أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العرب قبل وبعد الإسلام (2)















المزيد.....

العرب قبل وبعد الإسلام (2)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4922 - 2015 / 9 / 11 - 01:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العرب قبل وبعد الإسلام (2)
طلعت رضوان
كانت ولادة النبى محمد عام 571 وفقــًا للتقويم الميلادى ، وعندما اختار العرب لأنفسهم تقويمـًا خاصًا بهم (التقويم الهجرى) فكان ذلك فى عام 622 ميلادى ، والمؤكد – كما ورد فى السيرة الحلبية - أنّ عبد المطلب (جد محمد) سماه عند ولادته باسم (قــُـثـَـم) بمعنى (مجمع الخير) والثابت أنّ زيد بن عمرو بن نفيل (الذى عاصر الفترة الموسومة بالجاهلية) كان ((على دين إبراهيم واعتزل (الأوثان) والذبائح التى تــُـذبح (للأوثان) ونهى عن وأد البنات ، وكان إذا دخل الكعبة يقول ((لبيك حقــًا تعبدًا.. عذتُ بما عاذ به إبراهيم)) ثم يسجد مُـستقبلا الكعبة. وقال إنه يُبعث يوم القيامة أمة وحده . وزيد بن عمرو بن نفيل رابع أربعة تركوا (الأوثان) والميتة ، وهم زيد بن عمرو بن نفيل (ابن أخى الخطاب والد عمر بن الخطاب) وورقة بن نوفل (ابن عم خديجة التى تزوّجها محمد) وعُـبيد الله بن جحش (ابن عمة محمد) وعثمان بن حورث ، وكان الأربعة يلتمسون (الحنيفية) وكان أهالى قريش يسخرون منهم ، خاصة فى (يوم عيد الصنم) وكان زيد بن عمرو بن نفيل يقول لقريش ((والذى نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيرى)) حتى إنّ عمه الخطاب أخرجه من مكة وأسكنه بحرًا ، ومنعه من دخول مكة هو وكل من معه حتى لا يُـفسد عليهم (دينهم) وكان خروج زيد من مكة بسبب دعوته ل ((الحنيفية دين إبراهيم)) وعن عائشة قالت ((قال رسول الله دخلتُ الجنة فوجدتُ لزيد بن عمرو دوحتيْن أى شجرتيْن عظيمتيْن)) (السيرة الحلبية - المكتبة الإسلامية – بيروت – لبنان – م ص96- 113)
وزيد بن عمرو بن نفيل قد استعمل لفظ الإسلام فى شعره (قبل الدعوة المحمدية) ولكنه لم يدّع النبوة ، بينما ذكر المؤرخون (المسلمون) أنّ أمية بن أبى الصلت كان يتوقع النبوة لنفسه. وكذلك أبو قيس ابن أنس الذى ترّهب ولبس المسوح واغتسل من الجنابة وقال ((فأوصيكم بالله والبر والتقوى/ وأعراضكم ، والبر بالله أولُ / وإنْ قومكم سادوا فلا تحسدونهم / وإنْ كنتم أهل الرياسة فاعدوا)) وقال ((سبحوا الله شرق كل صباح / طلعتْ شمسه وكل هلال/ عالم السر والبيان لينا / ليس كل ما قال ربنا بضلال/ يا بنى الأرحام لا تقطعوها / وصلوها قصيرة من طوال/ واتقوا الله فى ضعا اليتامى / ربما يستحل غير الحلال/ واجمعوا أمركم على البر والتقوى / وترك الخنا وأخذ الحلال)) (سيرة ابن هشام – ص113، 114) وجاء فى سيرة ابن هشام أيضًا أنه ((كان فى حجر باليمن.. كتاب الزبور كــُـتب فى الزمان الأول يقول : لمن مُـلك ذمار؟ (اسم مدينة) لحمير الأخيار. لمن مُـلك ذمار؟ للحبشة الأشرار. لمن مُـلك ذمار؟ لفارس الأحرار. لمن مُـلك ذمار؟ لقريش التجار)) (ص64) وورد فى تاريخ الطبرى أنّ الكاهن سطيح (من اليمن) قال لربيعة بن نصر إنّ ((مُـلك اليمن سينقطع برجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون المُــلك فى قومه إلى آخر الدهر، ثم أضاف – لتأكيد ذلك – نعم والشفق والغسق ، والفلق إذا اتسق ، إنّ ما أنبأتك به لحق)) (تاريخ الطبرى – ج2- ص113)
وكما كانت القبائل العربية قبل الإسلام تغزو بعضها البعض ، لذلك فإنّ كتب السيرة النبوية (وخاصة سيرة ابن هشام وهى تهذيب لسيرة ابن إسحاق) تمتلىء بأحداث الغزوات التى قام بها محمد ووقائع الإغتيالات والتصفية الجسدية لخصوم محمد ، وحدث أنّ بعض المسلمين ، بتحريض من حمزة بن عبد المطلب اعترضوا قافلة للقرشيين كانت عائدة من الشام إلى مكة بقيادة إبى سفيان ، وقد أفزع ذلك القرشيين ، خوفــًا على تجارتهم وقوافلهم التى تروح وتجيىء فيما بين مكة والشام ، وهو ما أدى إلى أحداث (غزوة بدر)
كما أنّ الصلح الذى تمّ بين العرب (اليهود) والعرب (المسلمين) تــُشبه - إلى حد كبير- (حلف الفضول) الذى كان سائدًا بين القبائل العربية قبل الإسلام ، ويرى بعض المؤرخين والكــُـتاب المسلمين أنّ الحلف أو المعاهدة (أو الصحيفة كما هو شائع) ورد بها أنّ ((يهود بنى عوف أمة من المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.. إلخ)) كتبها محمد قبل أنْ تــُـفرض (الجزية) إذْ كان الإسلام ضعيفــًا وكان لليهود – وقتها – نصيبب من الغنائم إذا قاتلوا مع العرب (المسلمين) وفق ما جاء فى (الصحيفة) كأحد الشروط للتعاون بين العرب (المسلمين) والعرب (اليهود) (سيرة ابن هشام – ج 2 – ص108)
ولكن هذا الاتفاق بين العرب (المسلمين) والعرب (اليهود) تجمّـد وأصبح تطبيقه مستحيلا ، خاصة وقد تمّ استبعاد البطون الكبيرة فى الأوس والخزرج وقبيلة بنى قينقاع اليهودية، ثمّ تصاعد الصراع بعد اغتيال شخصيتيْن يهوديتيْن : كعب بن الأشرف أحد كبار بنى النضير، وأبو رافع سلام بن أبى الحقيق ، وكان كعب يهجو النبى فى أشعاره ، فقال محمد ((من لى بكعب بن الأشرف ؟)) فذهبتْ جماعة من قبيلة الأوس ، من بينهم أبو نائلة (أخو كعب من الرضاعة) واغتالوه ليلا . ونظرًا للتنافس المستمر (حتى بعد الإسلام) فيما بين الأوس والخزرج ، فإنه لما اغتالتْ الأوس كعب بن الأشرف قالت الخزرج ((والله لا تذهبون به فضلا علينا أبدًا)) فتذاكروا فيما بينهم عدوًا للنبى يغتالونه حتى يتساوون مع الأوس ، رأسًا برأس واغتيالا باغتيال ، فذكروا أبا رافع سلام بن إبى الحقيق ، وزعموا أنهم استأذنوا النبى فى اغتياله أو أنه قال كذلك ((من لى بأبى رافع ؟)) وذهبتْ جماعة منهم فاغتالته.
يتجاهل كثيرون من كبار المُـتعلمين المحسوبسن على الثقافة المصرية السائدة ، أنّ واقعة دخول أبرهة إلى الجزيرة العربية ، لمحاولة هدم الكعبة كما تقول كتب التراث العربى / الإسلامى ، يتجاهلون أنّ تلك الواقعة حدثتْ قبل الإسلام ، فى الفترة التى أطلق عليها محمد (الجاهلية) ويتجاهلون أنّ ولادة محمد ، الذى سيكون صاحب الدعوة الإسلامية ، كانت فى نفس العام الذى وصفه القرآن فى سورة (الفيل) ويتجاهلون أنّ وصف الشاعر (رؤبة بن العجاج) الذى كان معاصرًا لتلك الواقعة حيث قال ((ومسّـهم ما مسّ أصحاب الفيل/ ترميهم حجارة من سجيل / ولعبتْ طير بهم أبابيل)) ثم يجيىء القرآن ليؤيد ذلك الوصف فى سورة الفيل وبذات الألفاظ التى استخدمها الشاعر (رؤبة) ولكن بصياغة مختلفة بعض الشىء فقال القرآن (( ألم ترَ كيف فعل ربك بأصحاب الفيل. ألم يجعل كيدهم فى تضليل. وأرسل عليهم طيرًا أبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل. فجعلهم كعصف مأكول)) والسؤال الذى يتجاهله العروبيون والمسلمون هو : لمذا وقف القرآن مع (الوثنية) ضد (المسيحية) ؟ بمراعاة أنها الديانة التى اعترف بها القرآن ، فكان المُـفترض أنْ يقف القرآن مع أبرهة وليس ضده ، وبمراعاة أنّ أبرهة كان – كما ورد فى كتب التراث العربى/ الإسلامى يتبنى الديانة المسيحية وينوى – كما جاء فى تلك الكتب – إقامة كنيسة ، بينما الكعبة – قبل الإسلام ووقت دخول أبرهة لهدمها – كانت مكانـًا يتعبـّـد فيه (الوثنيون) ومن بين الأمور التى استوقفتْ المفكر الكبير خليل عبد الكريم عن الكعبة فكتب ((لم يعد من المُستغرب لدينا أنّ ما يُـمثــّـل رمزىْ النصرانية : مريم وولدها عيسى ظلّ قائمًا فى الكعبة حتى خلافة عبد الله بن الزبير التى قضى عليها الحجاج ابن يوسف الثقفى بأمر من سيده الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان.. وأنّ هذا الرمز وهو تمثال عيسى وأمه مريم قد عومل معاملة خاصة من (راكب البعير) فقد أمر بمحو صور كافة الأنبياء بما فيهم إبراهيم أبو الأنبياء ومقدم البطاركة ، ما عدا صورة عيسى ابن مريم وأمه ، يل إنّ تمثالها ظلّ قائمًا طوال العهديْن المحمدى والخليفى وشطرًا من الخلافة الأموية حتى زمن عبد الملك بن مروان ، ولولا ضرب الكعبة بالمنجنيق بواسطة السفاح ، حيث شبّ حريق فى هذا المكان ، لظلّ التمثال قائمًا ربما حتى الآن)) ونقل خليل عبد الكريم الحديث الذى رواه الأزرقى عن فلان عن فلان وفيه ((فلما كان يوم الفتح دخل رسول الله إلى البيت فأمر بثوب ، فبلّ ماءً وأمر بطمس تلك الصور ووضع كفيه على صورة عيسى وأمه وقال : امحوا الجميع إلاّ ما تحت يدى)) (فترة التكوين فى حياة الصادق الأمين – ميريت للنشر- عام 2001- ص 148، 149) وقال الشاعر عدى بن زيد (المتوفى عام 587م) فى بعض أشعاره ((سعى الأعداء لا يألون شرًا / عليك ورب مكة والصليب)) (نقلا عن المستشار محمد سعيد العشماوى فى كتابه " الخلافة الإسلامية" – سينا للنشر- عام 1990- ص42)
وكان السائد قبل الإسلام تقسيم (الغنائم) بعد انتهاء الحروب بين القبائل العربية ، فجاء الإسلام واحتفظ بذات تلك الآلية كما ورد فى سورة الأنفال والتى تبدأ هكذا ((يسألونك عن الأنفال.. إلخ)) أى أنّ أتباع محمد كان كل همهم هو الاطمئنان على ما سوف يحصلون عليه من (غنائم) بعد انتهاء كل معركة مع (مشركى قريش) وبعد عدة آيات يرد عليهم القرآن بتفاصيل توزيع الغنائم (الأنفال/ 41) بينما الشاعر عنترة العبسى (المتوفى عام 615م) قال ((إذا حمى الوغى نروى القنا / ونعف عند تقاسم الأنفال)) أى أنه كان يرفض آلية (تقسيم الغنائم) بالصورة التى رسمها القرآن ، ومما يدل على تعفف هذا الشاعر (المولود قبل دعوة محمد) أنه قال ((ماء الحياة بذلة كجهنم / وجهنم بالعز أطيب منزل))
وتأثر محمد بمن كانوا فى قريش (قبل دعوته للإسلام) يتضح مما ورد فى كتب السيرة عن تأثره ب (أمية بن الصلت) الذى توفى سنة 624م ، وذكرتْ كتب التراث العربى/ الإسلامى أنّ أخت أميه روتْ لمحمد أخبار أمية وأشعاره ، ويقال إنها فى إحدى المرات أنشدته مائتىْ بيت فطلب منها محمد المزيد فقال محمد ((آمن شعر أمية وكفر قلبه)) والسبب أنّ أمية رفض أنْ يمشى وراء محمد ويكون من أتباعه ، حسدًا منه وحقدًا عليه ، خاصة أنّ أمية سمى ابنه البكر (القاسم) فكان القرشيين يقولون له (( يا أبا القاسم)) وأمية كان من ثقيف وعاش فى الطائف ، ولكنه رفض إتباع محمد رغم صلة القرابة التى ربطتهما من ناحية الأم ، فأم أمية بن الصلت قرشية من بنى عبد شمس (أولاد عمومة بنى هاشم ومنافسيهم) (خليل عبد الكريم- المصدر السابق – ص190، 191) وقد ذكر كثيرون أنّ أشعار أمية بن الصلت ((تنضح بالحس الدينى)) وأنّ ((هناك من توسم فى نفسه أنْ يغدو هو القادم المنتظر مثل أمية والقس ورقة بن نوفل ، وأنّ الأخير تيقــّـن أنه لا يصلح لافتقاره إلى الصفات التى يتحلى بها صاحب الدعوة.. وتروى كتب التاريخ العربى/ الإسلامى أنّ (محمد) الذى دعا للإسلام تأثر كثيرًا بأشعار ونصائح وتوجيهات ورقة بن نوفل (ابن عم خديجة زوجة محمد) وقد ذكر مصعب الزبيرى الكثير من أشعار ورقة بن نوفل ومنها ((لقد نصحتُ الأقوام وقلتُ لهم / أنا النذير فلا يغرركم أحد / لا تعبدون إلاهًا غير خالقكم / فإنْ أبيتم فقولوا بيننا حدد / سبحان ذى العرش لا شىء يعادله / رب البرية فرد واحد صمد/ سبحانه ثم سبحانـًا يعود له / لا ينبغى أنْ يُساوى ملكه أحد)) إلى أنْ يقول ((لم تغن عن (هرمز) يومًا خزائنه / والخلد قد حاولتْ عاد فما خلدوا / ولا سليمان إذْ أدنى الشعوب له / الجن والإنس تجرى بينها البرد / لا شىء مما ترى تبقى بشاشته / يبقى الإله ويردى المال والولد)) وكان تعليق خليل عبد الكريم على هذا الشعر، وغيره من الأشعار السابقة على الدعوة المحمدية ((فألفاظ مثل (النذير) و(إله) و(الخالق) و(سبحانه) و(رب البرية) و(ذى العرش) و(واحد صمد) و(الخلد) و(عاد) و(سليمان) و(الجن) و(الإنس) و(يبقى الإله) إلخ ذات نكهة دينية لا يُـخطئها البصر أو البصيرة وتقطع – بمجرد النظر عليها – أنّ قائلها صاحب ثقافة دينية عالية ، وهو ما أكــّـدته المصادر التراثية جميعها ، مثل شيخ كــُـتاب السيرة المحمدية (ابن إسحاق) الذى وصف علم ورقة بن نوفل بأنه كثير فكتب ((فأما ورقة فاستحكم فى النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علمًا كثيرًا من أهل الكتاب)) (خليل عبد الكريم – المصدر السابق – ص192، 193) ولم ينفرد محمد بالموقف من (الأصنام) حيث كان اليهود والنصارى يُعارضون إقامة (الأصنام) (المصدر السابق – ص319) وأنّ من اعتنقوا المسيحية قبل ظهور الإسلام ، مثل نصارى نجران ، الذين سكنوا بلاد العرب وأرسلوا دعاتهم إلى الأسواق والمواسم التى كان يجتمع فيها العرب للتجارة وغيرها ، وأنّ هؤلاء كانوا يقصون على الناس حالات البعث والحساب والجنة والنار، ويدعون إلى التنكر للدنيا وملذاتها)) (المصدر السابق – ص323)
وإذا كان صاحب الدعوة للإسلام وصف الفترة السابقة على دعوته ب (الجاهلية) فإنّ كثيرين كتبوا – ومن بينهم خليل عبد الكريم – أنّ العرب – حتى بعد الإسلام ((كانوا عراة من العلوم والآداب والفلسفة)) وأنّ ((العقل العربى ليس مؤهلا لإبداع علم فى المنطق)) (المصدر السابق- ص 287، 401) ومع ملاحظة أنّ ما ذكره خليل عبد الكريم يتفق مع ما كتبه ابن خلدون الذى كتب أنّ العرب ((أبعد الناس عن الصنائع (= الصناعة) والسبب فى ذلك أنهم أعرق فى البداوة وأبعد عن العمران الحضرى)) (مقدمة ابن خلدون- المطبعة والمكتبة السعيدية بالأزهر- عام1930- ص339) ولذلك فإنّ أكثر (العلماء) المسلمين ليسوا من العرب ، أى من الشعوب غير العربية. واختصّ العلم بالأمصار الموفورة الحضارة ولا أوفر فى الحضارة من مصر، فهى أم العالم وينبوع العلم والصنائع (ص480، 481) والشعوب غير العربية التى خرج منها العلم مثل الفرس والمصريين وصفتهم اللغة العربية ب (العجم) أى البهائم ، وهو ما التزم به ابن خلدون مثل غيره . وكما كانت (الحرب خدعة) قبل الإسلام فإنّ (محمد) كرّر نفس التعبير، بل إنه زايد على العرب (الجاهليين) كما وصفهم وقال ((نصرتُ بالرعب مسيرة شهر)) وكتب ابن خلدون ((وما وقع من غلبة للمشركين فى حياة محمد بالعدد القليل وغلب المسلمين من بعده كذلك فى الفتوحات (= الغزوات) فإنّ الله تكفــّـل لنبيه بإلقاء الرعب فى قلوب (الكافرين) حتى يستولى على قلوبهم فينهزموا معجزة لرسوله ، فكان الرعب فى قلوبهم سببًا للهزائم فى الفتوحات الإسلامية)) (ص232) كتب ابن خلدون ذلك ونسى أنه كتب ((أنّ الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها.. وأنه إذا كانت الأمة وحشية كان مُـلكها أوسع وهؤلاء مثل العرب ، فهؤلاء المتوحشون ليس لهم وطن يرتافون (من الريف) منه. وانظر فى ذلك ما يُحكى عن عمر بن الخطاب لما بويع ، قام يُحرّض الناس على العراق وقال إنّ الحجاز ليس لكم بدار إلاّ على النعجة ، ولا يقوى عليه أهله إلا بذلك.. سيروا فى الأرض التى وعدكم الله فى الكتاب أنْ يورثكموها وقال ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.. واعتبر ذلك بحال العرب السالفة من قبل مثل التبابعة وحمير، كيف كانوا يخطون من اليمن إلى المغرب مرة ، وإلى العراق والهند أخرى ، ولم يكن ذلك لغير العرب من الأمم وكذا حال الملثمين من المغرب ، لما نزعوا إلى المُـلك طفروا من الإقليم الأول ومجالاتهم منه فى جوار السودان إلى الإقليم الرابع والخامس فى ممالك الأندلس.. وهذا شأن الأمم الوحشية ، ولذلك تكون دولتهم أوسع نطاقــًا وأبعد من مراكزها)) (ص121، 122) ولأنّ العرب (أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب) فإنهم كانوا ضد الشعوب التى لها تاريخ فى الكتابة والتدوين ، ولذلك – كما ذكر ابن خلدون ((أين علوم الفرس التى أمر عمر بن الخطاب بمحوها عند (الفتح) وأين علوم الكلدانيين والسريانيين وأهل بابل وما ظهر عليهم من آثارها ونتائجها وأين علوم القبط ومن قبلهم؟ ولما فــُـتحتْ أرض فارس ، وجد العرب فيها كتبًا كثيرة ، فكتب سعد بن أبى وقاس إلى عمر بن الخطاب ليستأذنه فى شأنها وتلقينها للمسلمين ، فكتب إليه عمر: أنْ اطرحوها فى الماء ، فإنْ يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه ، وإنْ يكن ضلالا فقد كفانا الله ، فطرحوها فى الماء أو فى النار. وذهبتْ علوم الفرس ولم تصل إلينا (ص32، 402) فهل ذلك العداء لحضارة الكتابة له علاقة ب (أمية العرب) لدرجة أنه مع بداية الدعوة المحمدية لم يكن فى قريش كلها سوى 17 رجلا يكتبون (جواد على - تاريخ العرب قبل الإسلام – هيئة قصور الثقافة – ط 2011- ص 15) وهل يمكن ربط العداء لحضارة الكتابة ، بما حدث من غزو للشعوب المُـتحضرة مثل فارس والعراق والشام والمغرب ومصر، لنهب مواردها؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب قبل وبعد الإسلام (1)
- مغزى الدفاع عن جنسية الوطن
- القيم الروحية بين السياسة والعلمانية
- العدوة لعصور الظلام
- السامية والحامية ولغة العلم
- رد الى الاستاذ الأستاذ طلال الربيعى بشأن مقالى (أسباب فشل ال ...
- أسباب فشل اليسار المصرى
- الدولة شخصية اعتبارية
- الإخوان المسلمين وأنظمة الحكم
- الإخوان المسلمون وعلاقتهم بالاستعمار الإنجليزى والأمريكى
- أفغانستان فى القرنيْن التاسع عشر والعشرين
- الفرق بين لغة العلم ولغة العواطف الدينية
- حياة سيد قطب الدرامية
- المرأة رمز الحية ورمز الحياة
- الطوباوية العربية وطلب المستحيل
- متى يكون المثقف مستقلا ؟
- المثقف والثقافة السائدة (3)
- رد على الأستاذ محمد نبيل الشيمى
- المثقف والثقافة السائدة (2)
- رد على الأستاذ طلال الربيعى


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العرب قبل وبعد الإسلام (2)