أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - النسخة البولسية من المسيحية















المزيد.....

النسخة البولسية من المسيحية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5116 - 2016 / 3 / 28 - 10:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بولس والناموس

ماهو الناموس عند بولس ؟

كتب بولس رسائله باللغة اليونانية القديمة , والكلام عن الناموس في رسائله يستلزم اقرار الرسائل الصحيحة التي كتبها واستبعاد ماليس من كتابته , وكذلك استبعاد النصوص المضافة على رسائله .

يقول اللاهوتي ( دانيال مارجيورا ) في كتابه :
(بولس الطرسوسي : الرجل الذي قاوم الله )عن بولس :
(لقد تم تزوير صوته اكثر من مرة )..

يقدم الدكتور القس فهيم عزيز في كتابه ( الفكر اللاهوتي في رسائل الرسول بولس ) , وفي بحثه المخصص عن الناموس في رسائل بولس ص 96 وما بعدها تعريفا للناموس .

جاءت كلمة ناموس من الاصل اليوناني nomos والتي تعني في اصلها ( عادة ), ثم اصبحت تعني المبدا او القانون , اي الشريعة .وهي تترجم عدة كلمات عبرية اهمها كلمة ( توراة )التي وردت حوالي 220 مرة في العهدالقديم( تنخ ).وكان اليهود ماقبل المنفى البابلي , او السبي , تعني عندهم كلمة ناموس كل مايختص باسرائيل من تاريخ وقصص وقوانين وغير ذلك ,(اي الحياة الاسرائيلية وكيفيتها من عادات واعياد وامكنة مقدسة حيث ظهر الله لواحد من الانبياء ).من ضمن هذا التاريخ المعبد اليهودي ( الهيكل ) ونظام الكهنوت والذبائح .

في رسائل بولس ترد كلمة الناموس بمعانيها المختلفة . ففي رسالة بولس الى كنيسة رومية(روما )(7: 21 )تاتي بمعنى قانون :
(اذا اجد الناموس لي –اي القانون الذي يحكم حياتي – حينما اريد ان افعل الحسنى ان الشر حاضر عندي ).ويستخدم بولس كلمة ناموس بمعنى ( الكتب المقدسة)دون اي اشارة الى مطالب الله.

يقول بولس في رسالته الاولى الى كنيسة كورنثوس ( 14: 21 ):
( مكتوب في الناموس )فانه يقتبس من سفر اشعيا (28:11 ), وهذا المعنى نجده ايضا في (غلاطية 4 : 21 ).وقد يفهم من الناموس انها مجموعة من الوصايا والفرائض, وقد ابطلها المسيح بموته وقيامته ( افسس 2 : 15 ), كولوسي2 : 14 ,والفيصل رسالة بولس الى كنيسة غلاطية , الاصحاح الخامس : 4- 6 :
( والذين منكم يطلبون ان يتبرروا بالشريعة , يقطعون كل صلة لهم بالمسيح ويسقطون عن النعمة ..ففي المسيح يسوع لا الختان ولاعدمه ينفع الانسان شيئا , بل الايمان العامل بالمحبة).

عند تدقيقنا في رسائل بولس نجده لايفرق بين انواع الناموس ,بين الناموس الطقسي مثلا والناموس الاخلاقي .
يقول بولس في ( رومية 9 :4 )ان الناموس امتياز ضخم لاسرائيل , لكنه يعلن في مكان اخر ان الناموس يستعبد الانسان
يقول بولس في مكان اخر من رسائله ان من يعمل الناموس يتبرر به ( رومية 2:13). وفي مكان اخر لايمكن لانسان ان يتبرر به :
رومية ( 3 : 20 ). ان هذه التناقضات يتم حلها عندما نعرف انواع الناموس في رسائل بولس بين العهد القديم ( تنخ ) وبين العهد الجديد .

عندما يتحدث بولس عن الناموس فانه يتحدث عنه كمسيحي وليس كيهودي .لقد فهم بولس الناموس على انه الاعلان السامي لارادة الله , وفي هذا الاعلان تظهر عناصر متعددة , منها الوصايا والفرائض والاوامر والنواهي . ان الناموس لم يعط لكي يصبح للانسان علاقة طيبة بالله , بل بالعكس تماما , ان العلاقة مع الله هي اساس الناموس , ولهذا فان من يحاول العودة الى الناموس اليهودي من الكنائس المسيحية لايفهم اسس العلاقة مع الله .

مفهوم الاعلان والكشف الالهي

يقدم الدكتور القس فهيم عزيز تعريفا موجزا للكشف او الاعلان او الاستعلان الالهي في كتابه ( الفكر اللاهوتي في رسائل الرسول بولس ), حيث يستخدم بولس في رسائله كلمة apokalypsis ابو كاليبسي , بحسب ترجمة فاندايك ,وتترجم بكلمة ( استعلان ), اي اعلان , او ( كشف ).وبالتالي فان كشوفات واعلانات الله في العهدين القديم والجديد تمثل جزء من الناموس , ومنه الرؤية التي حدثت لبولس على طريق دمشق ورؤيته للمسيح القائم من الموت , ورؤى اخرى تحدث عنها في رسائله .اضافة الى الاعلانات الطبيعية التي تحدث امام الناس جميعا .

كما ان كلمة ابو كاليبسي ( اعلان ) تشمل الاسفار الرؤيوية في العهدالقديم ( تنخ ) مثل سفري دانيال وحزقيال . وفي العهد الجديد ( سفر الرؤية).وتتضمن الاعلانات اقامة ملكوت الله .
ويكتب اللاهوتي دانيال مارجيورا في نفس الموضوع في كتابه ( بولس الطرسوسي : الرجل الذي قاوم الله ):

يقول بولس في رسالته الى كنيسةغلاطية (1: 15 – 16 ):
( ولكن لما سر الله الذي افرزني من بطن امي ودعاني بنعمته ان يعلن ابنه في لابشر به بين الامم , للوقت لم استشر لحما ودما) .
يقول دانيال مارجيورا :
(تبرز عبارة – يعلن ابنه – في هذه القصة , والتي يرويها على نموذج دعوة ارميا النبي (ار ميا 1 : 5 ) ان الفعل اليوناني هو :
Apokaluptein والذي اعطى كلمة apocalypse =الانارة , اي الاستنارة- الكشف , ستار يزاح ليمكن الرؤية . يشير بولس هنا الى عمل انارة الروح وكشفه فيه ).
ان العهد بين الله وشعب اسرائيل هو اساس الناموس . لكن هذا المفهوم للناموس تغير بعد السبي البابلي . لقد ضاع كل شيء :الملك والهيكل , اي المعبد , والامة .ولم يتبقى لهم سوى الناموس , وعلى راسه حفظ يوم السبت والكهنوت والختان .لقد صار للناموس اهمية قصوى تميزهم عن باقي الشعوب ضمن الحيزالدائري للدفاع عن النفس .

ان الناموس بحسب وجهة نظري هو سياجات ايديولوجية لتمييز اليهود عن بقية المجموعات السكانية .بعد السبي البابلي اصبح الناموس هو نفسه العهد , وهو الشرط اللازم للعضوية في شعب الله . والملاحظ ان الفرد قد حل محل الامة . فبعد ان كان العهد بين الله وشعب اسرائيل , صار الناموس هو الذي يحكم العلاقة بين الفر د وبين الله .

لقد اختلفت الطوائف اليهودية والفرق العمدانية في نظرتها الى الناموس . فلقد اعتبرت جماعة قمران ان الحفاظ على الناموس هو الحد الفاصل بين بركات الله ولعناته .

النسخة البولسية من المسيحية

في انتقال بولس من اليهودية الى المسيحية يعلن بولس مبدا التبرير بالايمان والقائم على المساواة بين البشر امام الله وداخل الكنيسة :غلاطية ( 3:28 )( ليس يهودي ولا يوناني ,ليس عبد ولا حر , ليس ذكر ولا انثى لان كلكم واحد في المسيح يسوع ).

لقد اعطى بولس تصورا جديدا للعلاقة بين الله والا نسان. ان الخلاص في المسيحية يتمثل بالايمان بالمسيح . المؤمن يصبح بارا امام الله دون ان يدفع ثمنا او افضلية على سواه من المؤمنين , انه عهد النعمة.ان العلاقة بين المؤمن المسيحي وبين الله لاتقوم على امتيازات خاصة ولا على مقايضة او تجارة, اي ليست هنالك مبادلة تجاريةبين الطرفين. ان التبرير يحصل عليه المسيحي مجانا . انها هبة مجانية من الله بدون شروط مسبقة .

لذا فان العودة الى اعمال الناموس هي تدمير للنعمة وذلك يعني العودة الى نظام الربح والخسارة والمقايضة مع الله , واقرار الفوارق الطبقية , وهو اعلان موت للانجيل :
(اذ الجميع اخطاؤا واعوزهم مجد الله متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح ) رومية 3 (23 – 24).
ان التبرير بالايمان الذي طرحه بولس في رسائله يؤدي الى عدم جدوى استمرار العهد مع شعب واحد مختار , هو شعب اسرائيل ,بل يصبح من حق جميع الامم والشعوب الدخول في عهد واحد مع الله .
النعمة هي التي تليق بشمولية الله , بدلا من الناموس الذي يوزع الادوار ويصنف المؤمنين بحسب صفاتهم واستحقاتهم .
لقد اسس بولس للقطيعة مع اليهودية من وجهة نظري المتواضعة . عندما اصيبت العلاقة بين المسيحية واليهودية بالشرخ والقطيعة والصدع عادت الكنيسة الى رسائل بولس لكي تدافع عن نفسها , ولكي تهاجم اليهودية .

لقد استطاع بولس بعبقريته من تحويل المسيحية من فرقة يهودية مغمورة الى دين كوني عالمي . لقد قام بالدمج وليس القطع في صورة ابراهيم . حيث يظهر الله في ابراهيم الها لليهود وللوثنيين . ولايقوم هذا الدمج على اساس حق مكتسب , بل يتم لان الله عندما تبنى ابراهيم , تبنى انسانا بدون اية استحقاقات , اي لم تكن له صفات تؤهله لنيل هذه النعمة .

يكتب اللاهوتي دانيال مارجيورا مايلي :
(بذلك يضع بولس في رايي , الاساس الثابت لاي حوار بين الاديان . ان الحوار بين الاديان لايجب ان يكون نوع من المباحثات الدبلوماسية , بل يجب ان يقوم على الاقتناع انه لااحد يمتلك الحقيقة المطلقة . وان الجميع , بعيدا عن الاختلافات التي زادت عبر التاريخ , يدينون لوجودهم لهبة الهية لم يستحقوها ).

لقد قاومت المسيحية رفض اليهودية لها , كما يشهد بذلك انجيل متى ,ولكنها لم تستطع ان تتصدى لها , واحتاجت ان تكون ملامحها الخاصة بها .ومن كان يستطيع ان يمنحها هذه الملامح سوى الرسول بولس ونسخته الجديدة من المسيحية؟ تلك المسيحية التي تعودت على الحياة بدون التوراة .

اكتشفت المسيحية في بولس رائدا ومؤسسا لاستقلالها وانفصالها عن اليهودية .ان بولس الذي اعتبر في حياته اصوليا يهوديا متشددا , اضر بالعلاقات الحسنة بين جماعة المسيحيين الصغيرة وبين جمهور اليهودية الكبير , اصبح الان منظرا نبويا للانفصال الحتمي عن اليهودية . وعندما اعيدت قراءة رسائله في نهاية القرن الاول , كما ورد في الرسالة الثانية للرسول بطرس(3 : 16 )اعتبر مؤسس المسيحية المستقلة عن اليهودية . لقد اثبت التاريخ صحة افكار بولس .

مقالات ذات صلة :

مقالتنا ( الرسول بولس الرجل الذي احدث القطيعة مع اليهودية ) والمنشورة على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=265447








#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج1
- ظهور الاكليروس في الكنيسة المسيحية
- البحث في الحيز الجماعي
- الموقف من المراة والمال :تحول جديد في المسيحية
- الراسخون في الابتذال!
- تشابه القيم والتشريعات في الحيز الدائري
- غسيل الدماغ وصناعة الخضوع للجماهير
- نقد نظرية علي الوردي في البداوة - ج 2
- ازدواج المعايير في الحيز الدائري الاسلامي
- نقد نظرية علي الوردي في البداوة - ج 1
- الايديولوجيا والطوباوية - ج 2
- الذاكرة العراقية في تدمير شامل ومستمر
- تدجين المراة في المجتمعات القديمة
- الايديولوجيا والطوباوية
- البحث في الحيز الفردي
- كتاب ( الخضوع السني والاحباط الشيعي ): نقد العقل الدائري
- الفلسفتين الابيقورية والرواقية
- البحث عن شبح ابراهيم وموسى
- قراءة انثروبولوجية حول مكة والكعبة
- الغنوصية قبل المسيحية


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - النسخة البولسية من المسيحية