أمريكا تورط السعودية في اليمن ومع إيران

أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تماما ، وكما حصل مع العراق الذي كنا ننظر إليه كمنقذ ، حيث جرى توريطه في الكويت صيف العام 1990، وبعد أن قالت السفيرة "اليهودية "الأميركية ،المس غلاسبي للرئيس الراحل صدام حسين يوم الأربعاء الأول من آب 1990 ، أي قبل دخول القوات العراقية إلى الكويت بيوم واحد ،مانصه:" فخامة الرئيس ، إن حكومة بلادي الولايات المتحدة الأمريكية ، تنظر إلى الخلاف الدائر بين العراق والكويت ، على أنه شأن عربي داخلي ولا علاقة لنا به" ، وقد إختفت بعد العملية وعثر عليها لاحقا في القدس المحتلة .
وهذا الكلام في علم السياسة والمنطق يعني "دش " باللهجة الكويتية ، وأدخل باللغة العربية ، ولكن أمريكا وما أن ضمنت دخول الجيش العراقي إلى الكويت حسب المخطط المرسوم ، حتى بدأت بتجييش العالم ضد العراق ، وفي نهاية المطاف قادت تحالفا ثلاثينيا شاركت فيه مصر وسوريا كأكبر دولتين عربيتين فاعلتين آنذاك ، وسمي ذلك بحلف :"حفر الباطن "، الذي أسس لشطب العراق نهائيا عن الخارطة رغم أن ذلك إستغرق وقتا وجهدا كبيرين ، تضمن حصارا حرم الشعب العراقي من من حبة الدواء ورغيف الخبز ، إلى غزو شامل أسفر عن إحتلال العراق وشطيه عن الخارطة السياسية وما يزال إجراء الشطب قائماعلى شكل حرب أهلية طائفية ، زادها سوءا ظهور الخوارج الجدد داعش كقوة يقال زورا أنها تدافع عن السنة.
أما بخصوص السعودية فإن المشهد لم يبتعد عن المخطط الأمريكي الذي رسم للعراق ، فما يجري منذ تنفيذ ما يطلق عليه "عاصفة الحزم "، التي تزامنت مع توقيع الإتفاق الإيراني- الأمريكي النووي قبل نحو الشهر ، يظهر وبكل الوضوح أن هناك توريطا أمريكيا للسعودية ، كي يتم إخراجها هي الأخرى من الخارطة السياسية ، تنفيذا لمشروع الشرق الأوسط الوسيع أو الكبير أو الجديد لا فرق ، والذي ما يزال يعتمد شعار "العراق أولا "، وسوريا ثانيا ، ويقيني أن مشرط التقسيم الأمريكي لسوريا بات جاهزا وربما لن يتعدى شهر تموز المقبل حيث مناورات "الأسد المتأهب "، الذي نتوقع أن تسفر عن إجتياح لسوريا لوضع نهاية للحالة المزرية هناك .
كما قلنا فإن إنطلاق عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ، كانت قد قررت الإعتماد على الجيش الباكستاني لتنفيذ مرحلتها البرية ، لكن البرلمان الباكستاني ، رفض المشاركة في هذه "العاصفة " ، رغم أن الباكستان تعد من المرابطين في الخندق الأمريكي ، بمعنى لو أن أمريكا تريد خيرا من وراء هذه "العاصفة " للسعودية ، لطلبت من الباكستان الإستجابة الفورية للطلب السعودي ، لكنها لا تريد خيرا لا للسعودية ولا لأي دولة عربية أو إسلامية ، وبذلك وجدت السعودية نفسها شبه وحيدة في المعمعة ، رغم أن تحالف الحزم يتكون من عشر دول ، وحتى اللحظة لم يتقرر دور مصر السيسي في العاصفة ، رغم أنه بعد الرفض الباكستاني ، سيتعزز ، لزوم المخطط الأمريكي الرامي إلى توريط الجيش المصري في سيناء وليبيا واليمن .
بناء على ما تقدم فإن التوريط الأمريكي للسعودية بات مكشوفا بسبب توقيت عاصفة الحزم مع إيران ، وقيامها بقصف اليمن بحجة تدمير التواجد الحوثي ومواقع جيش النذل علي عبد الله صالح ، وهذا توريط سيكون عميقا وطويل الأجل بين السعودية والشعب اليمني ، لأن الخراب الذي أحدثته عاصفة الحزم لم يطل الحوثيين أو أتباع النذل ، بل عمق مأساة الشعب اليمني الذي وجد نفسه هدفا مستباحا لطائرات الحزم ، وهو الذي كان أصلا يعاني من حكامه بدءا من الإمام البدر وإنتهاء بالنذل ، مع إستثناء فترة حكم السلال التي لم تطل ، وقد كان الفلسطينيون قبل "نكسة " حزيرا 1967 ، يغنون في أعراسهم "مين بحرر فلسطين غير عبد الناصر والسلال " ، لسمعة الرجلين الطيبة .
من هنا أستطيع القول أن التوريط الأمريكي للسعودية قد إكتمل ، وها هو التويط الداخلي يظهر جليا للعيان ، حيث أن المراقبين والمحللين يصفون التغييرا ت التي أجراها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ، عبارة عن تصفية حسابات ، وبرأيي أن السعودية في هذه المرحلة لا تتحمل أن تفتح فيها جبهة داخلية ، لأن الجمر متقد تحت الرماد في المنطقة الشرقية.
إننا ورغم ما يقال ، وسوف يظهر قريبا على الأرض ، حريصون على أمن وإستقرار السعودية ، كبلد جار وأخ وشقيق ومسلم ، لا نتمنى لها ولشعبها إلا كل الخير والإزدهار ، وأن يكون أي تغيير فيها ، يهدف إلى تعميق السلم الداخلي ، وقائما على المؤسسية ، والمصلحة العامة وبعيدا عن إقصاء وتهميش أي فرع من الفروع الحاكمة او المحكومة ، لأن الخير فيها كثير ويجب أن يعم على شعبها جميعا.
وأخيرا فإن سياسة التوريط الأمريكية متبعة ، وقد أتت أكلها ، لكنها سوف تفشل بالنسبة للأردن ، لأنه ما يزال حتى اللحظة ولأسباب يعرفونها جيدا بعيدا ، أو لنقل أنه محرم على المشرط الأمريكي أن يقترب منه ، وعلى العكس من ذلك ، فإن إبرة المخيط سيكون لها الدور الفاعل في الأردن ، وستقوم قريبا بربطه مع أشلاء من الضفة الفلسطينية ، ضمن مشروع الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينة، ومع غرب العراق ، وجنوب سوريا ، وجزءا من السعودية ، مع ممر لسيناء ، ضمن مشروع الأردن الوسيع أو الكبير لا فرق.

#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات