أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوى - الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق مرتفعات تحرير جديدة - من الفصل الرابع من كتاب -... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا - لريموند لوتا















المزيد.....



الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق مرتفعات تحرير جديدة - من الفصل الرابع من كتاب -... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا - لريموند لوتا


شادي الشماوى

الحوار المتمدن-العدد: 5123 - 2016 / 4 / 4 - 23:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق مرتفعات تحرير جديدة
من الفصل الرابع من كتاب "... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا " لريموند لوتا

( ملاحظة : صار الكتاب بأكمله ، نسخة بى دى أف ، متوفّرا للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )

الفصل الرابع : ربع الإنسانيّة يتسلّق مرتفعات تحرير جديدة

سؤال : و هكذا نصل إلى الثورة الصينية فى 1949 . هل يمكن أن تقول لنا شيئا عن كيف بلغ الشيوعيون السلطة هناك ؟
لوتا : كان ذلك تمرّدا إجتماعيّا و سياسيّا عظيما ، صراعا مسّلحا ثوريّا جماهيريّا تميّز بالجرأة و التضحيات الخارقين للعادة . و قاد ماو تسى تونغ هذه الثورة البطوليّة . لكن لفهم كيف بلغت هذه الثورة السلطة ... يجب أن نفهم إطارها التاريخي .
فى القرن 19 ، أخذت القوى العظمى الرأسماليّة العالمية تتوغّل فى الصين عسكريّا و إقتصاديّا ... و مع نهاية القرن صارت تهيمن على الصين و فرضت معاهدات مكّنتها من إمتيازات تجارية . و قسّمت الصين إلى مناطق نفوذ أجنبيّة بما يعنى أنّ قوّة من القوى الأجنبية تتحكّم فى جزء من البلاد و تنهبه و تستغلّه ... و قوّة أخرى تقوم بالشيء نفسه فى جزء آخر .
لزمن طويل حكم الصين نظام مُلكي ؟ و سقط بفعل إنتفاضة ضبّاط جيش متمرّدين و معارضين مدنيين فى سنة 1911 و أعلنت جمهورية فى 1912 . لكن الجمهورية كانت ضعيفة ... و زاد فى ضعفها فساد النظام القديم . فتقاسم أمراء الحرب البلاد إلى إقطاعات شبيهة بالدويلات ما سهّل على الإمبريالية ، و على وجه الخصوص الإمبريالية اليابانية ، مواصلة نحت طريقها داخل البلاد . (42)

ولادة ثورة :

سؤال : من أين أتى ماو و الشيوعية ؟
لوتا : قام الشعب الصيني بشتّى المحاولات للتخلّص من الهيمنة الأجنبية ما عني إنتفاضات كبيرة و تمرّدات فلاّحين جريئة . غير أنّها لم تفلح فى تغيير ظروف المجتمع الصيني تغييرا جوهريّا .
لقد غيّرت الثورة البلشفية المعادلة تغييرا كلّيا . فقد أيقظت قطاعا من الشباب و المثقّفين الصينيين و ألهمتهم تبنّى الشيوعية . و تأسّس الحزب الشيوعي الصيني فى 1921. و بداية من 1927 ، شبّت معركة شرسة بين الكيومنتانغ الذى إنطلق كحزب - حكومة وطنيّ بيد أنّ الرجعيين إستولوا عليه بدعم من مختلف القوى الإمبريالية ، فعانى الحزب الشيوعي الصيني مجازرا دمويّة رهيبة على أيدى الكيومنتانغ . و فى هذا الوضع ، طوّر ماو ثمّ قاتل من أجل إستراتيجيا سياسية و عسكريّة صحيحة لتحقيق النصر عمليّا. (43)
و نقطة منعرج كبرى كانت المسيرة الكبرى وهي واحدة من أعظم و أبرز البطولات العسكرية الخارقة للعادة فى القرن العشرين . ففى 1934 ، قاد ماو مائة ألف مقاتل من الجيش الأحمر و المنظمين الشيوعيين فى مسيرة طويلة من 6 آلاف ميل لتجميع القوى و إعادة تنظيمها من أجل الثورة . لقد مرّوا بمستنقعات خطيرة و جبال وعرة . و قاتلوا أمراء الحرب و الجيوش الرجعية . و نشروا الثورة حيثما ذهبوا . و عندما بلغت المسيرة الكبرى وجهتها ، لم يبقى سوى 10 آلاف فقط . لكن بفضل المسيرة الكبرى إستطاعت الثورة أن تمضي قدما . (44)
و فى 1931 ، طفقت الإمبريالية اليابانية تتوسّع بعدوانيّة فى الصين ... و فى 1937 دخلت فى حرب مع الصين فإستولت القوات العسكرية اليابانية على شنغاي و كذلك على عاصمة نانجينغ أين إقترفت أحد أبشع الفظائع فى التاريخ المعاصر ... بصفة منهجيّة مغتصبة و معذّبة و قاتلة 300 ألف مدنيّ. (45) و دمّرت اليابان الصين للحصول على المواد الأوّلية ...و لإستغلال عبودية العمل فى الإنتاج الصناعي ... و إقترفت جرائم حرب رهيبة ، بما فيها إستعمال أسلحة كيميائية . و حدث هذا فى إطار الحرب العالمية الثانية ل 1939- 1945... بما أنّ القوى الإمبريالية سعت مرّة أخرى لإعادة إقتسام العالم بالقوّة.
و كان الشيوعيون الصينيون مصمّمون على قتال الغزو و الإحتلال اليابانية كجزء من القتال من أجل التحرّر الوطني و الإجتماعي . و مع 1940 ، نمت قواهم العسكريّة إلى ما يناهز 500 ألف . و وحّد ماو و الشيوعيّون و قادوا الشعب الصيني فى الوقوف و فى قتال القوات المحتلّة الإمبريالية اليابانية . و فى 1945 ، ألحقوا الهزيمة بالقوّات اليابانية فى الصين .
لكن البلاد دمّرت. حوالي 14 مليونا من الصينيين لقوا حتفهم جراء الحرب العالمية الثانية ! و غالبيّة شبكة السكك الحديدية الصينية و غالبية طرقها السيّارة و مصانعها قد دمّرت . و بالضبط مع نهاية الحرب فى 1945 ، إندلعت حرب أهلية بين القوّات التى يقودها الشيوعيون و قوات الكيومنتانغ ... المجهّزة و المموّلة من طرف الإمبرياليين الأمريكان . و عقب سنوات أربع من القتال الشرس ظفرت الثورة الصينية بالنصر فى 1949 . (46)
و سرعان ما توغّل الإمبرياليون الأمريكيون فى شبه الجزيرة الكوريّة و هدّدوا بغزو الصين ذاتها و بإستخدام الأسلحة النووية . و رسا أسطول البحرية الأمريكية السابع فى أقصى الشرق . و كلّ هذا حدث خلال الحرب الكوريّة التى إندلعت بعد فقط تسعة أشهر من إنتصار الثورة الصينية .
فى هذه الظروف بلغت الثورة السلطة . و بتحقيق هذا الإنتصار الذى لا يصدّق ، صارت الثورة الصينية منارة للمضطهًدين فى العالم ... و هدفا للإمبريالية . كان الفكر السائد فى الحركة الشيوعية زمنها يقول إنه من غير الممكن لبلد متخلّف إقتصاديّأ مثل الصين ذات مئات الملايين من الفلاحين أن تنجز ثورة مناهضة للإستعمار تقود إلى الشيوعية . و طبّق ماو علم الشيوعية و طوّره أكثر فى رسم طريق ثوريّ للأمم المضطهَدة – مطوّرا كلّ من البرنامج السياسي و الإستراتيجيا العسكرية لإنجاز ثورة تحريرية فى مثل هذه البلدان . و كان لإختراق ماو تبعات كبرى على الثورة عبر العالم .

الصين عشيّة الثورة :

سؤال : كيف كان المجتمع الصيني فى 1949 ؟
لوتا : كانت الصين مجتمعا شبه إقطاعي . و كانت الغالبية العظمى للسكّان من الفلاحين المعدمين ، المتعرّضين إلى حكم الملاكين العقاريين الكبار الوحشي و الإستبدادي .
كان الفلاّحون يستأجرون الأرض من الملاكين العقارين الكبار الذين قد يستولون عندما تكون المحاصيل جيّدة على نصف الثروة التى أنتجهاالفلاّح مستخرجين الحبوب كمقابل للإيجار. و فى السنوات العجاف ، تكون نسبة الملاكين العقاريين الكبار أكبر فكان الفلاّح يحصل على ما تبقّى ،و حتى فى الأوقات الجيّدة لم يكن ذلك عموما كافيا ... لذا على الفلاّح أن يستعير من المرابين بالأموال ، ليدفع لهم نسبة أرباح فى كلّ مكان تراوح بين 30 إلى 100 بالمائة . و فوق كلّ هذا ، على الفلاّح أن يدفع أداءات للسلط الحكوميّة . و فى سنوات المجاعات التى كانت تحصل كثيرا ... يضطرّ الفلاحون إلى أكل أوراق الشجر و الجلف و يضطرّون حتى إلى فظائع بيع أحد أبنائهم كي يظلّ الآخرون على قيد الحياة . و كانت المجاعات تعتبر جزء من تجربة الحياة العادية ... و واحدة من الأشياء التى كان يمكن للفلاّح أن يتوقّع الموت بسببها ... مثل المرض أو الشيخوخة . (47)
و بالنسبة للنساء ، كانت الحياة بمثابة جهنّم على وجه الأرض . أتحدّث عن ضرب الزوجات و الزواج المدبّر و الدعارة الإجبارية . و من العادات الأكثر إضطهادا و بشاعة فى المجتمع الصيني كانت ممارسة شدّ الأرجل . كانت أرجل الفتيات ذات السبع أو الثماني سنوات تُربط ربطا وثيقا بحيث تنزع إلى كسر حمارة القدم و الأصبع ملوية بإستمرار إلى تحت . و كانت هذه الممارسة الفظيعة تهدف إلى إبقاء أرجل النساء صغيرات و إلى إجبارهنّ على التمايل عند المشي ... و كان ذلك يعتبر شهوانيّا و جميلا فى المجتمع الأبوي الصيني . و الألم و العذاب الشديدين قد لخّصتهما مقولة قديمة هي " لكلّ زوج من الأرجل المشدودة ، سطل مليئ بالدموع " . و بات شدّ الأرجل رمزا لأوضاع المرأة الصينية قبل الثورة . (48)
فى المدن ، كان الوضع يبعث على اليأس . و فى شنغاي ، قبل إندلاع الحرب العالمية الثانية ، كانت تجمع من الشوارع سنويّا 25 ألف جثّة . (49) و فى مصانع النسيج ، كانت النساء الشابات العاملات تسجن داخل هذه المصانع ليلا ؛ فى زمن قطّعت فيه القوى الأجنبية المتباينة شنغاي تقطيعا .
و كانت للصين قاعدة صناعية متخلّفة ... تنتج أساسا السلع المصنّعة الخفيفة مثل السجائر و النسيج . كانت الصين بلدا يعدّ 500 مليون شخص ، لكن لم يوجد فيه سوى 12 ألف طبيب مدرّبين على الطبّ الغربي . كان 4 ملايين شخص يموتون سنويّا بسبب الأمراض المعدية و الطفيلية . (50 ) و كان أمل الحياة 32 سنة . و كان الناس على درجة من اليأس بحيث وُجدت آفة الإدمان على المخدّرات... 60 مليون مدمن على المخدّرات .
لهذا قام الشعب بالثورة . لهذا من الضروري الإطاحة بالطبقات المستغِلّة القديمة و تحطيم نظام دولتها .

إستنهاض الجماهير لتغيير المجتمع بأكمله :

هذا بالضبط ما فعلته الثورة الصينية . ركّزت سلطة دولة جديدة ، شكلا من أشكال دكتاتورية البروليتاريا قائمة على تحالف العمّال و الفلاّحين . و سلطة الدولة الجديدة هذه صانت حقوق الشعب و قمعت الثورة المضادة و جعلت من الممكن إنجاز التغيير الشامل للمجتمع و دعم الثورة العالمية . فى المدن و المناطق الريفيّة ، أرست المؤسسات الجديدة على كافة مستويات المجتمع ... بقيادة الحزب الشيوعي ... و كانت تُشرك الملايين و الملايين من المستغَلين سابقا فى المسك بالمبادرة لتغيير المجتمع و تسييره .
لآلاف السنوات ، كان المضطهَدون لا ينظر إليهم إلاّ على أنّهم يد عاملة و الآن لهم حقّ و قدرة الوقوف ... و هم يدعمون جيش التحرير الشعبي لتغيير الإقتصاد و السياسة و المجتمع و الحياة الثقافية .
فى ظلّ قيادة ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ، شرعت الثورة الصينية على الفور فى تغيير الأوضاع .
سؤال : من أين بدأوا ؟
لوتا : من الإجراءات الأولى الإصلاح الزراعي . مع بدايت خمسينات القرن العشرين ، كانت سلطة الدولة الثورية قد وزّعت 30 إلى 40 بالمائة من الأراضي الفلاحية الصينية التى صادرتها من طبقة الإقطاعيين المستغِلّة ... لتمتّع بها زهاء مليون فلاّح . و كان الإصلاح الزراعي الصيني أكبر عمليّة مصادرة و توزيع للملكية و إلغاء للديون عرفها تاريخ العالم . (51) و قد كان فعلا حركة جماهيرية من الأسفل ، بقيادة الحزب . كانت حركة مختلفة عن الطريقة المسقطة من الأعلى إلى الأسفل التى حدث بها عادة التغيير فى الريف السوفياتي فى ظلّ ستالين .
عبر الصين ، كان الفلاحون يتقاسمون الأرض و الأدوات و الحيوانات و واجهوا القطاعيين القدماء . و عقدوا تجمّعات جماهيرية لرواية كيف كانوا يتعذّبون فى ظلّ المجتمع القديم و كيف سيعملون فى الزراعة فى المجتمع الجديد. تقدّموا إلى الحياة السياسية مطيحين بمحاكم القرى المعيّنة و معوّضينها بمجالس منتخبة . و شرعوا فى التخلّص من التطيّر و فى دراسة العلم . فى بلد أين ام تكن النساء أبدا تعامل عل أنّها مساويات للرجال ، ليس فقط الرجال بل النساء حصلن حصلن أيضا على الأرض . لقد قصمت الثورة بصورة حاسمة ظهر الإضطهاد الإقطاعي . (52)
سؤال : أشرت إلى حصول النساء على الأرض ، لكن ما هي التغييرات الأخرى فى حياة النساء ؟
لوتا : لنعد للحظة خطوة إلى الوراء . لقد تحدّثت قبلا عن ما جرى فى الإتحاد السوفياتي ، لا سيما فى العقد الأوّل تقريبا و مقارنة ببقيّة العالم . و علينا أننستوعب حقّا أنّ هذه المسألة – إضطهاد النساء بصورة أكثر عالمية- لم يكن يُنظر إليها حتى ك " قضية " إلى أواخر 1700 عندما كُتبت أوّل الأعمال الكبرى بهذا المضمار . و رأى ماركس و إنجلز هذا على أنّ هذه القضيّة جزء لا يتجزّأ من الثورة الشيوعية منذ البداية ، و كتب إنجلز عمله العظيم حول ذلك " أصل العائلة و الملكيّة الخاصة و الدولة " مفكّكا كيف ظهر هذا الإضطهاد ، و فى أبعاد عريضة جدّا كيف يمكن و سيُلغى هذا الإضطهاد فى سياق النضال من أجل المجتمع الشيوعي . و هكذا كان كذلك أكثر فهم و ممارسة متقدّمين على الكوكب ، من جهة ، لكن كانت هناك أيضا بعدُ طرقا فيها كلّ هذا – عمل إنجلز النظري الرائد ، التغييرات فى الإتحاد السوفياتي و حتى الإختراقات الأولى فى الصين و التى سأتناولها لاحقا - لم تمثّل سوى الخطوات الأولى ، الخطوات الأولى لكنّها خطوات عملاقة . و كان شيء مثل الحقّ فى الأرض أمرا عظيما فى إطار بلد لم يتخلّص بعدُ من الإقطاعية التى ظلّت متواجدة بعدّ ة أشكال . (53)
و من هنا ، فى الصين المحرّرة ، فى 1950 ، وضع قانون الزواج الجديد نهاية للزواج المدبّر و لزواج الأطفال . و ضمن القانون الجديد حقّ الطلاق للنساء و كذلك للرجال . لكن الثورة ، شدّد ماو ، شملت أكثر من القوانين الجديدة . كان الناس يغيّرون المجتمع من خلال التعبئة الجماهيرية ، و كان هذا عميق الإرتباط بالنضال من أجل تغيير العلاقات الإجتماعية الإضطهادية و الأفكار المتخلّفة ،من أجل تغيير القيم و التفكير أيضا .
و ترافق تطبيق الإصلاح الزراعي بصراع ضد معاملة النساء كأشياء يتحكّم فيها الرجال ، صراع ضد الحدود الضيّقة للعائلة و ضد سلطة العشيرة . و شيء هام جدّا هنا – طوّر الحزب ممترسة التعويل على الأرامل و الأيتام حتى فى خوض النضال من أجل الإصلاح الزراعي و أشكال الفلاحة التعاونية – هو التعويل على أكثر المضطهَدين و فى السيرورة جلب النساء على نحو أتمّ إلى الحياة العامّة و بطريقة ديناميكية جدّا . شهد المجتمع بشكل واسع صراعا إيديولوجيّا ضد مفهوم دونية النساء . و نشر ماو شعبيّا شعار " النساء نصف السماء " . و ما كان ذلك مجرّد تصريح بالمساواة بل كان نداء للتخلّص من كلّ ما يقف حجر عثرة فى طريق ذلك . و فى أقلّ من عقد ، إندثر البغاء كظاهرة إجتماعية بارزة ؛ و إنقشع العار عن اللاتى أجبرن فى السابق على ذلك و صارت حياة إنتاجية جديدة متوفّرة لهنّ ، و إستطاعت النساء أنتسير فى شوارع المدن الكبرى بلا خوف . و وُضع حدّ لممارسة شدّ الأرجل بشكل قطعي . و كلّ هذا مضى بعيدا حتى أكثر مع الثورة الثقافية التى إندلعت فى 1966 – و التى سنناقش بعد قليل . (54)
سؤال : قلت إنّ الصين دُمّرت بعد الحرب .كيف تعاطت السلطة الجديدة مع ذلك الوضع ؟
لوتا : شنّت حملات جماهيرية لتنظيف المدن . و وقع القضاء المبرم على الكوليرا و الأمراض الوبائية الأخرى أو أصبحت تحت السيطرة . و شُيّدت مصانع جديدة و مساكن للعمّال . و بُنيت المستشفيات و المعاهد الطبّية . و فى 1965 ، درّبت الصين 200 ألف طبيب رسميّ.(55) و أرسي نظام تعليمي جديد عبر الريف . و شنّت حملات تعليم جماهيرية . و ذهب كافة أصناف المتطوّعين إلى الريف ؛ و مع نهاية خمسينات القرن العشرين قد كسبت غالبية الفلاحين على معرفة قراءة أساسية . هذا ما جعلته الثورة ممكنا .
و وقع كنس الإدمان على الأفيون من خلال تعاطى و تربية جماهيريين . و من كانوا من المدمنين تحوّلوا إلى أناس قادرين على العمل المنتج ... لأنّ الإقتصاد الجديد برمّته قام على تلبية الحاجيات الإجتماعية و من ذلك توجيه المحاصيل الفلاحية لخدمة المجتمع . و ما هو أهمّ ، ما هو أثمن ، هو البشر و قدرتهم على أن يكونوا فى صحّة جيّدة و قدرتهم على التعلّم و على المساهمة فى خدمة الشعب .(56)

مسألة لم تحسم : إلى أين يتجه المجتمع ؟

سؤال : إذن حدث تقدّم عظيم .
لوتا : أجل ، لكن إلى أين يتجه المجتمع ... مسألة لم تحلّ .
سؤال : ماذا تقصد بذلك ؟ كانت السلطة بين أيديهم أليس كذلك ؟
لوتا : دعونا نعود إلى الوراء للحظة . حينما بلغت الثورة السلطة فى 1949 ، ألقى ماو تسى تونغ خطابه الشهير فى ساحة تيان أن مان فى بيكين . و صرّح للحشود : " لقد نهض الشعب الصيني " ثم أضاف ناظرا إلى أبعد من اللحظة التاريخية تلك هذا " ليس سوى البداية ... ليس سوى مقدّمة لمسار طويل " .
كانت تلك طريقة ماو الشعرية لقول إنّ الثورة ليس بوسعها التوقّف . كانت تلج مرحلة جديدة من التغيير الإشتراكي للإقتصاد ، و إنشاء مؤسسات سياسية جديدة ،و صياغة قيم جديدة للعمل من أجل المصلحة العامّة . كان على الثورة أن تستمرّ . هدف الشيوعية هو تجاوز تقسيم المجتمع و العالم إلى طبقات و إيجاد مجتمع إنساني عالمي . و قد إستخدم ماركس جملة وصفيّة تعبّر عن جوهر الشيوعية " القطيعتان الراديكاليتان ".... مع علاقات الملكية التقليدية و مع الأفكار التقليدية . لهذا هذه التغيّرات الأولى التى وصفت على أنّها مذهلة ... ما كانت سوى " البداية " .
لكن هناك قوى شديدة البأس فى صفوفالحزب الشيوعي الصيني كانت لديها رؤية مغايرة جدّا لرؤية ماو ... إلتحقت بالحزب الشيوعي أساسا لأسباب وطنية . القوى الأجنبية أهانت الصين ؛ و ثورتها لسنة 1911 فشلت فى تخطّى التخلّف و التبعيّة فإرتأوا الثورة كوسيلة لتحويل الصين إلى قوّة صناعيّة معاصرة . و توصّلوا إلى إستنتاج مناقض لإستنتاج ماو : بالنسبة إليهم ، الثورة السياسية – الإجتماعية قد إنتهت فى الساس فى 1949 . و المهمّة مذّاك ، كما إرتأوها ، هي أساسا تعصير الإقتصاد .
و قد دافعوا على برنامج التصنيع السريع . فالتطوّر حسب وجهة نظرهم ، سينساب إلى الريف . و قادتهم نطرتهم فى إتجاه معيّن : إتجاه تركيز الموارد فى المصانع الكبرى و العصرية و فى التقنية المتقدّمة ... إلى بناء جهاز تخطيط مركزي كبير ... و تكوين جيوش من الأخصّائيين و تحفيز الناس من خلال الأجور و العلاوات المادية .. كانوا يتبنّون النموذج السوفياتي فى التطوّر .
سؤال : و لم يوافق ماو على ذلك ؟
لوتا : أجل ، رأى ماو تسى تونغ الحاجة إلى بناء صناعة غير أنّه كان ضد فكرة التصنيع السريع المعتمد على تركيز الموارد فى المناطق المدينية و على حساب الفلاحين و الفلاحة . و كان مع تطوير التقنية ، لا سيما التقنية المناسبة لظروف الصين غير أنّه كان ضد فكرة وضع التقنية و الأخصّائيين فوق الجماهير و إبداعها . و كان مع تحسين ظروف حياة الشعب ... غير أنّه كان ضد تحفيز الناس بالجوء إلى إلى المصالح المادية المباشرة الضيّقة .
رأى ماو أنّ هذه المقاربة التى تبنّاها قادة آخرون فى الحزب مقاربة ستؤدّى إلى تعزيز اللامساواة و تعزيزها و ستسلب الجماهير المبادرة . و كان يبحث عن مقاربة ستسمح عمليّا للجماهير بكسب السيادة الكاملة على المجتمع و منع تشكّل فئات جديدة من الصفوة .
كان ينبغى تخطيط تطوّر الإقتصاد غير أنّ ماو لمس الحاجة إلى نظام أكثر راديكالية و ديناميكية و تشريكا للناس – إن كانت الصين ستقدر على الصمود فى وجه الهجوم و الغزو الإمبرياليين ، تحتاج إلى عدم مركزة الصناعة و عدم مركزة التطوّر فى المدن غير الحصينة و المناطق الساحلية ، لكنّى أتحدّث عن مسألة أعمق متصلة بجلب الجماهير الشعبية بعمق أكبر نحو السيرورة العملية لمعرفة المجتمع و تغييره .
و إذن وُجد هذا النزاع بين الموقفين داخل الحزب الشيوعي حول توجّه المجتمع . و كانت لهذه القوى المحافظة قوّة و تأثير صلب الحزب الشيوعي و صلب المجتمع . فى فترة 1949- 1976 ، إحتدم صراع شديد فى المستويات العليا من الحزب حول توجّه المجتمع ، حول المضيّ قدما إلى الشيوعية ... أم العودة إلى الرأسمالية .
و ثمّة بعدٌ آخر . فى أواسط خمسينات القرن العشرين ، كان ماو و القوى الثوريّة يصارعان ، مثلما وضع ذلك بوب أفاكيان ، ضد إرثين إثنين .(57) أوّلا و فوق كلّ شيء كانا يناضلان ضد تواصل و تأثير تهديدات الرأسمالية و الإمبريالية الغربية التى هيمنت تاريخيّا على الصين و كانت تحاصر الصين و تضغط عليها . و ثانيا ، كان ماو يناضل ضد الإرث السياسي و الإيديولوجي وتأثير نموذج التطوّر السوفياتي الذى حتى قبل إنحلاله إلى دولة رأسمالية كان يعانى من مشاكل لها دلالتها. وأعنى برأسمالية الدولة نظاما حيث المصانع و المناجم و النقل و بإختصار وسائل الإنتاج ملك الدولة إلاّ أنّها تسيّر وفق المبادئ الرأسمالية ل " الربح فى المصاف الأوّل " عوضا عن دعم الثورة و تلبية الحاجيات الإجتماعية للجماهير الشعبية .
سؤال : أعلم أنّنا تحدّثنا عن هذا قليلا ، لكن لماذا ليس هذا نموذجا للتطوّر الإشتراكي ؟
لوتا : حسنا ، من مشاكل المقاربة أو النموذج السوفياتي نظرة أنّه حينما نكون قد بلغنا ملكية الدولة لموارد الإنتاج الكبرى فى المجتمع ، تكون المهمّة المفتاح هي تطوير قوى الإنتاج و المضيّ بصورة شاملة حقّا فى بناء الإقتصاد . بيد أنّ ماو نظر إلى المسألة نظرة مغايرة فحاجج أنّ هذه النظرة لم تكن عمليّا تقود الجماهير إلى تغيير الظروف المادية و تغيير نفسها ... و تغيير كافة العلاقات الإجتماعية و الإيديولوجية فى المجتمع . عوض ذلك ، هذا النموذج من مجرّد " أنتج على طريقتك " للتوجّه نحو الشيوعية سيؤدّى عمليّا إلى ظهور شريحة جديدة ذات إمتيازات ستركّز نفسها فى موقع فوق الجماهير .
لم تكن لدي ماو تسى تونغ نظريّة تامة التشكّل حينها . و ستنشب صراعات كبرى فى السنوات التالية ستكون الثورة الثقافية قمّتها . و فى خضمّ هذه النضالات المحن ، طفق ماو يصوغ فهما رائدا لطبيعة المجتمع الإشتراكي و بلوغ هدف الشيوعية ، و عمليّا فهما جديدا لما هي الشيوعية . لكن حينها فى بداية خمسينات القرن العشرين ، ظلّ ماو يرى المشاكل الحقيقية لما أسمّيه " النموذج السوفياتي " .
هذا هو الوضع الذى كان يواجه القيادة الثورية فى الصين : هل ستستطيع الصين أن تصمد فى وجه ضغوطات الإمبريالية الغربية و خاص الولايات المتحدة الأمريكية ؟ هل ستستطيع أن تصمد فى وجه ضغوطات السقوط تحت جناح الإتحاد السوفياتي و سيطرته ؟ أو هل ستسلك طريقا آخر ، طريقا تحريريّا ؟

القفزة الكبرى إلى الأمام :

إنطلقت القفزة الكبرى إلى الأمام فى 1958 لخطّ طريق مغاير . وُجدت إمكانيّات و حماس هائلين لتغيير الريف . و كانت القيادة الثورية قادرة على تحويل ذلك إلى قوّة جبّارة من أجل التغيير .(58)
سؤال : هناك الكثير و الكثير من الإضطرابات و التشويه بصدد القفزة الكبرى إلى الأمام . ماذا كانجوهرها ؟ ثمّ أودّ أن تحدّثنا عن الهجمات ضد القفزة الكبرى إلى الأمام .
لوتا : فى موقع القلب من القفزة الكبرى إلى الأمام فى الريف نعثر على الكمونات التى جمّعت الفلاحين على نحو مزج فيه النشاط الإقتصادي و النشاط السياسي و الإجتماعي و المليشيا و الإدارة . و كان هذا شيئا جديدا . و أنشأت وحدات سلطة حيث الجماهير ، لا سيما منها المضطهَدين و المستغَلّين سابقا كانوا يمارسون السلطة فى ظلّ قيادة الحزب . كانوا يغيّرون القاعدة الإنتاجية للمجتمع ، خاصة فى الريف . وبينما كانوا يقومون بهذا...و كجزء من القيام بهذا ، كانزت يغيّرون العلاقات بين الناس و فى صفوفهم .
و قد عرفت نشأة الكمونات سيرورة . فقد شارك الفلاحون فى الحركة الكبرى للإصلاح الزراعي ... و وقفوا ضد الإقطاعيين القدماء و كسبوا أرضا و آلات و حيوانات . غير أنّ الأمور لم تقف عند هذا الحدّ . فالقيادة الثوريّة قد شجّعت الناس على تشكيل فرق التعاون المشترك لمساعدة بعضهم البعض على الزراعة و تقاسم الآلات ... ثمّ على تشكيل تعاونيّات فيها شارك الفلاحون بالعمل و إستخدموا جماعيّا أرضهم المملوكة فرديّا و حيواناتهم و أدواتهم الكبرى ... و على تشكيل تعاونيّات أكبر. (59)
كان الناس يعملون معا بطرق جديدة و يرون منافع العمل الجماعي و يتقاسمون الموارد . وبالفعل أخذ عدد متنامي عمليّا من الفلاحين فى فلاحة الأرض بحماس لأنّهم كانوا يعملون ضمن هذه المنشآت الجديدة و يكسبون الأمان منها .
فى منطقة ريفية ، إلتحق فلاّحو التعاونيّات بفلاّحين آخرين للشروع فى إنجاز مشروع جلب المياه عبر الجبال لريّ أراضي تشكو من الجفاف . و لخّص ماو ما حصل ليجعل منه نموذجا للكمونات .
سؤال : و بماذا كانت تقوم الكمونات ؟
لوتا : إستطاع الناس أن يتحرّكوا جماعيّا و أن يطلقوا كافة انواع طاقاتهمالخلاّقة . فقد عملوا على إستصلاح الأراضي و غرس الأشجار و بناء الطرقات . و شيّدوا مشاريع ريّ و مشاريع سدود متنوّعة للحماية من الكوارث الطبيعيّة . و بات ممكنا إستخدام الجرّارات و الآلات بطرق عقلانيّة أكثر تلبية لحاجيات إنتاج الغذاء لأنّ الأرض كانت ملكيّة جماعيّة . و نشأت صناعات على نطاق ضيّق فى الريف – مصانع أسمدة و إسمنت و منشآت صغيرة كهرومائية . و شرع الفلاّحون فى التحكّم فى التكنولوجيا و إنتشرت المعرفة العلمية ؛ وصار ممكنا بطريقة جديدة تماما التجديد وحلّ المشاكل على المستويات المحلّية .
على هذا النحو و غيره جرت معالجة الفروقات بين المدينة و الريف ،و بين الفلاحين و العمّال و جرى إدخال تغييرت عليها . كان هذا غاية فى الأهمّية لأنّ التطوّر غير المتكافئ بين المناطق المدينيّة و الريفيّة مصدر إمتيازات و هيمنة إجتماعيّة و طبقيّة . تاريخيّا ، عني التطوّر و التصنيع الرأسماليين جلب المدن الموارد من الريف – و مواجهة المزارعين فى المناطق الريفيّة أسعارا منخفضة للسلع الفلاحيّة التى يبيعونها و أسعارا أعلى للسلع المصنّعة التى يشترونها . و تساهم هذه الأصناف من العلاقات اللامتساوية بين المدينة و الريف فى تفقير الريف و تملى على المزارعين – الفلاحين فى ما يسمّى بالعالم الثالث أن يتركوا المناطق الريفيّة ليتّجهوا نحو الأحياء القصديريّة و مدن الصفيح .
و مظهر هام من القفزة الكبرى إلى الأمام هو كيف أنّها تحدّت إضطهاد النساء اللاتي لم تعد معطّلة ومقيّدة بالضيق الخاتق للإنتاج المعتمد على العائلة . تجاوزت النساء الشؤون المنزليّة . فالقفزة الكبرى إلى الأمام أوجدت مطابخا و مطاعما جماعيّة و رياض أطفال و تعاونيّأت لإصلاح المنازل . و ولجت النساء معمعان معركة إنشاء مجتمع جديد . و وُضعت العادات و القيم القديمة موضع السؤال . و ناضل الناس ضد التطيّر والقدريّة و التقاليد الإقطاعيّة التى إستمرّ وجودها كالزواج المدبّر .(60)
و كذلك أرست الكمونات شبكات مدارس إبتدائيّة و ثانويّة و مصحّات طبّية أيضا .
كانت هذه طريقة تطوير التعويل على الذات و التطوّر المتوازن و توطيد القدرات التقنيّة و الصناعيّة التى يمكن أن تخوّل للصين مقاومة الهجوم الإمبريالي و دعم الثورة العالميّة .
لقد سجّلت الكمونات قفزة فى المشاركة المباشرة للجماهير على كافة أصعدة المجتمع نسبة إلى ما حقّقته الثورة إلى حينها . (61)

طريق تطوّر سليم و عقلاني :

سؤال : لكن إن قرأت أيّا منهذه الكتب و المقالات المعادية للشيوعية حول اقفزة الكبرى إلى الأمام ، تجد أنّها جميعا تقول إنّ ذلك كان " جنونيّا و غير عقلاني " .
لوتا : دعونى أقول لكم ما هو الجنوني و غير العقلاني . الفلاحة الموجّهة للشركات التجاريّة المعتمدة على التخًّص فى الإنتاج الوحيد للتصدير و إستثمارات هائلة فى الأسمدة القائمة على البترول ... ما يضرّ بالتوازنات البيئيّة المحلّية و يدفع بالفلاحين إلى النزوح من الريف إلى المدن ، إلى مدن الصفيح و الأحياء القصديريّة ... هذا هو التطوّر الجنوني . و تحويل الأراضي المستغَلّة سابقا لأنتاج الغذاء إلى أراضي لإنتاج محاصيل الوقود مثل الإيتانول ،و تطوير فلاحة موجّهة للتصدير حيث لديكم زهور غريبة تنتج للتصدير بينما يموت الفقراء جوعا ... هذا هو الجنوني . جعل البلدان تغدو مرتبطة بصفة متصاعدة بالسوق العالميّة من أجل المواد الغذائيّة التى هي عرضة لتموّجات الأسعار العالمية ...هذا هو ثقل اللاعقلانيّة و الجنون .
عندما ينتحر 250 ألف فلاّح من الهند بين 1995 و 2011 نظرا لكونهم وقعوا فى أحابيل الشبكات العالميّة للفلاحة الموجّهة للتجارة ، مثل مونسنتو ، و الدخول فى التداين لشراء البذور و الأسمدة التى تحتكرها هذه الشركات ... هذا هو المآل التراجيدي لنمط جنوني و غير عقلاني لتنظيم الإقتصاد المرتكز على الربح و الهيمنة الإمبريالية على الفلاحة و المعرفة العلميّة . (62)
زرت مانيلا [ الفليبين ] سنة 1996 ، اخذنى أناس إلى ما يسمّى بجبل الدخان . إنّه أرض شاسعة مغمورة بالقمامة أين يبحث الناس على ما يمكن العثور عليه للبقاء على قيد الحياة أو لإستعماله أو بيعه . و الدخان الكثيف هناك نتيجة الحرائق و الدخان السام ( منهنا إسم جبل الدخان ) . و الكثير من هؤلاء الناس كانوا من الفلاحين النازحين . و هذا زمن كانت الفليبين فيه تتعرّض للضغط للرفع فى " صادراتها الفلاحية غير التقليدية " مثل نبات الهليون الذى لم يكن على حدّ ما قيل لى قطعا جزء من مأكولات الشعب. و بعض النساء اللاتي قد زرعنا الأرز سابقا و لم تكن ليهنّ حجّة ملكيّة ... فى ظلّ هذه الضغوطات لتغيير الزراعات ... ما عدن قادرات على الفلاحة و نزحن إلى مانيلا أين العمل الوحيد الذى ينتظر العديد منهنّ هو العمل فى تجارة الجنس . (63) هذا جنوني .
أنظروا ، إنّنا نحيا فى عالم أين يموت 18 ألف طفل كلّ يوم جراء الجوع و الأمراض الممكن الوقاية منها . هذا جنوني .
و من وجهة نظر تلبية الحاجيات الأساسيّة للشعب و تطوير فلاحة مستدامة و من وجهة نظر كسر جميع قيود هذه الإنقسامات الإستعباديّة ... و من وجهة نظر ما هي المصالح الإنسانيّة – كانت القفزة الكبرى إلى ألمام عقلانيّة تماما . كانت مثالا لما سمّاه ماو " وضع السياسة فى مصاف قيادة التطوّر الإقتصادي ... و إيجاد إقتصاد يخدم حاجيات الشعب و يساهم فى التغيير الثوري للمجتمع . (64)
منخلال القفزة الكبرى إلى الأمام ولاحقا الثورة الثقافيّة ، كانت الصين نجز شيئا غير مسبوق فى تاريخ الإنسانيّة . كانت تلك أوّل مرّة لم تكن فيها سيرورة التطوّر الإقتصادي و التصنيع سيرورة تمدين فوضويّ.
الحقيقة حول المجاعة :

سؤال : لكن وُجدت مجاعة و يزعم انّها حدثت جراء كون ماو كان متهوّرا يحاول القيام بأشياء متعصّبة فى الريف ، ساعيا ببساطة لإستخراج أقصى ما يمكن إستخراجه من عمل الفلاّحين ، غير عابئ برفاه الشعب .
لوتا : أودّ أن اتطرّق إلى هذا و أكشف العديد من التشويهات . أوّلا ، مثلما شرحت ، لم تكن القفزة الكبرى إلى الأمام متهوّرة بل كانت تقودها أهداف سياسيّة منسجمة و كانت تستخدم طاقة جماهير الفلاحين و حماسهم .
حدثت فعلا أزمة غذائيّة كبرى بداية من أواخر 1959 و إستفحلت فى 1960 بيد أنّها لم تكن ناجمة عن سياسات ماو أو لامبالاته. لم تكن أزمة الجوع ناجمة عن أي شيء كنت وصفته : النظام الكموني والطريق الإقتصادي المتنوّع الذى كان بصدد الصياغة أو مشاريع إستصلاح الأراضي . صعوبات 1960-1961 التى بلغت أبعاد المجاعة أسبابها معقّدة .
أوّلا ، سُجّل تراجع فى الإنتاج الغذائي فى 1959 فقد عانت الصين من أسوء الكوارث المناخيّة فى قرن من الزمن . كانت للفياضانات و الجفاف إنعكاسات على نصف الأراضي الفلاحيّة الصينية . (65)
ثانيا ، شهد الوضع العالمي منعرجا كانت له تبعات على الصين إذ جدّ صراع إيديولوجي حاد بين الصين الثوريّة و الإتحاد السوفياتي . و مثلما قلت سابقا ، لم يعد الإتحاد السوفياتي إشتراكيّا ذلك أنّ قوى رأسماليّة جديدة بلغت السلطة أواسط خمسينات القرن العشرين . و صارت القيادة السوفياتية الآن تسعى إلى تعزيز الحركة الشيوعية العالميّة حول خطّ تحريفي . و بالتحريفيّة أقصد نظرة رأسمالية و معادية للثورة تلبس نفسها لبوس لغة ماركسيّة لتبرّر و تشرّع السياسات الإصلاحيّة التى لا تطال العلاقات الأساسيّة للرأسمالية . و قد حلّل ماو أنّ الإتحاد السوفياتي قد غادر الطريق الإشتراكي و كان يبيع بمصالح الثورة العالمية للإمبريالية الأمريكية . و ندّد بذلك .
و جاء ردّ السوفيات بسحب المستشارين و التقنيين و إيقاف المساعدة و سحب مخطّطات المشاريع الصناعيّة و تركها غير تامّة ما تسبّب فى تفكّك فى الإقتصاد الصيني ... و لم تتوفّر الأجزاء المنتظرة من التجهيزات و تعطّل المخطّط الإقتصادي الأصلي . إضافة إلى ذلك ، ترك السوفيات الصين بثقل ديون التجهيز العسكري الذى تلّقوه أثناء الحرب الكوريّة . (66)
لذا سُجّل إنحدار فجئي وحاد فى إنتاج الغذاء بسبب هذه الكوارث المناخيّة ؛ و ثمّ أدّى الإنسحاب السوفياتي الفجئي إلى ضغوط إضافيّة و تعطّل الإقتصاد .
ثالثا ، إرتكب الماويّون كذلك بعض الأخطاء فى سياساتهم . و من المشاكل أنّ فى عديد المناطق الريفيّة جرى إنفاق كمّية كبيرة من وقت عمل الفلاّحين فى المشاريع غير الفلاحيّة. و قد أضرّ هذا بإنتاج الغذاء. و مشكل آخر هو أنّ الكمونات كانت فى البداية واسعة جدّا و كانت تسعى إلى تنظيم إنتاج المزارع و إدارته و توزيع المداخيل و نشاطات أخرى إلى مستوى عالي و ممرركز فى هيكلة الكمونة . كانت ثمّ’ حاجة إلى المزيد من المرونة .
رابعا ، لم تكن القيادة الثوريّة العليا تحصل على معلومات موثوق بها حول ما كان يحدث فعلا فى المناطق المحلّية مثلما كانت ترغب فى ذلك، خاصة مع مرور وضع المجاعة من سيئ إلى أسوأ بسرعة. من جهة ، عطّلت التغييرات و التجريب الكبيرين للقفزة الكبرى إلى الأمام بعض إجراءات التخطيط و أنظمة التقارير المركّزة . و من جهة أخرى ، كانت الضغوطات من القيادة المركزيّة لتحقيق الأهداف تترافق مع روح إنتصاريّة فى تلك الفترة ... و أسفر هذا عن أنّ القيادات المحلّية كانت عادة تبالغ فى الأرقام المتصلة بالحبوب و المنتوجات الأخرى . لذلك تشابك كلّ هذه العوامل لتعسّر على القيادة الحصول على نوع الصورة الدقيقة التى كانت تحتاج إليها...و أثّر هذا فى قدرتها على الإجابة السريعة .
إنفجرت أزمة حقيقيّة . لكن القيادة أجابت فعلا . جرت تحقيقات و أدخلت تعديلات . و كمّية الحبوب التى كان يجب تقديمها إلى الدولة وقع التحفيض فيها و بعض المشاريع غير الفلاحيّة تمّ تأجيلها لكي يتمكّن الناس من تمضية وقت أطول فى إنتاج الغذاء و قُلّص حجم الكمونات لتوفير المزيد من المرونة . (67) و تمّ تقنين توزيع حصص الحبوب عبر البلاد و أرسلت إمدادات طارئة بالحبوب إلى المناطق المنكوبة . (68) و جرى توريد الحبوب لمساعدة المدن و لتمكين الكمونات من الإبقاء على المزيد من الحبوب ، رغم أنّها واجهت صعوبات إضافية بحكم أنّ بعض القوى الإمبريالية الغربيّة قد أقامت حضرا تجاريّا على الصين الثوريّة .
وعمليّا ، مكّنت هيكلة الكمونة و المؤسسات و القيم التعاونيّة الناس من الإلتقاء لمعالجة المشاكل . (69)
مجاعة 1960-1961 أسبابها هي تلك التى عرضنا . و أتى الردّ عليها إعتمادا على حاجيات الشعب و المزيد من التقدّم بالثورة .
و خلال الحرب العالمية الثانية ن لعقد مقارنة ، وجدت مجاعة فى الهند أودت بحياة ما بين مليون و نصف مليون نسمة و ثلاثة ملايين نسمة تسبّب فيها مقتنيات الحكومة البريطانية و سياسة أسعارها أثناء الحرب . كان ذلك من فعل تشرشل الذى واصل سياسته لمدة طويلة بعد علمه بالعذاب الذى كانت تتسبّب فيه . (70)
و وجدت و لا تزال توجد مجاعات فظيعة فى أفريقيا نتيجة للهيمنة الإمبريالية و تشويه هذه الإقتصاديّأت للحروب الأهليّة التى غذّتها الإمبريالية و إستفادت منها . فى هذه الحالات " الغوث " عادة ما ينتهى بمزيد تقويض الفلاحة المستدامة و المعيشيّة .
فى مجمل الأحوال ، المجاعة تنجم عن و تشتدّ بفعل العلاقات الرأسمالية – الإمبريالية . و فى حال الثورة الصينية جدّ كل ذلك فى إطار محاولة معالجة مشكلة الغذاء ككارثة طالما عانت منها الصين .
سؤال : لكن ماذا عن النطاق الكلّي للوفايات – هناك دراسات تقول إنّ 30 ،40 ، 50 مليون نسمة لقوا حتفهم .
لوتا : هناك صناعة حقيقيّة للأرقام و النسب قصد تضخيم الوفايات أثناء القفزة الكبرى إلى الأمام . وهي تعتمد على إحصائيّات غير موثوقة و على كافة أنواع التلاعب بالإحصائيّات. الكثير من تقديرات الوفايات تستند إلى الفرق بين ما كان يتوقّع أن يكون عليه النموّ العادي للسكّلن ،و العدد الفعلي للسكّان . و مثل هذه المناهج موضع شكّ كبير . مثلا ، جرّاء الصعوبات خلال أزمة الغذاء ، تراجعت نسب الولادات غير أنّ بعض الذين لم يولدوا وقع إحتسابهم ضمن عدد " الوفايات المفرطة ". و لنأخذ مثالا ، وُجد نزو من الأرياف إلى المدن خلال القفزة الكبرى ، إلى درجة معيّنة عند بداية القفزة الكبرى إلى الأمام و إرتفع نقص المواد الغذائيّة - و ساهمت هذه الظاهرة فى الأخطاء الحسابيّة .(71)
كلّ عمليّة تضخيم أعداد الوفايات تخدم الهجوم على القفزة الكبرى إلى الأمام و الثورة الماويّة . و من المهم أننعلم أنّ أرقام الإحصائيّات بشأن الوفايات التى يستعملها الأكاديميون الغربيّون ...قد أطلقها فى البداية دنك سياو بينغ . و قد عارض دنك ماو و قاد الإنقلاب المعادي للثورة فى 1976. و فى بدايات ثمانينات القرن العشرين ، كان يدفع نحو تفكيك الفلاحة الجماعية ... و كانت إحصائيّات الوفايات المبالغ فيها جزء من التشويه الرسمي الجاري للفلاحة الجماعية . (72)
و عادة ما يستخدم الأكاديميّون الغربيّين المناهضون للشيوعية منهج أنّه إن مات أحد فذلك بفعل ماو ، و لم يموتوا و حسب ... لقد " قتلهم " ماو ... و ماو " قتل " الناس لأنّه طاغية لا رحمة فى قلبه .
ينبغى على الناس أن يتوجّهوا إلى موقع لنضع الأمور فى نصابها أين نوفّر لهم موادا تنقد هذا المنهج :
http://www.thisiscommunism.org
والنقطة الأساسية هي التالية : مع 1970 ، كانت الصين لأوّل مرّة قادرة على معالجة مشكلتها الغذائيّة التاريخية . أقصد لمئات السنوات كانت الصين تعانى من دورات مدمّرة من الجفاف و الحرمان . لكن الآن صارت لهم القدرة على توفير الحاجيات الغذائيّة الأساسسية و الأمن الغذائي ، القدرة على توفير عملي للحاجيات المستدامة المعتمدة على الفلاحة – و ليس لخدمة الرأسمالية العالمية . (73)
و لهذا صلة وثيقة بالقفزة الكبرى إلى الأمام و تشكيل الكمونات . لهذا صلة وثيقة بالتعبئة الجماعيّة للشعب لبناء أعمال ريّ و مقاومة الفيضانات و إستصلاح الأراض و تحسين إستغلالها ،و للتحكّم فى التقنيات الفلاحيّة الجديدة و لإرساء صناعات خفيفة فى الريف . لهذا صلة وثيقة بروح العمل من أجل المصلحة العامة التى شجّعت عليها الثورة الإشتراكية .



#شادي_الشماوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة أكتوبر 1917 : المكاسب و الأخطاء - الفصل الثالث من كتاب ...
- بناء النضال من أجل تحريرالنساء - بيان لمجموعة الشيوعيين الثو ...
- 8 مارس اليوم العالمي للمرأة : تنظيم النساء ضد الإضطهاد و الإ ...
- 8 مارس 2016 : - هل يمكن لهذا النظام أن يتخلّص من أو يسير دون ...
- لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس ...
- مقدّمة الكتاب 23 : لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم - تعرفون - ... ...
- الثورة فى البلدان الإمبريالية تتطلّب فكر ماو تسى تونغ [ الما ...
- تطوير ماوتسى تونغ للإشتراكية : مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوري ...
- تطوير ماو تسى تونغ للفلسفة الماركسية(1)الفصل الرابع من كتاب ...
- تطوير ماو تسى تونغ للفلسفة الماركسية(2)الفصل الرابع من كتاب ...
- تطوير ماو تسى تونغ للإقتصاد السياسي و السياسة الإقتصادية و ا ...
- مقدّمة - المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ - - كتاب لبوب أفاكي ...
- هجوم إرهابي فى باريس ، عالم من الفظائع و الحاجة إلى طريق آخر
- إلى الشيوعيّين الثوريّين فى العالم و أفغانستان : قطيعتنا مع ...
- تصاعد النضالات من أجل إيقاف إرهاب الشرطة و جرائمها فى الولاي ...
- قفزة فى النضال ضد جرائم الشرطة فى الولايات المتّحدة : الإعدا ...
- مقدّمة كتاب - مقدّمات عشرين كتابا عن - الماويّة : نظريّة و م ...
- إنهيار سوق الأوراق المالية فى الصين : هكذا هي الرأسمالية
- أزمة المهاجرين العالمية : ليس مرتكبو جرائم الحرق العمد للأمل ...
- المجرمون و النظام الإجرامي وراء موت اللاجئين فى النمسا


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوى - الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق مرتفعات تحرير جديدة - من الفصل الرابع من كتاب -... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا - لريموند لوتا