أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - - صار عمري ثلاث سنين-














المزيد.....

- صار عمري ثلاث سنين-


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 5015 - 2015 / 12 / 16 - 12:15
المحور: الادب والفن
    


" ما أغلى من الولد الّا ولد الولد" .. مثل قاله الجدود وقرأته وأنا في ريعان الشّباب وكنتُ ما زلتُ حينها أبًا " طازجًا "، فضحكتُ من باب السُّخرية، وقلتُ: إنّه مجردُ مثل وضريبة كلاميّة لا اكثر ، فنحن الشرقيين نغالي ونبالغُ فالأبنُ أغلى بما لا يُقاس .
نعم، إنّه مَثَل ليس اكثر ،هشّ المعنى ، فارغ المضمون ، لذا رحْتُ ازرعُه بالشّكّ وأرويه بالرَّيْبة ، فاصفرَّ ولم يثمرْ وظلّ نسيًا منسيًا قابعًا في سرداب ذاكرتي الى أن جاء ذاك اليوم ،اليوم الشتائيّ الجميل ، وجاءَ معه زُهير يرفلُ بالبراءة ؛ جاء قبل ثلاث من السّنين يتلفّع بالمرح ، ويزقزق على شرفتي طول النهار، زقزقة عذبة ونغماتٍ جذلى تأخذني الى دنيا الأحلام ومرابع الآمال.
جاء فزرعَ ربوعنا سنابلَ خيرٍ ولوّنَ نفوسنا بقوس قزح مثقل بالبسمات، فكلّ حركة منه قصّة جميلة ، وكلّ بسمة قصيدة غزَل ، وكلّ " زناخة" سيمفونيّة غَنَج ، حتّى البكاء الذي كنت أمقته أضحيت أحبّه منه ومن خلاله.
أحببتُ عنادَهُ وعفويته وعفرتته ، فقلَبَ البيت رأسًا على عقِب ، وكسّر وهشّم وأنا اضحكُ في حين تروح جدّته تلومُه وتلومني وتتهمنني " بتدليعه" .
رافقته خطوةً خُطوة، ينمو على مهل ويكبر خليّة خليّة ، يتعرّف على الدُّنيا من حوله ، يتحسّس كلَّ شيء، يناغي ويحبو ويمشي تارة ويقع أخرى فيبكي، فيقع قلبي معه .
غافلني مرة وأنا ارتشف قهوتي الصباحيّة فلمس بأنامله الطريّة الناعمة ركوة القهوة السّاخنة ، فلسعته، فانهمرت الدّموع من عينيه وظلّ يكفكف الدمع الى ان نام والحزن يعتصر قلبي ، ومنذ ذاك الوقت والركوة الساخنة تتمتع بالحريّة والطمأنينة على صينيّتي.
وكثيرًا ما أرفعه بيديّ وأقذف به الى فوق ، الى الفضاء ، فيروح يضحك في خوف وسرعان ما يحطُّ على يديّ وكتفي معانقًا : كَمان ... كَمان وهو يقصد افعلها ثانيةً.
راوية جميلة خيوطها مرح وحبكتها محبّة وزمانها في كلّ وقت ، كتبها محبّ الأطفال يسوع فوق دفتر ايامي، كتبها روايةً يعجز أن يأتي بمثلها شكسبير او يجاريها دستويفسكي .
ويعود المثل إيّاه يطفو من جديد فوق ذاكرتي " ما أغلى............... "
فأضحكُ وأستميح اجدادي ألف عذر ، فقد ظلمتهم متّهمًا إياهم بالرُّجوعيّة والشَّطط، وجلَدتهم بسوطي الوقح ..
كان حريٌّ بي أن اتريّث ، أن انتظر لأجرّب ، فالتجربة أفضل برهان
وقد جرّبت ؛ جرّبْتُ مرةً أخرى حين حطّت قبل سنة ونصف قدما حفيدي الثّاني" آدم" الجميل ذي الشَّعر الأشقر والبسمة الوضيئة عتبة الحياة ، وعتبة بيتنا ، وتأكّد لي ان أمثالنا العاميّة لم تأتِ من فراغ ، بل من تجربة وحسٍّ مرهف.
أذوب حبًّا بكلمة : سيدو ... سيدو
وأقهقه عاليًا حين يُذنب حفيدي فيصرخ ابوه في وجهه فيركض ليحتميّ خلفي.. سيدو سيدو مقتنعًا أنّني القادر على كلّ شيء ، حامي الحمى ، مُحرّك الكون بإصبعه ، فيرمق أباه بنظرة لا تخلو من شماتة ،فأهبّ لنجدته زاجرًا ذاك " الغاضب" "المعتدي" رغم علمي انّني أفعل الخطأ أو بعضه.
حُلمٌ جميل ، مُعطّرُ الثنايا والحنايا ، أتمنّاه أن يدوم ، وأتمنّاه لكلّ انسان ، فإنّه الجائزة الكبرى العابقة بأريج السعادة وهدأة البال ؛ الهدية القادمة من بعيد ، من لَدُن السّماء.
سيدو ... سيدي ... الكلمة الأجمل والأحلى بعد الله.
زهير وآدم كم أنا محظوظ بكما!



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وُلِدَ الإلهُ
- ساندرا الحاجّ مخمليّة الصّوت ، ليلكيّة المشاعر
- خَتَم بالدم عهودو
- فيروز نسيج وحدها
- ذكّر إن نفعت الذّكرى
- خلود جذور الوطن
- قتلوكَ يا صغيري
- لماذا يا قطريّة ؟
- ظالمون
- ازرع حقلي حِنيّة
- طَبْ ليه ؟ ...طَبْ أفهم!
- اغنية عبلّين
- حكايات جدّتي
- التقطنا الحَّبَّ من تحت جناحيْكَ
- همسة صغيرة صارخة
- كيف نجا صوصو
- القرة الحنون
- القدّيسة مريم بواردي
- أنتَ الرّبيع
- عُمري فِداك


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - - صار عمري ثلاث سنين-