكن أن يصمد أمام التحديات لأنه يمثل الفهم البشري للدين واهم جدا, صحيح أن الدين كفكر يجب أن يفهم بشريا بمستويات متباينة ومتطورة لكن وفق ضوابط المنطق العقلي حين يبحث عن أعلى درجات الفهم، وأن يستنزف العقل كل ما في النص من إمكانيات ليعطي أجوبة تفصح تماما عن أقرب صورة ممكنه مما يريد، الفهم البشري الحقيقي هو أن يصل العقل إلى أبعد مدى مع النص حين يكون النص قادرا على العطاء، وأن لا يتوقف عند نهاية محددة بحجة أن العقل لم يعد قادرا أن ينفذ من جدار المعقول والممكن، لأن العقل البشري أساسا يكتشف نفسه من خلال تراكم المعرفة وتباينها وتصارعها الذاتي لديه، فيبني أفق مفتوح أخر قد لا ينتهي بممكن أو بمتصور ذهني قياسي ومدى أبعد في إمكانية الفهم، هذه الحقيقة هي التي قادت العلم للإبداع وأختراق حتى محددات الخيال وليس التجربة هي التي قادت للعلم للتطور بلا حدود.
وحتى يكون الكلام مشخصا وليس عموميا ولا نظريا لا بد لنا أن نطرح الإشكاليات الفكرية التي تؤكد وبشكل أشبه باليقين فرضية أن الإسلام الروائي غير قادر على إستيعاب شروط الحياة والديمومة ووفقا لما يمكن أن يطرح هنا كأفكار قابلة للإمتحان والتصديق والنقض، ولكن تبقى قضية الأحتكام للزمن واستحقاقاته هي المحك الأول الذي نلتمسه في تقدير الحالة والإشارة إليها:
• الدين الروائي الفقهي يعتمد في مقارباته للواقع على قضيتين الأولى أستخدام القدسية والتلويح فيها ضد كل الأفكار النقدية التي يجب أن تكون طريقا للدليل العقلي، بمعنى أن الفكر الفقهي لا يؤمن بالشك كطريق للوصول لليقين ويفترض أن مقدماته سليمة ومعصومة وغير ممكنة أن تكون غير ذلك بالقطع اليقيني، وهذا يقود بالتالي إلى البناء بدون فحص ولا معايرة وقد ينتج من هذا الخيار عمارة فكرية نظرية تقبل فرضا بكل علاتها ودون مناقشة، هنا أستبدل الفقيه الروائي أسلوب الله المحكم في أحكامه وآياته ليكون عنوانه الشخصي، هذه الاستعارة لا يمكن القبول بها مطلقا لأن الإنسان ليس فقط غير معصوم بل قابل بالقوة والتقدير أنه خطاء.
النقطة الأخرى والتي تعتمد في وجودها على الثانية أن الفقيه الروائي عندما ينجز بناءه الفكري يعتبره جزء أساسي من المنظومة الدينية الأساسية، ويعتبر مجرد الأفتراض بأن في بعض جوانبها فكر بشري هي جريمة تشكيك في الله أولا وفي النصوص الصادرة منه، اليوم لا يمكن للكثير بل لغالب رجال الدين من الروائيين أن يقبل التشكيك بالكافي أو البخاري أو مسلم مع العلم أن تلك الكتب في حقيقتها هي جهد بشري روائي أحتمالي وفي الغالب منها ظني، يقبل المتدين الفقهي أن يتعامل بها وكأنها الجزء المكمل لكتاب الله.
• الدين الروائي حين يستعرض قضية ما لغرض ممارسة دوره في أستنباط أحكام كلية من أدلة جزئية يعتمد في ذلك على منطق عملي من صنع الإنسان، البعض يسميه أصول الفقه وآخرون يطلقون تسمية أخرى ولكن في الواقع هو منطق عقلي يعتمد المقايسة والمعايرة والفرز والأستنتاج، وهو لا شك منهج سليم إذا أخذنا بنظر الأعتبار أن مشكلة التفكير الأساسية عند الإنسان هو المنهج العملي للوصول للمعرفة، المبالغة في منطقة المنطق والأهتمام بتفاصيل هذا المنهج وتفريع الفرعيات وتفصيل طاغ بالتفصيليات أشغل الفقيه عن خصيصة مهمة في النص الديني الأصلي (إنما يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، هذا الحال أسهم جدا في تعقيد الفهم وتصعيب وتشتيت الهدف الذي هو ببساطة محصور في مقدمة منطقية مهمة وهي (حلال محمد حلال إلى يوم الدين وحرام محمد حرام ليوم الدين).
فلا ينفع كل المنهج المنطقي والأصولي في أدخال محرم في دائرة الحلال ولا التحريم في موضع محلل من خلال تقسيم دائرة الواجب لدرجات، مكروه ومباح ومندوب بين دائرتي الحلال والحرام، لا يعرف الدين تدرجات الواجب والممنوع بل هناك دائرتين محددتين بحد واحد المحرم هو دائرة الأقلي التي لا يمكن لأحد أن يناقش في تضيقها أو توسيعها لأنها منصوصة بالنص، (حرمت عليكم أمهاتكم ....) و(لا تقتلوا النفس التي حرم الله ....)، بعد هذا التحريم النصي لا دور للفقه الروائي أن يحرك الحدود وما بعد الحد هو الحلال لأنه مباح وغير ممنوع.
• الفقيه الراوي يعتمد على التراكم الثابت والمحاولات النقدية لديه تدور في محورين المحور الأول تسفيه ما يظن أنه لا يمثله عقائديا وكأنه الشيطان الذي لا بد من رجمه، مستخدما علم المنطق والأصول طريقا عقليا بإدخال الفكرة المنافسة بدائرة الشبهات ويسهب في بيان ذلك من خلال أستخدام نفس مصادر بناء الفكرة المنتقدة وهي النص المحفوظ(القرآن) والرواية الظنية الأحتمالية المنقولة(الحديث)، أما المحور الثاني يعتمد فيه إلى تدوير الدليل النقلي ليكون في صالح الدليل العقلي وليس العكس، أي يحاول جر الدليل النقلي الذي يشترك فيها مع دليل النص المنتقد إلى مصلحة فكرته المستخلصة لديه، دون أن تكون أفتراضا عقليا أن الفكرتان على مستوى واحد من المحاكمة والنقد، فهو هنا لا يمارس الحيادية والتجرد بل يتعقل الفكرة بالتعصب حتى لو كانت في قرار نفسه غير صحيحة، طبعا هذا ليس بطريق علمي ولا منهجي وإن أستخدم في الوصول إليه طريف المنطق المحكم.
• الفقيه الروائي التقليدي ليس مكلفا من عقله أن يعيد النظر بما يقرأ على أنه أجتهاد شخصي ممن سبقه وعليه أن يعيد القراءة من المنبع، الخوف من سطوة النقد السلبي تجعل منه يعيش منطق وعصر من سبقه ليس لأنه يؤمن بها ولكنه محكوم بالتتابع والتقليد، الفقيه المقلد يجتر نفس الأفكار ويعيد كتابتها بورق جديد مضافا لها بعض المصطلحات الفخمة التي تحير القارئ والمتلقي في إستيعاب ما يقول حتى يقال عنه أنه عليم، هذه الكونية في بناء وإعادة بناء وأخراج الأفكار السلفية تعيد للذهن فكرة ترميم الأثار القديمة بمواد بناء جديدة، عند النهاية نجد أن الأثر التاريخي يحتفظ بصفته وأسمه ومع شيء من الجمالية التي شوهت الحقيقة ولم تعيد الحياة للأثر وإن أرتدت بعض الأشياء الجديدة.
• الملخص من ذلك أن هذا الفقيه التاريخي لا يمكنه أن يقفز بالنص إلى داخل فضاء الزمن الحاضر، الزمن الذي يتحرك وتتبدل في المفاهيم والصور والرؤى حسب متطلبات الوجود الحاكم على مبدئية الفكر وضرورات البقاء، لا يمكنه هنا أن يكون متخليا عن إرثه الحزبي الفكري السلفي ولو كان يقر بحاجة التجديد وإعادة الوعي، ويمنحه الحرية كي يتنفس ليستعيد حياته، مصرا على أن تأريخية النص قد أولدت له صفة الخلود وإعادته للحياة لا يمكن أن يمر إلا عبر إخراجه من الخلود والمعصومة، هذا الأخراج سيكشف الكثير من العورات التي مرت على الفكر الذي ينتسب له وبالتالي سيساهم في تدمير مملكة الرواية الدينية التي أفرزته كفقيه تاريخي روائي وهذا يعد بمثابة أنتحار حقيقي له ولمذهبيته وتأريخيته المعصومة من النقد.

يتبع ح3



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوت الله أكبر في فجر الكرادة
- الأحد الدامي والإجرام العابر بلا حدود
- نداء...نداء ... كيف تسمعني .... أجب
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت
- الطفولة ومسئولية المجتمع في تنمية الثروة البشرية
- نحن والقانون
- القدس وإشكالية الهوية
- محاربة الفساد السياسي يبدأ من تصحيح العلاقات الأجتماعية
- وهم المشروع الإسلامي بين مطرقة فشل التجربة وسندان العجز عن ا ...
- وهم المشروع الإسلامي بين مطرقة فشل التجربة وسندان العجز عن ا ...
- المتدين وفلسفة الأخلاق والتفاضل
- خالتي العجوز ونبوءة المطر
- العراق وأزمة الهوية.
- البيان المدني
- انا لون الرماد ...طز بالحجر
- نحن والعمة بريطانيا
- كوميديا السارق والسارقة باللون الاحمر والاخضر
- الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح4
- إسلام معاصر ومسلمون تحت الوصاية ح 2
- أسلام معاصر ومسلمون تحت الوصاية ح1


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح2