أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين / بيكين 1963















المزيد.....



حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين / بيكين 1963


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 00:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين
بقلم هيئة تحرير صحيفة " جينمينجيباو " ، يوم 2 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1963
دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين 1963
نسخ هذه الوثيقة و أعدّها للنشر على الأنترنت شادي الشماوي
( الملحق 2 لكتاب " نضال الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفيّة السوفياتية 1956 - 1963 :
تحليل و وثائق تاريخية " - " الماوية : نظرية و ممارسة " عدد 20 – ماي / جوان 2015 )

فهرست :
1- حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين
بقلم هيئة تحرير صحيفة " جينميجيباو " ، يوم 2 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1963
2- ملحق : مصدر خطير للتوتّر فى آسيا
المقال الذى نشرته " البرافدا " فى 19 سبتمبر – أيلول- عام 1963
=======================================================================
حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين
بقلم هيئة تحرير صحيفة "جينميجيباو " ، يوم 2 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1963

نشرت هيئة تحرير صحيفة " البرافدا " فى 19 سبتمبر ( أيلول ) مقالا حول مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة بعنوان " مصدر خطير للتوتّر فى آسيا " ، و قد نشرنا النصّ الكامل لهذا المقال فى 25 سبتمبر ( أيلول ) . و يقذف المقال ، متغاضيا عن الحقائق و خالطا بين الصواب و الخطإ ، بالتهمة الإفترائيّة بأنّ الصين تريد تسوية مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة بالقوّة المسلّحة و لا ترغب بإخلاص فى تسوية سلميّة . إنّ هذا المقال يسعى إلى بذر بذور الشقاق بين الصين و البلدان الآسيويّة و الأفريقيّة و يتّهم الصين بأنّها على النقيض من الهند لم " تقابل بصورة إيجابيّة مقترحات مؤتمر كولمبو و تقبلها بصورة تامة دون أدنى تحفّظ " . و حرصا على إثارة القلاقل جاء فى المقال تعبير مثير هو أنّ صدام الحدود الصينيّة الهنديّة " قد يتفاقم مرّة أخرى " .
لقد لقي مقال " البرافدا " الترحيب الحار مباشرة من قبل الرجعيّين الهنود و المستعمِرين الأمريكيّين .
فقال نهرو فى 21 سبتمبر ( أيلول ) إنّ هذا المقال قد دلّ على " تطوّر هام فى تقدير السوفيت لموقف الهند " .
و فرحة بهذه الريح المباركة طالبت وكالة الإعلام الهنديّة جميع أجهزة الإلتقاط التابعة لها ب " إعطاء أكبر قدر " من الدعاية للنصّ الكامل لمقال " البرافدا " .
لقد تباهت الصحافة الهنديّة الرجعيّة ب " السند السوفياتي الشامل للهند ضد الصين " و أعلنت أنّ " الإتحاد السوفياتي قد ألقى بعيدا بتحفّظه " الأخوي " و وقف علنا اليوم بجانب الهند فيما يتعلّق بنزاع الحدود الصينيّة الهندّية " .
و جاء فى صحيفة " الكرستان سيانس مونيتور " الأمريكيّة أنّ الإتحاد السوفياتي " يلعب الآن دورا نشطا " فى كبح جماح الصين و " أنّ للغرب من الأسباب ما يجعله فى حاجة عظيمة لكي يتنفّس الصعداء " . كما جاء فيها أنّ عددا كبيرا من الهنود يعتبرون مقال " البرافدا " " نوعا من الردع مساويا للمناورات الجوّية القادمة الموالية للغرب " .
إنّ مقال " البرافدا " هو وثيقة هامّة بلا شكّ . لقد تحالف القادة السوفيت منذ زمن بعيد مع الرجعيّين الهنود لمعارضة الصين الإشتراكية . و يدلّ هذا المقال على تحوّلهم من موقفهم السابق – موقف التظاهر بالحياد بل الوقوف مع الرجعيّين الهنود فى الواقع – إلى موقف التعاون مع الإستعمار الأمريكي و مساندة الرجعيّين الهنود بصورة مكشوفة .
-1-
إنّ أحد الخلافات المبدئيّة الهامة بين القادة السوفيت و بيننا يكمن فى مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . وكنّا نفضّل الصمت حول أصل و تطوّر الخلاف بين الصين و الإتحاد السوفياتيّ حول هذه المسألة . إلاّ أنّ القادة السوفيت قد كشفوا هذا الأمر فى العلن و بالإضافة لهذا زعموا فى بيان الحكومة السوفياتيّة بتاريخ 21 سبتمبر ( أيلول ) أنّ موقفهم من مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة كان موقفا صحيحا دائما منذ عام 1959 بينما كان موقف الصين خاطئا . و لهذا السبب و بغية التمييز بين الحقيقة و الزيف أصبح من الضروريّ أن نوضّح كيف تطوّرت خلافاتنا مع القادة السوفيت حول هذه المسألة خلال السنوات القلائل الماضية .
أوّلا : أثار الرجعيّون الهنود الصدام المسلّح الأوّل عند الحدود الصينيّة الهنديّة فى 25 أغسطس ( آب ) 1959 بعد فشل التمرّد المسلّح الذى قامت به العصبة الرجعيّة من الفئات العليا فى التيبت و الذى حرّض عليه الرجعيّون الهنود و أيّدوه . و فى 6 سبتمبر ( أيلول ) 1959 أخبر أحد القادة الصينيّين القائم السوفياتي بالأعمال بالحقائق المتعلّقة بالإصطدام و بسياسة الصين التى مفادها السعي لتجنّب الصدام . كما أخبره بأنّ غرض الحكومة الهنديّة من إثارة صدام الحدود هو معارضة الشيوعية و الصين ؛ و أنّ البرجوازيّة الهنديّة قد أصبحت رجعيّة بصورة متزايدة بزيادة حدّة الصراع الطبقي الداخلي ، و هذا ينطبق تماما على قوانين التطوّر ؛ و أنّه من الضروري عدم الإنخداع بنهرو الذى يسعى إلى مباشرة الضغط على الصين بإستخدام الإتحاد السوفياتي .
ثانيا : فى صباح 9 سبتمبر ( أيلول ) 1959 ، بُلّغ القائم السوفياتي بالأعمال الحكومة الصينيّة بأنّ الحكومة السوفياتيّة سوف تصدر بيانا لوكالة " تاس " فيما يتعلّق بمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة فى 10 سبتمبر ( أيلول ) و قدّمت له نسخة من هذا البيان . و أعلنت الحكومة الصينيّة مباشرة و بصورة مبدئيّة أنّه يكون من الأفضل ألاّ تصدر الحكومة السوفياتيّة بيانا علنيّا حول هذه المسألة .
و بعد ظهر نفس اليوم ، سلّمت الحكومة الصينيّة القائم السوفياتي بالأعمال نسخة من خطاب رئيس مجلس الدولة تشو آن لاي إلى رئيس الوزراء نهرو بتاريخ 8 سبتمبر ( أيلول ) . و قدّمت فيه الحكومة الصينيّة للحكومة الهنديّة إقتراحات حول التوصّل إلى تسوية ودّية لمسألة الحدود عن طريق المفاوضات و حول إبقاء وضع الحدود على ما هوعليه حتّى يتمّ الوصول إلى تسوية كهذه .
و فى مساء ذلك اليوم ، أخبرت الحكومة الصينيّة القائم السوفياتي بالأعمال أنّ الصين قد نشرت خطاب رئيس مجلس الدولة تشو آن لاي إلى نهرو و طلبت من الحكومة السوفياتيّة أن تأخذ فى إعتبارها وجهة نظر الصين و موقفها اللذين وردا فى ذلك الخطاب ، و ألاّ تصدر بيان " تاس " .
ثالثا : إلاّ أنّ الحكومة السوفياتيّة قد تجاهلت نصيحة الصين و نشرت بيان " تاس " فى مساء 9 سبتمبر ( أيلول ) 1959 قبل ميعاده المقرّر و كشفت بذلك الخلافات بين الصين و الإتّحاد السوفياتي . و قد عبّرت الحكومة السوفياتيّة فى ذلك البيان بصورة عامّة و دون تمييز بين الخطأ والصواب عن " أسفها " فيما يتعلّق بصدام الحدود الصينيّة الهنديّة ، و بالرغم من إرتدائها ثوب الحياد ، وقفت بالفعل إلى جانب الهند و أدانت الصين .
رابعا : فى يوم 30 سبتمبر ( أيلول ) 1959 ، أنّب الرفيق خروتشوف الصين علنا بأنّها أرادت " إختبار إستقرار نظام الرأسمالي عن طريق القوّة . و قد أدرك العالم قاطبة أنّ هذا معناه أنّ الصين " محبّة للحرب " فيما يتعلّق بتايوان و الحدود الصينيّة الهنديّة .
خامسا : فى 2 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1959 ، قدّم القادة الصينيّون بأنفسهم إلى الرفيق خروتشوف توضيحا حول الوضع الحقيقي لصدام الحدود الصينيّة الهنديّة و الظروف التى سبقته ، و أشاروا إلى أنّ الهند هي التى قامت بالإستفزاز عبر الحدود و أنّه لا يجب الرضوخ إلى الرجعيّين الهنود طوال الوقت . إلاّ أنّ خروتشوف لم يكن راغبا فى معرفة الوضع الحقيقي و طبيعة الجانب الذى يقوم بالإستفزاز ، و أصرّ على أنّه من الخطأ بأي حال من الأحوال ضرب الناس بالرصاص و قتلهم .
سادسا : أثار الرجعيّون الهنود الصدام المسلّح الثاني على الحدود الصينيّة الهنديّة فى 21 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1959 . و أبلغت الحكومة الصينيّة القائم السوفياتي بالأعمال بحقائق الحادث فى 26 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) .
سابعا : فى جلسة عامة لمجلس السوفيات الأعلى فى 31 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1959 ، عبّر خروتشوف مرّة أخرى عن " أسفه " و " ألمه " تجاه صدام الحدود الصينيّة الهنديّة و أزاح جانبا مسئوليّة الهند تجاه هذا الإستفزاز .
ثامنا : قال خروتشوف لدى إستقباله مراسل المجلّة الأسبوعيّة الهنديّة " العهد الجديد " فى 7 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1959 ، إنّ حادثة الحدود الصينيّة الهنديّة هي حادثة " محزنة " و أمر " بليد " . وقدّم مثال تسوية الحدود السوفياتيّة الإيرانيّة و قال " ماذا تهمّ كيلومترات ضئيلة لقطر كالإتحاد السوفياتي ؟ " موحيا بأنّه على الصين أن تقدّم أراضيها إستجابة لدعوى الهند .
تاسعا : ذكر القادة الصينيّون للسفير السوفياتي فى ستّ محادثات بين 10 سبتمبر ( كانون الأوّل ) 1959 و 30 يناير ( كانون الثاني ) 1960 أنّ القادة السوفيت مخطئون فى " إتّخاذ موقف الحياد الدقيق " فيما يتعلّق بمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، و أنّهم ليسوا فى الحقيقة محايدين أبدا إذ أنّ بياناتهم وجّهت اللوم و التوبيخ إلى الصين بينما كانت فى صالح الهند .
عاشرا : بلّغت اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي السوفياتي اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الصيني فى حديث شفويّ فى 6 فبراير (شباط ) 1960 أنّه " ممّا يجافى الموقف الجاد أن يظنّ المرء أنّ دولة مثل الهند التى هي أضعف بكثير من الصين عسكريّا و إقتصاديّا ، تحاول فعلا شنّ هجوم عسكريّ على الصين و تعتدى عليها " ، و أنّ معالجة الصين لهذه المسألة كانت " تعبيرا عن موقف القوميّة الضيّقة "، و أنّه " عندما سمع صوت إطلاق النار على الحدود الصينيّة الهنديّة عشيّة سفر ن. س. خروتشوف إلى الولايات المتّحدة ، إعتبر كلّ العالم أنّ هذا حدث يعرقل النشاطات المحبّة للسلم التى يقوم بها الإتحاد السوفياتي " .
حادى عشر : فى 22 يونيو ( حزيران ) 1960 ، قال خروتشوف لرئيس وفد الحزب الشيوعي الصيني لدى إجتماع بخارست : " أنا أعرف ما معنى الحرب . و طالما قتل عدد من الهنود فإنّ هذا معناه أنّ الصين هي التى هاجمت الهند " . كما قال أيضا : " نحن شيوعيّون و ليس من المهمّ أن نعرف أين يجرى خطّ الحدود . "
ثانى عشر : فى 8 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1962 بلّغ أحد القادة الصينيّين السفير السوفياتي بأنّ الصين قد بلغها أنّ الهند كانت تستعدّ لشنّ هجوم شامل على الحدود الصينيّة الهنديّة ، وأنّه إذا بدأت الهند هذا الهجوم سوف ندافع عن أنفسنا بحزم . كما أبلغه أيضا بأنّ حقيقة أنّ طائرات الهيلوكبتر السوفياتيّة و طائرات النقل السوفياتيّة كانت تستخدم من قبل الهند بغرض إلقاء الإمدادات الحربيّة من الجوّ و نقلها فى مناطق الحدود الصينيّة الهنديّة ، قد تركت إنطباعا سيّئا لدى جنودنا فى الحدود ، و نرى أنّه من واجبنا الأمميّ أن نخبر الجانب السوفياتي بهذا الوضع .
ثالث عشر : فى 13 و 14 من أكتوبر( تشرين الأوّل) 1962 ، قال خروتشوف للسفير الصيني ما يلى : أمّا فيما يتعلّق بتحضير الهند لشنّ الهجوم على الصين فإنّ ما بلغ الإتّحاد السوفياتي شبيه بما وصل إلى علم الصين . و إذا كان الإتّحاد السوفياتي فى موقف الصين لما كان فى وسعه إلاّ أن يتّخذ الإجراءات التى إتّخذتها الصين . إنّ موقف الحياد من مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة أمر مستحيل ، و إذا أقدم أي أحد على الهجوم على الصين وقال الإتحاد السوفياتي إنّه محايد فإنّ هذا يعدّ خيانة .
رابع عشر : فى 20 أكتوبر ( تشرين الأوّل) 1962 ، شنّ الرجعيّون الهنود هجوما شاملا على الصين . و فى 25 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) نشرت صحيفة " البرافدا " إفتتاحيّة ورد فيها أنّ خطّ مكماهون السيء الصيت فُرض على الشعبين الصيني و الهندي و لم يحدث أن إعترفت به الصين أبدا . كما جاء فيها أنّ الثلاثة إقتراحات التى قدمتها الحكومة الصينيّة فى بيانها المؤرّخ فى 24 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) هي إقتراحات بنّاءة و تشكّل أساسا مقبولا لفتح باب المفاوضات بين الصين و الهند و تسوية النزاع بينهما تسوية سلميّة .
خامس عشر : فى 12 ديسمبر ( كانون الأوّل ) 1962 ، عاد خروتشوف إلى نغمته الأصليّة و قد تناسى كلّ ما قاله قبل شهرين من ذلك فأدلى بالتلميحات الآتية فى جلسة عامة لمجلس السوفيات الأعلى : إنّ المناطق المتنازع عليها بين الصين و الهند قلّما يوجد فيها سكّان وهي ذات قيمة بسيطة للحياة الإنسانيّة . و رأي الإتّحاد السوفياتي أنّه من غير المعقول الظنّ بأنّ الهند أرادت إثارة حرب مع الصين . إنّ الإتحاد السوفياتي يسير على آراء لينين فيما يتعلّق بنزاعات الحدود . و قد برهنت خبرته خلال خمسة و أربعين عاما أنّه لم يوجد نزاع للحدود إستحال حلّه دون اللجوء إلى القوّة . و بالطبع كان جميلا أن أمرت الصين بوقف إطلاق النار من جانبها وحدها و سحبت جنودها . غير أنّه ، أما كان أجمل لو أنّ القوّات الصينيّة لم تتقدّم على الإطلاق من مواقعها الأصليّة ؟
سادس عشر : إنّ القادة السوفيات بنشرهم المقال الإفتتاحي الذى كتبته هيئة تحرير " البرافدا " فى 19 سبتمبر ( أيلول ) 1963 قد ألقوا جانبا بكلّ الأقنعة و وقفوا علنا بجانب المستعمِرين الأمريكيِّين ، مؤيّدين الرجعيّين الهنود ضد الصين الإشتراكيّة .
يتّضح من الحقائق السالفة أنّ الصين قد فعلت كلّ ما فى وسعها لإزالة الخلافات الصينيّة السوفياتيّة حول مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . إلاّ أنّ القادة السوفيت ثابروا على موقفهم - موقف تعصّب الدولة الكبيرة، و تصرّفوا بصورة متعجرفة و أداروا أذنا صماء لآراء الصين . لقد كشفوا الخلافات الصينيّة السوفياتيّة إلى العلن لكي يخلقوا ما يسمّى بروح " كامبد دافيد " و يقدّموا هديّة المودّة إلى المستعمِرين الأمريكيِّين . و خلال أزمة الكاريبي نطقوا بكلمات قليلة تبدو عادلة بعض الشيء و تخدم مصالحهم فى ذلك الوقت . و لكن بعد أن إنتهت الأزمة تراجعوا عن أقوالهم . لقد وقفوا مع الرجعيّين الهنود ضد الصين منذ البداية حتّى النهاية . و يتّضح من الحقائق أن موقف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي فيما يتعلّق بمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة هو خيانة تامة للأمميّة البروليتاريّة .

-2-

إنّ خلافاتنا مع القادة السوفيت حول مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة خلال الأربع سنوات الماضية يمكن تلخيصها فى المسائل الأربع الأساسيّة التالية :
أوّلا : هل مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة مسألة رئيسيّة تتعلّق بالمبدأ ، أم هي مسالة غير هامّة ؟
ثانيا : من أصرّ بحزم على إبقاء وضع الحدود كما هو عليه و من أثار الصدامات المسلّحة على الحدود ؟
ثالثا : ما الموقف الذى يجب أن يتّخذه قطر إشتراكي إذا شنّ الرجعيّون البرجوازيّون عليه الهجمات المسلّحة ؟
رابعا : من تنقصه الرغبة المخلصة فى التوصّل إلى تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة – الهند أم الصين ؟
فلننظر الآن كيف تجاهل القادة السوفيت لحاجة فى نفس يعقوب الحقائق و خلطوا الصواب بالخطأ بتأييدهم الهند و خيانتهم للصين فيما يتعلّق بهذه المسائل الأربع .
1- هل مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة مسألة رئيسيّة تتعلّق بالمبدأ ، أم هي مسألة غير هامّة ؟
من المعروف جيّدا أنّ مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، هي مسألة تتعلّق ب 125 ألفا من الكيلومترات المربّعة من الأراضي الصينيّة . و لهذا فهي مسألة رئيسيّة و ليست مسألة غير هامّة . و رأينا دائما أنّه حتّى إذا كانت مسألة ما ذات أهمّية كبرى كهذه يمكن تسويتها طالما كان الجانبان يعاملان بعضهما البعض على قدم المساواة و بروح التفاهم المتبادل و روح التنازل المتبادل . إلاّ أنّ الحكومة الهنديّة لم تحتلّ 90 ألفا من الكيلومترات المربّعة من الأراضي الصينيّة جنوب خطّ مكماهون غير الشرعي فى القطاع الشرقيّ من الحدود الصينيّة الهنديّة ، و ألفي كيلومتر مربّع من الأراضي الصينيّة فى القطاع الأوسط و حسب بل ما زالت تعتزم إحتلال 33 ألف كيلومتر مربّع أخرى من الأراضي الصينيّة فى القطاع الغربيّ ، التى ظلّت دائما تحت الإدارة الصينيّة . و هذا هو السبب الذى من أجله لم يوجد حلّ لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة طوال هذه المدّة .
إنّ رأي القادة السوفيت هو أنّ هذه المسألة هي مسألة غير هامّة . و خروتشوف يقول : " ماذا تعنى كيلومترات ضئيلة ؟ "
و نحن لا يسعنا أن نوافق على هذا . فالمسألة ليست مسألة بعض كيلومترات لا غير ، و لكنّها مسألة 125 ألفا من الكيلومترات المربّعة . وكم تساوى 125 ألفا من الكيلومترات المربّعة ؟ إنّها أكبر من مجموع مساحة جمهوريّتي أذربيدجان و أرمينيا معا . و لنفرض أنّ قطرا رأسماليّا أصرّ على إحتلال هاتين الجمهوريّتين من جمهوريّات الإتّحاد السوفياتي ، فهل يعتبر القادة السوفيات هذا أيضا ، من الأمور التى لا تستحقّ الإهتمام ؟
يدّعى خروتشوف أيضا أنّ المناطق المتنازع عليها على الحدود الصينيّة الهنديّة قليلة السكّان و ليست ذات قيمة كبيرة للحياة الإنسانيّة و لهذا لا تستحقّ أن يُنظر إليها بعين الجدّ .
و نحن لا تسعنا الموافقة على هذا أيضا . و من يقول بأنّه على القطر الإشتراكي أن يدافع فقط عن أجزائه المكتظّة بالسكّان و لا يدافع عن أجزائه التى يقلّ فيها السكّان ؟ و فى الحقيقة فإنّ كثافة السكّان فى المنطقة الواقعة فى القطاع الشرقيّ من الحدود الصينيّة الهنديّة هي بصورة عامة تشبه ما فى جمهوريّة تركمان السوفياتيّة . أمّا المنطقة الواقعة فى القطاع الغربي من الحدود الصينيّة الهنديّة فهي ليست مهجورة أكثر من المناطق المتجمّدة الشاسعة فى الجزء الشمالي الشرقي من الإتّحاد السوفياتي ، التى تواجه ولاية ألاسكا الأمريكيّة عبر البحر . و لنفرض أنّ قطرا رأسماليّا أراد إحتلال هذه المناطق السوفياتيّة ، فهل يعتقد القادة السوفيات بأنّه ما من حاجة للقلق بشأنها و أنّه يمكن التنازل عنها ؟
و يدّعى القادة السوفيات أيضا أنّه لا حاجة بالشيوعيّين إلى الإهتمام بموقع الحدود و كيف تجرى ؟
ولا شكّ أنّ هذا كلام ذكيّ . إلاّ أنّهم نسوا لسوء الحظّ أنّنا نعيش فى عالم فيه طبقات و دول ، فى عالم ما زال به مستعمرون و رجعيّون برجوازيّون . و إذا طبّقت كلمات القادة السوفيت ألا يؤدّى هذا إلى فقدان كلّ الأقطار الإشتراكيّة حقّها فى الدفاع عن حدودها ؟ و ما الذى يبقى بعد ذلك فى العزم الجماعي الذى عبّرت عنه الأقطار الإشتراكيّة لصيانة حرمة حدود الأودر- نايسى بين ألمانيا و بولندا ؟ و بالطبع لا يمكن للشعب السوفياتي و شعوب الأقطار الإشتراكيّة الأخرى أن تقبل مثل هذا القول السخيف .

2- من أصرّ بحزم على إبقاء وضع الحدود كما هو عليه، و من أثار الصدامات المسلّحة على الحدود ؟
إنّ الجواب واضح .
بالرغم من أنّ الهند قد إحتلّت أكثر من 90 ألف كيلومتر مربّع من الأراضي الصينيّة ، إلاّ أنّ الصين تدعو دائما إلى تسوية سلميّة لقضيّة الحدود عن طريق المفاوضات ، و إلى إبقاء وضع الحدود كما هو عليه و تجنّب الصدام حتّى الوصول إلى تسوية كهذه .
إلاّ أنّ الرجعيّين الهنود لا يرغبون سواء فى تسوية سلميّة لقضيّة الحدود عن طريق المفاوضات ، و لا فى إبقاء الوضع القائم فعلا على الحدود كما هو عليه . و تمشّيا مع طمعهم فى إحتلال ثلاثين ألف كيلومتر مربّع أخرى من الأراضي الصينيّة ، لم يتورّعوا عن اللجوء إلى القوّة ، و نقضوا مرّات عديدة الوضع القائم على الحدود و حتّى أنّهم أثاروا صدامات مسلّحة .
إنّ موقفي الصين و الهند المتعارضين تعارضا تاما فيما يتعلّق بمسألة الحدود هما واضحان تمام الوضوح أمام جميع الناس غير المتحيّزين الذين يحترمون الحقائق .
لقد بذلت الصين جهودا لا تعرف الكلل لإبقاء وضع الحدود كما هو عليه و للتأكّد من الإستقرار على الحدود ، و للسعي إلى الوصول إلى تسوية لمسألة الحدود عن طريق المفاوضات .
إنّ الصين لا تعترف بخطّ مكماهون غير الشرعيّ . إلاّ أنّه لم يحدث أبدا أن إجتازت هذا الخطّ خلال السنوات العشر الماضية و نيف .
و بعد أن أثارت الهند صدامين متتابعين عند الحدود ، كانت الصين هي التى إقترحت فى 7 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1959 إنسحاب القوّات المسلّحة للجانبين عشرين كيلومترا عن خطّ السيطرة الفعليّة و إيقاف الدوريّات . لقد رفضت الهند هذه المقترحات . و مع ذلك أوقفت الصين من جانبها وحدها دوريّاتها .
و رغما عن الموجة المعادية للصين التى أثارها الرجعيّون الهنود قام رئيس مجلس الدولة الصيني بزيارة دلهى فى أبريل ( نيسان ) 1960 و أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الهندي . إلاّ أنّ الهند لا ترغب سواء فى تسوية سلميّة لمسألة الحدود أو فى إبقاء وضع الحدود كما هو عليه .
و فى عام 1961 و لا سيما فى عام 1962 ، إستغلّت الهند إيقاف الصين من جانبها وحدها دوريّاتها على الحدود ، و تقدّمت إلى أمام فإحتلّت أراضى صينيّة أكثر و أكثر و أثارت إستفزازات مسلّحة متزايدة الخطورة . و باشرت الصين أقصى حدود التحمّل و ضبط النفس ، و إقترحت فضلا عن ذلك ثلاث مرّات إجراء المفاوضات حول مسألة الحدود و كان ذلك بين أغسطس ( آب ) و أكتوبر ( تشرين الأوّل) 1962 ، بيد أنّ الهند رفضت هذه المقترحات .
و فى 12 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1962 ، أصدر نهرو أمره ب " تطهير " الأراضي الصينيّة من القوّات القوّات الصينيّة . و فى 20 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1962 ، شنّت القوّات الهنديّة هجوما عاما شاملا . و لم تردّ الصين الهجوم بالدفاع عن نفسها إلاّ عندما أصبح من المستحيل الصبر على الوضع و لم يعد هناك مجال لتقهقر أكثر . و بالرغم من ذلك و بغرض تغيير هذا الوضع ، قدّمت الصين فى الوقت اللازم فى يوم 24 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) ثلاثة إقتراحات لإيقاف الصدام ، و إعادة فتح باب المفاوضات ، و تسوية قضيّة الحدود تسوية سلميّة . و بعد أن رفضت الهند هذه الإقتراحات بادرت الصين من تلقاء نفسها إلى القيام بخطوات وفاقيّة أساسيّة كبرى هي وقف إطلاق النار ، و الإنسحاب و غير ذلك .
إنّ أحداث السنوات القلائل الماضية تبرهن على أنّ الصين هي التى تمسّكت بحزم بإبقاء وضع الحدود كما هو عليه ، و أنّ الهند هي التى حاولت تغيير وضع الحدود بالقوّة ؛ و أنّ الصين هي التى قدّمت كلّ إقتراح سلميّ ، و أنّ الهند هي التى أثارت كلّ صدام مسلّح .
إلاّ أنّ القادة السوفيت أغمضوا أعينهم عن كلّ هذه الحقائق الواضحة . و لم ينبسوا ببنت شفة علنا يوبّخون بها الهند خلال السنوات التى أثار فيها الرجعيّون الهنود إستفزازات مسلّحة متعدّدة ، و قضموا خلالها الأراضي الصينيّة و شنّوا أخيرا هجومهم الشامل . و عندما أجبرت الصين على ردّ الهجوم للدفاع عن النفس ، أثاروا الضجيج مفترين على الصين بصورة وحشيّة و مصرّين على القول بأنّها " أرادت تسوية نزاع الحدود مع الهند بقوّة السلاح " . و أي أساس لديهم فى إلقاء هذه التهمة ؟
يقول خروتشوف : " أنا أعرف ما معنى الحرب . و طالما قُتل عدد من الهنود فإنّ هذا معناه أنّ الصين هي التى هاجمت الهند " .
إنّ هذا كلام لا يتّفق مع المنطق إطلاقا . وهو يرقى إلى درجة القول بأنّه على المرء فى وجه هجوم المعتدين أن يتحمّل الضرب و لا يردّ على المعتدين بالضرب ، لأنّه إذا فعل عكس ذلك فقد يقتل بعضهم و هكذا يصبح هو نفسه معتديا . و كيف بوسع إنسان ذى ضمير نقيّ أن يتلفّظ بمثل هذا الحديث ؟
يقول خروتشوف : " لا يسعنا أن نفكّر بأنّ الهند أرادت الحرب مع الصين ." و يقول القادة السوفيت أيضا : " إنّه ممّا يجافى الموقف الجاد أن يظنّ المرء أنّ دولة مثل الهند التى هي أضعف بكثير من الصين عسكريّا و إقتصاديّا تحاول فعلا شنّ هجوم عسكريّ على الصين و تعتدى عليها " . و بمعنى آخر ، يرون أنّه لأنّ الصين أقوى كان هناك إحتمال وحيد هو أن تشنّ الصين الهجمات العسكريّة على الهند و تعتدى عليها ، لا العكس .
و هكذا تخونهم الحجّة مرّة أخرى . و كلّ من يعرف أبجديّات الماركسيّة اللينينيّة يدرك أنّ كلّ الرجعيّين ذاتيّون وغالبا ما يخطئون الحساب فيما يتعلّق بتوازن القوى و إتجاه التطوّر .
و لا يشذّ الرجعيّون الهنود عن هذا القانون . فقد ظنّوا أنّه تحمّل الصين لمدّة طويلة دلالة على أنّ الصين ضعيفة و يمكن إرهابها ، و قد ظنّوا أنّه بفضل مساندة المستعمرين و تأييد القادة السوفيت لا حاجة بهم إلى الخوف و أنّه حالما يبدأون أعمالهم سوف تضطرّ الصين إلى التقهقر فتتحقّق دعواهم فى إحتلال الأراضي الصينيّة . و على أساس هذا التحليل الخاطئ و سوء الحساب شنّوا هجومهم المسلّح الشامل على الصين . إنّ القادة السوفيت ، بدلا من تذرّعهم بالشجاعة لمجابهة هذه الحقائق ، لجؤوا بدون تعقّل إلى إعتبار أنّ قوّة قطر ما هي حجر المحكّ فى ما إذا كان هذا القطر معتديا أم ضحيّة للإعتداء . فهل هنالك ذرّة من الماركسيّة اللينينيّة فى هذا الموقف ؟
لقد كسب وقف إطلاق النار و الإنسحاب اللذين بادرت الصين إلى إتّخاذهما الترحيب الحماسي و المدح الحار من قبل جميع الأقطار و الشعوب المحبّة للسلم فى العالم . و لكن خروشوف ، إنطلاقا من دوافع خفيّة ، هاجم الصين بمواربة قائلا : بالطبع كان جميلا أن أمرت الصين بوقف إطلاق النار من جانبها وحدها و سحبت جنودها . غير أنّه ، أما كان أجمل لو أنّ القوّات الصينيّة لمتتقدّم على الإطلاق من مواقعها الأصليّة ؟
يبدو أنّ هذا سؤال ذكيّ للغاية . و لكن بودّنا أن نسأل القائد السوفياتي ، " لماذا لم تسأل نهرو ، ما إذا كان أفضل له لو أنّه لم يأمر بالهجوم ؟ " و هل كان يمكن حدوث هجوم مضاد إذا لم يكن هنالك هجوم ؟ أليس هذا أمرا يسهل فهمه حتّى على تلميذ صغير ؟
نودّ أن نقول للقائد السوفياتي ما يلى : لقد تقدّم حرس الحدود الصينيّة أثناء هجومه المضاد الدفاعي إلى الأراضي الصينيّة جنوب خطّ مكماهون غير الشرعيّ بغرض القضاء قضاءا تاما على هجوم الرجعيّين الهنود و تحطيم خطّتهم الرامية إلى تعديل وضع الحدود كما كان عليه بالقوّة المسلّحة . ثمّ بادرنا إلى وقف إطلاق النار و إلى الإنسحاب لكي نثابر على موقفنا الدائم – موقف عدم تعديل وضع الحدود كما كان عليه بالقوّة المسلّحة ، و لخلق الظروف المؤاتية للتوصّل إلى تسوية لقضيّة الحدود عن طريق المفاوضات . و ليس هناك شيء غامض لا يفهم فى هذه الخطوات التى إتخذناها . و كما تبيّن الحقائق ، فإنّ السبب الذى جعل الرجعيّين الهنود يتعقّلون بعض الشيء هو أنّنا رددنا على هجومهم ، بذلك خفّ توتّر الحدود الصينيّة الهنديّة بصورة أساسيّة .

3- ما الموقف الذى يجب أن يتّخذه قطر إشتراكي إذا شنّ الرجعيّون البرجوازيّون عليه الهجمات المسلّحة ؟

هناك سبيلان أمام قطر إشتراك فى وجه الهجمات المسلّحة التى يشنّها عليه الرجعيّون البرجوازيّون هما: إمّا الدفاع عن النفس ، أو الإستسلام . و بناء على منطق البيانات التى أدلى بها القادة السوفيت فإنّ الإستسلام هو الشيء الوحيد المسموح به ، و ما عداه فإنّ كلّ شيء آخر يعدّ نقضا لمبدأ التعايش السلميّ. و وجهة نظرهم هذه ، كما يقولون ، هي وجهة نظر لينينيّة ، بينما دفاع الصين عن نفسها و ردع هجوم الرجعيّين الهنود العسكريّ ، ليس لينينيّا ، وهو تعبير عن موقف القوميّة الضيّقة .
هل هنالك مبدأ لينينيّ يحرّم ردّ الهجوم كوسيلة للدفاع عن النفس ضد هجوم عسكريّ يشنّه الرجعيّون ؟ كلاّ ! و لم يحدث أبدا أن وُجد مبدأ كهذا . و كلّ إدّعاء عكس هذا ما هو إلاّ إساءة لذكرى لينين العظيم .
و هل هنالك مبدأ يتعلّق بالتعايش السلمي قدّمه لينين يقول بأنّه على المرء أن يتحمّل الضرب و ألاّ يردّ بالضرب ؟ كلاّ ، لم يحدث أبدا أن وُجد مبدأ كهذا . و كلّ إدّعاء عكس هذا ما هو إلاّ إساءة لذكرى لينين العظيم .
من المعروف لدى الجميع أنّ التعايش السلمي هو مبدأ يجب الإلتزام به من قبل الطرفين . و فقط عندما يرغب الطرفان فى التعايش السلمي و يباشرانه فعلا يمكن تفادى الصدام و إدامة وضع تعايش سلميّ. و إذا أصرّ أحد الجانبين على الشجار ، مهما باشر الجانب الآخر من تحمّل ، يتحتّم نشوب الصدامات . إنّ هذا ما يقبله العقل . لقد فعلت الصين كلّ ما فى وسعها لتجنّب الصدام حول قضيّة الحدود الصينيّة الهنديّة . و فُرض الصدام المسلّح عن عمد على الصين من قبل الرجعيّين الهنود . وكان وقف إطلاق النار بسرعة و الإنسحاب من قبل الصين بعد الهجوم المضاد للدفاع عن النفس ، بوجه التحديد مجهودا إقتضاه السعي إلى حلّ لقضيّة الحدود عن طريق المفاوضات ، و مواصلة التعايش السلمي . و ما يسمّيه القادة السوفيت بالتعايش السلمي ما هو فى الحقيقة إلآّ الإستسلام ، و ليس للإستسلام مكان فى سياستنا .
إنّ خروتشوف يقول دفاعا عن آرائه الخاطئة إنّ خبرة الإتّحاد السوفياتي المستخلصة خلال الخمسة و الأربعين عاما الماضية قد برهنت على أنّه ما من قضيّة متعلّقة بالحدود إستحال حلّها دون اللجوء إلى السلاح .
إنّ هذا تشويه صريح للتاريخ السوفياتي .
و يجدر بنا إستعادة الحادث التالى الذى وقع على العلاقات السوفياتيّة التركيّة فى عام 1921 . بالرغم من أنّ الدولة السوفياتيّة قد أيّدت الثورة التركيّة تأييدا قويّا و بالرغم من أنّ معاهدة للصداقة بين الإتحاد السوفياتي و تركيا ، كانت تحت التفاوض ، إحتلّت حكومة كمال التى كانت تحلم بإحياء خطّة تركيا العظمى ، أراضي سوفياتيّة بالقوّة ، و إستولت حتّى بعد توقيع المعاهدة على باتوم التى هي مدينة هامة فى جورجيا. و فى هذه الظروف أمرت الحكومة السوفياتيّة الجيش الأحمر بردّ الهجوم دفاعا عن النفس. و بعد قتال دام ثلاثة أيّام إستردّ الجيش الأحمر باتوم . و هكذا فقط تمّ ردع مطامع حكومة كمال فى التوسّع ، وتمّت صيانة الحدود السوفياتيّة ، و تمّ الحفاظ على العلاقات الودّية بين الإتّحاد السوفياتي و تركيا .
و نودّ أن نسأل القادة السوفيت : هل بوسعهم القول إنّ عمل الجيش الأحمر ذاك ، دفاعا عن النفس ، لم يكن عملا لينينيّا ؟ و هل يمكنكم القول بأنّ قرار لينين كان تعبيرا عن موقف القوميّة الضيّقة ؟
كلاّ بالطبع ، على النقيض من ذلك فإنّ وجهات نظر خروتشوف فيما يتعلّق بمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة هي مثال بارز على تحريفه لمبادئ لينين حول التعايش السلمي .

4- من تنقصه الرغبة المخلصة فى التوصّل إلى تسوية سلميّة لقضيّة الحدود الصينيّة الهنديّة – الهند أم الصين ؟

منذ صدّ الهجوم الحاشد الذى شنّه الرجعيّون الهنود ، واصلت الصين ، كما فى الماضي ، التمسّك بثبات بسياستها - سياسة تسوية مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة تسوية سلميّة . و قد إتّخذت الحكومة الصينيّة ، سعيا لتسوية مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة عن طريق المفاوضات ، خطوات نشيطة لتثبيت وقف إطلاق النار و لفصل القوّات المسلّحة للجانبين ، و تخفيف التوتّر على الحدود . و على النقيض من ذلك تماما ، بذلت الحكومة الهنديّة أقصى ما لديها من جهود لتجعل وقف إطلاق النار غير مستقرّ ، ولمواصلة إشتباك القوّات المسلّحة للجانبين ، و واصلت خلق التوتّر و رفضت التفاوض بعناد . و هذان الموقفان يشكّلان نقيضين للمقارنة أمام أنظار العالم بأسره .
و مع ذلك ، يتّهم القادة السوفيت الصين بدون أي أساس بتاتا بأنّها تنقصها الرغبة المخلصة فى تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، و بأنّها " لم تصغ لصوت الحكمة الذى يعبّر عن إرادة شعوب آسيا و أفريقيا " ، و يزعمون أنّه " بينما قابلت الحكومة الهنديّة بصورة إيجابيّة مقترحات مؤتمر كولمبو و قبلتها بكاملها بدون أي تحفّظ و عبّرت عن إستعدادها لبدء المباحثات مع جمهوريّة الصين الشعبيّة على أساس هذه المقترحات ، فإنّ الحكومة الصينيّة لم تقبل بعدُ مقترحات الدول المحايدة الصديقة و لم تظهر إستعدادها لبدء المحادثات على أساس المقترح ... و لم تتّخذ خطوات بنّاءة من قبل الحكومة الصينيّة ".
إنّ الحقائق أبلغ من اللسان و أدمغ من الكلام ، دعنا نستعرض ما قام به الجانب الصيني .
أوّلا : لقد أوقف حرس الحدود الصينيّون إطلاق النار و إنسحبوا بناء على مبادرتهم الخاصّة . و هم لم يخلوا فقط الأراضي الصينيّة التى تقدّموا فيها خلال هجومهم المضاد الدفاعي فى شهر أكتوبر ( تشرين الثاني ) 1962 بل إنسحبوا أيضا عشرين كيلومترا خلف خطّ السيطرة الفعليّة الصينيّة كما كان فى يوم 7 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1959 .
ثانيا : أطلقت الحكومة الصينيّة بناء على مبادرتها الخاصة سراح جميع الأسرى من الضبّاط و الجنود الهنود وأعادتهم إلى وطنهم كما أعادت معظم الأسلحة و المواد الحربيّة الهنديّة التى تمّ الإستيلاء عليها ، كلّ ذلك من أجل خلق جوّ ملائم لتجديد المفاوضات .
ثالثا : إقترحت الحكومة الصينيّة مرارا إجراء محادثات بين رئيسي وزراء الدولتين ، وأعلنت أنّه إذا ما وجد رئيس الوزراء الهندي أنّ القدوم إلى بيكين أمر لا يناسبه فإنّ رئيس مجلس دولتنا على إستعداد للتوجّه إلى دلهي مرّة أخرى من أجل إيجاد طريق لتسوية مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة سلميّا . و قد كرّرنا مؤخّرا هذا الإقتراح .
رابعا : إنّ الجهود الكبيرة التى بذلتها الصين قد أرست الأسس للوساطة من قبل دول مؤتمر كولمبو ، و هذه حقيقة إعترفت بها هذه الدول بالإجماع . لقد إستجابت الحكومة الصينيّة بشكل إيجابي لنداء و مقترحات مؤتمر كولمبو و نفّذت من جانبها وحدها الأغلبيّة العظمى من مقترحات كولمبو ، و حتّى أنّها ذهبت أبعد ممّا تطلبته هذه المقرحات فى نواح معيّنة . فمثلا ، تطلب مقترحات كولمبو من الصين الإنسحاب عشرين كيلومترا فى القطاع الغربي من الحدود الصينيّة الهنديّة فقط ، و لكن الصين إنسحبت عشرين كيلومترا فى القطاعين الأوسط و الشرقي فضلا عن ذلك .
خامسا : و إستجابة لمجهودات وساطة دول مؤتمر كولمبو ، أخلت الصين فضلا عن ذلك تلك المناطق التى تقع فى الجانب الصيني من خطّ السيطرة الفعليّة و التى غزتها الهند ، وكذلك تلك المناطق التى كانت مثار نزاع حول تدبيرات وقف إطلاق النار ، كما أنّها إمتنعت عن إقامة مراكز مدنيّة فى أي من هذه المناطق .
سادسا : إنّ موقف الصين إزاء مقترحات كولمبو هو موقف صادق و ثابت . فالصين تقبل مقترحات كولمبو بصورة مبدئيّة بإعتبارها أساسا لفتح باب المفاوضات بين الصين و الهند ، و لا تجعل من تفسيرها الخاص بعدد محدود جدّا من النصوص شرطا مسبّقا لبدء هذه المفاوضات .
لقد وفّرت هذه الخطوات الهامّة و البنّاءة التى إتّخذتها الصين ، ظروفا ملائمة لإعادة فتح باب المفاوضات الصينيّة الهنديّة ، كما حازت على أرفع تقدير وثناء من جانب دول مؤتمر كولمبو . و ما من أحد من دول كولمبو ينكر أنّ موقف الصين تجاه مؤتمر كولمبو هو موقف إيجابيّ وتعاونيّ ، و أنّ الصين ترغب صادقة فى تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، تسوية قدّمت من أجلها حتّى الآن مساهمات هامّة . أو ليس هذا كذبا صريحا مكشوفا عندما تقول " البرافدا " إنّه " لم تتّخذ خطوات بنّاءة " من قبل الصين ؟
و لنر الآن ما فعلته الحكومة الهنديّة .
بينما أوقفت الصين إطلاق النار بناء على مبادرتها الخاصّة ، ظلّت الهند تواصل إستفزازاتها على طول إمتداد الحدود . و بينما إنسحبت الصين بناء على مبادرتها الخاصّة ، إندفعت الهند مجدّدا إلى الأمام . وبينما أطلقت الصين سراح جميع الأسرى من القوّات الهنديّة و أعادتهم إلى وطنهم ، قامت الهند بسجن و إضطهاد المغتربين الصينيّين المقيمين فى الهند .
و بينما بذلت الصين قصارى جهودها لتحسين العلاقات بين البلدين ، واصلت الهند إثارة هستيريا العداء للصين . و بينما تدعو الصين إلى القيام بالمفاوضات بدون شروط ، تصرّ الهند على شروطها المسبّقة و ترفض التفاوض .
إنّ كلّ هذا يسمّيه القادة السوفيت " مقابلة إيجابيّة " من قبل الهند لمقترحات كولمبو ، بينما لم تفعل الصين شيئا . وعندما يتفوّهون بهذا الهذر ، فأي نوع من المؤتمرات يعتبرون مؤتمر كولمبو ؟ هل يعتبرونه مؤتمرا من أجل التمهيد لمفاوضات المباشرة بين الصين و الهند ، أم مؤتمرا يحبّذ موقف الهند ويعارض الصين ؟
لقد إستنبطت الحكومة الهنديّة ، محاولة ستر موقفها المتعجرف فى رفض التفاوض ، حجّة هي " قبول مقترحات كولمبو بكاملها " . فماذا وراء قول الهند ب " قبول مقترحات كولمبو بكاملها " ؟ لقد إعترفت الهند فى بادئ الأمر أيضا بأنّ مقترحات كولمبو لم تكن واضحة تماما ، و قالت إنّها قبلت المقترحات بصورة مبدئيّة فقط . و لم يحدث إلاّ بعد إستنباط وثيقة وصفت كتفسير دلهى لمقترحات كولمبو ان بدأت الهند الحديث عن " قبول مقترحات كولمبو بكاملها " .
إنّ الصين لم يسبق لها أن علمت شيئا عن تفسير دلهى المزعوم هذا . و قد وجدنا بعد ذلك أنّه فى واقع الأمر وثيقة وضعتها الحكومة الهنديّة كتفسير خاص بها لمقترحات كولمبو. ولذلك فإنّ الحكومة الهنديّة ، بإصرارها على " قبول مقترحات كولمبو بكاملها " ، كانت تتّخذ فى الواقع قبول تفسيرها للمقترحات شرطا مسبّقا للمفاوضات الصينيّة الهنديّة . إنّ الحكومة الهنديّة كانت تعرف جيّدا أنّ الصين لا يمكنها أبدا أن تقبل مثل هذا الشرط المسبّق للحيلولة دون عقد المفاوضات . إنّ هذه مؤامرة لتشويه نوايا الوساطة الطيّبة لدول مؤتمر كولمبو . و مديح " البرافدا " الحار لهذه المؤامرة يثبت فقط أنّ القادة السوفيت لا يرغبون فى حلّ مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة و لا فى نجاح جهود الوساطة لدول مؤتمر كولمبو .
ومن المضحك أكثر أنّ " البرافدا " فى محاولتها لحماية الرجعيّين الهنود ، وصفت عقد الصين إتفاقيّات الحدود التى أسفرت عنها المفاوضات مع بورما ونيبال و البلدان المجاورة الأخرى بأنّه يثبت أنّ الصين تنقصها الرغبة المخلصة فى تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . إنّ منطق " البرافدا " هو كالتالى : ما دامت الصين قد إستطاعت أن تسوّى مسائل حدودها مع بورما و نيبال و الأقطار المجاورة الأخرى سلميّا ، فلماذا لا تستطيع أن تسوّى مسألة حدودها مع الهند سلميّا ؟ إنّ هذا يظهر أنّ الصين تنقصها الرغبة الصادقة فى تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . يا له من إستنتاج رائع !
و لكن كلّ من له حظّ ضئيل من التفكير المنطقي لا بدّ أن يصل بالتأكيد ، نتيجة توقيع الصين إتفاقيّات الحدود مع بورما و نيبال و الأقطار المجاورة الأخرى ، إلى النتيجة التالية : لو كانت الهند مخلصة أيضا لأمكن لمسألة الحدود الصينيّة أن تسوّى تسوية سلميّة أيضا مثل مسألتي الحدود الصينيّة البورميّة ، و الصينيّة النيباليّة . إنّ الصين لا يمكن أن تلام لأنّ مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة لم تسوّ بعدُ . و مع ذلك إستخلص القادة السوفيت إستنتاجا مختلفا تماما . من الواضح أنّهم قد إنحطّوا إلى حدّ إنكار القواعد الأوّلية للمنطق من أجل التعاون مع الولايات المتّحدة فى تأبيد الهند و مقاومة الصين .

- 3 -

إنّ موقف القادة السوفيت إزاء مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، هو خيانة للأمميّة البروليتاريّة ، و لا يمكن وصفه حتى بأنّه موقف حياديّ . فهم يساعدون مع الإستعمار الأمريكي الرجعيين الهنود ضد الصين الإشتراكيّة و ضد الشعب الهندي كذلك . و هكذا خانوا المعسكر الإشتراكي و الشعب الهندي أيضا .
إنّ موقفهم يختلف أيضا إختلافا تاما عن موقف الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة التى تتمسّك بالحياد الدقيق.
فالأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة تحترم الحقائق و تصغى بصبر وأناة لآراء كلّ من الصين و الهند . و لكن القادة السوفيت يتجاهلون الحقائق و يصيخون السمع للرجعيين الهنود فقط .
إنّ الأقطار الآسيويّة و الأفريقية تدرس بصورة جدّية جوانب الحقّ و الباطل للنزاع و تتجنّب إعلان أحكام متهوّرة . و لكن القادة السوفيت يدعون بعناد أن الصين قد أخطأت .
إنّ الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة الستّة التى إشتركت فى مؤتمر كولمبو قد صرّحت مرارا بأنّ مهمّتها هي الوساطة و ليست التحكيم ، و أنّ هدفها هو تمهيد السبيل إلى مفاوضات صينيّة هنديّة مباشرة ، و أنّه لا يتطلّب من الصين و الهند أن تقبلا مقترحات كولمبو بكاملها قبل الذهاب إلى مائدة المفاوضات . و مع ذلك فإنّ القادة السوفيت ، شأن الرجعيّين الهنود ، يطلبون من الصين " قبول مقترحات كولمبو بكاملها "، و هكذا يحاولون وضع دول مؤتمر كولمبو فى وضع موال للهند .
إنّ الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة تأمل بإخلاص فى إمكانيّة تسوية مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة تسوية سلميّة عن طريق المفاوضات وإبقاء الوضع على الحدود الصينيّة الهنديّة هادئا . فقد عبّر البلاغ المشترك الذى صدر مؤخّرا عن الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهوريّة العربيّة المتّحدة و السيّدة سيريمافو بغندرنايكه رئيسة وزراء سيلان عن الرغبة فى أن " تواصل دول كولمبو جهودها لإزالة العلاقة المتوتّرة بين هذين البلدين العظيمين ( الصين و الهند ) اللتين ترتبط بهما الجمهوريّة العربيّة المتّحدة و سيلان بروابط الصداقة ". و لكن القادة السوفيت لا يألون جهدا لبذر بذور الخلاف ويصرّحون بأنّ صدام الحدود الصينيّة الهنديّة " قد يتفاقم مرّة أخرى " متجاهلين حقيقة أنّ الوضع على الحدود الصينيّة الهنديّة قد زال توتّره منذ أمد طويل ، بفضل الجهود الوحيدة الطرف للصين .
إنّ الحقيقة الواضحة التى إعترفت بها حتّى طغمة تيتو المرتدّة ، عزيزة القادة الشوفيت ، هي " أنّ الحكومة السوفياتيّة قد ذهبت أبعد من دول كولمبو فى تحليلها لصدام الهملايا ، فقد وبّخت الصين أوّلا وقبل كلّ شيء على هذا الصدام . " ( " خطوات جديدة لدول كولمبو ، بوليتيكا اليوغسلافيّة ،4 أكتوبر – تشرين الأوّل – 1963 ).
و بالإضافة لذلك عمل القادة السوفيت جاهدين مؤخّرا أكثر من المستعمِرين الأمريكيّين فى تأييد الرجعيِّين الهنود . و يعرف المستعمرون الأمريكيّون جيّدا أنّ الرجعيِّين الهنود من أجل الحصول على المال من الولايات المتّحدة إختلقوا إشاعات غريبة حول" غزو " صيني مدبّر للهند . و لذلك فهم كثيرا ما يتّخذون تجاه هذه الإشاعات موقف إنتظار وتفرّج ، مبدين تحفّظات . إلاّ أنّ القادة السوفيت كانوا نشيطين للغاية فى تأييد حكومة نهرو و الإنسجام معها فى طبخها للشائعات .
لقد رحّبنا دوما ، بالنسبة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، بالجهود الحقّة للأقطار الآسيويّة والأفريقيّة الصديقة من أجل التمهيد لمفاوضات صينيّة هنديّة مباشرة ، بدون أن تتورّط فى النزاع ، و قد أصغينا بإهتمام إلى آرائها التى تحترم الحقّ و العدالة . بيد أنّ القادة السوفيت ، مثل طغمة تيتو المرتدّة ، وقفوا تماما إلى جانب الرجعيّين الهنود ، و من ثمّ فقدوا أي حقّ فى الحديث عن مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة.
إنّ القادة السوفيت لا يمنحون فقط الرجعية الهنديّة تأييدا سياسيّا حماسيّا ، و لكنّهم يتّبعون خطى المستعمِرين الأمريكيين ، إذ يقدّمون لها عونا إقصاديّا و عسكريّا نشيطا لمقاومة الصين . فمنذ عام 1955 حتّى شهر أبريل ( نيسان ) 1963 ، قدّمت الحكومة السوفياتيّة للهند ، أو وعدتها بأن تقدّم ، مساعدة إقتصاديّة تبلغ خمسة بلايين روبية ، جرى تقديم الأغلبيّة الساحقة منها منذ أن بدأ الرجعيّون الهنود حملتهم ضد الصين .
و لم يحدث إلاّ فى عام 1960 ، أي بعد أن بدأ الرجعيّون الهنود إستفزازاتهم المسلّحة ضد الصين ، أن بدأ القادة السوفيت تزويد الهند بالمساعدة العسكريّة .
و بعد أن شنّ الرجعيّون الهنود هجومهم المسلّح الواسع النطاق ضد الصين فى شهر أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1962 ، زاد القادة السوفيت من مساعدتهم للهند . فقد صرّح س. سويرامانيام وزير الفولاذ و الصناعة الثقيلة الهندي للمراسلين فى 19 ديسمبر( كانون الأوّل ) من العام الماضى ، بأنّه بعد إعلان الهند " حالة الطوارئ " عجّل الإتحاد السوفياتي بأعمال البناء فى المشاريع التى يساعد بها الهند .
وبعد المحادثات الصينيّة السوفياتيّة فى شهر تمّوز ( يوليو ) من هذا العام ، وعد القادة السوفيت بزيادة مساعدتهم العسكريّة للرجعيّين الهنود .
هذا ويقول مقال " البرافدا " : " ...إنّ طبيعة المساعدة السوفياتيّة للهند هي تماما نفس طبيعة المساعدة التى تقدّم إلى عدد كبير من الدول المتطوّرة حديثا ".
إنّ غرض الأقطار الإشتراكيّة الوحيد من مساعدة الدول المستقِلّة حديثا يجب أن يكون مساعدتها على تطوير إقتصادها الوطني المستقلّ ، و إستئصال نفوذ الحكم الإستعماري ، و تحرير نفسها من السيطرة الإستعماريّة . ويجب أن لا يكون بتاتا الغرض من مساعدتها هو مقاومة قطر إشتراكي آخر . و لكن دوافع تقديم الحكومة السوفياتيّة المساعدة للأقطار المستقِلّة حديثا هي موضع ريبة و شكّ . أمّا مساعدتها للرجعيّين الهنود فهي تشكّل تأييدا علانيّا لتبعيّتهم للإستعمار الأمريكي ومقاومتهم للصين و للشيوعيّة و للشعب . و هذه حقيقة واضحة .
هذا و يقول بيان الحكومة السوفياتيّة فى 21 سبتمبر ( أيلول ) :
" و الآن يلقى القادة الصينيّون التهم معلنين أنّ الهند تحارب الصين مستعملة السلاح السوفياتي . و لكن هذا ، أوّلا ، لا يتّفق مع الواقع من حيث الجوهر . و ثانيا ، إذا أخذنا بهذا المنطق رأينا أنّ لدى الحكومة الهنديّة أسبابا أكثر بكثير للقول بأنّ القوّات الصينيّة تحارب الهند مستعملة السلاح السوفياتي ، لأنّ الجميع يعرفون أيّة مساعدة عسكريّة ضخمة يقدّمها الإتحاد السوفياتي للصين ".
إنّ الإنكار و السفسطة لا فائدة منهما . فأوّلا إستولى حرس الحدود الصينيّون ، خلال هجومهم المضاد دفاعا عن النفس ، على أسلحة من صنع سوفياتي إستخدمتها القوّات الهنديّة . وثانيا ، نودّ أن نسأل القادة السوفيت : من أنتم ؟ أتجّار سلاح ؟ فإذا كان الأمر كذلك فما تقولونه صحيح تماما . و هذا يسمّى بالدفع عند الإستلام ، و المتاجرة مع أي شخص كان . و لكن إذا كنتم لا تزالون تعتبرون أنفسكم شيوعيّين و بالإضافة إلى ذلك قادة لدولة إشتراكيّة ، إذن فكلامكم لا يعدّ إلاّ خطأ تماما ، و فوق ذلك سخيفا . إذ كيف يمكن لشيوعي أن يذكر الصين الإشتراكية على نفس صعيد الهند التى يحكمها كبار البرجوازيّين وملاّكي الأراضي ؟ و كيف يمكنه أن يضع المساعدة لأخوته الطبقيّين على نفس مستوى المساعدة للرجعيّين ؟
يزعم القادة السوفيت أنّ الإتحاد السوفياتي بتقديم معونته للهند سيتمكّن من مساعدتها على الإحتفاظ بموقفها الحيادي ، و منعها من الإنتقال للتقرّب من الإستعمار الأمريكي و البلدان الغربيّة الأخرى .
إنّ هذا لكذب صراح . فالحقائق تدلّ على النقيض من ذلك تماما . فكلّما كانت المساعدة السوفياتيّة أكبر ، كلّما تخلّى الرجعيّون الهنود أكثر عن موقفهم الحيادي و إزدادوا قربا من الإستعمار الأمريكي .
دعنا ننظر إلى الأحداث التى وقعت منذ عام مضى . لقد وقّعت الحكومة الهنديّة إتفاقيّتين للمساعدة العسكريّة و " الدفاع الجوّي " مع الإستعمار الأمريكي ، كلاهما تتميّز بطبيعة المعاهدات العسكريّة . و قد إنهالت على الهند أعداد كبيرة من العسكريّين الأمريكيّين و كمّيات كبيرة من الأسلحة و المعدّات الحربيّة الأمريكيّة . كما تعهّدت الحكومة الهنديّة بأن تزوّد الولايات المتّحدة بأسرار عسكريّة أكثر ، و وافقت على إجراء مناورات جوّية يقوم بها المستعمِرون الأمريكيّون و البريطانيّون فى الهند . و قد أصدر رادها كريشنان ، رئيس الهند بلاغا مشتركا مع الرئيس الأمريكي كندى فى 4 حزيران ( يونيو ) 1963 يعلن بصراحة أنّ الولايات المتّحدة و الهند قد إتّفقتا على أن " لبلديهما قضيّة دفاعيّة مشتركة بغرض إحباط خطّة العدوان الصيني على شبه القارة " . و هكذا يتّضح لكلّ إمرئ منصف أنّ حكومة نهرو أقامت فعلا تحالفا عسكريّا مع الولايات المتّحدة ، و أنّ سياسة " عدم الإنحياز " للهند لم يبق لها غير القليل من الأهمّية العمليّة ، و أنّ الهند لم تعد منذ زمن طويل أحد الأقطار " التى تقف موقفا معاديا للإستعمار ، و تشكّل مع الأقطار الإشتراكيّة منطقة سلام واسعة " كما وصفت فى تصريح موسكو عام 1957 . و فقط بسبب مساندة القادة السوفيت و مساعدتهم لحكومة نهرو لا تزال هذه الحكومة تستخدم علمها المتهرئ ل " عدم الإنحياز " أمام العالم لتخدع الناس . إنّ مثل هذا التأييد و تلك المساعدة مكّنتا حكومة نهرو من أن تصبح بصفاقة خادمة للإستعمار الأمريكي دون إعتبار لمقاومة الشعب الهندي .
إنّ القادة السوفيت فى الواقع بتأييدهم للرجعيّة الهنديّة ، لا يتبارون مع المستعمِرين الأميركيِّين و حسب بل يديرون معهم أيضا شركة مساهمة . فبعد أن نشرت هيئة تحرير " البرافدا " مقالها فى 19 سبتمبر ( أيلول ) هلّلت صحيفة " الأنديان إكسبريس " قائلة إنّ " هذا يجلب للهند ، بالإضافة للولايات المتّحدة الأمريكيّة ، حليفا قويّا آخر ضد الصين " ، و إنّ " الحبل قد إلتفّ الآن حول عنق بكين ، و ما علينا إلاّ أنّ نشدّه مع حليفتينا القويّتين . و مع أنّ هذا محض تخريف رجعيّ تماما ، إلاّ أنّه يسلّط الأضواء على الأهداف المشتركة للشركة الأمريكيّة - السوفياتيّة فى تقديم العون للهند و مقاومة الصين .
لقد أصبح الرجعيّون الهنود ، بنيل المزيد من المساعدة السوفياتيّة ، مهووسين أكثر و أكثر فى إستغلالهم و إضطهادهم للشعب الهندي . كما بذلت حكومة نهرو جهدها لإثارة هستيريا الحرب و زادت من توسّعها فى التسلّح و إستعداداتها الحربيّة . و قد جرّدت علانيّة الشعب الهندي من حقوقه الأساسيّة ، ملقية بآلاف الشيوعيّين الهنود و التقدّميين الآخرين فى السجون . و بإبتزازها للضرائب و الفوائد الباهظة تحت مختلف الأسماء و الأشكال ، أغرقت الشعب الهندي فى وهدة الفقر و البؤس . و قد إعترفت مجلّة " بليتز " الأسبوعيّة الهنديّة فى 22 يونيو ( حزيران ) 1963 بأنّ الأغلبيّة العظمى من الملايين و الملايين من الشعب الهندي بقيت على حافة الموت جوعا ، و أنّ موجة الغضب قد إستبدّت بها ، و أنّ " نوعا من الحقد الطبقي المشتعل يتجمّع ببطء اليوم " . و قد صرخت هذه المجلّة فى هلع " إنّ هناك رعودا فى الجوّ توشك أن تنفجر ، بتلبّد سحب الأزمة و وهن العزيمة فوق أرضنا " . لقد طرحت حكومة نهرو تماما يافطتها الديمقراطيّة و التقدّميّة المزيّفة . و أصبحت تنتهج سياسة معادية للشيوعيّة ومعادية للشعب الهندي . إلآّ أنّ القادة السوفيت عن طريق تأييدهم و مساعدتهم لحكومة نهرو ستروا طبيعتها الرجعيّة ، ومكّنوا يدها فى كبت الشعب الهندي ، و ساعدوها لأن تندفع قدما بنشاط فى سياستها المعادية للثورة .

إنّ بيان موسكو عام 1960 يقول إنّ البرجوازيّة الوطنيّة فى البلدان المستقلّة حديثا ذات طبيعة مزدوجة ، و هي بإزدياد التناقضات الإجتماعيّة حدّة تميل أكثر و أكثر للمساومة مع الرجعيّة المحلّية و الإستعمار . و على الشيوعيّين فى البلدان المستقلّة حديثا أن يفضحوا محاولات القطاع الرجعيّ من البرجوازيّة لإظهار مصالحها الطبقيّة الأنانيّة الضيّقة على أنّها مصالح الأمّة بأسرها . و لكن زمرة دانجى المرتدّة فى الحزب الشيوعي الهندي ، بدلا من فضح سياسة حكومة نهرو الرجعيّة ، خانت تماما بروليتاريا و شعب الهند ، و إنحطّت فأصبحت أداة حقيرة للبرجوازيّة الكبيرة الهنديّة و لملاكي الأراضي الكبار الهنود . و بدلا من فضح الخونة من زمرة دانجى ، يشجّعهم القادة السوفيت لمساعدة الرجعيّين الهنود لقمع الشيوعيين و التقدّميين الحقيقيين فى محاولة لخنق حركة الشعب الهندي الثوريّة .
إنّ حكومة نهرو تؤجّر نفسها للإستعمار فى الخارج و تقمع الشعب الهندي فى بلادها . و القادة السوفيت يؤيّدون بنشاط حكومة نهرو و يدافعون عن سياساتها الرجعيّة و يبيّضون وجهها بكلّ طريقة ممكنة . لقد خان القادة السوفيت قضيّة الشعب الهندي الثوريّة ؛ و لا بدّ من تصفية الحساب عاجلا أم آجلا .


- 4 -

و اليوم و قد خفّ التوتّر على الحدود الصينيّة الهنديّة نتيجة للمبادرات التى إتّخذتها الصين ، فما هو الهدف الحقيقي لصحيفة " البرافدا " فى إشعال التوتّر فجأة و نشر مقال تحت العنوان المثير " مصدر خطير للتوتّر فى آسيا " ؟
هل يظهر المقال إهتمام القادة السوفيت بالمحافظة على السلام فى آسيا ؟ من الواضح لا . إنّ هناك على وجه التأكيد توتّرا فى آسيا . إنّ السلام فى آسيا يهدّد و يقوّض بالفعل . و لكن المستعمِرين ، و على رأسهم الولايات المتّحدة ، هم الذين يهدّدون و ينسفون السلام فى آسيا . إنّ مصادر التوتّر فى آسيا هي فى أماكن مثل كوريا الجنوبيّة ، و تايوان ، و اليابان ، و جنوب الفيتنام ، و لاووس ، التى تتعرّض لعدوان أميركا و تئنّ تحت إحتلالها ، و على الأخصّ جنوب الفيتنام ، حيث يشنّ الآن المستعمِرون الأميركيّون حربا خاصة غير إنسانيّة . فلماذا يغمض القادة السوفيت عيونهم عن مصادر التوتّر هذه ؟ و لماذا لا تدفعهم الشجاعة إلى أمام ليقولوا بحزم بضع كلمات ضد تدخّل و عدوان المستعمِرين الأميركيينفى هذه المناطق ،و على الأخصّ فى جنوب الفيتنام و لاوس ؟ و لماذا يختارون عن عمد الوضع الهادئ على الحدود الصينيّة الهنديّة ليثيروا حوله هذه الضجّة ؟
و إذا تحدّثنا بصراحة ، فإنّ القادة السوفيت يقومون بذلك لأنّهم يريدون أن يستخدموا مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة لبذر بذور الخلاف بين الصين و الأقطر الآسيويّة و الفريقيّة الأخرى ، و لحرف شعوب آسيا و أفريقيا عن النضال ضد الإستعمار، و لستر نشاطات المستعمرين الأمريكيين العدوانيّة و الحربيّة. إنّ هذا لخيانة للقضيّة الثوريّة المعادية للإستعمار لشعوب آسيا و لشعوب العالم قاطبة .
إنّ " البرافدا " ، فى محاولتها الجاهدة لبذر بذور الشقاق ، تتّهم الصين برفض وساطة دول مؤتمر كولمبو ، وبتجاهل جهودها ، وحتّى ب " الشكّ فى صلاحيّة مؤتمر كولمبو " . إنّ هذه الكلمات كافية لتظهر أنّ القادة السوفيت يقفون تماما إلى جانب الرجعيّين الهنود فى مقاومتهم للصين الإشتراكيّة و أنّهم يحاولون بلغتهم الديماغوجيّة ونشاطاتهم خلف الكواليس ، تحريض دول مؤتمر كولومبو على التخلّى عن الرسالة الرفيعة فى الوساطة السلميّة ، و على إتباعهم فى حربهم الباردة ضد الصين فى مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . لقد أصابت مجلّة " بليتز " الأسبوعيّة الهنديّة كبد الحقيقة إذ قالت فى عددها فى 5 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) إنّ " البرفدا " " قد شجبت الصين و لامتها للتوتّر على الحدود الصينيّة الهنديّة" علنا ، إنّ " روسيا أيضا قد أخذت على عاتقها القيام بالشرح وسط الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة التى تنتقد ، كما تدّعى الصين ، موقف الهند حول مشكلة الحدود " . فماذا يعنى " الشرح " الذى تشير إليه هذه المجلّة الأسبوعيّة الهنديّة ؟ إنّه يعنى بذر بذور الشقاق .
إنّ القادة السوفيت بالإضافة إلى تأييد الرجعيّين الهنود فى رفض تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، يقاومون إقامة الصين و تطويرها علاقات ودّية مع الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة الأخرى ، و على الأخصّ يقاومون تسويتها للنزاعات التى خلّفها التاريخ مع الأقطار الآسيويّة الأخرى . إنّ مقال " البرافدا " وبيان الحكومة السوفياتيّة يوم 21 سبتمبر ( أيلول ) يعبّران مرارا عن عدم الإرتياح تجاه تسوية الصين لمسألة حدودها ، و تطويرها علاقات جوار طيّبة مع الباكستان ، و يتّهمان الصين بخبث على أنّها " تغازل أنظمة الحكم الرجعيّة المكشوفة فى آسيا و أفريقيا " . و فى نظر القادة السوفيت فإنّ خضوعهم و إستسلامهم لرؤساء المستعمِرين ساهما مساهمة عظمى فى السلم العالمي ، بينما تسوية الصين السلميّة لمسألة حدودها مع الدولة المجاورة جريمة . إنّنا نودّ أن نسأل القادة السوفيت : ألا يكفى أنّكم تؤيّدون الرجعيّين الهنود فى خلق توتّر على الحدود الصينيّة الهنديّة ؟ و هل تريدون أن تخلقوا توتّرا على الحدود الصينيّة الباكستانيّة كذلك ؟
إنّ قادة السوفيت ، فى المنظّمات العالميّة الجماهيريّة ، يمنعون النشاطات ضد الإستعمار ، بينما يحرّضون على القيام بالنشاطات ضد الصين ، و يحاولون تحطيم الجبهة المتّحدة المعادية للإستعمار عن طريق إستخدام مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . لقد أشارت الصين مرارا و بإخلاص إلى أنّه من أجل المحافظة على الوحدة فى النضال المشترك ضد الإستعمار ، يجب أن لا تثار النزاعات فيما بين الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة فى هذه المنظّمات . و مع ذلك فإنّ القادة السوفيت قد حرّضوا و حثّوا المندوبين الهنود مرّة تلو المرّة الأخرى لإثارة القلاقل بإستخدام مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة . فمثلا ، فى مؤتمر النساء العالمي فى موسكو ، شجّع الإتّحاد السوفياتي – البلد المضيف – الوفد الهندي لإثارة مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة ، التى ليس لها أيّة صلة بالموضوع الرئيسي للمؤتمر ، و قد حاول عن طريق سيطرته على إدارة المؤتمر تجريد الوفد الصيني من حقّه فى الردّ . و ليس سرّا أنّ مهزلة العداء للصين هذه قد وضعت و أديرت بعناية من قبل الإتحاد السوفياتي . و مثلا ثانيا ، هو أنّ المندوبين الهنود ، بتأييد المندوبين السوفيت أيضا فى مؤتمر تضامن الشعوب الآسيويّة و الأفريقيّة فى موشي ، أصرّوا على وضع مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة فى جدول أعمال المؤتمر . هذا و قد أباح رئيس الوفد الهني فى ذلك المؤتمر فى رسالته إلى صحيفة " الأنديان إكسبريس " ، بعض المعلومات الداخليّة حول هذه النشاطات الدنيئة فقال : " لقد حظينا بالتأييد و التعاون الكاملين من جانب الوفد السوفياتي ." إنّ الأمور لا يمكن أن تكون أوضح من ذلك . و مع ذلك فقد بلغت الجرأة ب" البرافدا " فى مقالها فى يوم 19 سبتمبر ( أيلول ) أن تتّهم الصين بإستخدام مسألة الحدود الصنيّة الهنديّة ل" تسميم " الجوّ فى مختلف الإجتماعات الدوليّة . ألا يشعر كتّابها بأي إحساس من الخجل ؟
إنّ الوضع على الحدود الصينيّة الهنديّة فى الوقت الحاضر قد هدأ نتيجة المبادرات التى إتّخذتها الصين و الوساطة النشيطة لدول مؤتمر كولمبو . و هذا الوضع الهادئ يمكن أن يستمرّ بدون شكّ إذا لم تقم الهند بإستفزازات جديدة . ولكن الرجعيّين الهنود، تلبية لما تقتضيه حاجات سياستهم الداخليّة والخارجيّة، يعملون جاهدين لخلق توتّر جديد . و المستعمِرون الأميركيّون بالطبع يتشوّقون لإثارة الإضطراب ، و المناورات الجوّية الأنجلو- أميركيّة القادمة فى الهند تثبت أنّهم لا يودّون أن يروا هدوءا مستمرّا فى الوضع على الحدود الصينيّة الهنديّة . كما تثبت كذلك حقيقة أنّ القادة السوفيت يبذرون بذور الشقاق بين الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة و يشعلون لهيب النيران أنّهم يسعون إلى تفاقم الوضع على الحدود الصينيّة الهنديّة . وبينما يحاول المستعمِرون الأميركيّون إستغلال هذا الوضع للسيطرة على الهند ، يحاول المستعمِرون الأميركيّون إستغلال هذا الوضع للسيطرة على الهند ، يحاول القادة السوفيت القيام بذلك بغرض الحطّ من سمعة الصين . إنّ هذه أساليب و طرق مختلفة تقود إلى نفس الهدف . و لذلك فإنّ إمكانيّة إثارة الرجعيّين الهنود صداما جديدا على الحدود الصينيّة الهنديّة بتأييد المستعمِرين الأميركيين و القادة السوفيت لا يمكن إستبعادها .
و لكن ، مع ذلك ، فإنّ عام 1963 ليس عام 1962 . إنّ دول مؤتمر كولمبو الستّ قد أخذت على عاتقها مسؤوليّة الوساطة من أجل تحقيق السلم ، و الشعوب فى آسيا و أفريقيا و العالم أجمع ترى الحقّ و الباطل لمسالة الحدود الصينيّة الهنديّة بوضوح أكثر و أكثر ، و الملامح الرجعيّة لحكومة نهرو تتكشّف بإطّراد ، و مؤامرة المستعمِرين الأميركيّين و القادة السوفيت و الرجعيّين الهنود المشتركة المعادية للصين لم تعد سرّا . ونحن واثقون بأنّه إذا ما تجرّأ الرجعيّون الهنود ، فى مثل هذه الظروف ، على إثارة صدامات جديدة ، سيلقون هم و مؤيِّدوهم بالتأكيد الشجب الشديد من جانب شعوب آسيا و أفريقيا و بقيّة العالم .
إنّنا نأمل أن يبقى الوضع على الحدود هادئا ، و سنبذل كلّ ما بإستطاعتنا فى هذا السبيل . لقد أخبرنا دول مؤتمر كولمبو منذ زمن بعيد بأنّنا سنحيطها علما دوما بإنتظام بالإستفزازات الهنديّة ، و قد بدأنا ذلك الآن . و إذا ما قامت الهند ليس فقط بإستفزازا للإزعاج و المضايقة ، بل بغزوات مسلّحة أيضا مثل الغزوات التى أقدمت عليها قبل 20 أكتوبر ( تشرين الأوّل ) 1962 ، و إذا ما رفضت الإنسحاب من الأراضي الصينيّة ، فسنطلب من دول مؤتمر كولمبو أن تحاول إقناع الهند بالإنسحاب . و سوف لا نفكّر فى القيام بهجوم مضاد دفاعا عن النفس إلاّ إذا رفض الجانب الهندي مثل هذه المحاولات ، و صمّم على إحتلال الأراضي الصينيّة .
إنّنا لن نغيّر سياساتنا فى نشدان تسوية سلميّة لمسألة الحدود الصينيّة الهنديّة عن طريق المفاوضات بالرغم من أيّ عمل قد يلجأ إليه الرجعيّون الهنود ، و مهما أكثر القادة السوفيت من تأييدهم لهم . إنّنا لعلى ثقة تامّة بأنّ سياستنا هذه ستنتصر فى النهاية مهما حدث فى العالم ، أو مهما تأخّرت التسوية . و من المستحيل تقويض الصداقة العظيمة بين شعبي الصين و الهند .
إنّ موقف و سياسة القادة السوفيت حول مسألة الحدود الصينيّة الهنديّة تثبتان بوضوح أنّهم قد خانوا الشعب الصيني ، و الشعب السوفياتي ، و شعوب جميع أقطار المعسكر الإشتراكي ، و الشعب الهنديّ ، و جميع الشعوب و الأمم المضطهَدة . و قد أخذ يتّضح أكثر فأكثر أنّ القادة السوفيت لم يعودوا يعتبرون المستعمِرين ، وعلى رأسهم الولايات المتّحدة ، و رجعيّي مختلف البلدان أعداء لهم . فالماركسيّون اللينينيّون و الشعوب الثوريّة و الصين على وجه الخصوص هم الذين أصبحوا أعداءهم .
و من أجل مقاومة الصين ، التى تتمسّك بحزم بالماركسيّة اللينينيّة والمبادئ الثوريّة لتصريح عام 1957 و بيان عام 1960 ، تحالف القادة سوفيت مع الإستعمار الأميركي و طعمة تيتو المرتدّة و أعلنوا الآن بصراحة ، بواسطة مقال هيئة تحرير " البرافدا " فى 19 سبتمبر ( أيلول ) و بيان الحكومة السوفياتيّة فى 21 سبتمبر ( أيلول ) تحالفهم مع الرجعيّين الهنود . و قد يظنّون أنّه بإشتراكهم مع جميع الأنذال فى العالم فى النباح بالشتائم يستطيعون الحطّ من سمعة الصين و عزلها .
إنّنا نودّ أن ننصح القادة السوفيت بأن لا يتعجّلوا بالفرح . فالصين الثوريّة لا يمكن أبدا عزلها . و كلّما تعاونتم بوقاحة أكثر مع جميع المستعمِرين و الرجعيّين ، كلّما عزلتم أنفسكم أكثر . إنّ الصين لا يمكن الحطّ من قدرها و إعتبارها ، لأنّ الحقّ إلى جانبها . إنّ نقطة الضعف المميتة فيكم هي عدم إحترامكم للصدق . إنّ أكثر من تسعين بالمائة من شعوب العالم تراعى الصدق . و كما يقول المثل الصيني : " إذا كان الصدق إلى جانبك يمكنك أن تجوب العالم بأسره ، و بدونه لا تستطيع أن تتحرّك قيد أنملة " . و أولئك الذين لا يحترمون الصدق سيكون الفشل حليفهم فى آخر المطاف .
----------------------------------------------------------
ملحق : مصدر خطير للتوتّر فى آسيا
( المقال الذى نشرته " البرافدا " فى 19 سبتمبر – أيلول – عام 1963 )

إنّ عقد معاهدة لحظر التجارب النوويّة و إلتزام أغلبيّة أقطار العالم بها ، كانا من الخطوات الحيويّة فى خلق جوّ عالميّ يتّسم بالصحّة أكثر . و هذه حقيقة معترف بها عالميّا ، وهذا أيضا تقدير الرأي العالمى لمعاهدة موسكو . و قد نشأت بذلك آمال جديدة فى تسوية القضايا العالميّة البارزة تسوية سلميّة عن طريق المفاوضات ، و فى القضاء على مصادر التوتّر التى لا تزال فى العالم .
و لسوء الحظّ ما زالت على كوكبنا مواد ملتهبة تهدّد بالإنفجار فى أيّ لحظة و تصبح مصدر خطر عظيم على السلم . وأحد مصادر التوتّر هذه هو مسألة صدام الحدود الصينيّة الهنديّة المزمنة فى منطقة الهملايا ، التى ما زالت حادة حتّى الآن .
لقد طفحت الصحافة الصينيّة مؤخّرا ، بسلسلة كاملة من التصريحات – " بيان ناطق بلسان وزارة خارجيّة جمهوريّة الصين الشعبيّة " و إفتتاحيّات و مقالات من هيئات التحرير ، خُصّصت كلّها لصدام الحدود الصينيّة الهنديّة و الصفة المشتركة لهذه التصريحات هي رغبتها بكلّ سبيل ممكن فى تبرير كلّ عمل أقدمت عليه الحكومة الصينيّة فى صدام الحدود ، و التشهير بسياسة الدول الأخرى . إنّ هذه البيانات تفيض بالترخّصات الإفترائيّة حول موقف الحكومة السوفياتيّة فيما يتعلّق بصدام الحدود الصينيّة الهنديّة .
لقد ذهب القادة الصينيّون إلى حدود سخيفة فأنّبوا الإتحاد السوفياتي على " التعاون مع الإستعمار الأميركي " و " التعاون مع الهند فى العراك ضد الصين " . و هم يتّهمون الحكومة السوفياتيّة بأنّها تعتبر الهند جزءا " من قطاع هام فى منطقة للسلم " . و هكذا يتجاهلون تجاهلا تامّا الرأي الذى ورد فى تصريح عام 1957 و الذى أكّد أنّ دول آسيا و أفريقيا المحبّة للسلم ، تشكّل عاملا حيويّا فى النضال لمنع الحرب و " تشكّل منطقة شاسعة للسلم " مع الأقطار الإشتراكية . إنّ أعمال الحكومة الصينيّة فيما يتعلّق بالصدام الصيني الهندي تناقض الخطّ العام الذى إتّفقت عليه الأحزاب الماركسيّة اللينينيّة حول التعايش السلمي وتأييد حركة التحرّر الوطني .
لقد ذهب المندوبون الصينيّون فى إجتماع اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التضامن الآسيوى الأفريقي الذى إنعقد مؤخّرا ، بتشويههم طبيعة العون السوفياتي إلى الهند ، إلى حدّ الإدّعاء الوحشيّ بأنّ الإتحاد السوفياتي " يحرّض الهند على الصدام بالصين ". إنّ هذا قول سخيف ، و بالطبع لم تؤكّده الحقائق . و هذا شيء مفهوم لأنّ حقائق كهذه لا وجود لها . إنّ الحكومة الصينيّة تعرف جيّدا أنّ طبيعة العون السوفياتيّ للهند هي بالضبط كطبيعة العون الذى يقدّمه السوفيت إلى عدد كبير آخر من الدول الحديثة التطوّر .
إنّ موقف الإتحاد السوفياتي من الصدام الصينيّ الهندي ، مهما حاول القادة الصينيّون تشويهه ، كان و ما زال فى جوهره موجّها نحو المساعدة لتسوية هذا النزاع بأسرع ما يمكن . و من الطبيعي التطلّع إلى أن يجد هذا الموقف الفهم و التأييد بين القادة الصينيّين . و لكن من الغريب أن بيكين فعلت كلّ ما فى وسعها لتشويهه . و فيما يتعلّق بالتصريحات الأخيرة التى أدلى بها القادة الصينيّون حول موقف الإتّحاد السوفياتي من مسألة نزاع الحدود الصينيّة الهنديّة ، من الصعب فهم العامل الذى يسيطر هنا – هل هو العداوة تجاه أوّل قطر إشتراكي أم الرغبة فى الحطّ من سياسة التعايش السلمي التى تثابر عليها الحكومة السوفياتيّة ، أم هو محاولات مستترة لإخفاء إنسحابهم من الخطّ الذى إتّفقت عليه الأحزاب الشيوعيّة والعمّاليّة فى العالم حول مسألة سياسة الأقطار الإشتراكيّة تجاه الدول الحديثة الإستقلال .
من المعروف جيّدا أنّ شعبي الهند و الصين المتجاورين قد عاشا فى سلم و صداقة لقرون عديدة . و لم تكن بينهما حروب و لا نزاعات حول المشاكل الإقليميّة .
و بعد أن نال الشعب الهندي إستقلاله فى عام 1947 و بعد نجاح الثورة فى الصين عام 1949 ، تأسّست بين الهند و الصين علاقات صداقة وحسن جوار . و بقيت الحدود بينهما كما كانت عليه فى الماضي و لم ينشأ صدام للحدود . و فى عام 1954 وضعت حكومة الصين الشعبيّة و حكومة جمهوريّة الهند توقيعهما على المبادئ الخمسة الشهيرة للتعايش السلمي – " بانش شيلا " .
و قد أكّدتا برزانة فى مؤتمر باندونغ مع بقيّة دول آسا و أفريقيا المحبّة للسلم ولاءهما لهذه الأفكار العظيمة .
لقد بدأت الصدامات المسلّحة الأولى على الحدود الهنديّة الصينيّة فى وسط عام 1959 . و أصبح الوضع حرجا بصفة خاصة فى الخريف الماضي . و نشبت معارك ساهدمت فيها وحدات عسكريّة كبيرة بين الصين و الهند ممّا أدّى إلى جرح آلاف الجنود و قتلهم و أسرهم .
لقد أثارت صدامات الهملايا شعورا عظيما بالقلق بين الجمهور المحبّ للسلم . و قد قلق الشعب السوفياتي وشعوب الأقطار الإشتراكيّة الأخرى بصفة خاصة بالتقارير التى وردت حول هذه الصدامات. و قد أشار بيان " تاس " المعروف فى 10 سبتمبر ( أيلول ) 1959 الذى عبّر عن وجهة نظر الحكومة السوفيّاتيّة إلى العواقب الخطيرة التى قد تتمخّض عن هذا الصدام على مصير السلم فى آسيا و العالم أجمع . و جاء فى البيان " قد عبّر فى الدوائر القياديّة السوفياتية عن الثقة بأن حكومة جمهوريّة الصين الشعبيّة و حكومة جمهوريّة الهند سوف لا تسمحان للقوى التى لا ترغب فى تخفيف توتّر الوضع العالميّ بل تسعى إلى زيادة توتّره و تسعى إلى الحيلولة دون تخفيف التوتّر الذى بدأ يظهر فى العلاقات بين الدول ، بإستخدام هذا الحادث لأغراضها الذاتيّة " .
لقد كان هذا و ما زال فى الحقيقة الموقف الوحيد الصحيح لحلّ هذه المسألة ، موقف تؤيّده جميع الدول المحبّة للسلم . و فى الفترة التى أعقبت ذلك دعت الحكومة السوفياتيّة فى عدّة مناسبات إلى وضع حدّ للتوتّر القائم فى منطقة الهملايا و إلى تسوية النزاع على أساس مقبول للطرفين . و قد إنطلق الإتّحاد السوفياتي من حقيقة أنّ هذا النزاع لا يفيد إلاّ قوى الإستعمار و الرجعيّة التى يهمّها الحفاظ على مصادر التوتّر الدوليّ .
إلاّ أنّ القادة الصينيّين لم يرضوا بموقف الإتحاد السوفياتي السلمي . و قد يكون أنّهم أرادوا تسوية نزاع الحدود مع الهند بالسلاح و أملوا فى الحصول على تأييد الإتحاد السوفياتي فى هذا الأمر ؟ و إذا كان هذا ما أراده قادة بيكين ، من الطبيعي إذن أن يكون لهم من الأسباب ما يدعو إلى " سخطهم "على موقف الإتّحاد السوفياتي . و لكن مهما قالوا فى بيكين ، فإنّ الحكومة السوفياتيّة التى تدين بالولاء لسياسة السلم اللينينيّة ، قد فعلت دائما و سوف تفعل كلّ شيء لإطفاء مواقد التوتّر الدولي بدلا من إلهابها ، و لدفع السلم بحزم و صيانته و تدعيمه . لقد إعتبرنا دائما و لا نزال نعتبر أنّه ما من سبب يدعو لإثارة نزاع للحدود بين الهند و الصين و لا سيما لإيصال ه النزاع إلى درجة الصدام المسلّح .
لقد أثار صدام الحدود فى الهملايا قلقا بالغا فى الدول فى دول الناشئة الأفريقيّة و الآسيويّة التى تدرك من خبرتها الخاصّة أنّ إضعاف وحدة الدول المستقلّة الناشئة ، و الإحتكاك ، والخلاف بينها أمر لا يفيد منه غير المستعمِرين والحكّام الإستعماريّين . وعندما بلغت الصدامات العسكريّة ذورتها فى خريف 1962 على الحدود الهنديّة الصينيّة دعا الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهوريّة العربيّة المتّحدة ، و بن بللا رئيس الحكومة الجزائريّة ، و بورقيبه رئيس تونس ، و شيرماك رئيس وزراء جمهوريّة الصومال و عدد كبير آخر من قادة البلدان الأفريقيّة و الآسيويّة البارزين جمهوريّة الصين الشعبيّة و الهند إلى وضع حدّ لإراقة الدماء ، و إلى بدء المفاوضات و تسوية النزاع بصورة سلميّة .
وبعد وقف إطلاق النار على الحدود الهنديّة الصينيّة فى أكتوبر ( تشرين الأوّل ) الماضى نظرا لمبادرة الصينيّين ، أمل كلّ الناس ذوى النوايا الطيّبة بأن يسوّى النزاع بسرعة و يوضع حدّ لهذا الفصل المؤلم فى تاريخ العلاقات بين الهند و الصين إلى الأبد . و قد إزداد الأمل نظرا لأنّ الحكومة الصينيّة قد وجدت سبيلا لتسوية القضايا الإقليميّة التى لم تسوّ مع غيرها من الأقطار المجاورة . و قد تمّ التوصّل إلى إتفاقيّات للحدود مع نيبال و بورما و بالإضافة لهذا ، كما قال تشو آن لاي رئيس مجلس الدولة لجمهوريّة الصين الشعبيّة : " فإّن قضيّة الحدود بين الصين و بورما كانت أكثر تعقيدا بكثير من قضيّة الحدود الصينيّة الهنديّة " .
لقد إتّخذت الحكومة الصينيّة عددا من الخطوات نحو تسوية علاقاتها مع الباكستان التى هي معروفة عموما بأنّها تنتمى إلى كتلة حلف جنوب شرقي آسيا ( سيتو ) وحلف سنتو ، الكتلتين العسكريّتين السياسيّتين اللتين أقامتهما الدول الغربيّة .
إنّ القادة الصينيّين يعلنون فى بياناتهم أنّ الشعوب الأفريقيّة و الآسيويّة كما يقال " مستهزئة " بموقف الحكومة الهنديّة من صدام الحدود . إلاّ أنّهم يلتزمون الصمت عن حقيقة أنّ الشعوب فى هذه الأقطار إمّا أنّها تعبّر عن دهشتها حول موقف الحكومة الصينيّة فى هذا الشأن أو تدين موقفها علنا . إنّ الشعوب فى ذلك الجزء من العالم قلقة بوضع الحدود الصينيّة الهنديّة ، وهي تعتقد بأنّه إذا توافر حسن النيّة والرغبة فى تسوية نزاع الحدود فى محادثات مائدة مستديرة ، لأمكن منذ طويل إيجاد السلم والإستقرار على الحدود الصينيّة الهنديّة . إلاّ أنّ هذه الآمال لم تتحقّق بعدُ .
من المعروف أنّه نسبة لمبادرة سيريمافو باندرنايكه رئيسة وزراء سيلان وضع قادة ستّ دول من الدول غير المنحازة ( هي سيلان والجمهوريّة العربيّة المتّحدة و غانا وبورما و أندونيسيا و كمبوديا ) فى مؤتمر كولومبو فى ديسمبر ( كانون الأوّل ) الماضي مقترحات ترمى إلى تسوية النزاع تسوية سلميّة . و قد أمل المساهمون فى المؤتمر بأن تكون إقتراحاتهم دافعا لتدعيم الهدنة و بأن تعبّد الطريق للمحادثات بين ممثّلي القطرين إذا ما نُفّذت . و جدير بالإهتمام أنّه بالرغم من أنّ حكومة جهوريّة الصين الشعبيّة تحاول إلقاء كلّ اللوم نتيجة وقوع الصدام على الحكومة الهنديّة ، إلاّ أنّ البلدان الأفريقيّة و الآسيويّة غير المنحازة التى حضرت مؤتمر كولمبو ، كانت ترى من الضروري توجيه النداء لا إلى أحد سوى الحكومة الصينيّة لسحب قوّاتها مسافة عشرين كيلومترا عن الخطّ الذى وجدت نفسها فيه نتيجة العداوات الواسعة النطاق التى شنّت فى خريف عام 1962 .
إنّ مقترحات كولمبو لم تعبّر عن شيء أكثر سوى الرغبات الودّية للدول التى تسعى بإخلاص لإيجاد حلّ مقبول من الطرفين لنزاع الحدود .
إنّ بيكين لسوء الحظّ لم تصغ لصوت الحكمة الذى يعبّر عن إرادة شعوب آسيا و أفريقيا .
فماذا حدث ؟ ما الذى حدث و حال دون تسوية النزاع تسوية سلميّة ؟
ليس هناك سبيل إلى أدنى شكّ فى أنّه إذا كان الجانبان قد جلسا و ناقشا دعوى كلّ منهما بهدوء و تعقّل دون تحيّز لكان من الممكن إزالة النزاع منذ وقت طويل كما كان من الممكن القضاء على مصدر التوتّر إلى الأبد فى ذلك الجزء من العالم . و كما تشير صحافة أقطار عديدة إنّه بينما قابلت الحكومة الهنديّة بصورة إيجابيّة مقترحات مؤتمر كولمبو وقبلتها بكاملها بدون أي تحفّظ و عبّرت عن إستعدادها لبدء المحادثات مع جمهوريّة الصين الشعبيّة على أساس هذه المقترحات ، فإنّ الحكومة الصينيّة لم تقبل بعدُ مقترحات الأقطار المحايدة الصديقة و لم تظهر إستعدادها لبدء المحادثات على الأساس المقترح . لقد وجدت الحكومة الصينيّة أنّه من الممكن لها أن تقصر نفسها على إصدار بيان يعبّر عن قبول هذه المقترحات " بصورة مبدئيّة " . و لم تتّخذ خطوات بنّاءة من قبل الحكومة الصينيّة .
إنّ الأقطارالأفريقيّة و الآسيويّة تلاحظ حقيقة أنّ الحكومة الصينيّة نفسها قد دعت هذه الأقطار مرّتين فى أكتوبر ( تشرين الأوّل ) و نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1962 إلى " المبادرة " و ان " تيسّر " عقد محادثات مباشرة بين الهند والصين . و لكن عندما قدّمت هذه المساعدة لم تفد الحكومة الصينيّة من الخدمات الحسنة التى أدّتها هذه الأقطار .
تلاحظ الصحافة فى عدد كبير من الأقطار الأفريقيّة و الآسيويّة أن الحكومة الصينيّة قد أعلنت فى البداية أنّها سوف تقبل مقترحات مؤتمر كولمبو " بصورة مبدئيّة " ، و إدّعت أخيرا أنّها ليس بوسعها أن تقبل هذه المقترحات بكاملها لأنّها " ليست واضحة كلّها " و طالبت بالتوضيح . و عندما قدّمت التوضيحات قالت الحكومة الصينيّة إنّها قدّمت من قبل بعض أعضاء مؤتمر كولمبو فقط و بالتالى كما قالت " جينمينجيباو " إنّها " ليست وثائق مؤتمر شرعيّة " ، كما تظهر على الصحافة الصينيّة أيضا حجج أخرى تشكّك فى صلاحيّة مؤتمر كولمبو .
لقد إدّعت الحكومة الصينيّة فى بيانها بتاريخ 20 أغسطس ( آب ) مرّة أخرى بأنّها كانت على إستعداد لقبول مقترحات كولمبو " بصورة مبدئيّة " ، لكنّها لا تذهب أبعد من هذه التصريحات العامة .
و ليس من الغريب أن كثيرا من الناس بدأوا يقولون إنّ الحكومة الصينيّة ، بينما ترفع مبادرة الأمم غير المنحازة مدحا إلى السماء وتعلن أنّها " تقدّر " خدماتها الطيّبة و " تعطيها حظّها اللائق من الإعتبار " ، تتجاهل فى الحقيقة جهودها و لا تبدى رغبة فى الإستفادة من مقترحات كولمبو .
إنّ الناس فى الأقطار الأفريقيّة و الآسيويّة يربطون بين السياسة الحدوديّة لقيادة جمهوريّة الصين الشعبيّة و بين موقفها فيما يتعلّق بمحيط أوسع من العلاقات الدوليّة و يصلون إلى النتائج الخاصّة بهم . فعلى سبيل المثال تقول صحيفة " واست أفركان بيلوت " النيجيريّة أنّ بيكين " لا تؤمن بالتعايش السلمي و كلّما أدركنا ذلك بسرعة كلّما كان هذا أفضل للعالم أجمع " .
إنّ الشعوب الأفريقيّة و الآسيويّة يزعجها إلى درجة عظيمة التلف الهائل الذى يتسبّب فيه صدام الحدود الصينيّة الهنديّة لقضيّة تضامن و وحدة الشعوب المناضلة ضد الإستعمار و الحكم الإستعماري و من أجل التحرّر الوطني و السلم . و لا تعجزها رؤية ما وراء سياسة حكومة جمهوريّة الصين الشعبية من حرص على وضع الهند فى موضع شقاق مع الدول الأفريقيّة و الآسيويّة الأخرى .
و ممّا يجدر بالملاحظة أنّ القادة الصينيّين ظلّوا مؤخّرا يدفعون بشدّة دعوى أنّ حكومة نهرو هي حكومة إستعماريّة وتوسّعيّة تسعى إلى خلق إمبراطوريّة شاسعة و يفوق كبرها حتّى الإمبراطوريّة البريطانيّة . و على ضوء مثل هذه الإدعاءات يصعب الإعتقاد بأنّ قادة الصينيّين مخلصون عندما يعبّرون عن رغبتهم فى تسوية نزاع الحدود مع الهند تسوية سلميّة .
إنّ ما يخطر بالبال هو أنّهم فى عاصمة جمهوريّة الصين الشعبيّة لا يريدون إدراك من يسعى للكسب من رواء النزاع الحالي الذى حدث و تسبّب فى تلف هائل على الشعب و ما زال يتسبّب فيه . و كما هو معروف فإنّ المستعمِرين إستغلّوا مباشرة النزاع الصيني الهندي محاولين إلهاب نار الحرب فى الهملايا. وهم يربطون هذا بخططهم البعيدة المدى . إنّهم يمطرون المنح على الهند بتقديم الأسلحة و ممارسة الأعمال المشتركة العسكريّة . و يسرّ المستعمِرين بصفة خاصّة أن يكون أحد طرفي الصدام دولة إشتراكيّة . و يريدون إستغلال هذه الحقيقة بغرض الإساءة لأفكار التعايش السلمي لدى الدول ذات الأنظمة الإجتماعيّة المختلفة و للصداقة و التعاون بين الأقطار الإشتراكيّة و الدول الأفريقيّة و الآسيويّة الحديثة الإستقلال . هذا و تكمن خلف كلّ هذا الرغبة فى إستغلال الصدام بغرض إبقاء مصدر خطير للتوتّر فى الوجود .
و فى الحقيقة ما الذى أدّى إليه صدام الحدود الصينيّة الهنديّة و ماذا كانت العواقب ؟
لقد أدّى هذا الصدام إلى تخريب بالغ لوحدة و إنسجام الأقطار الآسيويّة و الأفريقيّة فى نضالها المشترك ضد الإستعمار و الحكم الإستعماري . و قد أضرّ ضررا عظيما بالوحدة و التعاون بين الدول الحديثة التحرّر و الأقطار الإشتراكيّة ، بين الهند و جمهوريّة الصين الشعبيّة بصفة خاصّة .
و قد تكبّدت الصين و الهند نتيجة العداوات خسائر عظيمة غير مبرّرة . إنّ نزاع الحدود بين القطرين اللذين عاشا قرونا طوالا فى سلم و صداقة لم يؤدّ إلى فصم علاقات حسن الجوار الودّية الوثيقة بينهما و حسب بل أدّى أيضا إلى عواقب إقتصاديّة وخيمة . و يكفى ذكر أنّ الهند خلال السنوات القلائل الماضية خصّصت للأغراض الحربيّة أربعة أضعاف ما خصّصته من قبل . و قد سبّبت هذه عبئا عظيما على الجماهير العاملة و قد فرضت ضرائب إضافيّة و أتاوات .
إنّ القوى الرجعيّة فى الهند تستخدم الصدام لإثارة العواطف التعصّبيّة ، بغرض شنّ هجوم على القوى التقدّميّة للبلاد ، و لدفع الهند بعيدا عن طريقها الحيادي و جذبها إلى الكتل الحربيّة - السياسيّة التابعة للغرب . و فى الإجتماعات والإحتشادات ، و فى الصحافة و البرلمان يلهب قادة الأحزاب الرجعيّة " سوانترانا " و " جانسانغ " و ما يسمّى بحزب البراجا الإشتراكي ، و أكثر العناصر الوطنيّة تطرّفا فى حزب المؤتمر الوطني الهندي الحاكم ، يلهبون بكلّ سبيل ممكن الدعاية التعصّبيّة المعادية للصين و يقفون ضد المفاوضات مع جمهوريّة الصين الشعبيّة ، التى قد تسفر عن تسوية سلميّة للنزاع ، و يدعون إلى إتّخاذ خطّ حازم تجاه جمهوريّة الصين الشعبيّة ، و منذ وقت بعيد أعلنت حالة الطوارئ فى البلاد ، و حدّت الحقوق الديمقراطيّة للشعب . ومئات عديدة من الشيوعيّين و قادة النقابات قد إعتقلوا و سُجنوا. إنّ الرجعيّين الهنود يطبّلون لتخفيض برامج التطوّر الإقتصادي و لإستخدام المصادر المحدودة للبلاد للأغراض العسكريّة و لإنشاء جهاز حربيّ هائل .
إنّ أحد بيانات وزراة خارجيّة جمهوريّة الصين الشعبيّة مؤخّرا يعبّر عن الرضى عن حقيقة أنّ بعض مرشّحى المؤتمر الوطني الهندي فى الإنتخابات الفرعيّة التى جرت فى البرلمان الهندي فى مايو ( أيار ) الماضى قد هزموا . و مع ذلك فإنّ وزارة خارجيّة جمهوريّة الصين الشعبيّة لم تقل شيئا فى ذلك الوقت حول حقيقة أنّ كبار الرجعيّين المتطرّفين كريبالاني و ماسانى جاءا على رأس القائمة ، و فى الحقيقة إنّ القادة الصينيّين يصفون نجاح هؤلاء الرجعيّين فى الإنتخابات بإنتصار للديمقراطيّة الهنديّة .
كما يظهر أيضا عدم رغبة قادة جمهوريّة الصين الشعبيّة فى فهم الوضع من تقديرهم للوضع فى البرلمان . و على سبيل المثال تتحدّث صحيفة " جينمينجيباو " بفرح لا يخفى حول التصويت بعدم الثقة الذى نوقش فيما يتعلّق بحكومة نهرو فى البرلمان الهندي . و الصحيفة لم يهمّها أن الذين إبتكروا التصويت بعدم الثقة كانوا هم مرّة أخرى نفس جماعة المتطرّفين من الجناح اليمينيّ الذين يحاولون تغيير السياسات الخارجيّة و الداخليّة للبلاد فى إتّجاه رجعي موال للإستعمار . و هنا يبرز سؤال شرعي : ما هي الإعتبارات التى توجّه أولئك الذين فى بيكين و الذين يساهمون بالفعل فى أعمال هذه الجماعة ؟
إنّ الضرر المادي الذى تسبّب فيه صدام الحدود للقطرين يمكن تقييمه بالروبيات واليوان معا . و لكن كيف يمكن للمرء أن يقيم الضرر المعنوي و السياسي الذى لحق بقضيّة الصداقة و التعاون بين الشعبين الصيني و الهندى ؟ إنّ هذا لا يمكن التعبير عنه بأيّ عملة من العملات . لقد تضاعفت جراثيم القوميّة و التعصّب السامّة بسرعة خارقة خلال الصدام الهندي الصيني . لقد أذكيت المشاعر المعادية للصين فى الهند و المشاعر المعادية للهند فى الصين . و الوضع الحاضر يقود بصورة موضوعيّة إلى زيادة العداوة المتبادلة فى القطرين معا .
لقد ذهبت الأمور فى الظروف الأخيرة إلى درجة أصبح الصدام معها يستغلّ بغرض تسميم الجوّ فى منابر دوليّة مختلفة . و كان هذا ما حدث على سبيل المثال فى مؤتمر التضامن الأفريقي الآسوي فى موشي و أيضا فى مؤتمر النساء العالمي فى موسكو حيث حاول الوفد الصينيّ فرض مناقشة هذا الأمر .
تدلّ كلّ هذه الأشياء بوضوح على العواقب الوخيمة التى أدّى إليها صدام الحدود الهنديّة الصينيّة فعلا . و ممّا دعا إلى القلق بصورة خاصة فى هذا الشأن لا عدم وجود أي مجهود يذكر لتسوية النزاع و حسب بل أيضا تراكم الأدلّة على أنّ الصدام قد يتفاقم مرّة أخرى .
إنّ توتّر الحدود الصينيّة الهنديّة مشبع بخطر عظيم . و فى الحقيقة ، عندما يقف جنود قطرين متجاورين متواجهين و بنادقهم مستعدّة للإنطلاق ، فإنّ خطر رصاصة تنطلق و تسيل على إثرها الدماء يصبح خطرا طبيعيّا جدّا ، لا سيما و قد دار بينهم قتال عنيف من قبل .
إنّ كلّ مؤيّدى السلم و الصداقة بين الأمم بإخلاص يحقّ لهم أن يتوقّعوا ممّن يقع على عاتقهم تسوية النزاع حقّا ، أن يترفّعوا عن مستوى الشكليّات و المركز الأدبي و أن يبدأوا المفاوضات بغرض الوصول إلى حلّ مقبول للطرفين . إنّ تسوية النزاع الصيني الهندي تسوية سلميّة سوف تفيد شعبي الهند و الصين وسوف تزيل هذا المصدر الخطير للتوتّر و سوف تؤدّى خدمة حسنة لقضيّة السلم فى آسيا و العالم أجمع .
وما من تبرير معقول لإبقاء التوتّر فى هذا الجزء من العالم . إنّ إزالة النزاع الصيني الهندي سوف تدعم السلم فى جنوب شرق آسيا و العالم عموما وتمكّن الشعبين من تسخير إنتباههما بصورة تامة لقضايا التطوّر الإقتصادي التى تواجههما .
إنّ الشعب السوفياتي يرغب فى رؤية إعادة علاقات حسن الجوار بين الدولتين الكبيرتين فى آسيا – جمهوريّة الصين الشعبيّة و جمهوريّة الهند – إلى ما كانت عليه . و فيما يتعلّق بنزاعات الحدود نتمسّك بوجهات النظر اللينينيّة و نعتقد بأنّه ما من نزاعات تستعصى تسويتها بصورة سلميّة عن طريق المفاوضات دون إراقة الدماء . و نظرا لهذه الإعتبارات بوجه التحديد ينظر الشعب السوفياتي إلى الأحداث التى وقعت على الحدود الصينيّة الهنديّة ، أمّا فيما يتعلّق بالإتحاد السوفيتي فهو يحترم جيرانه و يدرك أنّ علاقات حسن جوار يمكن إيجادها فقط إذا ما إحترمت الحدود القائمة بين الدول .
لقد قدّم نيكيتا خروتشوف رئيس مجلس وزراء الإتحاد السوفياتي تفسيرا واضحا لموقف الشعب السوفياتي عندما عبّر فى جلسة مجلس السوفيات الأعلى فى ديسمبر ( كانون الأوّل ) الماضى عن الأمل فى أن ّ حكومة جمهوريّة الصين الشعبيّة وحكومة الهند " تسوّيا سوء الفهم على أساس تقدير المصالح المتبادلة فى روح الصداقة التقليديّة بين شعبي الصين و الهند " . إنّ موقف الإتحاد السوفياتي هو السياسة الدائمة الأمينة لدى الحكومة السوفياتيّة و اللجنة المركزيّة اللينينيّة للحزب الشيوعي السوفياتي و الرامية إلى صيانة السلم و تدعيم الصداقة بن الأمم . إنّ أكثر المفاوضات تعقيدا أفضل من الحرب . و يجب حلّ النزاعات بالطرق السلميّة على المائدة المستديرة لا بالطرق العسكريّة . إنّ الشعب السوفياتي يدعو بحزم إلى تسوية نزاع الحدود الصينيّة الهنديّة تسوية سلميّة و إلى القضاء العاجل على هذا المصدر الخطير للتوتّر الشديد ، فى هذا الجزء من العالم .
---



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحاديث هامة للرئيس ماو تسى تونغ مع شخصيّات آسيوية و أفريقية ...
- تونس السنة الخامسة : عالقة بين فكّي كمّاشة تشتدّ قبضتها
- سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما - صحيفة - جينمي ...
- اليونان : - الخلاصة الجديدة ترتئى إمكانيّة : القطيعةُ مع الق ...
- الإتفاق النووي بين الولايات المتحدة و إيران : - الولايات الم ...
- الإتفاق النووي بين الولايات المتّحدة و إيران : حركة كبرى لقو ...
- مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد - صحيفة - جينمينجباو - و ...
- تقرير الأمم المتّحدة يكشف جرائم حرب الهجوم الإسرائيلي على غز ...
- الحرب الأهليّة فى اليمن و مستقبل الخليج
- إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية - الحزب الشي ...
- عاشت اللينينيّة ! – بيكين 1960
- الفائز فى الإنتخابات البرلمانية التركيّة : الأوهام الديمقراط ...
- لتغادر الولايات المتحدة العراق ! الإنسانيّة تحتاج إلى طريق آ ...
- نضال الحزب الشيوعي الصيني ضد خروتشوف : 1956 - 1963 - الفصل ا ...
- مقدّمة كتاب - نضال الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفيّة السوفي ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي ) : عن ...
- دون عمل نظري ، لا طليعة شيوعية يمكن أن تظلّ طليعة - الحزب ال ...
- قتل فركهوندا جريمة فظيعة ( أفغانستان )
- مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة - الثورة ...
- الإنتخابات الإسرائيليّة البشعة - نزاعات محتدّة و تحدّيات جدي ...


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين / بيكين 1963