أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - كونفِدراليَّةُ السُّودانَيْنِ: بُشَارَةُ بَاريسَ الثَّانِية!















المزيد.....

كونفِدراليَّةُ السُّودانَيْنِ: بُشَارَةُ بَاريسَ الثَّانِية!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
حين صدر "إعلان باريس" المبرم في الثَّامن من أغسطس 2014م، بين حزب الأمَّة وجبهة القوى الثَّوريَّة، كنا من أكثر النَّاس استبشاراً به، وبما اجترحه من معالجات للأزمة السُّودانيَّة المستفحلة، خصوصاً الجَّوانب التي لم يسبق الطرق عليها، أو نادراً ما جرى لمسها في ذلك النَّوع من المواثيق الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة. وكان مقصدنا، تحديداً، التَّشديد على أن "دولة جنوب السُّودان هي الأقرب للسُّودان والسُّودانيِّين، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً"، والتأكيد على "تطلع السُّودانيِّين لاتِّحاد بين دولتَيْن مستقلتيْن".
في السِّياق عبَّرنا عن ضرورة ألا يكتفي مظاهرو "الإعلان" بتأييدهم له، وإنما يلزمهم الإسهام النشط في تعميق معانيه النَّبيلة، كهذه الدَّعوة تصدر من منبر كهذا، ربَّما لأوَّل مرَّة، بما يتجاوز حالة انفصام السُّودان إلى سودانيْن.

(2)
منذ ذلك التَّاريخ جرت مياه كثيرة تحت الجِّسور، فقد توسَّع "إعلان باريس" بـ "ميثاق العمل المشترك" و"نداء السُّودان"، في العاصمة الإثيوبيَّة، في ديسمبر 2014م، كما بـ "إعلان برلين" في فبراير 2015م. ثمَّ ها هي المعارضة تتوِّج جهدها الفكري والتَّنظيمي الأصغر في "باريس الأولى"، بمقرَّرات اجتماع "نداء السُّودان" التَّاريخي الأكبر في "باريس الثَّانية"، ما بين 10 ـ 14 نوفمبر الجَّاري.
من أطيب بشارات تلك المقرَّرات اعتماد "ميثاق العمل المشترك"، كميثاق لكلِّ قوى "نداء السُّودان". ومن فوق هذا الالتزام الصريح أكَّدت هذه القوى، مجتمعة هذه المرَّة، اتِّجاهها للعمل من أجل "إقامة علاقات استراتيجيَّة بين دولتي السُّودان لتحقيق المصالح العليا للشَّعبين، وإقامة اتحاد بين دولتين مستقلتين، ودعم السَّلام والاستقرار الإقليمي والدَّولي".

(3)
وكنَّا قد دعونا من قبلُ، مراراً، إلى مغالبة التَّواريخ المؤسِّفة، لنجعل منها منصَّة انطلاق نحو آمال أرحب. وقد سبق أن كتبنا، في هذا المكان، ما نكرِّر اليوم، أيضاً، بهذه المناسبة، من أن ما حدث، في يوليو 2011م، من "انفصال" الجَّنوب، أو قل، إن شئت، "استقلاله"، قد حدث، وأيَّة نتيجة مغايرة كان يتحتَّم على من "يشتهونها" الدَّفع باتِّجاهها، منذ آماد بعيدة، فلا جدوى، الآن، من البكاء على اللبن المسكوب! لكن المهم أننا بإزاء انتباهة لا يمكن تجاهلها، ولعلها الأولى، في سياق التَّواثقات الوطنيَّة، التي تنصبُّ على لمِّ شمل الوطن، ورتق فتقه!
وتتمحور هذه الانتباهة حول الدَّعوة إلى "اتِّحاد دولتيّْن مستقلتيْن"، ما يعني، في لغة القانون، "اتِّحاداً كونفيدراليَّاً". وقد ظلَّ الأمل معقوداً، دائماً، بالمدى الذي نفيق فيه، جميعاً، إلى أن ما اصطلحنا عليه، ردحاً من الزَّمن، بـ "مشكلة الجَّنوب" هو، في حقيقته، محض ملمح، وإنْ كان أعلى صوتاً، لمشكلة بنائنا الوطني كله؛ وأن من تمام الغفلة اعتبار نموذجه غير قابل للتِّكرار! بل من سداد الرأي، وحسن التَّدبير، أصلاً، الإقرار بأنه، ما لم نسارع لتدارك الأمر، ليس سوى النموذج الأكثر ترشيحاً لأن يحذو حذوه، في نهاية المطاف، كلُّ إقليم أو تكوين قومي تبلغ روحه الحلقوم!

(4)
ولأن ذلك كذلك، فقد حقَّ الابتهاج بورود هذه الدَّعوة، أيضاً، ضمن "إعلان باريس الثَّاني"، خصوصاً بالنِّسبة لتلك المجموعة من المواطنين، من ذوي السَّبق، الذين تشرَّفنا بأن كنا، وما زلنا، ضمنهم، وفي مقدِّمتهم مفكرون، وأدباء، وفنانون، وكتاب، وصحفيون، وناشطون حقوقيون، وقادة مجتمع مدني، بادروا، نساءً ورجالاً، حتى قبل استفتاء يناير 2011م، باقتراح أطروحة إجرائيَّة في مستويين، ونعرض لها في ما يلي باختصار نرجو ألا يكون مخلاً:

أوَّلاً: في المستوى الرَّسمي:
(1) تتَّفق الدَّولتان على إنشاء "اتِّحاد" بينهما، أساسه سوق مشتركة، وعملة موحَّدة، وجنسيَّة مزدوجة، ولو جزئيَّاً في البداية؛
(2) تكون لهذا "الاتحاد" أجهزة مشتركة لخدمة مسائل محدَّدة؛
(3) تشرف على عمل هذه الأجهزة مفوضيَّة يُتفق على طريقة تكوينها؛
(4) تكون لهذه المفوضيَّة رئاسة وأمانة عامَّة تداوليَّتان؛
(5) تكون "أبيي"، التي نقترح أن تتمتَّع، بعد مشورة أهلها، بشكل من الحكم الذَّاتي، عاصمة إداريَّة لـ "الاتِّحاد"؛
(6) تتَّفق الدَّولتان على أن يتمتَّع مواطنوهما بالحُرِّيَّات الأربع "التَّنقل ـ الإقامة ـ العمل ـ التَّملك" داخل "الاتِّحاد"؛
(7) وتتَّفق الدَّولتان على امتناع "الدَّولة السَّلف Predecessor State" عن إسقاط جنسيَّتها عمَّن استحقُّوها بالميلاد أو التجنُّس، قبل حصولهم على جنسيَّة "الدَّولة الخلف Successor State" بالاختيار، تفادياً لخلق أيَّة حالة "بدون Statelessness"؛
(8) وتتَّفق الدَّولتان على أن يشتمل نظاماهما القانونيَّان على السَّماح باكتساب الجِّنسيَّة المزدوجة، ولو جزئيَّاً، مع مراعاة أولويَّة منحها للمجموعتين الآتيتين:
أ/ الشَّماليين الذين ارتبطت حياة ومصالح أجيالهم بالجَّنوب، والجَّنوبيين الذين ارتبطت حياة ومصالح أجيالهم بالشَّمال. فإحساس هؤلاء أو أولئك بتهديد الانفصال لحياتهم ومصالحهم قد يؤدي إلى العنف، ومن ثمَّ استعادة مناخ الحرب؛
ب/ القبائـل الحـدوديَّـة بيـن الدَّولتيـن، مـن أقاصـي الغـرب إلـى أقاصـى الشَّـرق، ويقـدَّر تعدادها بـ 9 ملايين شمالي، و4 ملايين جنوبي، أي قرابة ثلث إجمالي سُّكان الدَّولتين. فإذا علمنا، مثلاً، أن قبيلة المسيريَّة الشَّماليَّة وحدها، والموزَّعة على 9 أفرع، ويبلغ تعدادها زهاء الـ 135 ألف نسمة يمارسون الرَّعي، بالأساس، ويمتلكون 10 ملايين رأس من الأبقار التي ترتبط حياتها بالتوغَّل وراء الماء والكلأ، في موسم الجَّفاف، إلى الجَّنوب من بحر العرب، وصولاً إلى بانتيو، لأكثر من 6 أشهر في السَّنة، وفي مناطق تتبع لقبيلة دينكا نقوك الموزَّعة على 9 أفرع، أيضاً، والبالغ عدد أفرادها زهاء الـ 75 ألف شخص يمارسون الرَّعي، بالأساس أيضاً، إلى جانب الزِّراعة والتِّجارة في مدينة "أبيي"، لأدركنا، إذن، حجم الخطر الذي يمكن أن ينجم، غداً، عن مجابهة هؤلاء أو أولئك لحقيقة الحظر غير المستبعد، فجأة، من جانب هذه الدَّولة أو تلك، لهذه الرحلة "الجَّنوبيَّة/الشَّماليَّة"!
صحيح أن القاعدة المرعيَّة في القانون الدَّولي، وقد نبَّه إليها قرار تحكيم "أبيي" بلاهاي في سبتمبر 2009م، أن القبائل الحدوديَّة ينبغي ألا تضار من أيِّ إجراءات ترتِّبها الدُّول في ما بينها لإعادة ترسيم الحدود. لكن هذه القاعدة ذات الكلمات القليلة قد يحتاج تطبيقها لأعمار أجيال بأكملها تتبدَّد ما بين التَّفسير، والتَّقاضي، والدِّبلوماسيَّة، والمنظمات، والمحاكم الإقليميَّة والدَّوليَّة، مِمَّا لا يُتصوَّر أن تتحمَّله القطعان الجَّوعى والظمأى، فتنفتح، هنا أيضاً، ذريعة أخرى للحرب!

ثانياً: في المستوى الشَّعبي:
(1) يجري دفع شعبي واسع، في البلدين، لخلق وضعيَّة ذهنيَّة ونفسيَّة تحاصر "الانفصال" في "قمَّة هرم" السُّلطة في الدَّولتين؛
(2) تُستنهض حركة واسعة للنَّشاط الحزبي، والنقابي، والمدني، وللإبداع المعبِّر، أدبيَّاً وفنيَّاً، عن الطموحات الشَّعبيَّة الوحدويَّة.
(3) تُوحَّد، أو تُنسَّق، على الأقل، جهود الاتحادات الدِّيموقراطيَّة لعمَّال البلدين، ومزارعيهما، ومهنييهما، ونسائهما، وشبابهما، وطلابهما، ورياضييهما، ومبدعيهما، وصحفييهما، خصوصاً في ما يتصل من هذه الجُّهود بالدِّبلوماسيَّة الشَّعبيَّة.
***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فِي الدَّعْوَة لاسْتِعَادَةِ الخِلافَة!
- الجَّنْقُو: فِي الاِقْتِصَادِ السِّيَاسيِّ لِلإِبْدَاع!
- الإِبْرَاهِيميَّةُ السِّياسِيَّةِ بَيْنَ التَّدَيُّنِ والذَّ ...
- اليَوْمُ التَّالِي: المُعَارَضَةُ السُّودانيَّةُ تَتَجَاوَزُ ...
- أُكتوبَر: حِكَايَةُ رَجُلٍ اِسمُهُ بَشِيرُ الطَّيِّب!
- حَوْلَ قِيمَةِ الإجْماعِ بَيْنَ الشُّورَى والدِّيمُوقْرَاطيّ ...
- مَلامِحٌ مِن المُقدِّمَاتِ الفِكْرِيَّةِ لِحَفْزِ الانْفِصَا ...
- عِيدُ أَضْحَى سَعِيدٌ: بَيْنَ رِحَابِ الحُرِّيَّةِ وحَظَائِر ...
- السُّودَانُ وَحُقُوقُ الإِنْسَان: بين السَّيِّئ والسَّيِّئ ج ...
- دَارْفُورْ: دُرُوسُ الانْتِفَاضَةِ والانْفِصَال!
- رِجَالٌ فِي الشَّمْسِ .. رِجَالٌ فِي الثَّلْج!
- أَثَرُ العَلاقَاتِ الإِسْلاميَّةِ المَسِيحيََّةِ عَلَى وُحْد ...
- الدَّوْلَةُ: في الإِبَانَةِ حَوْلَ المَفْهُوْمِ والمُصْطَلَح ...
- إنْكَارُ التَّعَدُّديَّةِ كَعْبُ آخيلِ الإِسْلامِ السِّياسِي ...
- الحِوَارُ السُّودَانِيُّ أَوْ .. عَجَلةُ التَّاريخِ المَعْطُ ...
- مِنْ سَايكِسْ بِيكو إِلى .. دَاعِش!
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَام [الأخيرة]
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَام [7]
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَام [6]
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَام [5]


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - كونفِدراليَّةُ السُّودانَيْنِ: بُشَارَةُ بَاريسَ الثَّانِية!