أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد دامو - انحراف الساسة وانحطاط السياسة في الجزائر.. علائم الضعف والهوان














المزيد.....

انحراف الساسة وانحطاط السياسة في الجزائر.. علائم الضعف والهوان


محمد دامو

الحوار المتمدن-العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 21:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس سرّا ان الشعب الجزائري الذي ذاق الامرين طيلة سنوات الجمر ،وعلى مدى عشرية كاملة، يرغب باصرار في تفويت الفرصة على دعاة "الفوضى الخلاّقة"، التي ثبت انها في واقع الامر "مؤامرة خرقاء"، مزيَنة بقشور جوفاء ،ظاهرها طموحات مشروعة بحسب مبادئ سامية ،وباطنها مكيدة محكمة تستهدف الوطن والامة في استقرارها ،وسلامتها وحتى وجودها.
وليس سرا ايضا ،ان الشعب الجزائري بات متمتعا بحساسية بالغة تجاه كل الممارسات الغريبة ،التي قد تقتحم عليه هدوءه واطمئنانه وراحة باله ،خاصة إن كان مصدرها أفرادا من المغامرين والغلاة في الساحة السياسية المصابة في بعض جوانبها، بفيروس التكاثر العشوائي والممارسة الهوجاء، والتي لا يتوانى الدخلاء والبلداء بمحيطها وحتى بصلبها ،عن إثارة القلائل والشغب ،عبرتبادل التهم والشتائم بشكل سافر وبذيء ،قصد الزج بالساحة السياسية الوطنية في متاهة الشك والتشكيك ،وإحداث ثغرة في جدارها الواقي لتمرير حبائل الدس والغمز ،التي يمكنهم تسلَقها نحو الاعلى ،فيما هي مدلاّة صوب اسفل الهاوية.
الشركاء السياسيون ،كما يدعونهم في العالم الديمقراطي الذي يقرّ بوجودهم طبقا للدستور والقوانين المرعية ،وهم في الجزائر ،فرق واحزاب تشكَل كل مجموعة متجانسة منها اسرة سياسية واحدة ،يغرف افرادها اومناضلوها من منبع ايديولوجي واحد ،لكنها تتعارض إحداها مع الاخرى، في تبنّي وتفسير ما تراه مناسبا لمصلحتها السياسية كما يراها رب الاسرة ،وعلى هذا ظهرت احزاب ديمقراطية عديدة، تدَعي كل منها التمثيل الحصري للديمقراطية ،وتكاثرت احزاب اخرى تحت مسميات دينية وغيبية متناحرة لا تتوانى عن تبادل الطعن في السر والعلن، حتى بتنا نحسب الدين الواحد متناقضا في عقائده ،والعقيدة الواحدة متضاربة مع اصلها..وهكذا دواليك ،على حدَ ما تعرفه الحياة السياسية في بلادنا، حيث انقرضت الايديولوجيات وبارت الافكار ،وباتت الاحزاب واشباهها موزَعة على ثلاث عائلات تنتسب اليها باختيارها وليس لشيء آخر: الوطنية ،الاسلامية والديمقراطية. وتفتخر جميعها بانها "نوفمبرية"، اي ان جذورها تمتد الى رحم ثورة التحرير الوطني. على ان نضال ونشاط كل عائلة، ينحصر في اثبات مشاركتها في ايديولوجية غريمتيها المتهمتين بنكران ايديولوجيتها هي ،فالعائلة الوطنية ،لا تنفك تكرَر ان ايديولوجيتها الوطنية تقوم على مبدئي الاسلام دينا وعقيدة والديمقراطية اسلوبا ومنهجا، والحكاية ذاتها تتكرَر في خطابات العائلتين الاخريين: الاسلامية والديمقراطية،.. وتدَعي هذه العائلات انها تشكَل فيما بينها، الطبقة السياسية في الجزائر، وقد ينطوي هذا الادعاء على بعض الحقيقة ،خاصة وان اسلوب عملها جميعها واحد لا جديد فيه ،والغاية هي الوصول الى سدّة الحكم والبقاء فيه ،ليس بفضل برامج وإضافات تقترحها على الامة ،بل عبر تكسير الآخر المنافس كما هي حال الاخوة الاعداء دائما. وقد يكون كل هذا مقبولا او على الاقل مبررا ،بالنظر لافتقارنا الى التقاليد الديمقراطية في التنافس والحوار والمناظرة والجدال، لكن الامر تجاوز حدود الجهل المقبول ليصل الى حدّ الانحراف المنبوذ ،حتى راحوا يتصارعون بكل الوسائل المتاحة إعلاميا ،يتراشقون الاتهامات الخطيرة ،ويتبادلون الشتائم البذيئة ،ويرمون بعضهم بعضا بالاوصاف القبيحة والنعوت غير الاخلاقية منها خاصة.
كان الساسة العرب يكتسبون مهاراتهم من تجارب ومآثر حكمائهم التي يتناقلونها ،ابا عن جد قبل ان تصبح علما يدرس في سياق ما عرف بـ "علم الكلام" ،وكان الاغريق والرومان يتوارثونها عن اسلافهم ايضا ،لكنهم سرعان ما وضعوا لها قواعد وضوابط ،يتعلّمونها في معرض دراستهم للفلسفة وفن الخطابة والمجادلة. وبذلك اصبحت "السياسة" علما يدرس ،وتقاليد تورّث ،والاهم انها باتت ميزان حال الامة ومؤشّر سلامتها وعافيتها ،بانحطاطها تصبح الامة على شفا الهاوية والاضمحلال ،وحتى الضمور والاندثار. ولم يعد خافيا لدى المؤرخين وعلماء الاجتماع ،ان انحراف الساسة وانحطاط السياسة ،من علامات الضعف والهوان ،المؤدية الى السقوط والزوال ،في حال لم يبادر اهل الحكمة والثبات الى وضع حدَ لتلك الحال المنحطة ،ولجم الغلاة والبغاة وادعياء العمل السياسي ،من التمادي في انتهاك قوانين وآداب واخلاق الممارسة السياسية في حدّها الادنى على اقل تقدير. كل هذا تناوله بإحكام إمام علم السياسة والاجتماع المفكر عبد الرحمان بن خلدون، وشرحه قبل ستة قرون بالدليل والبرهان.
لكن، إن لم تكن السياسة فن المراوغة والخداع ، كما ادعى اتباع "أمير" مكيافيل ،فما تكون السياسة إذن؟. السياسة اصطلاحا :إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية ،لكنها قبل ذلك القواعد الاخلاقية والقانونية التي تحكم العلاقات بين مكونات الدولة ،وبينها وبين الناس،ولعلّ الجواب العملي الامثل يكمن في نهج ومنهج معاوية بن ابي سفيان مؤسس الخلافة الاموية ومقولته الشهيرة: "..والله لو كانت بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت ،كانوا اذا شدّوها ارخيتها ،وإذا ارخوها شددتها".
السياسة إذن ،هي اداة تجسيد المعجزة، التي تتيح للبلدان الصغيرة بان تصبح دولا كبيرة ،فيما اذا كانت تحظى بساسة كبارا بحكمتهم ووسع حلمهم وسعة مخيالهم وسمو اخلاقهم ورفعة تسامحهم. وقد تتحول السياسة نقمة على البلدان الكبيرة فتغدو دولا صغيرة لصغر عقول ساستها وضيق مخيالهم وظلامية تفكيرهم وعدوانية تصرفاتهم.
على هذا ،يمكننا تفهّم مخاوف المواطن الجزائري ،من انحطاط لغة التخاطب في الساحة السياسية الوطنية ،السمة التي طغت على مجريات العام المنصرم، فكان ان اجمع معشر الجزائريين بمناسبة حلول العام الجديد،على التضرّع للعلي القدير ،رافعين ايديهم الى السماء في خشوع الحكماء المتسامحين ،آملين ان تتولى الاقدار حفظ وحماية بلدهم من تهوّر وحماقات ذلك الرهط من الساسة والسياسويين.



#محمد_دامو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا الدا الحسين أو..رحيل آخر أباء الوطن
- الجزائر بين إلزامية -التعريب- فرضا.. وضرورة -استعادة- المورو ...
- الأصل في الصراع الأزلي بين الشرق والغرب
- اتهام صنصال بالسرقة الادبية .. رواية الأعرج الأكثر رواجا وتس ...
- التاريخ ..دراسة وتدريسا
- آفة الحرف المسيئة و..ليلة القضاء على ماسح الاحذية
- مزامير حروب الشرق و..الامر المحسوم سلفا
- الملكية الفكرية او..أكسير الخلق والابداع
- هيئة الامم ..سلبا وإيجابا
- الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان
- -دياسبورا- الهلال الخصيب و..متطلبات الشرق الاوسط الجديد
- العربية في..اسفار المأساة اللغوية الجزائرية


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد دامو - انحراف الساسة وانحطاط السياسة في الجزائر.. علائم الضعف والهوان