أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دامو - الثقافة والفن موروثنا، هويتنا وسلاحنا..إن ضاعا ضعنا















المزيد.....

الثقافة والفن موروثنا، هويتنا وسلاحنا..إن ضاعا ضعنا


محمد دامو

الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 05:40
المحور: الادب والفن
    


ليس صحيّا ولا صحيحا تكرار مطالباتنا ،بتأمين الاكتفاء الذاتي في الغذاء والدواء ،باعتباره شرطا رئيسا لتأمين سلامة البلاد وتحصين استقلالها ،وتعزيز حضورها في المجتمع الدولي ،فالاصح ان نسعى اوّلا لحماية عقولنا من الخرافة المؤذية ،والتمسّك بدرعنا الواقية ممثلة في موروثنا الثقافي ،لغة وفنّا وادبا وابداعا،على اختلاف صنوفها وطبوعها.
كلمة "ثقافة" ،مستباحة في الجزائر،بكل ما لكلمة "استباحة" من معنى، مستباحة معرفيا، لغويا ،مجازيا ،واصطلاحا ،فهي الكلمة الوحيدة التي يمكن إرفاقها بعبارة مبهمة ،فتشكلان معا جملة مفيدة في المعنى المتخيّل ،غريبة في المبنى المتأصّل ،كأن يقال:..ثقافة الاستهلاك ،او ثقافة الغش ،ثقافة المماطلة ،ثقافة التزوير ،ثقافة التنوير وثقافة التعتيم ،ثقافة الايمان وثقافة الكتمان.
على ان قاموس اللغة المهيمنة في بلادنا ،وهي على خلاف لغتنا العربية الجميلة، ولهجتنا الجزائرية البديعة، تحتكره لغة تعريبية مكتسبة بفضل برنامج التعريب وجهود التعريبيين ،الذين نسوا او تناسوا ،ان استعادة الاستقلال الوطني، يعني في ما يعنيه ،استعادة الموروث الوطني الثقافي كاملا غير منقوص ،اللغوي والفني والادبي منه خاصة، ففرضوا لغتهم على قاموسنا ،ومنها تعريفهم لمعنى كلمة "ثقافة"، كما اضافوا اليه مفهومهم ونكرانهم لكلمة اخرى لا تقلّ ابهاما واستخداما ،من سابقتها ،ونقصد بطبيعة الحال ،كلمة ّفن"، وإن كانت شبه محدودة التداول ،يقتصر استخدامها ،على فئة المتصارعين حول كعكة "الثقافة" المستباحة ،فيما يحظر استخدامها بين العامة ،في الحديث معهم او في الحديث بوجودهم ،باعتبارها كلمة "نابية" شرعا ،وتداولها محظور حكما.
بهذا اصبح "الفن" في مفهوم العامة ،محرّما شرعا ،فهو كل معصية ناتجة عن اصوات القيثار والطبل والمزمار، وبقية اصناف الصنوج وآلات العزف والنفخ والايقاع، بما فيها الاناشيد والاوراد، عند بعضهم ،لكونها اصل الغناء المنبوذ والمسمى "موسيقى الراي". ولنا في اوراد ومدائح "لالة تركية، سيدي الهواري ،وسيدي راشد" وغيرها، اكبر دليل.
ولأنَ رأي الغوغاء هو الاقوى والنافد في بلادنا ،فقد جرى تجريم موسيقى الراي، تمهيدا لتجريم وتحريم كل فن موسيقي او غنائي ،بما فيها كلمة "فن" ذاتها ،وعلى هذا غاب الفن كليا عن حياة المواطن في بلاد اشتهرت بابتكار الوان وصنوف من فنون الحياة ،منذ بدأت حضارة حوض البحر المتوسط تؤسس نفسها وتتهيّأ للتأسيس لثقافة ووعي العالم اجمع.
وعلى هذا انتفى او كاد ينتفي الفن من حياتنا ،ومن صنعتنا وصناعتنا ،من سياساتنا وتسيير شؤوننا ،من عمارتنا وتخطيط احياء مدننا ،حتى بات اكثر ما يحيطنا ويلامس حياتنا ،خال من الفن والاحساس الفني ،فلا نراه في صناعة ،ولا في بناية ،ولا في ادارة ولا في ما يسمى الفضاءات الخضراء، وسط الاحياء وعلى اطراف المدينة الجزائرية، شرقا وغربا.
لم يعد الفن مجرد هواية ،هدفه الترفيه والتسلية، اوشدّ انتباه المواطنين واشغال وقت فراغهم، لإبعادهم عن حال فالفوضى فالانفجار، كما كانت عليه الحال في ايام الرومان، لقد تجاوز الفن حدود تعريفه في القرون الماضية ،ليتحوّل في ايامنا الحالية، الى صناعة استراتيجية ،وسلاح دفاعي استراتيجي، وهو من الخطورة بحيث يصبح من يفتقده مجرّد
صيد سهل او طريدة مطلوبة في ساح الوغى والصراع على النفوذ والوجود، كما هي حال عالم اليوم.
في الجزائر كانت ومازالت المدرسة العليا للفنون الجميلة ،إحدى قلاع الفن والعلم ،التي تفتخر بها وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي كلتاهما، لكن طلاّب المدرسة وخرّيجوها ،لا يرون الامر بهذا المنظار ،فهم لا يتحصّلون على شهادة تخرّج معترف بها ، وهم بالتالي، يفتقرون الى حق المطالبة بوظائف واعمال لتأمين حياتهم ،فضلا عن فتح آفاق مستقبلية لطموحاتهم المشروعة ،والتي تتيح لهم فرصة البروز واثبات الذات ،من خلال عرض اعمالهم الابداعية وتقديم خدماتهم الفنية ،بما يتيح لهم كسب حياتهم بالشكل اللائق والمضمون.
ولكن المدرسة التي كانت تعنى بتوفير ما يحتاجه المجتمع من فنانين مهرة في مختلف مجالات العمار ،والنحت ،والرسم ،والمنمنمات،..باتت اليوم في وضعية المستغنى عن خدماتها ،فلم يعد مقبولا في ساحات مدننا ،إقامة تماثيل لعظماء الأمة او نصب وجداريات لتخليد موقعة وبطولات مجيدة في تاريخ البلاد ،ولا عادت واجهات بناياتنا بحاجة لزخرفة ومجسّمات ينحتها او يرسمها الفنان المبدع. والحدائق إن وجدت ،مستمرة على شكلها الموروث في انتظار خنقها التام بأكشاك الباعة. والفضاءات الخضراء في الاحياء الجديدة ،يسحقها النسيان تحت ضغط الايام ،لحين حضور "الشاطر حسن"، الذي يتمكن من انتزاع رئتها الخضراء، قبل تحويلها الى هيكل من الحديد والاسمنت بواجهات تجارية وطوابق سكنية، تخنق الحي وتقضي على منفذه الى دفء الشمس والهواء النقي.
اللهجة الجزائرية الرفيعة، في لفظها وتعبيرها ،التي أدى بها الفنان الجزائري اعمالا مسرحية وسينمائية خالدة، على ايام مصطفى كاتب، فانبهرت بها شعوب المشرق والمغرب معا، هذه اللهجة الراقية ذوقا ونطقا، باتت منبوذة، مهجورة، مهدورة العفة والكرامة ،بتهمة المس بقدسية العربية الفصحى وخدمة مصالح اللغة الفرنسية الاستعمارية، فكان لا بدّ لها من بديل مقبول ،والذي لم يكن سوى اللهجة البدوية الاردنية ،او لهجات الخليج، ومصر ،او سوريا ولبنان في احسن الاحوال. ذلك لأنّ خمسين قناة فضائية جزائرية ،معظمها قنوات خاصة، تحتاج الى مئات البرامج الفنية والاعمال الدرامية لكي تغطي كل منها، ساعات بثها على مدار اربع وعشرين ساعة يوميا. وباستثناء برنامج رمضاني وآخر درامي، تنتجهما محلّيا القنوات العمومية ،فان القنوات الفضائية الجزائرية ،تجد في استيراد المسلسلات الدرامية المشرقية ،بل قل اللهجات المحلية المشارقية ،نبعها الذي لا ينضب. تلك اللهجات الهجينة المستوردة، التي تستكمل بها وحدها، تغطية الوقت المستقطع من برامج الكيد والنكد والتراشق اللفظي المباح ،بين صقور ونمور الساحة السياسية الوطنية.
يبدو ان إلهات الحسن والبهجة قد غادرن خدورهن في الجزائر ،بعد ان غادرت ربات او "ميوزات" الفن فضاءات حياتنا الجزائرية ،لارتباط اسباب وجود الاولى ،بنشاط وإلهامات الثانية ،التي عادة ما تغدقها بسخاء على الشعراء والادباء والمسرحيين والكتاب وكل الفنانين الموهوبين في عالم البشر. واستدراكا فإنّ اختناق الفنان واندثاره بإهانة الفن واهماله، يؤديان حتما الى اختفاء إلهات الحسن والجمال ،ومعها ربات الفن والإبداع ،وعلى هذا فإنّ الاسطورة المتوسطية التي تفنّن الاغريق في صياغة تفاصيلها ،تعود لتفنى من جديد في بلادنا ،ولكن بالصيغة الدرامية غير المعهودة في اسفار الاسطورة التي تربط بين عبقرية الفنان وسخاء الالهام، ولتحتل مكانها اسطورة الجن والعفاريت المؤذية التي تسكن اجساد البشر بغرض إلحاق الاذى والتسبّب في الشقاء ،ما لم يتدخّل الراقي بشعوذته ،ويطرد الجن المعتدي والعفريت المحتل ،من اجساد البؤساء، على قدر ما تجود به اكياس نقودهم طبعا. هكذا تعود الاسطورة بجلدها البشع ،وبوصفها مسخا لاسطورة الإلهام والحسن والجمال.



#محمد_دامو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع بين الشرق والغرب يعيد فصوله و..لا جديد تحت الشمس
- انحراف الساسة وانحطاط السياسة في الجزائر.. علائم الضعف والهو ...
- وداعا الدا الحسين أو..رحيل آخر أباء الوطن
- الجزائر بين إلزامية -التعريب- فرضا.. وضرورة -استعادة- المورو ...
- الأصل في الصراع الأزلي بين الشرق والغرب
- اتهام صنصال بالسرقة الادبية .. رواية الأعرج الأكثر رواجا وتس ...
- التاريخ ..دراسة وتدريسا
- آفة الحرف المسيئة و..ليلة القضاء على ماسح الاحذية
- مزامير حروب الشرق و..الامر المحسوم سلفا
- الملكية الفكرية او..أكسير الخلق والابداع
- هيئة الامم ..سلبا وإيجابا
- الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان
- -دياسبورا- الهلال الخصيب و..متطلبات الشرق الاوسط الجديد
- العربية في..اسفار المأساة اللغوية الجزائرية


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دامو - الثقافة والفن موروثنا، هويتنا وسلاحنا..إن ضاعا ضعنا