أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وستعرف أنك كنت تطارد خيط دخان-خربشة عقل















المزيد.....


وستعرف أنك كنت تطارد خيط دخان-خربشة عقل


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 5058 - 2016 / 1 / 28 - 15:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (50) .

عندما تسأل من هو الله تجد الإجابة أن الله خالق الكون والوجود , وهنا يقدم لنا المُجيب وظيفة الإله بشكل ظنى إستنتاجى تعسفى وكأنه كان حاضراً عملية الخلق هذه , وليبتعد عن سؤالنا الذى نعنيه عن ماهية الله وكينونته وطبيعته وذاتيته كألف باء تعريف أى شئ , ليفطن صاحبنا أن السؤال يعنى الماهية والذات والكينونة فيسارع بالقول أنه يجهل هذا وليس من حقه الخوض فى هذا الشأن والسؤال فيه ,لتسأله كيف تُعرف إذن الإله وتؤمن به فإما يرجع بك للوظيفة ثانية التى أسقطها على الإله أو يتفذلك بالقول أنه يؤمن بالإله من خلال صفاته .
لو يدرك المؤمن هراء مقولة الإيمان بالله من خلال صفاته لتراجع عن هذا اللغو , فبدايةً الصفة تعبير عن كيان هو عاجز عن تعريفه , فليست الصفة كيان فى حد ذاتها كما أن الصفة فعل وحراك لشئ فهل كان المؤمن حاضراً فعل الإله ليعلن عن صفات الرحمة والكرم والعدل الخ فيه لنصل الى أن التعاطى مع صفات الإله المزعوم ستجلب كل التخبط والتناقض والهشاشة , وقد تناولت فى مقالات سابقة تضارب الصفات الإلهية مع ذاتها فيستحيل أن تجتمع صفتين فى آن واحد مثل العدل والرحمة المطلقة مثلا وغيرها من الاشكاليات لنصل الى عدم منطقية وعقلانية أى صفة وفق مفرداتها ومعطياتها نفسها كونها مطلقة ازلية .
فى هذا المقال نخوض فى مجموعة اخرى من الصفات الإلهية وأثبت أنها غير منطقية وتتناقض مع معطياتها ذاتها لأصدر أفكارى فى تساؤلات تطلب من العقل الحراك والتأمل .

كيف أنتج الإنسان الإله وصفاته ؟.
- هل الله خلقنا على صورته أم نحن من خلقنا الإله على صورتنا , فكرة خلق الله الإنسان على صورته لا تستقيم مع كونه إله ذو طبيعة مغايرة عن طبيعتنا فلا يوجد أى وجه أو شَبه أو صلة أو تقارب فيُفترض أن هذه طبيعة وتلك طبيعة أخرى .. أما مقولة أننا خلقنا الإله على صورتنا فتستقيم فقد وضعنا فيه كل صفاتنا المأمولة فهو عادل رحيم منتقم محب وغنى وكريم ووووو علاوة على ذكوريته فى الأدبيات الدينية بل لديه ملامح بشرية كوجه ويد وساق .. فأليست تلك صفاتنا وملامحنا لننسيها ونعيرها لفكرة الإله , وهذا يعنى أننا خلقنا الإله على صورتنا , وعندما يتفذلك المتفذلكون ليقولون أن الإله هو الذى منحنا الصفات فمن أين جئتم بهذا الفكر , ولكن فلتتذكروا إنه من طبيعة مغايرة غير بشرية غير مادية كما تقولون .

- إذا كان الله ذو طبيعة غير مادية وكيان مُغاير لوجودنا فمن الخطأ القول بأن الإله يمتلك صفات العدل والرحمة والكرم الخ لأن هذه الصفات صفات بشرية , وإذا إفترضنا أن له صفات فستكون مغايرة تماما لطبيعتنا المادية ولا يمكن إدراكها أو الإحساس بها لأنها خارج شفرة دماغنا الذى يستوعب الوجود والطبيعة المادية فقط .

- الصفات هى تشيئ الشئ وتحديده وهى قابله للمقارنه كون هناك من يشتركون فى نفس التشيئ مثل أجمل أقوى أحسن أكبر فيمكن المقارنة لحاملى نفس الصفه لتكون الصفة نسبية , ومن هنا يكون من الخطأ القول بأن الله أحسن الخالقين أو الله اكبر فوفق مفهوم المطلق فلا وجه للمقارنة إلا مع النسبى لذا من الهراء القول بأن هناك صفات مطلقة .

العبثية فى المطلق .
- سنتجاوز الإشارات السابقة ونتماهى مع فرضياتهم أو قل أوهامهم لنسأل هل من الممكن أن تكون هناك صفة بدون موضوع الصفة وفعلها ؟! .. عندما نصف أحد أنه كريم فهذا يعنى أن موضوع صفة الكرم حاضرة وفاعلة ليوصف بالكرم ولكن لا يصح القول بأنه كريم وهو فى بطن أمه أو كمشروع حيوان كمنوى يخصب بويضة أو قبل وجود أبوه وأمه فى الوجود .. هذا المثال البسيط أقصد به أن الصفات التى تنسب للإله كالعدل والرحمة والمغفرة والكرم ألخ هى صفات غير مطلقة , فالله قبل وجود الإنسان لم يُمارس العدل ولا المغفرة والتوبة والرحمة ألخ , وهذا يعنى أنها صفات مُستحدثة جاءت مواكبة للإنسان أو قل هى بشرية أعارها الإنسان وأسقطها على إلهه .

- إذن قولهم أن الله مطلق الصفات والقدرات مقولة ليست ذات معنى كونها تتحرك فى الضباب لعدم وجود وعى بالمطلق واللانهائى إلا كمفهوم رياضى لا يشفى رغبات العقل فى الإحساس , ولكننا سنتجاوز هذا أيضا ونتعاطى مع فكرة الإله المطلق بصفاته لنقول أن فكرة اللامحدود المطلق هو الهراء واللامعنى بعينه , فالتوصيف هنا لا يزيد عن سفسطة وشطحات لغة , فوجود وتفعيل أى صفة إلهية سيكون لها سقف محدود بمحدودية الوجود الإنسانى فمجال وجودها وحراكها مُحدد فى الملعب الإنسانى وحدود وجود البشرية كبدايات ونهايات , فالله سيغفر ويرحم ويَعدِل ويرزق الخ لتقف فى النهاية عند حدود وجود الإنسان , فكيف نقول أن المغفرة والرحمة والعدل والرزق صفات مطلقة بينما هى مُحددة بحيز الوجود الإنسانى وحراكه , بمعنى أن القضايا موضع العدل والمغفرة والرزق مثلا ستتحرك فى إطار المحدد والمحدود الإنسانى ,فالله لن يحقق العدل إلا على الأنسان فقط ,ليبقى فى النهاية أن فعل ووجود وحدود الصفة مرتبط بالإنسان صاحب القضايا المحددة والوجود المحدود . ومن هنا تظهر عبثية فكرة الصفة المطلقة عند الزعم بتواجد الصفة قبل المشهد الوجودى الذى تظهر من خلاله فعل الصفة فكيف يكون الله عادل ورحيم وغفور قبل الوجود الإنسان , فالكلى والمطلق يعنى أن الصفة حاضرة فاعلة من الأزل إلى الأبد ولكن لا توجد صفة بدون ميدان وجودى تثبت وجودها , فلن أصف جنين أنه طبيب ماهر إلا عندما يمارس مهارة الطب , وكذلك الكرم يكون على الشيء لا على اللاشيء , وكذلك الرحمة فلكى تكون هناك رحمة لابد من وجود مرحوم .

- الصفات تكون لها معنى فى إطار محدوديتها , فالإنسان يمكن أن يكون رحيم وعادل ومنتقم وغيرها من الصفات كون الصفة محدودة فهو يمارس العدل حيناً والإنتقام حيناً والمغفرة حيناً بينما إطلاق الصفات ستعنى اللامعنى والعبثية , فكون الله عادل فيعنى أنه يمارس عدله على الدوام والإطلاق فلا يفارقه لحظة من أزليته أى لن يمر مشهد دون ان يوزنه بميزان عدله , كذا كلى الرحمة والمغفرة فى إطلاقها تعنى أنه سيرحم ويغفر أى فعل حتى وإن كان عظيماً لذا يستحيل أن تتحقق أى صفة فى حضور الأخرى , فحين تتحقق العدالة المطلقة ستتلاشى الرحمة والمغفرة وكذلك حين تتفعل صفتى الرحمة والمغفرة فى إطلاقها لن تجد العدالة لها مكاناً , فحضور وتفعيل الصفة فى إطلاقها تلغى الأخرى تماما . لقد ضاع المعنى الذى أسقطناه على فكرة الإله عندما حلقنا بالفكرة فى فضاء اللامحدود والمطلق وهذا يثبت بشرية الفكرة .

- هل للإله لديه خزائن في السماء ؟.
يقول القرآن ( ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) . أى أن الإله لديه خزائن فى السموات لحفظ مقتنياته الثمينة التى يخشى عليها من السرقة والعبث فيستعين بخزائن لحفظها من اللصوص فهل هذا لائق بفكرة الإله من خشيته على مقتنياته ليبحث عن حفظها بهكذا طريقة ساذجة من أيدى العابثين , وهل توجد للإله أشياء ذات قيمة تحتاج لخزائن وأشياء تافهة ليست بذات قيمة , وهل يفتقد القدرة على حفظ مقتنياته بدون خزائن .
مشهد خزائن الله ينال من الالوهية حيث أنه يخشى عليها من التبدد والسرقة فهى تبدد وتنسف قدرته المطلقة على الحفظ علاوة أن فكرة الخزائن تعنى بأن هناك أشياء ثمينة وأخرى تافهة وهذا يعنى أن مخلوقاته ليست كاملة نالها القصور والأهمال فمنها جاءت مخلوقات ليست بذات قيمة لا تستحق الخزائن وأخرى تستحق , ولكن هكذا أسقط الإنسان صورة الملوك والسلاطين القدامى على إلهه فهم أثرياء لديهم خزائن يحتفظون فيها بمقتنيات من الذهب والمعادن النفيسة.

- هل يجوز القول بأن الله مالك المُلك , مَالك ما فى السموات والأرض ؟.
بالرغم أن المؤمنين يرددون تلك المقولة كثيرا , ليصورون إلههم كإقطاعى كبير يملك الأرض وماعليها , لكن تلك المقولة بلا معنى عندما تبحث لها فى تعريف الإمتلاك فهى تقوض فكرة الألوهية , فالملكية لا تتحقق إلا عندما يتنافس المتنافسون على الإستحواذ والإقتناء ليحرصوا على إثبات ملكيتهم بالعقود أو الإشهار , فلو تخيلت نفسك وحيداً على كوكب الأرض فمن العبث والجنون أن تمشى وتصرخ لتقول أنا مالك الأرض فقد إنتفت الملكية بعدم وجود منافسين لذا لن تحتاج بالطبع لتوثيق وإشهار تلك الملكية , ولكن عندما تكون الأرض آهلة بالبشر فمن الممكن أن تصرخ وتهلل وترقص لإثبات ملكيتك .
الله فرضاً واحد صمد لا يشاركه أحد الألوهية ولا ينافسه أحد عليها منذ الازل حتى يُعلن أنه يمتلك الارض والسموات , علاوة أن صفة الإمتلاك لم تتحقق بالطبع قبل خلق السموات والارض , كما أن هناك نقطة اخرى جديرة بالتأمل فمن العبث والتفاهة أن تقول أن المليادير فلان يمتلك 100 مليار دولار +50 سنت فهذا المثال إشارة للسموات التى تعادل 100 مليار دولار والأرض التى تعادل 50 سنت .. لذا تكون مقولة الله مالك مافى السموات والأرض هى إسقاط فكر بشرى متواضع تخيل الإله إقطاعياً .

- هل الله غنى وكريم ؟.
هل يصح القول بأن الله غنى , فصفة الغنى لا تتحقق إلا فى وجود فقر أو مستويات أقل من الثراء , فهل هناك آلهة فقيرة أو أقل مستوى من غنى الإله ليكون الله أغناهم , وهل يمكن القول بالثراء والغنى عندما كان الله وحيدا قبل خلق الوجود والكون والانسان , كذا هل يصح القول بكرم الإله قبل خلق الإنسان .

- هل الله مهيمن ؟ .
يقولون أن الله مهيمن على الوجود والكون , وبالرغم أن هذه الصفة غير مُعاينة ولا مُدركة إلا أن المؤمنين يؤمنون بالله المهيمن ويرددونها كثيراً لنسأل هل كان الله مهيمناً قبل خلق الكون والحياة عندما كان وحيداً بلا أى موجودات حتى من خدامه وحاشيته الملائكية , فكيف نقول أنه مهيمن وهو مع العدم , فإذا حق القول أنه مُهيمن فسيكون بعد الخلق بالرغم أننا لم نرصد ونعاين هذا , لذا فلا يصح إطلاقا أنه كان مهيمناً منذ الأزل وهذا يعنى أن الصفة مُستحدثة أو للدقة بشرية الفكر والتوصيف .

- هل الله لديه مشاعر وانفعالات ؟.
هذا سؤال حرج فالنص المقدس حافل بمشاعر وإنفعالات الله فهو يغضب ويرضى وينتقم ويحزن بل يضحك أيضا وهذه المشاعر تجد حيرة لدى المؤمنين أو قل هم بين نارين , نار أن الإله لا يجب أن يتأثر وينفعل جراء حدث كونه إله منزه عن الهوى والعاطفة , ونار إنهم يحسون بحيوية الإله فى مشاعره وصخبه .
دعونا نتأمل مشهد الإله الإنفعالى من جانب آخر , فالله عندما يغضب أو ينتقم أو يضل أو يرضى ألخ فهو يستخدم المشاعر الإنسانية البحته التي تعتمد على المفاجأة والإنفعال ورد الفعل رغم أنه عليم علم مُسبق مطلق بكل ما سيحدث منذ الأزل , فكيف له أن يغضب من الكفار والمنافقين رغم علمه بما سيفعلون مسبقاً , ثم نأتى لزاوية رؤية أخرى فهل هذا الشعور الإنفعالى بعد الحدث أم كان منذ الأزل , فلو قلت بعد الحدث فالله إنفعالى ومفعول به ويمارس رد فعل ويفتقد فى الوقت ذاته لقصة المعرفة المطلقة فهو لم يعلم الحدث قبل وقوعه لذا إنفعل تجاهه وهذا دليل على بشرية الفكرة وهوانها , واذا كانت إنفعالاته قبل الخلق فهذا هو الهذيان والعبث بعينه .

- هل الله محبة ؟.
الله محبة صفة جميلة يلصقونها بالإله ولكن هل المحبة فى ذات الله أم أنها مُستحدثة .. لو كانت المحبة مُستحدثة بوجود الإنسان ,فالله يفقد ألوهيته حيث أن الصفة تحددت وأستحدثت وتولدت حينها فلا تعرف معنى المُطلق لتتماثل مع الأحاسيس البشرية , ولو كانت الصفة فى ذات الله وكينونته متواجدة معه منذ الأزل فكيف تتواجد صفة بدون المفعول به.. كيف يتواجد حب فى العدم بلا حبيب , فلا وجود هنا لموضوع الصفة ولا فعلها .!

- هل الله له ضمير ؟.
الضمير أو ما يسمى الوجدان هو قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق و باطل , وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية , وإلى الشعور بالرضا والسلام عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية ، والضمير في مفهوم الدين الإسلامى نراه فى حديث عن وابصة ابن معبد الذي سأل محمد عن البر والإثم فقال له:" يا وابصة، استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس وإطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك المفتون" .
حسنا هل لنا أن نسأل : هل الله لديه ضمير لنجد من يمتلك الجرأة ليقول بأن الله ليس لديه ضمير , كون الضمير يخص الإنسان ورغم أن هذا القول يقف فى الحلق كون الله منعدم الضمير علاوة أنه هناك إشارة واضحة بأن الإنسان متميز عن الإله كونه يمتلك الحرية فى سلوكه فيحوله ضميره عن الخطأ بينما يفتقد الإله لتلك الحرية ليكون بمثابة بروجرام للخير والحق .
سنعتنى بجزئية خطيرة أخرى وهى أن عدم وجود الضمير لدى الله سيثير تساؤل : على أى أساس حدد الإله الأخطاء والمحرمات طالما هو ليس لديه معايير الخطأ والصواب , فإذا قلت لديه معايير فهو داخل الأشياء وليس خارجاً عنها متأثراً ومقيماً فيها أى رجعنا لفكرة أن لديه ضمير أما إذا كانت هناك حزمة من الاخطاء والخطايا بدون معايير , فالعملية ستكون عشوائية عبثية , لذا فلترجع للصواب وتقول أن الانسان هو من ينتج معايير الخطأ والصواب وأسقطها على فكرة الإله ليجعل لها تأثير وخضوع وإعتماد .

- هل الله مجيب الدعاء ؟ .
يتوسم المؤمنون فى إستجابة الله لدعائهم ودعواتهم ويرون أن المجيب صفة من صفات الله وقد ذكر استجابته دعاء المؤمنين فى مواضع عديدة بالقرآن والكتاب المقدس بلا تحفظ بالرغم أن هذا لا يتحقق فى الغالب ولكننا سنتوقف عند مشهد آخر ففى الأعراف 194( إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) وفى البقرة 186( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) .
هاتان آيتان فى منتهى الوضوح والقوة , فى الآية الاولى يتحدى الله المشركين والكفار الذين يعبدون غيره أن تستجيب آلهتهم لدعواتهم وهذا يعنى ان الله حصراً من يجيب الدعاء مما يترتب عليه تشكيك المؤمنين فى الإيمان به فهو لا يستجيب لدعاءهم , لتؤكد الآية الثانية هذا التوجه فهو يعلن انه قريب لدعوة الداع حتى يستجيب له ويؤمن به فألا يحق لنا أن نتشكك فى وجود هذا الإله طالما تعهد وتحدى أن يستجيب للدعاء فلا نجد لهذا تحقق لنتساوى مع الذين يدعون آلهة من دون الله .!

- هل الله حكيم خبير ؟ .
نردد كثيرا حكمة الله العظيمة الصائبة , فهل الإله حكيم ؟. لنبدأ بتعريف الحكمة , فالحكمة تعنى إكتساب العلم من التعلم أو من التجارب ويقاربها في المعنى كلمة الخبرة , كذلك الحكمة هى عمل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي أي بما معناه وضع الأمور في نصابها , كما تعنى الحكمة ايضا إتقان الأمور , والقول الصائب , ووضع الشيء في موضعه , والحكيم هو كيان عاقل يرجح الأمور نحو الصواب بما إمتلكه من خبرات عبر تجاربه في الحياة .
عندما ندقق فى هذا التعريف للحكمة سنجده ينافى الألوهية , فنحن أمام إله يكتسب العلم من التعلم ومن التجارب التى يخوضها لتتولد لديه مايسمى الخبرة , فهل الله يُجاهد ليتعلم ويرجح الأمور نحو الصواب بما إمتلكه من خبرات عبر تجاربه الحياتية .! وأليس إكتساب الخبرات لتجعل منه خبيراً تبديد لألوهية الإله فهو مازال يتعلم لتنفى عنه صفة المعرفة المطلقة والكمال .
فلنتناول الأمور من زاوية اخرى , فمقولة أن "الله حكيم خبير" فهذا يعنى أنه مقيد بقانون وفعل الحكمة والخبرة وهذا يعنى أن الإله ليس حر لأنه مُلزم ومُلتزم فى أفعاله بقانون ونظام الحكمة والخبرة وهذا يناقض قدرته ومشيئته المطلقة فلا يستطيع أن يفعل شئ يخالف نظام الحكمة .
هناك نقطة اخرى فى فكرة الحكمة هذه وهى معايير الحكمة , فإذا كانت الحكمة إتقان الأمور ووضع الشيء في موضعها والقول الصائب فهنا من يحدد معايير الإتقان ووضع الأمور فى موضعها الصحيح والقول الصائب , فإذا قلت الله فهو قول خاطئ كونك وضعت إلهك يخوض تجارب منها الفاشلة ليتعلم منها ويستنبط الصائب منها لتنفى ألوهيته بعدم علمه المطلق ووقوعه تحت التجربة والإختبار , كما عليك أن تفطن أن إستنباط الأشياء الصائبة مرهون بتأثرنا بها وبما تجلبه علينا من نفع لنختارها ونتحاشى الأشياء الخاطئة المُجلبة للألم , فهل الله كذلك .؟!
كذا القول بأن الإله هو من وضع قوانين الطبيعة بحكمته , فهذا يجعل الإله يقع تحت قانون المادة التي تتحكم فى تصرفاته بإلزامه أن يفعل أى شيء وفق قانون المادة , وبهذا لن يختلف الإله عن الطبيعة بوجود قوانين تَحد وتُلزم أفعال كل منهما , ومن هنا فالإله مُسير بقانون الحكمة مثل الطبيعة التي تعتبر مسيرة بقوانين .!

- هل الله له ذاكرة ؟ .
نعتبر الله صاحب ذاكرة لا نهائية بدليل أنه حفظها ودونها فى اللوح المحفوظ ولكن الذاكرة اللانهائية تستلزم أن يكون اللوح المحفوظ لا نهائىوهنا لن يكون لوح ! . هناك مشكلة خطيرة أخرى فى قصة الذاكرة الإلهية , فالذاكرة هى الإحتفاظ بمشاهد مرتبطة بالزمن وكون الله أزلى أبدى خارج الزمن لا يخضع له فلا يمكن له أن يحتفظ بذاكرة وأحداث ومشاهد ترتبط بالزمن .

-هل الله معقول ؟ .
هل يمكن إدراك الله بالعقل .. أتصور انه سؤال غريب فالمؤمنون يرون ان الله يمكن إدراكه بالعقل ليقولوا أن الله عرفوه بالعقل , ولكن وفقا للمفهوم الإيمانى فالله لن يُدرك بالعقل كونه خارج حدود العقل كما يزعمون أيضا كونه مطلق غير محدود لا نهائى فلا يمكن إدراكه بالعقل ليكون الله هكذا فكرة غير معقولة علاوة أن الإله نفسه غير عاقل كما أشرت فى مقال سابق فتعريف العقل وآلياته يتنافى مع صفاته المطلقة .
يقولون أن المقصود أن الإنسان يَعقل الإله بشواهد مخلوقاته , لنقول بداية أننا نطلب منك أن تثبت أن هذا السَبب جاء من ذاك المُسبب حصراً أما ماتستشهد به فهو خداع العقل ولو صح جدلاً أن هذه المخلوقات منتجاته فهنا صار الإله معقولاً , وطالما هو معقول فيمكن إستيعابه بالعقل وهذا يعنى تبدد فكرة المطلق اللامحدود اللانهائى .

- هل أنت مسير أم مخير أو للدقة هل أنت حر أم لا فى ظل هيمنة وتسبيب الإله ؟.
إعتماد السببية لإثبات وجود الله وإعتباره عله أولى غير معلولة ستحتم ظهور الجبرية , فأفعال الإنسان نتيجة سبب وهذا السبب تسبب من علة أخرى حتى نصل إلى علة أولى غير معلولة وهى الله . لو إنتفت السبيية سيسقط الإستدلال بوجود خالق وإذا أخذت بالسببية فتكون الجبرية حتمية فكل الأفعال والشرور والجرائم الإنسانية سترجع للمُسبب الأول لنقع فى دائرة العبثية واللامعنى .
طالما لكل سَبب مُسبب فسنجد سلسلة من المسببات تقدونا للمُسبب الأول الذى هو الله وطالما إعتمدنا التسلسل ليصل إلى بداية السلسلة فهذا يعنى أن كل سلوك وفعل الإنسان يقع تحت الجبرية فأى سلوك إنسانى له أسبابه وبتتبع السلسلة سنجد الله كمسبب أول منتج لسلسلة من المسببات إنتهت عند الإنسان , ولو قال احد أن الإنسان هو المُسبب الوحيد للفعل والسلوك ولا توجد سلسلة فقد نفيت منطق الله كمسبب أول .
أليس إعتماد السببية لإثبات وجود الله وإعتباره عله أولى غير معلولة ستحتم ظهور الجبرية , فأفعال الإنسان نتيجة سبب وهذا السبب تسبب من علة أخرى حتى نصل إلى علة اولى غير معلولة فى نهاية السلسلة هى الله .

- هل المؤمن صادق عندما يقول أنه على يقين ؟.
عندما يقول المؤمن أنه لا يشك في القدرة المطلقة والحكمة المطلقة لله , فالله القادر على كل شيء , وكل أفعاله ورائها حكمة وإن خفيت عنا لقصور مداركنا فهل هذه المقولة بها أى مصداقية أم الزيف والوهم والتعسف بعينه , فمن أين امتلك المؤمن هذا اليقين فهل عاين تلك القدرة والحكمة الإلهية وإختبرها حتى يقول هذا أم هو الانبطاح وراء فرضيات تتلى عليه .

- يسألون لماذا نطلق على الله أنه فكرة وليس وجود , لأن كل ما يقدمه المؤمنون ويعرفونه عن الله مجموعة أفكار عن قصص وسلوكيات ظنية استناجية إفتراضية لا تقترب من تعريف وجود .

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - امل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُحمد إلهاً-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- وهم الحقيقة-نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- هذا هو محمدك ياشاهر(2)-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا
- النسبى ووهم المطلق-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- وهم الموت والبعث-نحو فهم الحياة والإنسان والوجود
- هذا هو محمدك يا شاهر-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا
- منطق آلهة سادية أم بشاعة وسادية القدماء
- تأملات فى ماهية الحياة والإنسان والوجود
- ثقافة الشماته والتشفى-الدين عندما ينتهك انسانيتنا
- مراجعة لأقوالنا وإيماننا العتيد – خربشة عقل
- الناسخ والمنسوخ تردد إله أم موائمات نبى
- قضية للنقاش: انتفاضة السكاكين إرهاب أم نضال
- ثقافة الإزدواجية القميئة-لماذا نحن متخلفون
- ألهذه الدرجة دمائنا ولحمنا رخيص-مواجهة لثقافة الإرهاب
- هل يصح سؤال من خلق الكون-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- أسألك : كيف ترى الله – قضايا فلسفية 2
- زهايمر أم مواقف سياسية-تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء14
- سؤال : لماذا تعيش الحياة, وما معناها وما جدواها
- مفاهيم مغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود
- موائمات و تدخلات وإقتراحات وما يطلبه الجمهور


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وستعرف أنك كنت تطارد خيط دخان-خربشة عقل