أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد سليمان - تشكيل الوعي














المزيد.....

تشكيل الوعي


ميلاد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


تشكيل الوعي


العمل الأول في حياة أيّ فنان، وفي أيّ مجال، هو تذكرة دخوله لعالم جديد، هو لحظة إلتقاءه بالجمهور العريض مِن حوله، لحظة المواجهة بمن ينتظر فنه وإنتاجه. إلتقاء الذاتي الفردي الداخلي بالخارجي الجمعي. لذلك فقد يُعتبر؛ بشكل ما، العمل الأول، مقياس نجاح أو فشل، صعود أو هبوط، تقدم أو تأخر، هذا الفنان.

وفي السينما يلعب الفيلم الأول، عمومًا، دورًا في هذا، ولكن يظل الفيلم التسجيلي، خصوصًا، هو الأكثر انتشارًا وصاحب الغلبة عند المتلقي، فهو الأقرب لوجدان المشاهد والأكثر صمودًا أمام الزمن، حيث أبطاله على الشاشة هم أبطاله في الواقع، ما يقومون به اثناء وجود الكاميرا، هو نفس ما يقومون به، غالبًا، في حياتهم اليومية العادية، دون تدخل بالديكور أو الممثلين، ودون نص حواري مكتوب، مما يعطي التسجيلي بُعد أعمق في الوعي الإنساني.

وفي السينما العالمية، في فرنسا، كان أول فيلم يظهر للنور، فيلم تسجيلي، فقد سجّل الأخوان أوجست ولويس لوميير Auguste & Louis Lumiere اختراعهما لأول جهاز يتمكِن من عرض الصور المتحركة على الشاشة في 13 فبراير 1895 في فرنسا، على أنه لم يتهيأ لهما إجراء أول عرض عام إلا في 28 ديسمبر من نفس العام، فقد شاهد الجمهور أول عرض سينماتوغرافي في قبو الجراند كافيه Grand Café، الواقع في شارع الكابوسين Capucines بمدينة باريس. وكان هو فيلم "وصول القطار إلى المحطة"، فيلم وثائقي قصير صوره وعرضه الأخوان لوميير، ورغم أن الفيلم لا يحتوي على مضمون معين ويكتفي بعرض عملية وصول القطار إلى محطة مدينة لاسوت إلا أنه حصل على شعبية كبيرة وأحدث ضجة لدى الجمهور الذي لم يكن جاهزًا بعد من الناحية النفسية لتقبل صورة حية لحركة القطار وهو يأتي من بعيد ويقترب تدريجيًا إلى الكاميرا/ الشاشة ثم يحتل الكادر كاملا لكي يعطي انطباعا بالضخامة، حتى إن بعضهم قفز من على الكراسي معتقدًا إنه قطار حقيقي!!. وكان فيلمهما الثاني "خروج العمال من المصنع" لا يقل عن الأول في جديته وأهمية موضوعه.

ورغم أن الفيلم يعتبر من ناحية تصنيفه فيلما وثائقيًا/تسجيليًا فإن الكثيرين كذلك يعتبرونه أول فيلم فني، ذلك أن الذين يظهرون في الكادر هم في معظمهم من أصدقاء وأقارب الأخوين لوميير اللذين قاما بدعوتهم للسفر على متن ذلك القطار من أجل تصوير الفيلم.

وفي مصر، كان قدوم هذا الاختراع الجديد مبكرًا. وكانت مصر من أوائل الدول في العالم التي عرفت هذا الإختراع. في أقل من عام على مرور أول عرض سينمائي على مستوى العالم ( باريس 28 ديسمبر 1895)، كان أول عرض هنا في مصر في الإسكندرية (5 نوفمبر 1896).

وقد قاما "عزيز ودوريس" بإنتاج أول شريط سينمائي مصري صامت بإسم "زيارة الجناب العالي للمعهد الديني في مسجد سيدي أبو العباس" 1907، وهو الميلاد الحقيقي للسينما المصرية ومنه يتم التأريخ لفن الفيلم في مصر، بحسب أغلب النقاد، كما سبق ورأينا الاحتفال بمئوية السينما المصرية 2007. وفيه يظهر الحاكم لحظة دخوله المعهد الديني والحفاوة والفرحة تظهر على الجماهير المحتشدة من حوله. وقام الفيلم في هذه الفترة بخلق نوع من التواصل والرباط الشعبي بين المشاهد/ المُتفرج والباب العالي من خلال زيارته لمسجد أبي العباس، حول علاقة الحاكم بالمحكوم، ومحاولة إذكاء المشاعر الروحية ودمجها بالمشاعر الوطنية.

والمفارقة بين العمل الأول الفرنسي، والعمل الأول المصري تبدو واضحة صارخة في تباينها، فبينما ظهر الفيلم الوثائقي الأول في فرنسا باعتباره تعبيرًا عن الواقع الحي العفوي، أي عن حياة الناس العادية كما يمكن تلمسها في محيطنا المباشر ("الخروج من مصنع لوميار"، "دخول القطار إلى المحطة"،...)، وارتبط، من ثمة، بمفهوم الاكتشاف ومعرفة العالم الإنساني اليومي. لكن جاء الفيلم المصري ليتخذ وجهة مختلفة تتمثل في الانشغال بتغطية نشاط الدولة الرسمي ممثلا في التحركات والتنقلات التي تقوم بها الطبقة السياسية أو الحكام العرب على وجه الخصوص، بجوار البُعد الديني الواضح في الموضوع، وكأن الفيلم يخلق ذلك التزاوج بين الدين والسياسة في شعور المتفرج.



#ميلاد_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خطى العلمانية
- النقد الكهنوتي
- مغالطة حرق الاحداث
- الفاعل الأمين
- ولكنها مريم
- عملوها الفرنجة
- الحكومة.. وضبط النفس
- بالشفا يا فيلسوف
- سقوط طاغية
- الثالوث الأقدس.. تقسيم مهام
- عدو العلمانية الأول
- سياق تصنيع الإرهاب
- نافورة أبدية الوعي
- تغليف الخرافة بالعلم
- أزمة الثقافة الجنسية 4
- نجاح وفشل الثورات
- التحرش فكر وفعل
- رهبان وبرليتاريين
- كنيسة الكهنة
- حتما ستنتهي الأديان


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد سليمان - تشكيل الوعي