أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - صهيونية إسرائيل














المزيد.....

صهيونية إسرائيل


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 13:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكلمة "الصهيونية" في الثقافة العربية السائدة دلالة بغيضة، مرادفة للعنصرية والتآمر والعدوانية. الأمر هكذا يتجاوز ‏الموضوعية والعقلانية، ليغرق في أوحال التعصب الديني والسياسي العروبي، بل وطال التعصب أصحاب الهوس ‏اليساري المفارق للرؤية الأممية المفترضة في اليسار الماركسي. . فلنحاول أن نقارب الفكرة "الصهيونية" مقاربة مختلفة، ‏لا نزعم لها حقيقية مطلقة، إذ يكفيها أن تكون محاولة للتحليق فوق مستنقعات غرقت فيها شعوب المنطقة، وشربنا من ‏مياهها الآسنة ما يكفي لتحريضنا على المراجعة والتدقيق في كل ما حسبناه ثوابت.‏
اليهودية بالأساس ديانة مغلقة غير تبشيرية، لذا يعتبرها أصحابها بمثابة قومية، رغم أن الواقع يقول أن اليهود يتوزعون ‏على أجناس عرقية عديدة، وهذا في الحقيقة ما لا تنجو منه أي قومية على سطح الكرة الأرضية، نتيجة لانسياحات ‏الشعوب عبر التاريخ والتمازج والتلاقح بين مختلف الإثنيات. وتخبرنا البدايات اللاهوتية الأولى للعبرانيين في التوراة، ‏بأن الأمر كان أمر اختيار من إله خاص اسمه "يهوه" للقبائل أو الأسباط العبرانية الإثني عشر، ليكونوا له شعباً ويكون ‏لهم إلهاً، وقد نهاهم "يهوه" في أول وصايا العشر الشهيرة عن أن يعبدوا معه آلهة أخرى. من هنا تأتي عقيدة اليهود ‏الأصلية قبل تطورها مع الزمن قليلاً، أنهم شعب خاص، لإله خاص، ولهم وطن خاص، لذا يستشعر اليهودي التقي ‏الموجود في أي مكان آخر بالعالم أنه في الشتات، ريثما يعود يوماً إلى وطنه. هذه الخصوصية لا نجدها في الديانتين ‏الإبراهيميتين الأخريتين. هذا ما تقوله التوراة ويعتنقه اليهود الأتقياء اليوم، سواء اعتبرنا نحن هذا الكلام حقيقة تاريخية ‏أو أسطورة كسائر الأساطير الدينية وغير الدينية. ونجد أثر هذا في فكر وتعاليم المسيح وتلاميذه، فقد جاء المسيح ‏بالأساس كما قال "إلى خراف بيت إسرائيل الضالة"، وإن كان شاول الطرسوسي (بولس الرسول) قد دفع المسيحية فيما ‏بعد باتجاه انفتاح أممي، أي لتشمل كل البشر بالعالم أجمع‎.‎
لا شأن لنا هنا بالطبع بمدى جدية حكاية "وعد إلهي بأرض ميعاد"، فهو أمر لا يخص إلا من تقبل عقولهم أن تأخذه ‏مأخذ الجد. وليس من المهم أيضاً مدى حقيقية ادعاء أصالة الانتماء اليهودي من الناحية الإثنية، فالنظرة العلمية للأمر ‏قد تراه ما بين الادعاءات والأساطير. لكن المهم أن اليهود في كل أنحاء العالم يستشعرون هذا الانتماء، بل وأيضاً ‏تعاملهم الشعوب التي يعيشون بينها على ذات الأساس، وقد عاش أغلبهم (في الشتات) في جيتوهات خاصة بهم، ‏كانت أشبه بأوطان صغيرة خاصة، ما خلق عامل ارتباط يجمعهم حتى في شتاتهم. وكان رحيلهم من أوطانهم الأصلية ‏إلى "أرض الميعاد" أقرب إلى نقل هذه الجيتوهات لتجتمع في بقعة واحدة، وأظهر نجاح دولة إسرائيل الباهر في ‏الاستمرار والترقي الحضاري، أن ما يجمعهم ولو في ظل دولة إسرائيل العلمانية أقوى من كل ما بين أشتاتهم القادمة ‏من سائر العالم من اختلافات إثنية وثقافية‎.‎
هكذا جاءت الحركة الصهيونية كحركة تحرر لإنقاذ يهود العالم مما تعرضوا له من قهر ومذابح جراء انتمائهم القومي ‏اليهودي، وربما أيضاً كنتيجة طبيعية متوقعة لروحهم الانعزالية، حتى وإن اتسموا بالسلمية واللاعدائية تجاه الآخر. ‏الحركة الصهيونية هكذا مثلها مثل سائر حركات تحرير مختلف الأقليات في العالم، حركة دفاعية غير هجومية، ولا ‏يصح وصفها بالعنصرية، لأنها لا تستهدف الآخر بالتحقير أو الاضطهاد، كعنصرية البيض في جنوب أفريقيا، أو ‏كأيديولوجية القومية العربية التي تعادي العالم كله، وتسحق الأقليات المالكة الأصلية للبلاد التي يسيطر عليها ‏العروبجية‎.‎
‏"يهودية إسرائيل" إذن لا تعني أنها دولة دينية، فالواضح لكل ذي عينين أنها دولة علمانية ديموقراطية حديثة، بل ‏ونعرف جميعاً أن مؤسسيها كانوا بين ماركسيين وملحدين، ولم يحركهم لإنشاء وطن قومي لليهود إلا المآسي التي ‏تعرضوا لها في أوروبا، وإن كانوا قد استندوا دعائياً للفكرة على معتقدات وأساطير دينية مغروسة في عقول وقلوب ‏اليهود. لكن الحاخامات اليهود شديدي التعصب والانغلاق الديني لا يعترفون بالدولة الإسرائيلية الراهنة.‏
إسرائيل إذن "وطن قومي أم" ليهود العالم، مؤسس وفق نظام اجتماعي وسياسي علماني حديث.‏
كانت هذه السطور محاولة لفهم وتفهم "الحركة الصهيونية" كفكر وأيديولوجيا كما يعتنقه أصحابه، بغض النظر عن ‏موقفنا نحن من هذا الفكر اقتناعاً أو رفضاً. وهو التفهم الذي ينفصل جزئياً على الأقل عن السياق والاشتباك التاريخي ‏مع هذه الحركة على أرض فلسطين، وما قد تسببت فيه مما نعده مآس للخليط السكاني المقيم في فلسطين وقت وقبيل ‏تأسيس الدولة الإسرائيلية. ذلك الاشتباك الذي أثرت فيه أيضاً أفكار وأيديولوجيات وعقائد دينية لدى الطرف العربي، كما ‏كان محطاً لروايات من الجانب العربي عن مآس وأهوال ارتكبتها العصابات الصهيونية، تحتاج منا الآن العودة إليها، ‏للتأكد من مدى صحتها التاريخية، حتى نطمئن ونحن نرتدي ثياب المظلومية التاريخية، أننا بالفعل مظلومين ولسنا ‏ظالمين لأنفسنا وللآخرين. . هي محاولة للحث على أن نعيد النظر من خارج ذلك الصندوق العتيق، الحافل بالشعارات ‏والمقولات الحماسية والعنصرية والمشوهة، ونفكر بطريقة مختلفة، علنا نجد ممراً للخروج من مستنقع "القضية ‏الفلسطينية"، التي جرت على الوبال على كل من تدخل وتداخل فيها‎.‎



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر وريادة السلام
- مع مفهوم -أمن الدولة-‏
- خربشات على جدار الوطن
- نقابة الصحفيين بين السلطة الرابعة والبلطجة
- إذا ما أطفأت تركيا الشمس
- بداية السقوط
- بين العاطفة والعقلانية
- حالة ميؤوس منها
- ما أظنها حقائق حول قضية جزيرتي تيران وصنافير
- تنويعات على لحن السيادة المفقودة
- حالة الاحتقان المصرية
- مصر تبيع الترماي
- تجديف في المتاهة
- شذرات عشوائية
- عفواً د. سعد الدين إبراهيم. . من فمك أدينك!!‏
- العولمة ونهاية التاريخ‎
- فاتنتي والمستحيل- قصة قصيرة
- الفارس والأميرة- قصة قصيرة
- الجحيم الذي تهفو إليه قلوبنا
- النص المقدس بين البنيوية والتفكيكية


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - صهيونية إسرائيل