أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: طالبوا الإله ..















المزيد.....

فلسفة مبسطة: طالبوا الإله ..


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 16:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فلسفة مبسطة: طالبوا الإله ..
(وقصة تعبيرية عن سيادة "طلب الإله" في العقائد الدينية)

نبيــل عــودة


شهد تاريخ الديانات الكثير من الغرائب التي اختمرت في ظل الدين وظهرت كتيارات دينية او تيارات "ما بعد الدين".
التاريخ كان مسرحا لتيارات دينية خرجت عن الدين الرسمي ، او الدين السائد وتحولت الى دين جديد يتبعه الملايين.
المؤكد ان تأثير التيارات الدينية كان محدودا، ظلت الديانات المركزية اكثر تأثيرا وما عدا تيارات معينة يمكن ان نذكر منها التيار الذي أنشأه الراهب مارتن لوثر المشهور ب "اللوثرية" او "البروتستانتية"، التي انتشرت بشكل واسع في المانيا ودول اوروبية أخرى كدين مضاد للكنيسة الكاثوليكية المتزمتة في وقته.. ويعتبرها البعض كنيسة العصر البرجوازي حيث لائمت بين الدين والتطور الرأسمالي، وربما من هنا تنبع قوتها اذ نشأت في الوقت الفاصل بين العصور الوسطى الاقطاعية وعصر التنوير (الرينيسانس) الذي شهد بداية النمو الاقتصادي والعلمي في أوروبا بالأساس!!
التاريخ الإسلامي سجل الكثير من التيارات الدينية.. لكن ظل التيار السني والتيار الشيعي هما السائدان، وبإطارهما نشأت مدارس او فرق مختلفة.
في روسيا القيصرية ظهر تيار ديني مسيحي فلسفي عرف باسم "طالبوا الإله" ، ظهر هذا التيار في عام 1907 بعد فشل ثورة 1905 – 1907.مميز هذا التيار انه جمع بين الدين والفلسفة، وكان من بين مؤيديه عدد من الفلاسفة الروس والأدباء وكهنة مسيحيين وجمهور من المتدينين.
كانت فكرتهم، رغم اختلاف ارائهم ، انه لا يمكن ان تقوم حركة اجتماعية وتنجز ما هو مثمر لمجتمعها بدون الدين.وان الدين يجب ان يكون في جوهر كل العلاقات الاجتماعية والثقافة والفن والعائلة والشخصية وان غاية الحياة هي طلب الإله. يمكن وصفهم اليوم بانهم "دينيون سلفيون".. لا يختلفون عن طالبان الا بانهم لم يمارسوا العنف ضد غير المتدينين او المختلفين بعقائدهم..وكان هذا بالفعل دورهم بعد فشل الثورة الروسية التي انفجرت في عام 1905.!!
كانوا يعتقدون انه بدون دين لا يوجد تفاؤل حقيقي. بعض الفلاسفة انتقدوا هذا التيار وتيارات دينية مختلفة أخرى ، بل انتقدوا جوهر الدين بقولهم:" كلما اتضح الدين أكثر يصبح اكثر بعدا على آراء غير المتدينين".
قال فولتير (كاتب وفيلسوف فرنسي 1694- 1778) "لا يستطيع الشخص ان يفهم حقيقة الدين مثل اؤلئك الذين فقدوا القدرة على التفكير"
قال ماركس: "ان الانسان هو منتج الدين وليس الدين هو منتج الانسان"
قال فريدريك شلغال (شاعر الماني 1772-‏ 1829): "بانه يوجد تناقض متبادل ومتوازي بين الدين والأخلاق مثل ما هو بين الشعر والفلسفة"!!
طبعا التفسير البسيط يمكن تلخصيه بجملة واحدة ان الدين (او التدين) يعني ان الآلهة مهما اختلفت تسمياتها وأشكالها ، هي دائما بجانب السلطة!!
في القصة التالية تصوير كاريكاتوي لمفهوم "طلب الإله" لدى مختلف التيارات الدينية.. رغم انها تتناول نموذجين دينيين الى جانب نموذج لا يعنيه من الدين غير منفعته الشخصية.. وبالتالي يطرح السؤال: أين يختفي العقل؟ اين يفقد المنطق معناه؟

الأصدقاء الثلاثةنبيل عودة

تعطلت سيارة ثلاثة أصدقاء في مكان مهجور ، بعد ساعة من السير المرهق بطرق وعرية رأوا ضوءا منبعثا من منزل يقف وحيدا وسط ارض واسعة. شدوا الخطى نحو مصدر الضوء على أمل ان يجدوا مكانا يقضون به ليلتهم حتى الفجر..ولعلهم يجدون أيضا بعض ما يخفف جوعهم وعطشهم...
ما استرعى اهتمامهم وجود منزل وحيد داخل مزرعة كبيرة واسعة بها مزروعات وحظيرة حيوانات واسعة جدا..
استبشروا خيرا وهم يقتربون من المنزل، الذي ينطلق من داخونة دخان برائحة شواء ذكية.
قال الصديق الأول: بما اني رجل دين يهودي ولا اعرف نوع اللحمة التي يشويها صاحب البيت، وخوفا ان تكون لحمة خنزير او لحمة غير ملائمة للشريعة اليهودية، لذلك سامتنع عن الطعام.. وليكن الله بعوني!!
قال الصديق الثاني: بما اني هندي، انا ايضا لن اتناول من هذه اللحمة التي نشم رائحتها خوفا ان تكون لحمة بقرية .. وكما تعلمون للبقر عندنا قداسة خاصة.. قداسة البقر أهم من إسكات جوعي!!
قال الصديق الثالث: بما اني محامي فانا ساقوم بالواجب بدلا منكما ، وسآكل ما يشوى ولو كان خنزيرا او بقرا او حتى لحم بشر!!
قرعوا باب المنزل، بعد برهة اطل وجه رجل في منتصف العمر. قالوا له ان سيارتهم تعطلت ويرجون منه ان يأويهم حتى الصباح .. واذا اراد اجرة لذلك سيدفعون له بطيب خاطر.
رحب بهم صاحب المنزل ، وقال انهم ليسوا اول من يقصدون بيته ولكنه لا يقبل ان يتلقى اجرا على فعل الخير.. اهلا وسهلا بكم.. العشاء جاهز اذا شئتم الطعام..
شكروه وتقدم المحامي لوحده وتناول قطعة لحم كبيرة أكلها بتلذذ ظاهر وصديقيه يبلعون ريقهم ويعتذرون عن تناول الطعام بحجة انهم ليسوا جائعين.
بعد انتهاء العشاء اعتذر صاحب المنزل بأنه لا يستطيع إلا إيواء اثنان منهما داخل منزله وانه على الثالث ان ينام على القش في حظيرة الحيوانات.
قال رجل الدين اليهودي، انا سأنام هناك .. كان تفكيره انه سيبتعد بذلك عن رائحة الشواء الذكية لعل ذلك يخفف وطأة جوعه وسيلقى بالتأكيد رعاية وتعويضا من اله إسرائيل الذي يرعى شعبه المفضل اينما حل . اعطاه صاحب المنزل بطانية وخرج لينام في الحظيرة..
استعد الزميلان للنوم واذا قرع قوي على الباب. فتح صاحب المنزل الباب وكان رجل الدين اليهودي واقفا وهو مكتئب جدا.
قال انه يعتذر عن عدم تمكنه من النوم في الحظيرة بسبب وجود خنازير تعتبر نجسة حسب الدين اليهودي، ولا يمكن له ان ينام في الحظيرة خوفا من ان يعتبره الإله نجسا بسبب نومه بقربها..
تبرع الرجل الهندي ان ينام بالحظيرة بدل صديقه اليهودي.
بعد دقائق قليلة عاد القرع على باب المنزل. فتح صاحب البيت باب منزلة متسائلا "ما الحكاية الآن؟".. كان الهندي يقف على الباب كئيبا ومعتذرا انه يوجد في الحظيرة بقر وان الهنود يقدسون البقر ولا يستطيع ان ينام ملاصقا للبقر المقدس ويزعجهم بشخيره... هكذا هي تعليمات المعلم غورو ناناك وخلفائه التسعة من الغورو البشر.
كان الحل ان يذهب المحامي للنوم في الحظيرة.. فهو لا اله له.. بعد تردد وانتقاد صديقيه وتفكيرهم الغيبي ومحاولات اللحظة الأخيرة باقناعهم انهم على ضلال يتناقض مع منطق القوانين والحياة .. أخذ البطانية وذهب للنوم في الحظيرة مهددا زميليه بانه سيعرف كيف يقاضيهم على تفكيرهم غير الإنساني بما يخص التعامل مع الحيوانات وإخلالهم بقانون الرفق بالحيوان.
دخل صاحب البيت وضيفية للنوم.. ولكن لم تمض ربع ساعة والا ضجة كبيرة في ساحة المنزل.. وجعير بقر مدو وقباع الخنازير يزعج الأذن.. قفز صاحب المنزل منزعجا.. وكذلك فعل الصديقان، فتح صاحب المنزل الباب فاذا حيوانات الحظيرة قد اندفعت خارج الحظيرة تطلق اصواتها بطريقة مزعجة بينما المحامي يغط بنومه سعيدا في حظيرتها!!

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: الصراع الطبقي .. من ستالين حتى زينب!!
- تجربتي والتباس الوعي القصصي عند البعض
- الثورة العلمية التكنولوجية أنتجت واقعا اقتصاديا- اجتماعيا جد ...
- وداعا للأديب الفلسطيني سلمان ناطور
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الرابع عشر
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الثالث عشر
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الثاتي عشر
- عائق فكري واجتماعي: تأصل النظرة الدونية للمرأة
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الحادي عشر
- جمال عالم الطفولة بتجربة الأديبة عايدة خطيب
- رئيس الحكومة ووزرائه يزورون المؤسسات
- نصوص وقصص ساخرة - القسم العاشر
- نصوص وقصص ساخرة - القسم التاسع
- نصوص وقصص ساخرة - القسم الثامن
- في تكريم الأديبة النصراوية نهى زعرب قعوار*
- مروان مشرقي يطلق النار من شمسيته
- نصوص وقصص ساخرة - القسم السابع
- بصراحة: مجتمع -المهاجرين المتفكك- في إسرائيل
- نصوص وقصص ساخرة - القسم السادس
- حكايات القبور في دولة تتحدث باسم الأموات أكثر مما تتحدث باسم ...


المزيد.....




- -نوفوستي-: رئيس طاجيكستان سيحضر احتفالات عيد النصر في موسكو ...
- أسوأ مقابلات التوظيف: ما الذي يمكن أن نتعلمه منها؟
- فيديو: انتفاضة الطلبة في الجامعات الأمريكية دعماً لغزة تمتد ...
- مفتش البحرية الألمانية يطالب بتعزيز الأسطول بسفن جديدة
- ظاهرة النينيو تفتك بشرق أفريقيا
- وزارة الداخلية الروسية تدرج زيلينسكي على لائحة المطلوبين
- أكثر من 6.6 ألف جندي وأنظمة HIMARS وIRIS-T.. الدفاع الروسية ...
- مصر.. تطورات قضائية على قضية طالبة العريش
- إسبانيا ترفض انتقادات الأرجنتين الرافضة لانتقادات إسبانية سا ...
- هروب من دبابة أبرامس أمريكية الصنع


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: طالبوا الإله ..