أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - اسلام بحيري والإصلاح الديني















المزيد.....

اسلام بحيري والإصلاح الديني


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 23:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



اسلام بحيري يقول ما يقوله منذ سنين. فعلاما هذه الضجة الكبرى؟ التي يقودها رجال الأزهر وبطانته ضد اسلام بحيري وما يمثله من فكر يدعو للإصلاح الديني وتنقية التراث من أساطيره وتخاريفه وهبله وغبائه وإسرائيلياته.

يقف في صف الأزهر، بتوع داعش والإخوان والسلفيين وكل من طالت لحيته وقصر جلبابه وحجّب أو نقّب زوجاته. وكذلك كل الهيئات والمؤسسات الرجعية، المستفيدة من إبقاء الوضع على ما هو عليه.

ويقف في صف اسلام بحيري، أحمد عبد المعطي حجازي، الشاعر الكبير، والدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، والمستشار أحمد عبده ماهر، والشيخ محمد عبدالله، والأستاذ شريف الشوباشي، الذي يدعو إلى مليونية خلع الحجاب، وغيرهم من المفكرين والمثقفين والليبراليين وأصحاب الفكر الحر.

الأزهر ومريدوه، يريدون بقاء الحال على ما هو عليه، فليس في الإمكان أفضل مما كان. والفريق الآخر يريد نزح الماء من المركب ومعالجة الثقوب قبل أن تغرق. الأديان الثالثة السماوية بوضعها الراهن لا تستطيع مقاومة العلم الحديث والحقائق الجديدة التي تظهر كل يوم. صراحة، المعركة محسومة منذ البداية. فلا يمكن أن تحارب العقل بالهبل والشتائم والتهديد بالسجن والاتهام بالكفر.

لقد طلب الرئيس السيسي من رجال الأزهر قيادة حركة الإصلاح الديني. وقد كتبت عدة مقالات، قلت فيها أن الأزهر لا يقدر ولا يستطيع، وغير مؤهل لحركة الإصلاح الديني المنشودة. ها هي الأيام تثبت صحة ما قلت وما قاله غيري. الأزهر هو سبب هذه المصيبة الدينية التي نعيش فيها، ولا يستطيع إصلاحها.

المشكلة هي أننا أمام فكر عقلاني يؤمن بالمنطق والتحليل والتجربة والمشاهدة، يواجه فكر سلفي لا يؤمن بمثل هذه الأشياء. إنما يؤمن بالآية والحديث والتفاسير والشروح والنقل، بدون تفكير أو نقد أو تمحيص.

إذا انتشر وباء الكوليرا على سبيل المثال، الفريق الأول يأخذ المرضى إلى المعمل لإجراء التحاليل اللازمة لمعرفة سبب المرض ووصف الدواء. أما الفريق الآخر، فيذهب إلى الآيات والأحاديث والتفاسير، فلا يجد إلا بول الإبل علاجا شافيا، أو غمر الذبابة بكاملها في السائل حتى يبطل مفعول المرض.

إنهم يعتقدون أن شرب بول الإبل ووضع النساء في أكياس سوداء، هي أفضل طريقة للعبادات والتقرب إلى الله. وأن النقل عن شيخ عاش منذ ألف سنة، أفضل وأضمن من أن نقوم بالتفسير بأنفسنا. لماذا نتحمل المسئولية ونودي أنفسنا في داهية، طالما مشايخنا العظام الذين سبقونا بقرون عديدة، قاموا بالواجب وزيادة؟

الشيخ الشعراوي له مقولة خالدة تبين المأساة في أجل صورها. يقول لماذا نفكر ونتعب أنفسنا ونبتكر ونصنع الأشياء. نترك أعداءنا يتعبون ويعرقون ويصنعوها، واحنا نأخذها على الجاهز.

هو نفس الفكر الذي يرضى بفكر الأقدمين. هم قد تعبوا وفسروا، حسب علوم ومدارك عصرهم، واحنا نأخذها جاهزة بدون تعب أو مسئولية. الفرق هنا هو أن هذه التفاسير لم تعد صالحة لهذا العصر الذي نعيش فيه. عصر الميكانيكا الكمية والهندسة الوراثية واستنساخ النعجة دولي.


كلمة "لوجوس" باليونانية تصف نوعا معينا من التفكير. طريقة تفكير تستخدم المنطق والتحليل، لتفسير الظواهر والأشياء التي تعتري الإنسان. هذا النوع من التفكير، غالبا يقود إلى الحكمة.

الحكمة باليونانية تعبر عنها كلمة "صوفيا". إذا أضفنا لكلمة صوفيا، كلمة "فيلو" وتعني حب، أصبحت الكلمة المركبة "فيلو صوفيا". وتعني حب الحكمة. من هنا جاءت كلمة فلسفة. التي تعني حرفيا حب الحكمة. إذا كنت محبا للحكمة والمعرفة، فأنت فيلسوفا.

ماذا كان يوجد قبل الفلسفة, وقبل طريقة "لوجوس" في التفكير؟ كانت توجد طريقة أخرى. هي "ميثوس"، أو الأساطير. لا داعي للتفكير ووجع الدماغ. نترك التفكير للكهنة والمفسرين ورجال الدين، ونأخذ نحن المعلومات على الجاهز.

الأساطير والقصص الموروثة عن الأجداد تفسر لنا كل شئ. البرق والرعد سببهما مقرعة كبير الآلهة "زيوس" على قمة جبل الأوليمب. الكرة الأرضية يحملها الحوت بهموت. عندما يشعر بالتعب، تحدث الزلازل. الأمراض والأوبئة بسبب غضب الآلهة. وهكذا.

معظم الأساطير لها علاقة بالدين وحياة الآلهة. لذلك كانت لها صفة القداسة. حافظ عليها الأجداد وعضوا عليها بالنواجذ. كان يسلمها كل جيل إلى الجيل الذي يليه.

أستخدمت هذه الأساطير في خلق نظام اجتماعي متكامل. يفسر كل شئ ويجيب على كل سؤال. لكن عيب هذه الأساطير المقدسة، أنها تخلق مجتمعات ساكنة راكدة تقاوم التقدم والتغيير، كما هو الحال عندنا الآن. العصور المظلمة، استمرت أكثر من 1000 سنة بسبب سيطرة الكنيسة الكاثوليكية في الغرب، والأزهر ورجال الدين عندنا في الشرق.

لكن شئ مختلف ظهر في اليونان في القرن السابع قبل الميلاد. وجاء أول تفسير فلسفي، بعيدا عن الأساطير. يشرح أسباب حدوث فيضان نهر النيل خلال الصيف من كل عام. بالرغم من أن معظم أنهار الدنيا تجف أثناء فصل الصيف.

فيضان نهر النيل يحدث بسبب "رياح الصحراء". ليس بسبب الصراع بين الآلهة، أو علاقات الحب والزواج بينهم. هنا نجد الظواهر الطبيعية تفسر بظواهر طبيعية أخرى. القوي الخفية الخارقة للطبيعة ليس لها دخل بموضوع فيضان نهر النيل.

هذا هو لب المشكلة. نحاور رجال الأزهر ونتكلم معهم ونجادلهم بلغة لا يفهمونها. وهي لغة العلم والمنطق. ربما يدرسون تاريخ الفلسفة، لكنهم لا يمارسونها. هم أبعد ما يكون عن التفكير العلمي. ثم نطلب منهم أن يقوموا أو يقودوا الإصلاح الديني! طيب إزاي؟

كل الذي يطلبه اسلام بحيري وابراهيم عيسى وغيرهما من المصلحين، هو تنقية كتب التراث وعلى رأسها صحيح البخاري من الشوائب واللامعقول. وبدلا من مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي، يقوم رجال الأزهر بمهاجة الشخص نفسه ولعن سلسفين جدوده والمطالبة بسجنه أو قتله بسلاح التكفير.

يقول الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي في مقال هام له يدافع فيه عن اسلام بحيري أن الأزهر يدرس طلبته، الصف الأول الثانوي، رأي الشرع في قرد، وآسف للتعبير، ناك رجلا. فإذا أدخل القرد إيره في مؤخرة الرجل، فهل وجب عليه الغسل، خاصة أن إير القرد ليست له حشفة.

بالذمة ده كلام يدرس للطلبة؟ إيه القرف ده؟ وإذا طالبنا بتنقية كتب التراث من مثل هذه البلاوي والكوارث، نكون قد كفرنا ونريد هدم الدين؟ يا سيدي مثل هذه المصايب والهبل والأساطير، طافحة بها كتب التراث وتحتاج إلى حزف وتنقيح.

الأزهر وشيخه، لا يصلحان للقيام بهذه المهمة. وده من الآخر. المفروض أن تشكل لجنة من كبار العلماء والفلاسفة والمفكرين والمؤرخين والكتاب والفنانين والشعراء والتربويين. تقوم بدراسة الوضع جيدا بعيدا عن الأهداف السياسية.

ثم تقوم هذه اللجنة بوضع توصيات للإصلاح الديني وتنقية التراث. هذه التوصيات، يجب تفرض على الأزهر والحكومة والجميع. لأن هذا هو الأمل الوحيد في قيام إصلاح ديني حقيقي، قبل أن تغرق المركب ونغرق معها جميعا في فكر أشد تخلفا وانحطاطا.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السندباد البحري والسندباد البري
- من أساطير الإغريق: الحب الخالد - ايروس وسايكي
- أساطير سفر العهد القديم
- من أساطير الإغريق: نرجس وإيكو
- كيف نحارب الفكر العفن؟
- من أساطير الإغريق: أورفيوس ويوريديسي
- من أساطير الإغريق: فايتون وعربة الشمس
- من أساطير الإغريق: صندوق باندورا
- من أساطير الإغريق: بروميثيوس
- آلهة الأوليمب: زواج أفروديت
- آلهة الأوليمب: هيرميس
- آلهة الأوليمب: غراميات أبولو
- آلهة الأوليمب: أبولو
- آلهة الأوليمب: أرتميس (ديانا)
- آلهة الأوليمب: ديميتير واختطاف بيرسيفون
- آلهة الأوليمب: هاديس (بلوتو)
- ذبح 21 برئ في القرن 21
- آلهة الأوليمب: بوسيدون
- آلهة الأوليمب: أثينا (منيرفا)
- آلهة الأوليمب: هيرا، أثينا


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - اسلام بحيري والإصلاح الديني