أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة - الثورة - ( الفصل الثاني من كتاب - نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخلاصة الجديدة للشيوعية -)















المزيد.....



مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة - الثورة - ( الفصل الثاني من كتاب - نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخلاصة الجديدة للشيوعية -)


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 23:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة " الثورة " ( الفصل الثاني من كتاب " نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخلاصة الجديدة للشيوعية ")
( بمكتبة الحوار المتمدّن هناك نسخة بى دي أف من الكتاب كاملا )
مقدّمة الكتاب 19 :
ينافى الحقيقة و يجافيها القول بأنّ ما جدّ فى بعض البلدان العربية ثورة و توصيفه بأنّه ربيع عربي . الحقيقة الموضوعيّة التى ما فتأت تتجلّى أمام الكثيرين هي أنّ الأحداث بدأت تحرّكات نضاليّة فإنتفاضات عفويّة حوّلت القوى الرجعيّة المحلّية و الإمبريالية العالمية مسارها و أوهمت السواد الأعظم للشعب بانّها ربيعا و أنّها ثورة و أنّها ديمقراطية و أنّها غيّرت الواقع تغييرا نوعيّا .
لقد وقع التآمر على نضالات الجماهير الشعبيّة و مطالبها و لم يحصل فى أفضل الحالات ( تونس و مصر ) سوى إعادة ترميم دول الإستعمار الجديد و حفاظ الطبقات السائدة على مكانتها و رصّ صفوفها و مواصلته الحكم بتقديم وجوه جديدة على أنّها حاملة التغيير المنشود لمغالطة الجماهير الشعبية و تضليلها . أمّا فى أسوء الحالات ، فقد نجمت عن حبك المؤامرات الرجعية و الإمبريالية فى ليبيا و سوريا حرب أهلية رجعية بين أطراف رجعيّتها باتت بيّنة أكثر من أي زمن مضى لمن له عيون ليرى.
و قد أفلحت الرجعيّة و الإمبريالية فى مسعاهما لقوّتها من ناحية و لضعف شديد أو غياب كامل للحركة الثورية المسترشدة بالنظرية الثوريّة ، بالشيوعية الثوريّة على وجه الضبط . و مباشرة ، دون مراوغة، تبدو هذه النتيجة منطقيّة تاريخيّا من زاوية الوعي السياسي و الإيديولوجي المتدنّى للجماهير الشعبية صانعة التاريخ و من زاوية هامشيّة أو إنعدام وجود البديل الشيوعي الثوري حقّا و إنصهاره فى صفوف الطبقات الشعبية المعنيّة بالتغيير الثوري الحقيقي .
الطريقان اللذان فرضا فرضا على الجماهير الشعبيّة أن تسير فيهما لن يترتّب عليهما عدا تأبيد الإستغلال و الإضطهاد للطبقات الشعبيّة فلا الإمبريالية و ديمقراطيّة الطبقات العميلة أو عسكرها ( كما فى مصر مثلا ) قد يحقّقون المطامح الشعبيّة فى تحسين الأوضاع المعيشيّة فما بالك بالتغيير الثوري الذى لا يتمّ إلاّ بالنضال الطبقي الواعي و المنظّم لحركة ثوريّة تسترشد بنظريّة ثوريّة يكون محورها حزب طليعي شيوعي ثوري ؛ و لا الأصوليّة الدينية الرجعية بكافة المقاييس قادرة على تحرير البلدان العربية من براثن شتّى ألوان الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي . و الحقيقة التى سطع نورها حتّى أكثر فى هذه السنوات الأخيرة هي أنّ الإمبريالية و عملائها فى السلطة و الأصوليّة الدينية خارج السلطة يتنازعان لكنّهما يعزّزان بعضهما البعض و لا يخرجان عن نطاق النظام الإمبريالي العالمي . و للأسف لا يزال هناك من يعدّون أنفسهم من اليساريين و التقدّميين و حتّى الثوريين من ينكرون هذه الحقيقة و يدسّون رؤوسهم فى الرمال سالكين سياسة النعامة و يتذيّلون عمليّا لأحد هذين القطبين الرجعيين ، الممثّلين لأعداء الشعوب و تطلّعاتها .
واضح جلي أنّ الجماهير الشعبيّة تحتاج إلى طريق آخر و يقع على عاتق الشيوعيين الثوريين حقّا صياغة طريق آخر ، طريق التحرير الفعلي للإنسانيّة قاطبة من سلاسل الإضطهاد و الإستغلال القومي و الطبقي و الجندري ، بإتجاه مجتمع شيوعي عالمي ممكن و ضروري و مرغوب فيه ؛ و النضال بكلّ ما أوتوا من جهد و بلا هوادة وبالسبل و الطرق و الأشكال الممكنة و الضرورية جميعها – دون دوس المبادئ أو التنازل عنها و المساومة بها - فى سبيل السير فيه تحقيقا لهذا المشروع الشيوعي الثوري .
يحتاج المناضلون و المناضلات و الثوريّون و الثوريّات إلى القطع مع الأوهام الديمقراطية البرجوازية و التذيّل للقوميّة و الأصولية الدينية ، يحتاجون إلى الشيوعية الثورية حقّا و لا شيء غير الشيوعية الثورية حقّا بما هي الدواء لداء الإمبريالية و عملائها و طاعون الأصولية الدينية . و الشعب كي يصنع التاريخ فى حاجة ماسّة و أكيدة إلى قيادة أحزاب شيوعية ثورية تطبّق نظرية شيوعية ثوريّة و تطوّرها .
زبدة الكلام ، ثمّة حاجة موضوعية لا أمسّ منها للتقدّم بطريقة أخرى .
لهذا إنتخبنا لهذا الكتاب جملة من النصوص التى نشرناها سابقا و إليها أضفنا مقالات أخرى للماويين الإيرانيين و الأمريكان من أنصار الخلاصة الجديد ، لكونها تعالج هذه الحاجة الموضوعيّة الأكيدة من أجل دفع عجلة التاريخ إلى الأمام . و الغاية من كتابنا هذا ليست قراءة هذه النصوص فحسب بل إتخاذها منطلقا لتعميق النقاش الذى لا يعنى طبعا رفض الكلّ أو القبول بالكل عن عمى أو بدوغمائيّة و إنّما التفاعل النقدي و الجدال و إستخلاص الدروس و العبر بإتجاه مزيد الوضوح و إستيعاب النظرية الثورية و تطبيقها و تطويرها و الإرتقاء بالممارسة العمليّة الثورية لإنجاز المهام الملقاة على عاتق الشيوعيين الثوريين حقّا فى سبيل تغيير الواقع تغييرا شيوعيّا ثوريّا و المساهمة فى الثورة البروليتارية العالمية و أسمى غاياتها ، الشيوعية على المستوى العالمي .
و ينطوى الكتاب 19 ( أو العدد 19 من " الماوية : نظرية و ممارسة " ) على :
مقدمة :
الفصل الأوّل : بيان بوب أفاكيان و نصّ محاضرة ريمون لوتا :
1- بيان بوب أفاكيان :
مصر 2011 : ببسالة إنتفض الملايين ... لكن المستقبل لم يكتب بعدُ.
2- نصّ محاضرن ريمون لوتا ( بباريس و لندن فى جوان 2011) :
الإنتفاضات فى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا أو لماذا ينبغى أن يتحوّل التمرّد إلى ثورة ضد الإمبريالية و الإضطهاد برمته .
الفصل الثاني : مقالات تحليلية من جريدة " الثورة " :
1- يمكن لملايين الناس أن يخطئوا : الإنقلاب فى مصر ليس ثورة شعبية .
2- إضطرابات فى مصر : أسطورة " سلطة الشعب " والثورة الحقيقية اللازمة.
3- أحداث ليبيا من منظور تاريخي ... و معمّر القذّافي من منظور طبقي ... و مسألة القيادة من منظور شيوعي .
4- سقوط نظام القذّافي فى ليبيا ... و دور الولايات المتحدة و الناتو فى ذلك .
5- أجندا الولايات المتحدة فى سوريا – إمبريالية و ليست إنسانية .
6 - خطاب أوباما بشأن سوريا : أكاذيب لتبرير حرب لا أخلاقية .
الفصل الثالث : إلى الرفاق فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي – اللينيني – الماوي ):
الفصل الرابع : مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و كيف الخروج منه - مقال من مجلّة " تمايزات " :
ملحق 1 : من المقالات الهامة الأخرى .
ملحق 2 : مقال إسرائيل ، غزّة ، العراق و الإمبريالية : المشكل الحقيقي والمصالح الحقيقيّة للشعوب
ملحق 3 : فهارس كتب شادي الشماوي.
================================================
الفصل الثاني : مقالات تحليلية من جريدة " الثورة " :
-------------------------------------------------------------------------
1- يمكن لملايين الناس أن يخطئوا : الإنقلاب فى مصر ليس ثورة شعبية .
جريدة " الثورة " ، 2 أوت 2013
www.revcom.us/.millions-of-people-can-be-wrong-the-coup-in-egypt-is- not-a-peoples-revolution-en.html
كلمة للناشر :
لقد تفاعل عدد من القرّاء مع مقالنا " الإنقلاب فى مصر : يعزّز الإمبريالية ، لا الشعب " و علّقوا عليه .
وقد كتب قارئ مصري :
" مقالكم مخطئ تماما . لم يكن ما حدث إنقلابا كما تجعلكم وسائل إعلام الولايات المتحدة تعتقدون وإنّما كان عملا شعبيّا حقّا شمل فى الأساس كافة المصريين الذين نهضوا فى موجة واحدة ضد الإخوان المسلمين . و الجيش ببساطة إلتحق بتلك الموجة عندما شاهد الكره الجماهيري لعامة السكّان و الذى لا يمكن إنكاره للإخوان المسلمين . إلتحق الجيش عندما بات من الواضح أن الجانبين سيقطّعان بعضهما البعض و يحطّمان مصر فى هذه السيرورة .
و حاجج ذلك القارئ :
مقالكم لا يفعل سوى إجترتر ذات الإزدراء القديم بالمجمّع العسكري ( الذى عادة ما أتفق مع ذلك ) لكن هذه المرّة فى مصر ، آمنتم بذلك أم لم تؤمنوا ، ما حدث كان ثورة عظيمة شعبية حقّا ضد مافيا لامسؤولة و فاشية نامية لرجال يستغلّون الدين للتلاعب بالجماهير خدمة لمصالحهم الخاصة ومصالحهم التنظيمية. لم يحمل الإخوان أبدا مشاغل الأمّة أو الشعب ( و فئات غير قليلة منه متكّونة من عديد الأقليّات ). و قد إعترفوا حتى منذ زمن بعيد بأنهم سيستعملون " الديمقراطية " مرّة واحدة – لبلوغ السلطة – و أنّه لمّا يصبحوا فى السلطة ، سيفكّكون " الديمقراطية " ذاتها التى بواسطتها بلغوا السلطة .
و :
من التوريات التهكّميّة أنّ تغطيتكم للأحداث تنزلق عمليّا إلى المشاركة فى لعبة الإمبريالية بالتجاهل التام لواقع أنّها مثّلت الإحتجاج السياسي الأضخم فى تاريخ البشرية ( حسب البي بي سي ) شارك فيه أزيد من 33 مليون إنسان كانوا فى الشوارع ينشدون رحيل مرسى . . فى الواقع ، أنتم و مقالكم تلتقون ببساطة مع خطّ السى أن أن و مفاده أنّ ما جدّ كان إنقلابا ، منكرين فعلا على العالم أن سلطة الشعب- و ليس سلطة الجيش – هي التى أسقطتهم . إنّ وسائل الإعلام الأمريكية لا اسلّح قط و لن تسلّح قط الناس بذلك الفهم – ومن التورية التهكّمية أن مقالكم لن يفعل ذلك هو بدوره . "
و تحاجج رسالة القارئ أيضا بأنّ الولايات المتحدة كانت توظّف الإخوان المسلمين و أنّ " الشعب المصري قام بما قام لوحده – و كان سيقوم بذلك لوحده ، مع الجيش أو دونه ".
و فيما يلى ردّ على هذه الحجج صاغه قارئ آخر إليه أبلغنا الرسالة . و نتطلّع إلى مواصلة الحوار و النقاش حول المسائل الحيوية المتصلة بفهم الأحداث الأخيرة فى مصر و العمل بمقتضى هذا الفهم .
===============
يأكّد مقال " الثورة " التى تشير إليه الحقيقة فى علاقة بالواقع الفعلي لما حدث و يحدث فى مصر .إنّه لا يتلاعب بالأمور لأية غايات سياسيّة و لا يعمّق الأوهام و الإحباط والإنخداع الذين يبدوان رائجين اليوم. و الأحداث الأخيرة و ما كشفته لا تفعل سوى مزيد إثبات و تعزيزحقيقة أنّ ما جدّ هو إنقلاب نظّمه الجيش – " حركة مفاجئة و حاسمة فى مجال السياسة ينتج عنها تغيير حكومة بشكل غير قانوني أو بالقوّة " . ما يجري فى مصر ليس ثورة شعبية .
نعم ، لنكون فى منتهى الوضوح ، محمّدمرسى و الإخوان المسلمون يمثّلان قوّة رجعية تضطهد قطاعات كاملة من الناس ، لا سيما النساء – و لا ينطلقون من أي إطار نظري محرّر أو حتى مناهض للإمبريالية جوهريّا . بيد أنّه هل يبرّر ذلك جرائم القتل التى إرتكبها الجيش المدعوم أمريكيّا – و القوى الليبرالية و الديمقراطية و العلمانية التى أطلقها لمساندة تحرّكاته ؟
لا !
لا يتحدّد الواقع بما يعتقده ملايين المصريين :
هناك تأكيد و طريقة تفكير كامنين فى كنه الرسالة و هما إشكاليين بعمق – و خاطئين و ضارين . وهذا التأكيد و هذه الحجّة هما أنّه نظرا لكون الجماهير بالملايين تتحرّك ، كلّ ما تفعله مهما كان صحيح و سليم ، و فى النهاية يخدم مصلحتها. يمكن أن يعتقد ملايين الناس أنّها ثورة شعبية ، غير أنّ الواقع الموضوعي هو أنّ ما وقع إنقلاب خطّط له الجيش خدمة لمصالحه ، بمباركة من الولايات المتحدة ( " الأم أمريكا " ). من ضمن الملايين الذين نزلوا إلى الشوارع ، ثمّة تأكيدات بيّنة بأنّ الجيش " إلى جانب " الشعب ، إلتحق بصفوف الشعب ، مثلما تأكّد أنت فى رسالتك ، " و الجيش ببساطة إلتحق بتلك الموجة عندما شاهد الكره الجماهيري لعامة السكّان و الذى لا يمكن إنكاره للإخوان المسلمين ".
هذا شكل خاص و مركّز من الأبستيمولوجيا الشعبوية ( الأبستيمولوجيا هي فلسفة ما هي الحقيقة و كيف التوصّل إليها ) بأنّ ما يعتقده الشعب يحدّد الواقع . ( و الأبستيمولوجيا الشعبوية هذه تعبير عن مقاربة تحدّد الحقيقة بما يفكّر فيه الناس ، أي ، بالرأي العام . إنّها مقاربة لا تطبّق العلم لفهم الواقع الموضوعي فى سيره و حركته و ديناميكيته الكامنين ، إنّها لا تتحدّى الواقع الموضوعي و لا تدحضه و لا تغيّره و بالتالي فى نهاية المطاف تترك الواقع " كما هو " ).
الجماهير الشعبية – بما فى ذلك ملايين الناس – يمكن نكون و فى هذه الحال هي ، مضطربة و منقادة فى إتجاه غير صحيح و تكون مخطئة بعمق .
ماذا خلف الإنقلاب :
هناك ملايين الناس الغاضبين من مُرسى فى الشوارع و هم يطالبون برحيله لكن من خطّط لذلك و نظّمه و أطلقه و ما هي غاياته ؟
تبيّن الأحداث الأخيرة و ما تكشف عنه أنّ موقف المعارضة – ونقصد الذين كانوا معارضين لنظام مرسى الأصولي الإسلامي و ساندوا الجيش المصري – و الجيش كانا يعملان اليد فى اليد لتقاطع المصلح بغية الإطاحة بمرسى .
لقد ورد فى تقرير ل " جريدة وول ستريت " :
" قبل أشهر من إزاحة الجيش للرئيس محمّد مرسى ، إلتقى أعلى جنرالات مصر بصورة منتظمة بقادة المعارضة ، و كان ذلك عادة فى نادي ضبّاط البحرية الواقع على ضفاف النيل . و كانت الرسالة هي : إن كان بمقدور المعارضة أن تنزل إلى الشوارع محتجّين بأعداد كافية ، فإنّ الجيش سيتدخّل و سيزيح الرئيس بالقوّة .
و مع حلول 30 جوان ، نزل ملايين المصريين إلى الشوارع منادين برحيل مرسى ، و بعد أيّام ثلاثة أطاح به الجيش " ( 19 جويلية 2013).
و أودّ أن أشير إلى أنّ الأمر ليس أنّ الولايات المتحدة – حتى بتأثيرها على كلّ من الإخوان المسلمين و الجيش – قد أعطت إشارة بداية كلّ خطوة من السيرورة و ناورت و تحكّمت فيها . و مع ذلك ، ما أضحى واضحا أكثر فأكثر هو أنّ الولايات المتحدة تدخّلت تدخّلا حيويّا فى لحظات حرجة . فمثلا ، نشرت ط النيويورك تايمز " رواية تشير إلى أنّ فى الساعات الأخيرة لمرسى كرئيس ، عُرضت عليه صفقة عبر وزير خارجية بلد عربي كان يعمل مبعوثا لواشنطن ، لوضع حدّ لإبعاد أعلى الجنرالات من السلطة الفعلية و لإعفائه من مهامه / من خلال القبول بأن يكون وزيرا أوّلا لحكومة جديدة تتمتّع بجميع السلط التشريعية و قد رفض مرسى ذلك ، حسب التقرير الصحفي .
و ناشر هذا هو أعلى مستشر من مستشاري السياسة الخارجية ،عصام الحدّاد ، الذى تحدّث مع آنيترسن، سفير الولايات المتحدة و سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي . و وفق " النيويورك تايمز" ، عقب المكالمة الهاتفية ، فى تقرير للحدّاد :
" قالت لنا أمّنا أنّنا سنتوقّف عن اللعب خلال ساعة " هذا ما سجّله مساعد من مساعدى مرسى وهو يتلاعب بتعبير مصري ساخر بشأن المتحكّم الغربي فى البلاد " أمّنا أمريكا " ( 6 جويلية 2013 ).
عندها إنطلقت عملية تولّى السلطة التى أطاحت بمرسى .
و يذهب هذا فى وجه الأسطورة الشعبية و انخداع الجماهير بصدد طبيعة ما حصل – أن الجيش ببساطة قد تدخّل تلبية و تحقيقا للإرادة الشعبية المعبّر عنها عفويّا ، مثلما يعبّر عنها و يكثّفها موقفك " إلتحق الجيش عندما بات من الواضح أن الجانبين سيقطّعان بعضهما البعض و يحطّمان مصر فى هذه السيرورة ."
ماذا تعنى سلطة الشعب ؟
تتحدّث بفخر عن " سلطة الشعب " . و المسألة الأكثر جوهرية هي " سلطة الشعب " لفعل ماذا ؟ ما هي المصالح التى يخدمها " سلطة الشعب " معينة ؟ هل توجد سلطة الشعب للقتال عن وعي من أجل المصالح الجوهرية و تحرير الشعب أم خدمة قطب رجعي و تعزيزه ؟
و كذلك صحيح أنّها كانت " عملا شعبيّا حقّا شمل فى الأساس كافة المصريين الذين نهضوا فى موجة. واحدة ضد الإخوان المسلمين " لكن ماذا عن أنصار الإخوان – أليسوا مصريين ؟ ماذا عن قتل الجيش الآن لمعارضي الإنقلاب – أليسوا مصريين ؟
مصالح الولايات المتحدة و الجيش المصري :
إنّ الجيش تجسيد مكثّف لإحتكار شرعية القوّة المسلّحة – وهو العامود الأساسي و فارض الدولة الرجعية و الإضطهادية . الدولة المصرية حارسة لحقوق الملكية و الهيكلة الإقتصادية القائمة على الإستغلال و التبعيّة للإمبريالية . و فيما لا يركّز ردّى على رسالتك عليه ، فإنّ عنصرا حيويّا منه كان يتعاون مع إسرائيل لقمع الشعب الفلسطيني بالقوّة – بما فى ذلك فرض الحصار الفظيع على غزّة . و يقف الجيش المصري فى الأساس فى تعارض و تناقض عدائس مع مصالح الشعب . و محاولة القتال من أجل ثورة تحريرية أصيلة تقطع مع الإمبريالية و العلاقات الإضطهادية السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية – و هذا يغدو واضحا بحدّة و خطورة .
هناك تورية تهكّمية ، ففى حين أنّ الملايين – و أنت منهم – يرون بجلاء مصالح الولايات المتحدة على أنّها نقيض جوهريّا لمصالح الشعب المصري و جماهير الشعوب عبر العالم ، فإنّ هذا نوعا ما لا ينطبق على الجيش المصري الذى ينته تاريخيّا ووضعت أسسه الولايات المتحدة – بنسق أكثر من مليار دولار من المساعدات الأمريكية سنويّا ( و هذا لا يشمل المساعدات السرّية ) ، ما يجعله فى المرتبة الأولى فى حجم المساعدات و فى المرتبة التالية له توجد إسرائيل . و مثلما يمسى واضحا بشكل متصاعد ، فإنّ يد و سيطرة الجيش المدعوم من قبل الولايات المتحدة تتعزّزان .
يتمّ إطلاق الناس لتحقيق أهداف رجعية جدّا – لتقوية جيش مصري رجعي و لإقتراف مجازر ضد أنصار الإخوان المسلمين . هل أنّ تأكيد هذه الحقيقة يعدّ إنكارا لطسلطة الشعب " أم " واسطة " لذلك كما قد يضع ذلك البعض ؟ لا ، إنّه يكشف المضمون الكامن فى هذه " الواسطة " ، مضمون سلطة الشعب ، و من و ما يقود إلى الإطار و الأهداف التى تقود موضوعيّا إلى ذلك – و يبرز بحدّة الحاجة إلى نوع مغاير راديكاليّا من القيادة و الوعي و القيادة الثورية و الشيوعية التى تسترشد بمنهج و أهداف تحرير حقيقي .
ما نحتاج إليه :
و يوصلنا هذا إلى نقطتى الأخيرة .
ما نحتاج إليه هو التقدّم بطريقة أخرى – فى تعارض مع ديناميكية ماك العالم مقابل الجهاد ، التى تهيمن على أنحاء كثيرة من العالم الآن ، بما فيها مصر . لا تفعل النداءات من أجل مجرّد الديمقراطية سوى التوجّه خلفا نحو أحد هذين الخيرين الرجعيين - و أساسا لا تنجو و لا يمكن أن تنجو من الإطار و العقلات الإمبريالية التى تهيمن على مصر .
بفضل مؤلفات بوب أفاكيان يُوجد خيار مختلف راديكالياّ – فى إعادة تصوّره للإشتراكية و منهجه و مقاربته العامتين للواقع الإجتماعي و تغييره فى تعارض مع ماك العالم / الجهاد ، ما نحتاج إليه بصورة ماسة هو رفع رؤية الناس نحو هذا العالم الأفضل بكثير الضروري و المرغوب فيه و الممكن التحقيق – و إنطلاقا من ذلك الموقف والإطار من أجل مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية ، يحتاج الناس فى مصر إلى التفاعل معها و الصراع حولها ، و إستيعابها و النضال متسلّحين بها لتشكيل قيادة فى خضمّ النهوض والتمرّد الجماهيريين يمكن أن تقود الملايين على أساس علمي واعي لتحقيق هذا من خلال ثورة حقيقية – ثورة لا تترك الدولة و الجيش الرجعيين و الإقتصاد الإستغلالي و العلاقات الإمبريالية و العلاقات الإجتماعية الإضطهادية دون مساس – بل تعوّضهم بمجتمع إشتراكي حقيقي و إقتصاد و نظام سياسي جديدين بعلاقات إجتماعية تحريرية ، و هدف جميعها بلوغ عالم شيوعي .
هذا ما نحن فى حاجة إليه بصورة ماسّة . و ما لسنا فى حاجة إليه هو الإغتباط الذى يشجّع على الأوهام الخطيرة و يزرعها .

2- إضطرابات فى مصر : أسطورة " سلطة الشعب " والثورة الحقيقية اللازمة.
"الثورة " ، 25 أوت 2013
www.revcom.us/.turmoil-in-egypt-the-myth-of-people-power-and-the-real- revolution-needed-en.html
كلمة للناشر :
فى 14 أوت ، شنّت قوّات الأمن الحكومي المصرية هجوما ضد أنصار محمّد مرسى تسبّب فى حمّام دم . فعدد القتلى جراء هجوم الشرطة و الطائرات المروحية و القنّاصة و الجرّارات قد يناهز 2000 شخص . و قد جرح الآلاف و الجيش يهدّد بالمزيد .
و هذا القمع الخبيث غير عادل تماما و تجب إدانته إدانة صريحة .
مرسى قائد الإخوان المسلمين . و قدوقع إنتخابته رئيسا فى 2012 و سيزيحه الجيش المصري من السلطة فى 3 جويلية 2013 بإنقلاب ساعدت الولايات المتحدة على التخطيط له . و ساندت عديد القوى التقدّمية فى المجتمع المصري تحرّكات الجيش بدعوى أنّ الجيش كان يعمل على الحفاظ على روح إنتفاضة فيفري 2011 التى فرضت بالقوّة نهاية حكم الطاغية حسنى مبارك . كان هذا إنخداع آمل . كان فى الواقع إنقلابا و قد خدم المصالح الأوسع للإمبريالية الأمريكية . و واصلت إدارة أوباما إرسال معوناتها العسكرية لمصر.
و منذ الإنقلاب ، طفق أنصار مرسى ينظّمون إحتجاجات و إعتصامات فى القاهرة و غيرها من المدن المصرية . و تبدو قوات الأمن المصرية الآن متحفّزة للقضاء على جيوب المساندة العديدة للإخوان المسلمين . و يتحرّك الجيش المصري ضد قوّة إضطهادية منافسة و قد تغرق مصر فى حرب أهلية رجعية .
ايدى الإمبريالية الأمريكية متخنة بالدماء . و لا شيء جيّد يمكن أن ينجم عن هذا بالنسبة للغالبية الغالبة من الشعب المصري .
أدناه ، ننشر مقتطفات من محاضرة لريموند لوتا أدخلنا عليها بعض التعديلات ، ألقاها فى مكتبة " كتب ثورية " بنيويورك فى 14 أوت 2013 . و توفّر هذه المقتطفات تحليلا للخلفية ما يحدث فى مصر و توجّه لفهمه – و البديل الثوري الحقيقي .
--------------------
فيفري 2011 : إنتفاضة وليست ثورة :
أسقط تمرّد 2010-2011 نظام مبارك و دلّل على أنّه لا وجود لضرورة دائمة للظروف والهياكل الموجودة التى فى ظلّها الغالبية العظمى من الإنسانية تعيش و بسببها تتعذّب . كان أمرا ملهما إلى حدّ كبير للشعوب المضطهَدة و الناس الذين يتطلّعون فى كلّ مكان إلى نهاية الإضطهاد و إلى عالم أفضل . إلاّ أن هذه الإنتفاضة لم تتحوّل إلى ثورة . لقد إضطرّ مبارك للرحيل لكن نفس القوى الأساسية التى قد حكمت الشعب المصري و إستغلّته ظلّت – و تظلّ – فى السلطة .
1- و تبقى مصر أسيرة السوق الإمبريالية العالمية :
إنّ الهيكل الإقتصادية المصرية مرتبطة بالرأسمال الأجنبي و القروض العالمية التى تشكّلها و بالإندماج التابع لمصر للإقتصاد العالمي . و الكثير من إستثمارات رأس المال الأجنبي الذى يرد على مصر متركّز فى الخدمات المالية و قطاع الغاز الطبيعي و قطاعات تفرز مواطن شغل قليلة .
لقد شجّعت الدولة المصرية التطوير المربح لقطاعات التصدير لا سيما السلع القطنية . و نجمت عن الهيمنة الأجنبية مضاربة بالأرض مستفحلة و جشعة ؛ و إستثمار منتفخ فى السياحة . و الجيش المصري هو محور كلّ هذا فهو يتحكّم فى 40 بالمائة من الإقتصاد.
و طريق التطوّر هذا برمّته يحوّل مصادر التمويل عن الفلاحة و رغم أنّه لمصر موارد فلاحيّة مميّزة و قدرة على تطوير فلاحة ثابتة ، فهي مرتهنة بالسوق العالمية للتزوّد بالحاجيات الغذائية وهي أكبر مورّد للقمح .
و قد إستفادت فئة قليلة من ثروة مصر بينما إستفحل الفقر و البؤس . و يعيش أربعون بالمائة من سكّان مصر قرب أو تحت مستوى الفقر . فهناك عائلات تعيش على دولارين فى اليوم . و يمثّل الشباب 75 بالمائة من العاطلين عن العمل . و فكّروا فى أنّ 30 بالمائة من المتخرّجين من الجامعات المصرية ليس بوسعهم العثور على شغل .
2- و تظل دولة الإستعمار الجديد المصرية القمعية على حالها :
تمثّل الدولة المصرية الإقتصاد والعلاقات الإجتماعية التى كنت أصف و تعزّزها. إنّها حامية حقوق الملكية و الهيكلة الإقتصادية المعتمدة على الإستغلال و التبعيّة للإمبريالية . و تمثّل هذه الدولة مصالح طبقة حاكمة تقوم على إستغلال الغالبية العظمى من السكّان ، طبقة حاكمة تطوّرت فى علاقة و فى إطار نوع من التطوّر الرأسمالي المرتبط إلى درجة كبيرة بالإمبريالية .
و يخدم الجيش و المؤسسات الإستخباراتية و شرطة النظام العام و الشرطة العادية و المحاكم العليا و البيروقراطية المنشأة فى عهد مبارك ، تخدم مصالح الإمبريالية و دكتاتورية الطبقات المستغِلّة فى المجتمع المصري . و يركّز الجيش إحتكار القوّة المسلّحة الشرعيّة وهو العماد الأساسي للدولة الرجعية و الإضطهادية .
لزهاء 35 سنة ، كانت الدولة المصرية ، و الجيش قوامها الرئيسي ، حجر الزاوية فى الهيمنة اللإمبريالية الأمريكية على الشرق الأوسط و كانت تتلقّى حوالي 40 مليار دولار كمساعدة عسكرية من الولايات المتحدة . و فتحت مجالها الجوّي أمام الطائرات الأمريكية أثناء حرب الخليج لسنة 1991 و منحت للإمبريالية الغربية بما فى ذلك للإسطول البحري الأمريكي إمكانية عبور قنال السويس بلا عراقيل . و عقب ما سُمّي بإتفاق السلام المصري – الإسرائيلي الذى أُمضي فى 1979 ، صارت مصر شريكا ناشطا لإخضاع للشعب الفلسطيني بالعنف فساعد مبارك فى تشديد الحصار الإسرائيلي للفلسطينيين فى غزّة مانعا وُصول مواد أساسية لهم .
إنقلاب 3 جويلية :
لقد نهضت الولايات المتحدة بدور حيوي و حاسم فى إزاحة الجيش لمُرسى . و هذا لا يعنى أنّ الولايات المتحدة تقف وراء كلّ مسيرة و تحرّك جماهيري . لكنّها كانت القوّة المفتاح التى خطّطت للإنقلاب عاملة من خلال جهازها الدبلوماسي و مستشاري الأمن القومي و الأنظمة الأخرى بالمنطقة و بطبيعة الحال من خلال الجيش المصري .
و مع ذلك ، فى وجه الوقائع التى لا جدال فيها ، ظهرت رواية كبرى عن " سلطة الشعب " . " لم يكن الجيش هو من تولّى السلطة بل تحرّك بإٍم الشعب ". و قد إنتشر هذا الإنخداع الكبير وسط الملايين . إنّه إنخداع ب " سلطة الشعب ". كانت المرحلة الأولى هي إزاحة مُبارك تلتها المرحلة الثانية : المطالبة بإنتخابات ثمّ مرحلة ثالثة إزاحة مُرسى .
يجرى مقال جريدة " الثورة " على الأنترنت
revcom.us
بعنوان " يمكن لملايين الناس أن يخطؤوا : الإنقلاب فى مصر ليس ثورة شعبية " ، تحليلا هاما بأنّه " لأنّ الجماهير بالملايين تتحرّك [ ليس الأمر أنّ ] مهما فعلت ينبغى أن يكون صحيحا و سليما و فى النهاية يكون فى مصلحتها . يمكن أن يغتقد الملايين أنّها ثورة شعبية غير أنّ الواقع الموضوعي هو أنّها إنقلاب من تخطيط الجيش و فى خدمته – بمباركة من الولايات المتحدة ...
جماهير الشعب – بما في ذلك بالملايين – يمكن أن تكون و فى هذه الحال هي مضطربة و مضلّلة وهي مخطئة بعمق ".
لقد إستنتجت قطاعات عريضة من الناس ، لا سيما من الشباب المتمدرس و الطبقات الوسطى ، و جلبت إلى التيّار الإيديولوجي أن الخطر الرئيسي على المجتمع المصري و على شعوب العالم منبعه القوى الأصولية الإسلامية . و هكذا يُنظر إلى الجيش حيثما و متى كان يعارض الأصولية الإسلامية على أنّه قوّة إيجابية فى المجتمع . و هذا إنخداع متعمّد . وهو سام . تجرى قيادة الناس لمعانقة برنامج رجعي يعزّز الجيش المصري و للسماح له بقتل أنصار الإخوان المسلمين .

" القطبان اللذان ولّى عهدهما " :
يوفّر تحليل بوب أفاكيان ل " " القطبان اللذان ولّى عهدهما " أداة قويّة و أساسية لفهم هذا النزاع و العمل على تغيير حدود الأشياء . على النطاق العالمي ، تتصادم قوّتان رجعيّتان سياسيّا و إيديولوجيّا و عسكريّا . كلّ منهما يدعو إلى إيديولوجيا إستعبادية ؛ كلّ من هتين القوّتين المتنازعتين يمثّل الوضع السائد . فى " التقدّم بطريقة أخرى " حلّل بوب أفاكيان هذه الديناميكية قائلا :
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا ".
إنّ النزاع بين هتين القوتين اللتين عفا عليهما الزمن- طرق إضطهادهما فى تنظيم المجتمع و إيديولوجيتهما و برنامجهما الإضطهاديين و ممثّليهما السياسيين – صدع كبير فى الكثير من أنحاء العالم ، و فى المجتمع المصري و هذا مصدر إنشقاقات فى صفوف الطبقات الحاكمة المصرية . و كلّ توجه يغذّي الآخر – جرائم كلّ منهما تدفع الناس إلى أحضانهما . و لا شيء من هذا يخدم المصالح الجوهرية للشعب .
ليس على الإنسانية أن تختار بين هذين الخيارين، هذين اللاحلّين . ما نحتاجه هو التقدّم بطريقة أخرى : فى معارضة و قطيعة مع ديناميكية ماك العالم مقابل الجهاد التى تهيمن على مناطق كثيرة من العالم ، بما فيها مصر .
و ينبغى أن نكون واضحين بشأن ما هي الثورة الحقيقية . إنّها لا تُبقى على الدولة و الجيش الرجعيين و الإقتصاد الإستغلالي و العلاقات الإمبريالية و العلاقات الإجتماعية الإضطهادية دون مساس. لا ! الثورة تهدف إلى إلحاق الهزيمة و تفكيك الهياكل الإضطهادية و القوّات العسكرية للنظام القديم . و على ذلك الأساس ، تنهض بتركيز سلطة دولة جديدة و مختلفة راديكاليّا و إقتصاد إشتراكي ، بعلاقات إجتماعية تحرّرية و كلّها تهدف إلى خدمة النضال من أجل بلوغ عالم شيوعي دون طبقات - تعاون إنساني عالمي.
و الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان تجسّد السبيل الوحيد للخروج من جنون العالم الراهن و فظاعاته ، بإتجاه عالم يستحق فعلا أن نعيش فيه . إنّها الخيار العالمي التحريري حقّا من " القطبين اللذين ولّى عهدهما " .
تعالج الشيوعية التى أعيد تصوّرها الحاجيات الفعلية و الحقيقية للغالبية الغالبة من الإنسانية فى العالم . إنّها تناسب الإتجاه الذى يحتاج العالم أن يمضي فيه – و يمكن أن يمضي فيه . و الناس فى حاجة إلى المسك ب " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة . بيان للحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية " ليتعلّموا الكثير بهذا الشأن .
ضرورة إرساء قطب شيوعي ثوري :
يترتّب رفع نظر الناس نحو هذا العالم الأفضل بكثير . و بُعد حيوي من أبعاد العمل الثوري الحقيقي هو خوض صراع إيديولوجي جاد فى المجتمع – و تغيير تفكير الناس كعنصر مفتاح فى بناء حركة من أجل الثورة و مراكمة القوى من أجل إنجاز هذه الثورة . و هذا يعنى تحدّى " القطبين اللذين ولّى عهدهما " و ليس التوافق معهما .
• حقيقة لا يمكن أن توجد رأسمالية –" مستنيرة " أو غير " مستنيرة " – لا تستغلّ بخبث الشعب ولا تقود إلى تفقير البيئة و تخريبها .
• و حقيقة الإنتخابات و الديمقراطية البرلمانية و الحقوق الشكلية ضمن الأمم المضطهَدة التى لم تقطع مع الهيمنة الإمبريالية تتماشى تماما مع ممارسة الدكتاتورية ضد الطبقات المستغِلّة .
• و حقيقة لا يمكن أن يوجد إسلام أو مسيحية – " إنسانية " أو غير " إنسانية " – لا تضطهد النساء .
ينبغى على الحركة الثورية أن تتحدّى الناس ليتخلّصوا من عراقيل الدين و الإعتماد على القوى الخارقة للطبيعة و آلهة غير موجودة ؛ و جُملة القيم البطرياركية و الهيمنة و الجهل المفروضين المتغلغلين فى الإيمان و العادات و التقاليد . و كلّ هذا يمنع الناس من فهم عالمهم و يحول بينهم و قدرتهم على تغييره و تغيير أنفسهم .
ينبغى على حركة هدفها الثورة أن تبثّ فى صفوف الشعب الفهم الشيوعي العلمي للعالم و المجتمع و تقاتل من أجله .
و أساس من أسس مسألة تفجير الحصار الذى يضربه هذان " القطبان اللذان ولّى عهدهما " هو تحرير النساء . يتعلّق الأمر بإطلاق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة . فلإضطهاد نصف البشرية جذور عميقة فى الضفائر الجوهرية للإضطهاد الطبقي الإجتماعي – و التحرّر من الإضطهاد كمطلب من مطالب النساء لا يمكن بلوغه إلاّ عبر التغيير الإجتماعي الأكثر راديكالية . و إتخاذ هذه المسألة اليوم – بإعتبارها مسألة فى صفوف المستغَلين ذاتهم و كجزء من التشجيع على ثقافة و أخلاق جديدين يمكن أن يلهما الشعب و " يتناسب " معه للقيام بالثورة لتحرير الإنسانية جمعاء – هذا مكوّن أساسي لبناء حركة حقيقية من أجل ثورة على الأصعدة جميعها .
دروس من التاريخ الحديث :
لنجري عمليّة تجريب فكرية . و لنرجع إلى الوراء شريط الأحداث ، إلى 2009 ، قبل التمرّد. لقد كنّا نشاهد الإخوان المسلمين يعارضون مبارك ، و كان لديهم أتباع فى صفوف الفقراء . و كنّا نشاهد أيضا أنّ الأعداد النامية من قوى الطبقة الوسطى كاتا مهمّشة فى نظام مبارك لكنّها كانت تبحث عن الإلهام فى الغرب – فى حين كانت القوى البرجوازية – الليبرالية المتنوّعة ذاتها تأتي إلى معارضة نظام مبارك .
و الآن و قد رأينا ما جدّ منذ 2011 ، و كيف أنّ نظرة هذين "القطبين اللذين ولّى عهدهما " و مصالحها الطبقية الممثلين لقوتين تابعتين للإمبريالية متنازعتين و تعزّز إحداهما الأخرى ، قد بلغت حدّ الهيمنة على الحياة السياسية و الإجتماعية - ما الذى كانتا تناديان به ؟ التذيّل لهذه القوّة أو تلك من هتين القوّتـين؟ لا ، ما نحتاجه هو تركيز قطب شيوعي حقيقي يمكن أن يشرع فى التأثير فى الملايين .
و الوضع فى مصر اليوم – و فيه قطاعات عريضة من السكّان يتوحّدون حول الجيش الرجعي الذى يمثّل المصالح الإضطهادية للإمبريالية الأمريكية ، و قطاعات أخرى تتوحّد حول الإخوان المسلمين المتخلّفين الذين يبحثون عن إعادة تنظيم المجتمع وفق الخطوط التيوقراطية – لا يفعل سوى التأكيد على الحاجة إلى هذا القطب .
هناك فعلا طريق للتحرّر هو الخلاصة الجديدة للشيوعية . و التحدّي هو المسك بها كحلّ ملحّ و شامل – الآن وسط هذا الوضع الفظيع لهجوم الجيش على الإخوان المسلمين – و جعلها قوّة جذب وصراع شديدين فى المجتمع و فى العالم .
=======================================================
3- أحداث ليبيا من منظور تاريخي ... و معمّر القذّافي من منظور طبقي ... و مسألة القيادة من منظور شيوعي .
حوار صحفي أجرته " الثورة " مع ريموند لوتا
www.revcom.us/a/226/Lotta-Interview-on-Libya-en.html
" الثورة " عدد 226 ، 8 مارس 2011
الثورة : نحن نتحدّث فى الوقت الذى يتعرّض قيه التمرّد فى ليبيا إلى قمع وحشي من طرف نظام معمّر القذّافي . فى مصر ، تنحّى مبارك تحت ضغط إنتفاضة جماهيرية و بموافقة بديهية من الجيش. لذا من الأسئلة الكبرى فى أذهان الناس سؤال ما هي أوجه الشبه و أوجه الإختلاف بين ليبيا و مصر .
ريموند لوتا : هذه نقطة إنطلاق هامة للنقاش .إنّ النمرّد فى ليبيا تعبير عن غضب عميق فى المجتمع الليبي . فقطاعات عريضة من المجتمع الليبي و قد ألهمتها الأحداث فى تونس و مصر ، قد نهضت ضد نظام قمعيّ. و هذا التمرّد فى ليبيا جزء من موجة عصيان تشمل الشرق الأوسط الذى تهيمن عليه الإمبريالية .
لكن عندما نقارن الأحداث فى ليبيا بتلك فى مصر ، هناك خلافان كبيران .
أوّلا ، فى ليبيا ، يُوجد وضع حيث المؤمرة الإمبريالية تتداخل مع هبّة جماهيرية مشروعة . وهو ما يجعل الأمور غاية فى التعقيد .
فى مصر ، كانت الإنتفاضة عموما ناجمة عن غضب جماهيري ضد النظام العميل المدعوم من قبل الولايات المتحدة التى كانت لديها قاعدة تعوّل عليها ضمن قيادة الجيش المصري و هياكله العليا . وهذا الجيش قد درّبته الولايات المتحدة و موّلته و جهّزته . و قدمثّل أهمّ مغنم حيوي بالنسبة للولايات المتحدة فى سعيها إلى فرض الإستقرار فى مصر خدمة لمصالحها . و أقصد هنا القدرة على فرض الإستقرار من داخل جهاز الدولة القائمة ... من أجل الحفاظ على مصر مجناح مفتاح فى هيمنة الزلايات المتحدة على الشرق الأوسط . و للولايات المتحدة كذلك مصالح إقتصادية واسعة و مباشرة فى مصر .
و الآن ما سيؤول إليه مصير التمرّد هناك لم يتحدّد بعدُ أصلا . الإحتجاجات لا تزال تنفجر ، و الناس يناقشون ما الذى تمّ تحقيقه و ما لم يتحقّق ، و الحراك لم يتوقّف . إلا أنّ ما أقصده هو أنّ للإمبريالية الأمريكية قدرات و مغانم هامة داخل مصر .
و الأمر ليس كذلك فى ليبيا إذ لا وجود لذلك النوع من الجهاز العسكري الذى له مثل هذه الروابط مع الولايات المتحدة . فهيكلة الدولة الليبية – و هنا أتحدّث عن الوزارات و القطاعات المفاتيح للجهاز الأمني – تنقسم على نفسها و تشهد إنشقاقات فى الردّ على التمرّد و الضغوطات الإمبريالية . ولا تملك الولايات المتحدة نفس نوع الممتلكات الإقتصادية الكبيرة فى ليبيا مثلما هو الحال فى مصر .
و هذا الوضع يخلق ضرورة و أيضا فرصة للولايات المتحدة و إمبرياليي أوروبا . إنّهم يجرون إتصالات و يبحثون عن دعم قوى المعارضة فى ليبيا ، التى يمكن أن تشكّل نواة نظام إستعماري جديد كلّيا ... نظام يكون أداة طيّعة أكثر فى خدمة مصالح القوى الإمبريالية الغربية . و لا يمكن إستبعاد ان تكون التحرّكات الإمبريالية قد ساعدت بعض قوى المعارضة منذ البدايات الأولى للتمرّد .
لذلك مثلما قلت ، فى حين أنّهناك نهوض جماهيري حقيقي و مشروع ، هناك أيضا تدخّل عناصر هامّة من المؤامرة الإمبريالية .هناك أشياء نحتاج إلى أن نحلّلها و نفهمها بعمق أكبر .
الثورة : لقد أشرت إلى إختلافين كبيرين .
لوتا : نعم . و الإختلاف الكبير الثاني بين ما يحدث فى ليبيا و الإنتفاضات فى أماكن أخرى من الشرق الأوسط هوالقذّفي عينه .معمّر القذّافي يختلف عن حسنى مبارك .
أعلم أنّ هذا ليس خطّ الرواية الرسمية لقسم الدولة هنا أو للرواية التى تبثّها قناة السي أن أن عن حاكم مجنون وأوتوقراطي... لكن القذّفي كان عمليّا يتمتّع بمساندة شعبية عندما وصل إلى السلطة فى 1969 ، خاصة من طرف قطاعات من الأنتلجنسيا و الحرفيين ومن الطبقات المتوسّطة . كانت لديه قواعد شعبية تساند حكمه لعدّة سنوات .
طوال ثلاثة عقود ، كان القذّافي يعتبر من قبل الكثيريرن داخل ليبيا و خارجها على أنّه شخص يقف من أجل المصالح الوطنية الحقيقية لليبيا ... كشخص وقف ضد الإمبريالية و الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين .
والواقع أنّ ... القذّافي كان لعديد السنوات شوكة حقيقية فى حلق الإمبريالية ، لا سيما الإمبريالية الأمريكية . و ينبغى ألاّ ننسى أنّ رونالد ريغان فى 1986 شنّ هجمات بالطائرات و قذف بالقنابل أكبر مدينتين ليبيتين و حاول أن يقتل القذّافي و قتل فعلا واحدة من بناته.
لم يكن القذّافي مثل حسني مبارك خادما مفضوحا للإمبريالية ...رغم أنّ نظامه لم يقطع جوهريّا أو لم يتحدّى جوهريّا الإمبريالية .
الثورة : هذا يجرّنا إلى الحديث عن تاريخ ليبيا و القذّفي . و سيكون من المفيد أن تقدم لنا عرضا لبعض الخلفية التاريخية .
لوتا : حسنا ، لم تكن ليبيا موجودة بالفعل كدولة موحّدة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية . وحصلت على إستقلالها الشكلي فى 1951.
فى أواخر القرن الخامس عشرة ، كانت المناطق الساحلية لما هي اليوم ليبيا تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية التركية . و فى 1910 ، تحرّكت الإمبريالية الإيطالية لتحتلّ أرض ليبيا التى تقع إستراتيجيّا فى شمال أفريقيا وهي تطلّ على البحر الأبيض المتوسّاط. و لمّا تقدذمت إيطاليا من طاولة الوليمة الإمبريالية ، وجدت أنّ قوى إستعمارية أخرى قد فرضت بعدُ حضورها فى المنطقة . فبريطاينيا كانت تحكم مصر و كانالفرنسيون قد إحتلّوا الجزائر. و إستعملت إيطاليا بين 1911 و 1943 وسائلا وحشية لتعزّز حكمها فى ليبيا . و يصف المؤرّخ غبد اللطيف أحميدة ذلك على أنّه أحد أكثر العمليّات الإستعمارية وحشيّة فى القرن العشرين .
و كانت إيطاليا على الجانب الخاسر فى الحرب العالمية الثانية و عقب هذه الحرب ، وضعت الولايات المتحدة و بريطانيا ثقلهما خلف نظام ملكي دستوري موالي للغرب فى ليبيا و ركّزت على رأسه الملك إدريس الذى سمح للولايات المتحدة بأن تقيم قاعدة ويلوس الجوّية ما مثّل أحد أكبر الخدمات العسكرية ما وراء البحار بالنسبة للولايات المتحدة ... و إستغلّت القاعدة للتدريب العسكري و لتجربة الصواريخ و فى مهام قتال و تعرّف .
الثورة : و طبعا ، كانت ليبيا منتجا هاما للبترول .
لوتا : عمليّا ، فقط فى 1959 ثمّ إكتشاف المدخرات الضخمة من البترول فى ليبيا . و تحركت الشركات الإمبريالية و الأوروبية فى زمن فياسي لتركيز عمليّات الإنتاج . و سرعان ما نمى القطاع البنكي خاصة إثر الإنتهاء من أشغال خطوط أنابيب نفطية تبلغ البحر الأبيض المتوسّط . و كانت مداخيل النفط مرتفعة فى ستينات القرن العشرين بيد أنّ الشركات النفطية الغربية كانت تنال حصّة الأسد من الأرباح . و ما كانت تدرّه الثروة النفطيّة على ليبيا كان يقع فى قبضة فئة صغيرة من التجّار و البنكيين و المضاربين .
و ظلّ الفقر منتشرا . و كانت إمكانيّات نموّ طبقة وسطى جديدة فى علاقة بالإقتصاد النفطي محدودة . و من ثمّة ، كان حقد الجماهير على نظام إدريس الملكي يتفاقم .
ثمّ هناك تأثير الأحداث فى المنطقة و عالميّا . ففى 1967 ، هاجمت إسرائيل مصر و سوؤيا بدعم من الولايات المتحدة . و فى ليبيا نظّم الطلبة و المثقّفون و العمّال تحرّكات و إضرابات جماهيرية . و وجدت أيضا إحتجاجات ضد حرب الولايات المتحدة فى الفتنام . و إنتشر عدم الإستقرارفى وجه التبعية الكلّية للحكومة الليبية للغرب.
و فى ستينات القرن العشرين ، كانت موجة نضالات التحرّر الوطني – فى آسيا و أمريكا اللاتينية و أفريقيا – تدقّ الإمبريالية و تهزّ النظام العالمي . و دفع هذا تماما مئات الملايين حول العالم لينهضوا و يقاوموا . فى ذلك الزمن كانت روح قومية جديدة تجلجل ، فى ذلك الزمن ، إنغمست أفكار الوحدة العربية ضد الإمبريالية . و فى ذلك الزمن ، كانت الصين الثورية تأثّر فى قوى إجتماعية كثيرة و كانت الماركسية – اللينينية جزء هاما من الخطاب الإيديولوجي المنتشر . فوفّر واقع وجود الولايات المتحدة فى هذا النوع من الحصار ، فرصا لعديد القوى الطبقية المتنوّعة التى أخضعتها الإمبريالية حيث رأت إمكانيات جديدة .
الثورة : إذن كانهذا الوضع يوفّر إطارا لمرحلة القذّافي .
لوتا : أجل ، كانالقذّافي ضمن مجموعة من ضبّاط الجيش الشباب المتأثرين بالأفكار القومية العربية و الأفكار الإجتماعية الإصلاحية لجمال عبد الناصر ، قائد مصر . و القذّافي ينحدر من قبيلة صحراوية فقيرة و كان الضبّاط الآخرون الراديكاليون فكريّا ينحدرون من خلفيّات الطبقات الدنيا . وكان الجيش واحدة من مؤسسات المجتمع الليبي القليلة التى كانت تسمح لهم لفرص التدرّب و الإرتقاء.
و هؤلاء الضبّاط العسكريين الشباب أغضبهم الفساد و ذلّ النظام الحاكم . و إعتبروا أنفسهم حاملي مشروع ليبيا الجديدة . و فى 1969 ، نظّموا إنقلابا ضد الملك و شكّلوا حكومة جديدة من صلب ما أطلقوا عليه مجلس القيادة الثورية .
الثورة : هل تستطيع أن تخبرنا بالمزيد عن برنامج القذّافي ؟
لوتا : حاجج القذّافي بأنّ السيادة الوطنية الليبية قد وقع بيعها وأنّ الرأسمال الأجنبي قد سُمح له بأن يتحكّم فى الشعب الليبي . و إتّهم النظام القديم بتبذير المصادر النفطية الليبية و القيام بالقليل للتخفيف من عذابات الشعب الليبي .
وقد فرض على الولايات المتحدة أن تسرّع فى جدولها الزمني لغلق قاعدة ويلوس الجوّية . و تحرّك ليأمّم البنوك . و جعل من الحكومة المساهم الأكبر فى الصناعة النفطية . و وعد بتطوير الزراعة و الصناعة و وجّه بعض الموارد لهذين القطاعين . و سنّ برامجا إجتماعيّة فى سبعينات القرن العشرين أدّت فى العشرين سنة التالية إلى تحسينات حقيقية فى تمدرس الجماهير و أمل الحياة و السكن . و تمتّعت هذه الأعمال و السياسات بمساندة شعبية .
لكن بالنسبة لخطاب القذّافي المناهض للإمبريالية ، ف‘نّ المشروع برمّته نهض على الحفاظ على الإقتصاد الليبي المرتكز على النفط و توسيعه . لقد نهض على الإندماج المستمرّ لليبيا فى النظام الرأسمالي العالمي ... و تقسيمه للعمل و علاقات الإستغلال العالمية .
لقد عوّل القذّافي تعويلا كبيرا على أوروبا الغربية كسوق للنفط الليبي . و وظّف مداخيل النفط لإقتناء طائرات نفّاثة فرنسية و جلب الرأسمال الألماني إلى ليبيا ، و صار حتى من أكبر المستثمرين الكبار فى أكبر شركة صناعة سيّارات إيطالية . و إيطاليا ، القوّة المستعمٍرة القديمة ، سُمح لها بمواصلة عمليّاتها فى ليبيا .
الثورة : لقد ركّزت على القاعدة الإقتصادية لبرنامج القذّافي ، لكن ماذا عن الأبعاد الأخرى لما كان يقوم به ؟
لوتا : سخّر القذّافي المداخيل النفطية لإعادة هيكلة المجتمع . كان يخلق نظام رعاية إجتماعية بمظاهره السياسية الخاصّة . و أرسى " اللجان الشعبية " على المستوى المحلّي من أجل توسيع دعمه السياسي و لإعادة توجيه الولاءات القبلية نحو النظام المركزي . و فى نفس الوقت ، حظر النقابات و التنظيم السياسي المستقلّ و كمّم النقد الصحفي للنظام .
و وظّف العائدات النفطية لبناء جهاز أمني و عسكري واسع النطاق ... بهدف إخضاع أية معارضة داخلية للنظام و أيضا لبثّ فكرة أنذ ليبيا نموذج و قوّة فى المنطقة ، فى الشرق الأوسط و أفريقيا .
و إيديولوجيّا ، مزج نظام القذذافي نظام الرعاية الإجتماعية و القومية العربية مع قيم متخلّفة . فقد جعل الإسلام الدين الرسمي . تحصّلت النساء على فرص أوفر من ذى قبل إلاّ أنّ الشريعة البطرياركية [ الذكورية ] إعتمدت كأساس للضوابط القانونية – الإجتماعية . وكان القذّافي من أشدّ المعادين للشيوعية ...و إدّعى أنّه وجد طريقا ثالثا بين الرأسمالية والشيوعية .
و الواقع أنّ القذّافي كان يُنشأ رأسمالية دولة ... تقوم على العائدات النفطية و تدين بالفضل للإمبريالية العالمية من أجل الأسواق و التكنولوجيا و النقل و إستثمار رأس المال .
الثورة : إنّك تقول إنّه لم يوجد أي شيء جذري فى الأصل فى هذا المشروع .
لوتا : كان القذّافي يغيّر الأشياء بيد أنّه كان يفعل ذلك ضمن الإطار القائم للهيمنة الإمبريالية ، و علاقات الملكية الرأسمالية و شبكة معقّدة من الولاءات القبلية و الإنقسامات الجهوية .
لم يود أي شيء تغييري حقّا بمعنى حصول الجماهير على نوع من القيادة و سلطة الدولة السياسية المختلفة جذريّا يمكن أن تخوّل لها أن تعيد تشكيل الإقتصاد و المجتمع بإتجاه تحريري حقّا .
لبوب أفاكيان هذه الصيغة الثاقبة حول الخيارات الثلاثة " فى العالم . و هنا أنا أستذكر كلماته وهو فى الأساس يقول التالي ذكره : الخيار الأوّل هو الإبقاء على العالم كما هو ... وهو أمر غير مقبول بتاتا . أو يمكن إدخال بعض التحسينات عليه فى توزيع الثروة و فى أشكال الحكم ، مع ترك علاقات الإنتاج الإستغلالية و العلاقات الإجتماعية الإضطهادية الأساسية فى المجتمع و العالم أساسا دون مساس و هذا هو الخيار الثاني .
أو ، و هذا هوالخيار الثالث ، يمكن أن ننجز ثورة حقيقية ، ثورة تهدف إلى تغيير كافة العلاقات الإستغلالية ، و كافة المؤسسات الإضطهادية و كافة التسويات الإجتماعية الإضطهادية و كافة الأفكار و القيم الإستعبادية ... ثورة لتجاوز تقسيم المجتمع الإنساني ذاته إلى طبقات . و هذا الخيار الثالث هو الثورة البروليتارية العالمية لبلوغ الشيوعية .
ينسجم برنامج القذّفي و نموذجه الإجتماعي و الإقتصادي مع الخيار الثاني الى يغيّر شيئا من مظاهر الوضع السائد بيد أنّه يبقى على الجوهر الإضطهادي لذات النظام الإجتماعي السائد .
الثورة : ما يطفح من الصورة العامة للقذّافي و من الإتهام الذى يوجّه له هو أنّه " رجل قويّ " بلا رحمة .
لوتا : تعلمون أنّهذا المفهوم عن " الرجل القويّ" مثل " الرجل من القشّ " . إنّه مفهوم يحجب الجوهر الطبقي للأشياء . هذا ما تسمح لنا الماركسية بفهمه .
أنظروا ،جميع المجتمعات فى هذه المرحلة من التاريخ الإنساني منقسمة إلى طبقات . و القادة لا يسبحون فى بعض الأثير . إنّهم يركّزون نظرة ومناهج و طموحات طبقات مختلفة . القذّافي و أولئك الضبّاط العسكريين الذين إستولوا على السلطة فى 1969 ، وهو ما تحدّثت عنه ستبقا ، ... يمثّلون و يركّزون نظرة قطاع راديكالي من البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية لأمّة تضطهدها الإمبريالية .
لقد شعروا بالإحباط جراء القهر الإمبريالي . و من وجهة نظرهم الطبقية ، المشكل كما يرونه كان أن ليبيا كانت تقوم بصفقة سيّئة. لقد أرادوا أن يجعلوا آليّات السوق التى تستند على الإستغلال و إنتاج الربح " تعمل " لفائدة الأمّة برمّتها . لقد كان لديهم وهم أنّهم سيقدرون على إنتزاع تنازلات من الإمبريالية ... وعلى إجبار الإمبريالية على أن تتفق معهم . لكن الواقع هو أنّ هذه الرأسمالية العالمية تسير وفق منطق محدّد و تفرض ضوابطها على المجتمعات و الإقتصادات .
كانت هذه القوى البرجوازية تتكلّم بإسم الأمّة بأسرها . كانت ترى مصالحها متماهية مع مصالح كافة الطبقات فى الأمّة بيد أنّه صلب الأمّة هناك طبقات مهيمنة و أخرى مهيمن عليها .
و من الشعارات التى رفعها القذّافي و أعتقد أن ّ وضعها فى ما يسمّى ب" الكتاب الأخضر " ، شعار " شركاء لا أجراء " . و بكلمات أخرى ، لدينا هنا نظام يقوم على الربح و الإندماج ضمن الأسواق الرأسمالية العالمية لكن بطريقة ما يمكنكم جعل جميع الأشخاص " " شركاء " متساوين . كانهذا خطابا شعبويّا وواهما على حدّ سواء.
الأجراء أو البروليتاريون لا يملكون وسائل الإنتاج . و من أجل البقاء على قيد الحياة ، يجب أن يبيعوا قدرتهم على العمل للذين يتحكّمون فى وسائل الإنتاج أي الرأسماليون . و الطبقة الرأسمالية تستغلّ العمّال فى سيرورة الإنتاج للحصول على الفائدة و لمواصلة الحصول على الفائدة على نطاق أوسع فأوسع أبدا .
و عندما لا تستطيع إستخراج أرباح كافية ، تطرد الأجراء . الشرط الأساسي للعمل المأجور هو الهيمنة عليه من قبل رأس المال و تبعيّته للمراكمة الرأسمالية . هناك تناقض عدائي بين العمّال و الرأسماليين .
فى ليبيا ، العمل المأجور أساس من أسس الإقتصاد . و اليوم هناك نسبة بطالة فى ليبيا تساوي 20 بالمائة . و الحقيقة هي أنّ الأجراء ليس بوسعهم أن يكونوا " شركاء " رأس المال . و سياسيّا و إيديولوجيّا ، هذه القوى البرجوازية الطموحة كانت تخشى الجماهير القاعدية ... كات تخشى أن تتجاوز الجماهير إصلاحيّتها المتمثّلة فى برنامج عقد صفقة مع الإمبريالية .
والنقطة التى أودّ أن أوضّحها هي أنّه مهما كانت تقلّبات القذافي تبدو جنونية ... إن أردنا فهم برنامجه ، وجب علينا أن نحلّل المصالح الطبقية و النظرة التى يمثّلها و كيف أنّ هذه المصالح كانت تتداخل مع الوضع العالمي . أقصد ، يمكننا أن ننعت باراك أوباما ب " الهادئ " و " الحريص " أو بما نشاء بيد أنّ ما هو عليه ، ما يمثّله و يركّزه هي المصالح الإستغلالية و الإجرامية للإمبرياطورية و نظرة الطبقة الحاكمة الإمبريالية للعالم .
الثورة : لقد ظلّ القذّافي فى الحكم مدّة طويلة و كان يتمتّع بهذه الإعتمادات الراديكالية .
لوتا : نعم ، حين عزّز القذّافي السلطة فى بدايات سبعينات القرن العشرين ، كان لدى النظام بعض الأشياء فى السياسة العالمية و فى الإقتصاد العالمي تخدمه . قبل كلّ شيئ ، كانت الولايات المتحدة تواجه هزيمة فى الفتنام و كانت قوّتها الإقتصادية تشهد تراجعا ما نجم عنه بعض المساحات.
ثانيا ، كان الإتحاد السوفياتي يتحدّى الولايات المتحدة عالميّا . و كان حينذاك يدّعي أنّه بلد إشتراكي . لكن الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي أطاحت بها الطبقة الرأسمالية الجديدة فى أواسط خمسينات القرن العشرين .وصار الإتحاد السوفياتي قوّة إمبريالية – إشتراكية . و فى أواسط سبعينات القرن العشرين ، كان يصارع من أجل التأثير و السيطرة على أماكن مختلفة من العالم . و جزء من إستراتيجيته الشاملة كان بناء أنظمة عميلة له فى مناطق مفاتيح من ما يسمّى بالعالم الثالث فشرع فى توفير المساعدة الإقتصادية و الدعم الدبلوماسي لأنظمة مثل النظام الذى كان القذّافي على رأسه و إبرام الإتفاقيات النفطية معهم ...و أضحى السوفيات المزوّد الأهمّ لليبيا بالأسلحة .
و العامل الثالث هو أنّه فى أواخر ستينات القرن العشرين و سبعيناته ، كانت الصناعة النفطية العالمية تشهد تغيّرات . و كانت الشركات النفطية الكبرى تدخل فى تسويات مع المنتجين للنفط فى العالم الثالث . و قد سُمح للتحكّم الرسمي فى الإنتاج بأن يمرّ إلى أيدى حكومات العالم الثالث و شركاتها النفطية التابعة للدولة . و مورست الهيمنة الإمبريالية من خلال التحكّم فى تكرير النفط و التسويق و التكنولوجيا و التمويل . و عندها كان للبلدان المنتجة مجال تحكّم أكبر فى ما يتعلّق بالإنتاج...مثلا تجمعات الشركات المنتجة الكبرى [ الكارتالات ] و منظّمة الأوبيك . و فى سبعينات القرن العشرين ، كان سعر النفط يرتفع . فلعبت هذه التطوّرات لفائدة القذّافي .
الثورة : إذن خوّل كلذ هذا للقذّفي بعض مجال المناورة الإقتصادية و السياسية .
لوتا : أجل ، لكن لفعل ماذا ؟ أنظروا ، لم تكن القوى البرجوازية الوطنية مثل القذّافي تنوى و ليس بوسعها أن تقود الجماهير لتقطع مع الإمبريالية و لتنجز ثورة إجتماعية تحريرية . و مثلما قلت ن لقد تململت جراء نير الإمبريالية إلاّ أنّها أيضا كانت تخشى الجماهير . و من جديد ، لهذا صلة بالطبيعة الطبقية لهؤلاء الحكّام : لقد أخضعتهم العلاقات الإمبريالية لكنّهم لم يروا أبعد من عالم فيه يتحكّمون هم أنفسهم فى العلاقات الإستغلالية ... عوضا عن عالم يلغى فيه الإستغلال .
و هكذا لدينا هنا القذّافي ...ضامنا سلطة حكمه ...سلطة يديرها و يتعاطى مع الإمبريالية ... و يبحث عن تعصير إقتصاد نفطي مرتبط بضوابط الإنتاج الرأسمالي العالمي . فأزيد من 95 بالمائة من صادرات ليبيا النفطية كانت تنبع من النفط و فى عقد 1973 – 1983 ، أمست ليبيا أحد أكبر ثلاثة مستوردين للسلاح فى العالم الثالث . كان هذا تطوّرا مشوّها و تابعا .
و مع مضيّ الوقت ، تحوّلت هذه القوى البرجوازية الوطنية إلى لبّ فئة برجوازية حاكمة إستغلالية معتمدة على الإمبريالية ومرتبطة بها .
و على الساحة العالمية ، نقذ القذّافي الأنظمة العربية المحافظة و قدّم نفسه على أنّه البطل الحقيقي لحقوق الشعب الفلسطيني . و أدلى بتصريحات مساندة لتحرّر أفريقيا . فمثّل ذلك جزء من شعبيته .
الثورة : فى ثمانينات القرن العشرين ، قدّم الإمبرياليون الأمريكان القذّفي على أنّه شيطان و حاكم مسعور .
لوتا : أجل ، لكن لا علاقة لهذا بقمعية نظام القذّافي أو بأسلوبه فى الحكم . أقصد كانت الولايات المتحدة تشجّع أنظمة عميلة قمعية و " رجال أقوياء طغاة " فى أمريكا الجنوبية – و تجاوزاتهم لحقوق الإنسان جعلت القذّافي يبدو معتدلا بإيجابية مقارنة بهم . مشكل الإمبرياليين الأمريكان مع القذّافي كان هلاقاته الوثيقة مع الكتلة السوفياتية . مشكلهم كان إصراره على دعم حركات و مجموعات راديكالية يمكن أن تفيد الكتلة السوفياتية فى زمن كان فيه النزاع بين الكتلتين المترأستين من الولايات المتحدة من جهة و الإتحاد السوفياتي من جهة أخرى يتّجه نحو صدام عسكري شامل .
و فى ثمانينات القرن العشرين ، صعّدت الولايات المتحدة من حملة شيطنة القذّافي . و كان ريغن وراء قتال مع طائرات ليبية سوفياتية الصنع على السواحل الليبية و شنّ هجوما عسكريّا على ليبيا أشرت إليه سابقا .لقد قرّرت الولايات المتحدة أن تحاصر النظام الليبي بعقوبات إقتصادية و ضغوطات دبلوماسية . و علّقت الشركات النفطية الأمريكية عمليّاتها بليبيا .
كانت ليبيا ، كما أشرت إلى ذلك ، من أهمّ المزوّدين بالطاقة لأوروبا الغربية . و مثّل ذلك مصدر نزاع بين الولايات المتحدة و إمبرياليي أوروبا الغربية . و أعتقد أنّه هناك دليل قويّ على أنّ هجمات ريغن العسكرية على ليبيا كانت تهدف أيضا إلى تقريب الإمبرياليين الأوروبيين الغربيين من خطّه ، فى وقت كانت فيه المواجهة مع الكتلة الإمبريالية الإشتراكية تتصاعد .
و تحت الضغط الأمريكي ، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على ليبيا . و هذه التحرّكات الهادفة لعزل ليبيا بدأت خنق الإقتصاد الليبي و إنهيارات أسعار النفط العالمية بين الفينة و الأخرى ألحقت الأذى بالإقتصاد كذلك. و بالفعل كانت الصناعة النفطية الليبية فى حاجة إلى التحديث و إلى إستثمارات جديدة .
ثمّ فى 1989-1991 ، إنهار الإتحاد السوفياتي و كتلته . فكان ذلك منعرجا نوعيّا فى العلاقات العالمية ما وجّه ضربة كبرى لمشروع القذّفي إذ لم يعد يتمتّع بمساندة تلط القوّة العظمى . ومنحت نهاية الإتحاد السوفياتي مساحات حرّية جديدة للولايات المتحدة التى تحرّكت لتستغلّ هذا الوضع فى الشرق الأوسط و أنحاء أخرى من العالم الثالث.
و فى هذا الوضع المتغيّر، أخذ القذّافي يبحث عن علاقات أمتن مع الإمبرياليين الأوروبيين الغربيين . و مع نهاية تسعينات القرن العشرين ، أعيدت العلاقات مع بريطانيا العظمى . و سمح لإيطاليا بتأثير أكبر على قطاعات النفط و الغاز الطبيعي الليبيين .
الثورة : يبدو أنّ غزو الولايات المتحدة للعراق فى 2003 مثّل نقطة منعرجا أخرى .
لوتا : أعتقد أنّ هذا صحيح . فقد مارس ضغطا أكبر على القذّفي – هل ستكون ليبيا هي التالية ؟ و كان القذّفي يخشى أيضا تحدّى الأصولية الإسلامية لحكمه . لذلك شرع فى القيام بإنفتاحات على الولايات المتحدة . و عقب أحداث التاسع من سبتمبر ، طفق نظام القذّافي يتقاسم مع الولايات المتحدة المعلومات الإستخباراتية عن القوى من قبيل القاعدة ، و أعلن فى 2004 أنّه يتخلّى عن برامج متنوّعة نووية و عن أسلحة أخرى . و محت الولايات المتحدة ليبيا من قائمتها ل " الدول الإرهابية " . و غدا القذافي حليفا له قيمته فى حرب الولايات الولايات المتحدة ضد الإرهاب و أعطى بوش الضوء الأخضر للشركات النفطية الأمريكية لإمضاء عقود جديدة مع ليبيا . و طفق القذّافي يخوصص يعض القطاعات الصناعية . و علينا أننقول إنّ القذّافي لا يستطيع أن يحبس نفسه فى مناوشات مع الإمبرياليين . و فى السنة الماضية أمضى إتفاقا مع إيطاليا لقطع طرق عبور المهاجرين الأفارقة الذين لا يمتلكون أوراقا و القاصدين أوروبا عبر ليبيا . كان ذلك أمرا بشعا . فقد طلب المليارات لتمويل حراسة الحدود ... و أصدر تحذيرات عنصرية بأنّ أوروبا ستصبح " سوداء " إن لم تتخذ إجراءات صارمة لإعادة المهاجرين الأفارقة من حيث جاؤوا .
كان هذا هو القذّافي " الذى ردّ له الإعتبار " و قد إلتقى إبنه بهيلاري كلينتون ... كان هذا هو القذّافي الذى قبل منه معهد لندن للإقتصاد تبرّعات سخيّة ... القذّافي الذي يبيع إليه البريطانيّون الأسلحة الآن . وجد الإمبرياليون القذّافي مفيدا و " صالحا للعمل " .
و كما تعلمون فى بدايات فيفري 2011 ، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا حول الإقتصاد الليبي يمدح فيه حكومة القذّافي و " أجندتها الإصلاحية الطموحة " و" إنجازاتها القويّةعلى النطاق الإقتصادي العام " (حسب ما ورد فى التقرير ) . و " شجّع " السلطات على الحفاظ على هذا الطريق الواعد . أي مدح أعلى من مدح صندوق النقد الدولي !
لكن الآن ، عندما يناسبهم الأمر أكثر ، و هو منهم وقاحة حقّا ... عندما يكونبمقدورهم أن يستعملوا الغضب الجماهيري لتركيز نظام " أكثر صلوحية للعمل " يعود الإمبرياليون إلى روايتهم الأساسية عن " جنون القذّافي " و " القّافي الرجل القوي ".
الثورة : لذا لنمضى بالنقاش إلى بعض ما يحدث فى ليبيا فى الوقت الحاضر و بعض القضايا و التحدّيات الأكبر المطروحة .
لوتا : حسنا ، لقد ركّزت كثيرا على الطبيعة الطبقية للقذّافي و على الطابع الإقتصادي – الإجتماعي لتطوّر النموذج الذى كان يطبّقه . و هذا هام لفهم كيف تسير الأمور و كيف أنّ أعدادا متنامية من الناس تحوّلوا إلى مناهضة القذّافي و نموذجه .
طوال العقد المنقضي ، كانت الثروة النفطية و الممتلكات المأمّمة مجالا لمجموعة تضيق أكثر فأكثر ، بما فيها العائلة الواسعة للقذّافي ... و قدر كبير من هذه الثروة يستثمر فى الخارج .
لم يكن النظام يحتمل أي نقد موجّه له. و غدت الصنصرة الواسعة النطاق لا تحتمل بصورة متصاعدة فى زمن كان الناس يبحثون فيه عنمنافذ للتعبير . كان يقع إيقاف المارضين . و كان هناك ضمأ للحياة السياسية خارج الهياكل الرسمية . ما سمّي ب " اللجان الشعبية " فقدت ثقة الناس فيها بشكل واسع ، إذ اضحت سلاحا لنظام حماية و أدوات شبكة مراقبة . كان هناك تعطّش للتنوّع الثقافي - إلى المدّة الأخيرة، لم تكن اللغات الأجنبية تدرّس فى المعاهد . و قد تراجعت الرعاية الصحّية حديثا . و تصاعدت نسبة البطالة .
وكان ردّ القذّافي المزيد من القمع ...فيما بحث عن تنشيط الإقتصاد بضخّ الرأسمال الغربي . و من التناقضات الظاهرية فى السنوات الأخيرة أنّه لمّا وقع رفع العقوبات وتخفيف الحصار ، لم تجد نداءات القذّافي القومية و المناهضة للإمبريالية ذات الصدى السابق . لقد ذهب " ألقه " النضالي ... و كان الولاء الذى تمتّع به فى السابق يتلاشي.
الثورة : ثمّ أشعلت الإنتفاضات فى تونس و مصر الفتيل .
لوتا : و نحن بصدد هذا الحوار الصحفي ، الوضع فى ليبيا غامض و دامي . فقد أعلن القذّافي عن نيّته القتال إلى النهاية للتمسّك بالسلطة . و بالضبط الآن ، تسيطر الحكومة المركزية على طرابلس و المناطق الغربية من البلاد فى حين أنّ قوات المعارضة تمسك بالشرق بأيديها . و تحوّلت عدد من الوزراء و الوجوه العسكرية إلى المعارضة و صاروا ضمن نواة حكومة أخرى آخذة فى التشكّل.
و كانبعض المنتمين إلى " مجلس الحكومة الوطنية المؤقتة " بنادون بضربات جوّية غربية لمساعدهم . و هذا مطلب رجعي يمثّل موقفا واهيا مواليا للإمبريالية .وهو لا يخدم مصالح الشعب الليبي الذى طالما عانى من الهيمنة الإمبريالية .
و ما يجب تذكّره هو أنّ هذا هو أوّل تمرّد فى المنطقة أوقف ضخّ النفط . فلليبيا أوسع الموارد النفطية المثبتة فى أي بلد أفريقي ،و ليبيا تزوّد أوروبا بقسط هام من حاجياتها النفطية . لذا يعدّ هذا بدروه من عوامل التأثير فى الحسابات الإمبريالية. و الآن يستغلّ الإمبرياليون تعلّة " المشاغل الإنسانية" كإسفين إيديولوجي لتدخّل عسكري ممكن .
الثورة : و هذا يبيّن الطابع المعقّد لما يحدث .
لوتا : أجل ، من الأشياء التى نشدّد عليها هنا عند النظر فى الوضع فى ليبيا و الصراع المستمرّ فى مصر ، هي أنّ مفهوم الحركات " دون قيادة "... مفهوم غير صحيح و مؤذى للغاية . و الكثير من الناس التقدّميين و ذوى الأفكار الراديكالية يريدون أن يفكّروا أنّه يمكنهم التخلّص من القيادة . لكت القيادة تمارس فى المجتمع و فى العالم و تمارس عليهم هم أيضا .
فى ليبيا و كذلك فى مصر ، وجدت قوى طبقية و إجتماعية متباينة فى الساحة . و قد جلبت معها مصالحها و رؤيتها إلى المعركة ... و تنافست قوى متنوّعة من أجل القيادة و بحثت و تبحث عن دفع هذه الحركات فى إتجاهات معيّنة .
هناك محامون يتجمّعون شرقي ليبيا و يرغبون فى إعادة تركيز الدستور القديم لسنة 1952 الذى إستعمل لتفكيك نظام سياسي إجتماعي حينها . و نزل الأطبّاء و الأساتذة الجامعيون و الطلبة و الشباب الساخط و العمّال إلى الشوارع ... إنهم جزء من دائرة ممتدّة فيها قادة قبليين رجعيين و وزراء سابقين و عقداء يتصيّدون الموقع و القيادة . و هناك بعض الناس الذين يحاولون أن يعيدوا الأوضاع القديمة . و هناك شباب يرفع شعار "لا للقبلية ، لا للتكتّلات " . و ضمن هذه الدائرة يتآمر الإمبرياليون .
تتقدّم قوى طبقية مختلفة بقيادة و برنامج و أجندات تتناسب و مصالحها . و تبحث فئات مختلفة من المجتمع عن القيادة .
ما أحاول قوله هو أنّ المسألة ليست مسألة قيادة أو لا قيادة . لآ ، المسألة هي ما هونوع القيادة ؟ فى خدمة أي أهداف ؟ مستعملين أي مناهج لبلوغ هذه الأهداف ؟ و حيث لمتوجد قيادة ثورية و شيوعية حقيقية ، قد بيّن التاريخ مرارا و تكرارا أنّ الجماهير تمنى بالخسارة ... الناس الأكثر إضطهادا و إستغلالا مريرا و الذين يصبون إلى تغيير جوهري و يحتاجونه بالصفة الأكثر يأسا ... يتمّ التخلّى عنهم و تقع خيانتهم.
فى بيانه الحديث عن مصر ،تحدّث بوب أفاكيان عن هذه القضايا بقوّة شديدة و أرغب فى أن أقرا مقتطفات من ذلك البيان :
" عندما تكسر ملايين الجماهير الشعبية فى الأخير القيود التي حالت دون تمرّدها ضد مضطهِدِيها و مصادر عذابها ، عندئذ ترتهن نتيجة أن يؤدّى أو لا يؤّدى نضالها و تضحياتها فعلا إلى تغيير جوهري ، و أن تمضي أم لا نحو القضاء على كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد ، ترتهن بوجود أو عدم وجود قيادة ، قيادة شيوعية تمتلك الفهم العلمي الضروري و على ذلك الأساس تستطيع أن تطوّر المقاربة الإستراتيجية و التأثير المطلوبين و أن تنظّم العلاقات ضمن الأعداد المتزايدة من الجماهير الشعبية المنتفضة من أجل قيادة الإنتفاضة الشعبية عبر المنعرجات و الإلتواءات ، بإتجاه هدف التغيير الثوري الحقيقي للمجتمع بما يتوافق مع المصالح الجوهرية للشعب."
و هذا يجرّنا إلى العودة إلى القضايا الطبقية ، إلى القيام بنوع الثورة التى تحرّر حقّا الإنسانية قاطبة ... و ما يستدعي التقدّم بالقطاعات الأساسية من الشعب كحجر أساس و قوّة محرّكة للتغيير الثوري و كمحرّرين واعين للإنسانية قاطبة . إنّه يستدعي قيادة قادرة على القيام بذلك.
و هكذا ثمّة دروس هامة تُستخلص من ما يجدّ . ثمّة تحدّيات كبرى علينا رفعها . و مثلما شدّد على ذلك بوب أفاكيان ، المستقبل لم يُكتب بعدُ.
--------------------------------------------------------------------------------------------
4- سقوط نظام القذّافي فى ليبيا ... و دور الولايات المتحدة و الناتو فى ذلك .
مقال للاري افراست ، نُشر يوم الخميس 25 أوت 2011 على موقع :
www.revcom.us/a/244/fall-of-qaddafi-and-hand-of-us-nato-en.html
يبدو أنّ حكم معمّر القذّافي طوال 42 سنة للبيا ، بلد من بلدان شمال أفريقيا ، قد بلغ نهايته. فقد غزى المقاتلون المناهضون للقذّافي العاصمة طرابلس – أهمّ حصن لدي القذّافي و فى نهاية أسبوع 20-21 أوت و يوم الإثنين 22 أوت كانوا قد إستولوا على معظم المدينة (عند كتابة هذه الأسطر ، لا تزال حيثيّات مصير القّافي و أبنائه قيد المجهول ) .
يُقدّم حكّام الولايات المتحدة و حلفاؤها الإمبرياليون الأوروبيّون – و منهم بريطانيا و فرنسا و إيطاليا – و الإعلام الناطق بإسمهم ، الإطاحة بالقذّافي و إنتصار " المتمرّدين " على أنّه إنتصار لل"ديمقراطية " على الطغيان و تزكية لتدخّلهم العسكري " الإنساني " فى ليبيا .
و عند إفتكاك القوات المناهضة للقذّافي لطرابلس ، أعلن الرئيس باراك أوباما : " يبيّن الشعب الليبي أنّ بحث العالم عنالكرامة و الحرّية لا زال أقوى من القبضة الفولاذيّة لدكتاتور ... مستقبل ليبيا صار الآن بين أيدى الشعب الليبي ".
و الأمر ليس كذلك البتّة . فالأحداث الجارية فى ليبيا هي فى المصاف الأوّل نتيجة هجوم الأمريكان و الناتو العسكري و السياسي و الإقتصادي على قوّات القذّافي ، طوال أشهر .
ويوم سقوط طرابلس بأيدى القوّات المناهضة للقذّافي ، ورد فى تقرير ل " النيويورك تايمز " : " خلال يوم السبت ، قد قام الناتو و حلفاؤه ب 7459 مهمّة أو ضربة جوّية مهاجمين آلاف الأهداف مستهدفين قاذفات الروكات و القيادات العسكرية الكبرى . و ما نتج عن ذلك لم يكن تحطيم البنية التحتية العسكرية الليبية و حسب بل قد قلّص بصفة واسعة أيضا قدرة العقيد معمّر القذّافي على قيادة التحكّم فى القوّات ما جعل حتى وحدات منخرطة فى القتال غير قادرة على التحرّك و إعادة التزوّد و تنسيق العمليّات " ( " المراقبة الأشدّ و تنسيق الناتو ساعدا المتمرّدين على الإندفاع صوب العاصمة " ، 22 أوت ) .
و لم يكن هذا الهجوم يقصد إلى تحرير ليبيا أو ضمان تقرير المصير لشعبها . بل بالعكس ، قد إستهدف تعزيز قبضة الإمبريالية على ليبيا .

خلفية : نظام القذّافي و التمرّد الليبي و دور الإمبريالية :
لبيا بلد من بلدان شمال أفريقيا وهي تعدّ 6 ملايين ساكن و تقع فى منطقة إستراتيجية من البحر الأبيض المتوسّط و لها موارد كبيرة من النفط الخام الخفيف و الثقيل . تمّ إستعمارها أوّل مرّة من طرف إيطاليا سنة 1910. و بعد الحرب العالمية الثانية ، صارت الولايات المتحدة القوّة الأساسية المهيمنة على ليبيا ، بما فى ذلك على قطاع النفط , لقد بنت الولايات المتحدة واحدة من أوسع القواعد العسكرية ما وراء البحار فى العالم – القاعدة الجوّية ويلوس – فى ليبيا . و فى 1969 ، نظّم العقيد معمّر القذّافي و مجموعة من الضبّاط العسكريين الشباب إنقلابا و إستولوا على السلطة التى كانت بأيدى الملكية الموالى للولايات المتحدة الحاكمة لليبيا آنذاك. و كانت قوّات القذّافي تلهمها القومية العربية و كانت غايتها هي التخفيف المباشر من خنق الإمبريالية لليبيا و من ذلك مزيد السيطرة و حصّة أكبر من ثرواتها النفطية . لكن مثلما وضع ذلك ريموند لوتا فى حوار صحفي مع " الثورة " : " القذّافي كان لعديد السنوات شوكة حقيقية فى حلق الإمبريالية ، لا سيما الإمبريالية الأمريكية ... رغم أنّ نظامه لم يقطع جوهريّا أو لم يتحدّى جوهريّا الإمبريالية ".
و مع نهاية تسعينات القرن العشرين ، كان القذّافي يبحث عن علاقات أمتن مع الإمبريالية الغربية و منها الأمريكية و فى 2004 أمضى رسميّا تحالفا مع الولايات المتحدة و فى ذلك السياق ساعدها فى ما يسمّى " الحرب ضد الإرهاب " .
خلال هذه العقود ، غدت أوضاع الشعب فى ليبيا أسوء إقتصاديّا و سياسيّا أيضا . و قد قمع النظام معارضيه بعنف و خنق آمال الناس و تطلّعاتهم إن لميسحقم تمام السحق .
إنتفاضة سرعان ما إستغلّها الغرب :
عندما أطاحت الجماهير بالدكتاتورية فى تونس فى جانفي 2011 ثمّ بنظام مبارك فى مصر فى فيفري ، وجد الناس فى العالم العربي و ضمنه ليبيا ذلك مصدر إلهام مدّهم بالشجاعة . و فى 15 فيفري ، إندلعت إنتفاضة فى بنغازي ، ثاني أكبر المدن الليبية ( السبب المباشر فيها هو إيقاف ناشط من نشطاء حقوق الإنسان ) . و سعى نظام القذّافي إلى قمعها بعنف.
و من البداية الأولى ، شاركت فى التمرّد قوى سياسية متنوّعة – منها ضبّاط عملوا مع للقذّافي سابقا و رجعيّون آخرون لهم صلات مع مختلف القوى الإمبريالية . ( و نصّب المجلس الوطني الإنتقالي كقيادة للقوى المناهضة للقذّافي من قبل أغلب القوى العظمى فى العالم ، و هيمنت عليه قوى موالية للإمبريالية التى دعت إلى تدخّل أمريكي – الناتو فى ليبيا غداة تشكّله ). ( من أجل تحليل عميق أنظروا " الثورة تاور ريموند لوتا : أحداث ليبيا منمنظور تاريخي ... و معمّر القذّافي منمنظور طبقي ... و مسألة القيادة من أفق شيوعي " ، " الثورة " عدد 226 ، 8 مارس 2011 ).
و مهما كان الدور الذى لعبه القوى الإمبريالية أو لم تلعبه فى إطلاق هذا التمرّد ، فإنّها بسرعة كبيرة تدخّلت لتشكّله و تتحكّم فيه من أجل مصالحها الخاصّة . و فى 26 فيفري ، فرض مجلس أمن الأمم المتحدة – وهو جهاز تتحكّم فيه الولايات المتحدة و قوى عظمى أخرى – فرض عقوبات على عائلة القذّافي . و فى 17 مارس ، صوّت على السماح بمنطقة " حظر جوّي " فى سماء ليبيا لإلحاق الهزيمة بالقذّفي و دعم القوى الموالية للإمبريالية . و فى 19 مارس ، بدأت الهجمات الجوّية الولى للولايات المتحدة – الناتو .
و مذّاك ، تصاعد بلا هوادة نسق التدخّل العسكري و الإقتصادي و السياسي للولايات المتحدة – الناتو . و بصفة متصاعدة جرى تنظيم قوّأت " المتمرّدين " و إدارتها من قبل الولايات المتحدة و فرنسا و بريطانيا ( بريطانيا و فرنسا و الحلفاء الآخرين للولايات المتحدة وفّروا تغطية عسكرية للقوات داخل ليبيا " للمساعدة على تدريب المتمرّدين و تسليحهم ..") . و كانت العقوبات العالمية تعتصر نظام القذافي و تضعفه . و لم يغدو ممكنا الإندفاع النهائي للقوى المعارضة للقذّافي نحو طرابلس إلاّ بفضل قذف القنابل و المخابرات و التنسيق العسكري للولايات المتحدة و الناتو .
و قد صوّر تقرير ل " نيويورك تايمز " فى 22 أوت مدى التدخّل العسكري للولايات المتحدة – الناتو:
" مع إلتقاء القوات المتمرّدة فى ليبيا بطرابلس يوم الأحد ، ذكر ضبّاط أمريكا و الناتو تكثيفا للمراقبة الجوّية الأمريكية داخل العاصمة و خارجها كعامل كبير فى مساعدة ترجيح كفّة المتمرّدين إثر أشهر من التآكل المستمرّ لجيش العقيد معمّر القذّافي .
و قال الضبّاط أيضا إنّ : " التنسيق بين الناتو و المتمرّدين و فى صفوف المجنوعات المتمرّدة المرتخية التنظيم ذاتها صار تنسيقا محنّكا و مميتا أكثر فى الأسابيع الأخيرة ،رغم أنّ تفويض الناتو لم يكن إلاّ لحماية المدنيين و ليس للإنحياز إلى أحد الجانبين المتنازعين ".
لذا الآن من الواضح أنّ الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا هي التى تشكّل أساسا الأحداث فى ليبيا ، و مهما كانت المحاولة الأولى و طموحات بعض الليبيين الذين أطلقوا شرارة التمرّد ، عند هذه النقطة ، غدت الآن موضوعيّا إمتدادات و بيادق بأيدى إمبرياليي أمريكا و الناتو .
النفاق " الإنساني " ... و القتل :
إدّعت الولايات المتحدة و الناتو أن تدخّلهما فى ليبيا كان لأسباب إنسانية – ببساطة لحماية المدنيين و ليس لتحديد مآل النزاع فى ليبيا . و قد تبيّن للعالم أن هذه الإدعاءات محض أكاذيب .
المئات و المئات من الليبيين قتلتهم قنابل الناتو و صواريخه . فوفق ناطق بإسم الحكومة الليبية هجوم واحد فى 9 أوت أودى بحياة 33 طفل و 32 إمرأة و 20 رجل ( وكالة رويتر للأنباء 8/9 /2011) فى طرابلس ، عاصمة ليبيا ، كان يتركّز ما يناهز ثلث سكّان البلاد و قد غادرها عدد كبير من الناس عند تهاطل القنابل كالأمطار . و فى تجاوز للقانون الدولي ، حاولت الولايات التحدة و الناتو أن يقتلا القذّفي القذّفي راجمين بالقنابل فى عديد المرّات المركّب الذى يقطن به.
ومثلما أوضحت الأحداث بما لا يدع ظلاّ للشكّ ،و لم يبذل الإمبرياليون جهدا كبيرا لإنكار وحتى يقرّون بأنّ – تدخّلهم كان منذ البداية يهدف إلى التحكّم فى مجرى الأحداث و ليس حماية الأرواح. و بالفعل ، بعد يوم من سقوط طرابلس ، خرجت " النيويورك تايمز " خاملة عنوان رئيسيّا " إنطلقت المنافسة للحصول على النفط الليبي " ( 23 أوت 2011).
و لا شيء من هذا يعنى أنّه حتى إن كان الإمبيراليون قد نجحوا فى الإطاحة بالقذّافي ، أنهم قد رموا كلّ شيء و أنّ كلّ شيء سيمرّ بسلاسة حسب مخطّطاتهم و مراميهم ( و منها وجود تناقضات فى صفوف الإمبرياليين أنفسهم ) . الزمن و الأحداث سيُخبراننا عن نتائج كلّ هذا و ستقوم " الثورة " بالتغطية اللازمة .
5- أجندا الولايات المتحدة فى سوريا – إمبريالية و ليست إنسانية .
مقال للاري أفراست فى " الثورة " عدد 265 ، 8 أفريل 2012 .
www.revcom.us/.US-agenda-in-Syria-imperialism-not-humanism-en.html
يدخل التمرّد ضد نظام بشّار الأسد سنته الثانية بعلامات تفيد أنّ الولايات المتحدة و حلفاءها يتحرّكون نحو مزيد التدخّل المباشر و العدواني .
إنطلق تمرّد الشعب السوري ضد حكم الأسد الوحشي و القمعي و الموالي للإمبريالية قبل سنة من الآن فى مارس الماضي ، و قد ألهمته الإنتفاضات الشعبية التى كانت تكتسح المنطقة ؛ و مذّاك مرّ بعديد الألتواءات و المنعرجات و شمل مروحة عريضة من القوى السياسية منها كلّ من الجماهير السورية و كذلك الإسلاميين الرجعيين الموالين لأمريكا و المنفيين و أعضاء سابقين فى الناظام . و كان ردّ الأسد فى منتهى العنف- مطلقا الرصاص مباشرة على المحتجّين وموقفا و معذّبا ما يشكّ فى أنّهم معارضون ، و قاصفا بالقنابل الأحياء بلا تمييز . و يقدّر عدد القتلى ب 8 آلاف قتيل و الجرحى بعدّة آلاف و هاجر منازلهم عدّة آلاف آخرون .
هجوم الأسد – الذى غطّته بشكل واسع وسائل الإعلام الأمريكية و الأوروبية – قد صدم عن حقّ وعي الكثيرين حول العالم . و بعد إتخاذ مقاربة أوّلية منخفضة الحدّة تجاه الإنتفاضة ، إستغلّ حكّام الولايات المتحدة الفرصة و الغضب الشعبي الشرعي إزاء المجزرة ليؤكّدوا أنّ من " واجبهم " و " مسؤوليتهم " التدخّل الأخوي وحماية الشعب السوري – و فرض تنحّى الأسد .
و فى 3 فيفري ، أدان الرئيس أوباما الأسد ل " إستهانته بالحياة و الكرامة الإنسانيين " و أعلن أنّ " المواطنين السوريين يجب أن يعلموا أنّنا إلى جانبهم ، و ينبغى أن يوضع حدّ لنظام الأسد " . و ندّدت سكرتيرة الدولة هيلاري كلينتون بالأسد على أنّه " مجرم حرب ". و وجدت كذلك دعوات لقوى بارزة فى الولايات المتحدة للتدخّل العسكري ، ظاهريّا لإيقاف القتل والسماح للشعب السوري بتحقرير مصيره بنفسه .
أجندا الولايات المتحدة : الهيمنة الإمبريالية – و ليست المساعدة الإنسانية .
و مع ذلك أنظروا ما يقوله الضبّاط و الإستراتيجيون الأمريكان عن دوافعهم للتدخّل فى سوريا و إزاحة الأسد ، و من البديهي أنّه تحرّكات حكّام الولايات المتحدة هذه فى علاقة بسوريا لا صلة لها مهما كانت بإيقاف العنف فى المنطقة أو تحرير الشعب السوري من الطغيان و الإضطهاد .
بالأحرى ، توضّح كلمات الإمبرياليين ذاتهم أنّ مناوراتهم و دسائسهم تهدف إلى إستغلال الإنتفاضة السورية للتخلّص من النظام المزعج و تقوية إسرائيل و التحكّم الكلّي للإمبريالية الأمريكية فى الشرق الأوسط – و أنّ أي " مساعدة إنسانية " يمكن ( أو لا يمكن ) أن يقدّموها هي نافذة للتسهيل احقيق ذلك الهدف . نحتاج أن نرى تحرّكات الولايات المتحدة فى سوريا فى إطار هذه المعركة من أجل الهيمنة بين الولايات المتحدة و إسرائيل ضد إيران و تنامي إمكانية هجوم عسكري أمريكي و إسرائيلي ضد إيران . ( ليس هذا المقال مجالا للغوص أكثر فى تحرّكات الحرب الأمريكية و الإسرائيلية ضد إيران لذلك ندعوكم للنظر فى التغطية و التحليل على الأنترنت بموقع
Revcom.us
و منها مقال " تهديدات و عدوان و تحضيرات للحرب ... و أكاذيب – الولايات المتحدة و إسرائيل تسرّعان فى حملتيهما ضد إيران " ، " الثورة " عدد 262 ، 11 مارس 2012).
سوريا هي النظام الوحيد فى الشرق الأوسط المتحالف مع إيران(رغم أنّ تأثير إيران فى العراق يتزايد).واقعة بين العراق شرقا و لبنان و البحر الأبيض المتوسّط غربا ، سوريا قناة للتأثير الإيراني الذى يمتدّ عبر العراق و سوريا و لبنان إلى البحر الأبيض المتوسّط .
" ترى إيران الحكومة السورية كخطّ جبهة دفاع ضد الولايات المتحدة و إسرائيل " يقول تقرير للشؤون الخارجية " لذا لا تدّخر إيران جهدا لمساعدة حليفها فى مواجهة إحتجاجات شعبية " . ( " كيف تبقى إيران الأسد فى السلطة فى سوريا " ، لقطة عبدو جنيفي، 25 أوت 2011).
لهذه الأسباب عينها ، الولايات المتحدة و حلفاؤها ينظرون إلى الإطاحة بالأسد على أنّه على حدّ السواء إطاحة بحاكم مثير للمشاكل و وسيلة حيوية لعزل جمهورية إيران الإسلامية و إضعافها – إمّا كجزء من تداعى النظام قبل الحرب أو إعدادا للحرب . ( و الإطاحة بنظام الأسد ستُغيّر ميزان القوى العسكري فى المنطقة و تقلّص قدرة إيران على الردّ على هجوم الولايات المتحدة و / أو إسرائيل ).
إنّ النزاع مع إيران يدفع بصورة متصاعدة و بشكل عام السياسة الأمريكية فى المنطقة . هذا سبب من أسباب تغيير الولايات المتحدة موقفها ، بعد إحجام عن مطالبة الأسد بالتنحّى فى الأشهر الخمس الأولى من التمرّد ، و مناداتها بالمزيد من التدخّل بالقوّة فى سوريا لإضعاف إيران و محاصرتها .
أعرب دانيال بلاتكا من معهد المؤسسة الأمريكية ، مفكّر يميني معروف ، عن بعض المنطق الإمبريالي : " سوريا هي عورة إيران الهشّة ، وهي أهمّ حلفاء إيران الذين ينقلون الأسلحة و الأموال إلى الإرهابيين ... و إلتقاء فريد من نوعه بين الهدف الأخلاقي الأمريكي و المصالح الإستراتيجية الأمريكية يحاجج من أجل التدخّل فى سوريا ... حان أوان تسليح الجيش الحرّ السوري "( " ينيغى أن يقوم أوباما بشيء ملموس من أجل سوريا " ، 8 فيفري 2012),
و القوى الإسلامية مثل حماس فى فلسطين و حزب الله فى لبنان – تلك التى يصفها بلاتكا ب" الإرهابية " – و بصفة خاصة جمهورية إيران الإسلامية تمثّل قوى سياسية إضطهادية لا تُعدّ تحدّيا جوهريّا للرأسمالية- الإمبريالية العالمية . و مع ذلك ، أهدافها و مطامحها تصادم بحدّة مع أهداف و مطامح الإمبريالية الأمريكية و إسرائيل فى المنطقة . و قد نمت شوكة هذه القوى الإسلامية فى العقود العديدة الأخيرة بسبب ثورة إيران لسنة 1979 و ما إنجرّ عنها من دعم إيراني ،لكن بأكثر جوهرية بسبب كيف أنّ هجمات الولايات المتحدة و إسرائيل على شعوب المنطقة قد غذّت الأصولية الإسلامية المناهضة للولايات المتحدة .
و كتب مدير سابق لوكالة الإستخبارات الإسرائيلية ، الموساد ، فى " النيويورك تايمز " أنّ الإطاحة بنظام الأسد ستفرز إنهيارا إسترايتجيا لدى الحكومة الإيرانية " بقطع " وصولها إلى وكلائها ( حزب الله فى لبنان و حماس فى غزّة ) و يلحق الضرر بصفة واضحة سمعتها المحلّية و العالمية ، و على الأرجح يتفرض على نظام طهران النازف تعليق سياساته النووية " ( " عقب آشيل الإيراني " ، إفرايم هالفى ، 7 فيفري 2012 ).
و القرار الذى إقترحه السيناتور جون ماك كاين فى 28 مارس حاجج من أجل تسليح المتمرّدين السوريين لأنّ " سقوط بشّار الأسد سيمثّل " أكبر ترتجع إسترتيجي لإيران فى ال25 سنة " ".
و هكذا الصدام المشتدّ بين هتين القوّتين اللتين عفا عليهما الزمن – الإمبريالية من جهة و الأصولية الإسلامية من جهة أخرى – و حاجة الولايات المتحدة إلى تعزيز تشديد تحكّمها فى الشرق الأوسط يدفعان إلى المواجهة فى المنطقة و إلى تحرّكات الولايات المتحدة فى المنطقة و خطر حرب أمريكية – إسرائيلية ضد إيران . و قد لخّص الكاتب و الصحفي البريطاني ، باتريك سيل ، المعركة حول سوريا على أنّها " معركة بين الولايات المتحدة من جهة ، و حلفائها و معارضيها مثل روسيا و الصين ...من جهة ثانية و ذلك من أجل الهيمنة على المنطقة ، معركة من سيكون الكلب الأكبر ... إنّه هجوم منسّق ، غارة ليس فحسب على سوريا بل أيضا على إيران . ترون ، إيران و سوريا و حليفهما حزب الله فى لبنان ، ثلاثي ، نوع من حلف طهران – دمشق – حزب الله الذى مثّل فى السنوات الأخيرة الحاجز الأساسي أمام الهيمنة الأمريكية و الإسرائيلية فى الشرق الأوسط . و تجرى الآن محاولة الإطاحة بذلك الحلف...لذا هذا ما نشاهده . إنّه صراع من أجل التفوّق فى المنطقة ، من أجل الهيمنة على المنطقة ..." (" صراع من أجل التفوّق فى المنطقة:النزاع السوري يتصاعد مع نقاش القوى العالمية لمستقبل الأسد "؛ " الديمقراطية الآن ! " 7 فيفري 2012 ).
إستراتيجيا الولايات المتحدة : تغيير مدبّر لنظام موالي للولايات المتحدة :
لقد تحرّكت الولايات المتحدة بحذر فى سوريا لعدّة أسبابا منها أوّلا ، أنّه كان من غير الواضح إن كان من الممكن إجبار الأسد على التنحّى . ثانيا ، لا ترغب الولايات المتحدة فى إشعال قتيل حرب أهلية بأتمّ معنى الكلمة فى سوريا أو فى المنطقة . و مثلما أشارت " النيويورك تايمز " تقع سوريا " فى مركز نزاعات إثنية و دينية و مناطقية تعطيها قابلية التحوّل إلى دوّامة تجلب قوى كبيرة و صغيرة فى المنطقة و أبعد منها " ( " النزاع السوري يثير خطر نزاع أوسع نطاقا " ، ستيفان آرلنغر ، 25 فيفري 2012 ). و فى النهاية ، تخشى الولايات المتحدة أن يظلّ الجيش السوري قويّا و متماسكا فقد يكون أي تدخّل عسكري مباشر مكلفا و صعبا .
و مع ذلك ، قد صعّدت الولايات المتحدة بصورة مستكمرّة من ضغطها على نظام الأسد على عدّة جبهات مختلفة . و سعت لتنظيم تحالف عالمي مناهض للأسد .
و جاء فى تقرير " لأخبار عالم نربحه " أنّ " الولايات المتحدة بعدُ تدعم أشكال متنوّعة من التدخّل فى سوريا منها الجهود التركية لإستخدام العناصر العسكرية السورية المعارضة لتشكيل جيش تحت إمرتها، و المال و الأسلحة التى يُزعم أنّها تتدفّق إلى البلاد من قطر و العربية السعودية . السعوديّون تقريبا بلا أدنى شكّ يدعمون الأصوليين الإسلاميين من أتباع السُنّة ، مثلما فعلوا فى أي مكان آخر ", ( " سوريا ، لا للأسد و لا للتدخّل الأجنبي ! " ، " الثورة " عدد 261 ، 26 فيفري 2012 ).
و تسعى الولايات المتحدة إلى التنسيق بين القوى الرجعية و تقويتها ، هذه القوى التى تحاول أن تقود التمرّد السوري و فى المدّة الأخيرة مجموعة الإستخبارات الإمبريالية ستارفور ، أصدرت تقريرا بأنّ القوى الخاصة للولايات المتحدة كانت تقوم بعمليّات داخل سوريا منذ ديسمبر . ( رسائل ستراتفور : عمليّات خاصة داخل سوريا منذ ديسمبر وقع حجبها " جون غلازار ، 7 مارس 2012 على موقع
(antiwar.com .
وخطت إدارة أوباما خطوة أخرى فى التخطيط ل " مساعدة إنسانية و منطقة حظر جوّي و حظر بحري و ممرّ إنساني و ضربات جوّية محدودة " محتملة ، ضمن خيارات أخرى . ( الجنرال مارتين دامبسي ، ذكر فى " الديمقراطية الآن ! " ، 8 مارس 2012 ). و فى نهاية مارس ، أعلنت إدارة أوباما أنّها ستوفّر " مساعدة غير مميتة " للمعارضة وهي خطوة كانت دوما مقدّمة لدعم عسكري . و كانت الولايات المتحدة تواصل عزلها الدبلوماسي لنظام الأسد ، بما فى ذلك بدفع قرار عبر الأمم المتحدة يدعو إلى إيقاف إطلاق النار و إيقاف هجماته العسكرية على المعارضة .
لا شيء جيّد يمكن أن ينجم عن تدخّل أمريكي فى سوريا – أو عن تحكّم الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط :
يجب أن نفضح و نعارض بشدّة الأجندا الإمبريالية الرجعية وراء الخطاب الأمريكي عن " التدخّل الإنساني " فى سوريا .
لنضع جانبا للحظة ما جلبته أكثر من 60 سنة من السيطرة الأمريكية على الشرق الأوسط – سلسلة من الفظائع من تدخّل و حرب و مجازر عرقية و تعذيبو طغيان . لنتوقّف ونفكّر فى العراق و أفغانستان و ليبيا . جميعها كانت تحت أنظمة قمعية و برّرت الولايات المتحدة العمليّات العسكرية على أنّها جهد أخلاقي لمساعدة شعوبها . لكن بعد ذلك قامت حروب الولايات المتحدة بما هو أسوء بكثير بالتسبّب فى وفايات و تدمير بلغ مستوى الكوارث و فرض أشكال جديدة من الإضطهاد و منها أنظمة كذلك وحشية و قمعية . لماذا ؟ لأنّ ما تجلبه الولايات المتحدة إلى العالم ليس الديمقراطية بل الرأسمالية – الإمبريالية و الهياكل السياسية التى تدعم الرأسمالية – الإمبريالية . لماذا يجب أن تكون سوريا – أو حرب أمريكية ضد إيران شيئا مختلفا ؟
6 - خطاب أوباما بشأن سوريا : أكاذيب لتبرير حرب لا أخلاقية .
مقال للاري أفراست بجريدة " الثورة " ، 31 أوت 2013
www.revcom.us/.obamas-speech-on-syria-lies-to-justify-an-immoral-war- en.html
يوم السبت 31 أوت 2013 ، الرئيس باراك أوباما " أذهل العالم " على حدّ كلمات "النيويورك تايمز" بإلقاء خطاب وعد فيه بإعطاء الكنغرس الوقت لتقدير المسألة قبل شنّ أي هجوم على سوريا . و سيعقد الكنغرس جلسته مجدّدا يوم الإثنين 9 سبتمبر .
تحرّكات الولايات المتحدة لمهاجمة سوريا ليست مدفوعة بما إن كان النظام الرجعي فى سوريا إستعمل غاز الأعصاب ضد شعبه . و مثلما كتبت " الثورة " : " يرى حكّام الولايات المتحدة الفظائع و جرائم الحرب – الحقيقية أو المخترعة – من خلال عدسات معوجّة و مشوّهة ل " كيف يعمل من أجلنا نحن " " و خطاب أوباما و خطّته ليسا حركة لتحقيق " إرادة الشعب " . فطبيعة هجوم الولايات المتحدة على سوريا تتحدّد بحاجيات إمبراطورية الولايات المتحدة . ( و لأجل تحليل هام لدوافع هجوم الولايات المتحدة على سوريا ، أنظروا مقال " فقط عذاب و فظائع أسوء يمكن أن تنجم عن هجوم للولايات المتحدة على سوريا ".)
لقد كان خطاب أوباما حركة لفرض إطار معوجّ و مشوّه وخاطئ جدّا على الحوار و النقاش بصدد هجوم أمريكي على سوريا و بذلك يضع هجوم الولايات المتحدة ضمن كذبة كبيرة عن الدور التطوّعي الذى لعبته الولايات المتحدة و لا تزال فى العالم اليوم . سيكون هجوم أمريكا على سوريا جريمة حرب أخرى فى التاريخ المديد لجرائم حرب الولايات المتحدة . و يحمل مثل هذا الهجوم إمكانية الخروج عن السيطرة بطرق غير متوقّعة . لقد كان خطاب أوباما يهدف إلى صناعة رأي عام داخل الولايات المتحدة و كذلك إلى الضغط لتوحيد صفوف الطبقة الحاكمة حول الهجوم على سوريا . و قد ألقي فى إطار مروحة كاملة من النزاعات و التناقضات التى تضع تحدّيات أمام حكّام الولايات المتحدة . غايته هي صياغة نوع من التحالف مع قوى إضطهادية عالمية أخرى . و كلّ هذا يتنزّل فى سياق الإستعداد لهجوم على سوريا سيضاعف بشكل كبير عذاب الناس هناك و قد يطلق سلسلة غير متوقّعة من الأحداث التى يمكن أن تنفجر فى نزاع كبير .
إطار لا أخلاقي :
عرض خطاب أوباما نسخة من تاريخ العالم المعاصر قلبت الواقع رأسا على عقب . قال : " لكننا الولايات المتحدة الأمريكية و لا نستطيع و لا يجب أننغمض أعيننا عن ما حصل فى دمشق . من حطام حرب عالمية ، شيّدنا نظاما عالميّا و فرضنا قوانينا أعطته معنى . و قد قمنا بذلك لأنّنا نعتقد فى أنّ حقوق الأفراد فى الحياة بسلام و كرامة ترتبط بمسؤوليات الأمم , لسنا تامين لكن هذه الأمّة أكثر من أية أمّة أخرى كانت تنوى النهوض بمسؤوليّاتها ".
هذه إعادة كتابة لتاريخ جرائم الولايات المتحدة حول العالم و ضمنه الشرق الأوسط طوال أكثر من ال60 سنة الماضية ، إعادة كتابة لا تستحى و مليئة أكاذيبا – لماذا قاموا بهذه العمليّات ، ماهي طبيعتهم و أجندتهم حقّا و حول من هم و بفارق كبير على وجه الأرض هم أكبر مجرمي حرب و قتل جماعي بلا حدود بما فى ذلك قتل الأطفال.
ولنأخذ بُعدا من أبعاد الفظائع التى تسببت فيها الولايات المتحدة حول العالم ، و خسائر بعض الحروب التى دفعت إليها و غذّتها أو خاضتها مباشرة فى العراق و إيران فحسب – و كلّ هذا خدمة للإمبراطورية :
• 1972-1975 الآلاف من أكراد العراق وقع قتلهم و أزيد من 200 ألف صاروا لاجئين نتيجة تشجيعهم من قبل الولايات المتحدة على النهوض ضد نظام صدّام حسين ثمّ طعنهم فى الظهر ؛
• 1980- 1988 الحرب الإيرانية – العراقية : لقد ساعدت الولايات المتحدة على الدفع نحو هذه الحرب و على تغذيتها بتسليح و مساعدة الجانبين : و تقديرات المحافظين تضع الخسائر فى الأرواح بين 262 ألف و 367 ألف إيراني و 105 ألف عراقي . و يقدّر عدد الجرحى ب 700 ألف لدي الطرفين ما يجعل مجموع الضحايا يعدّ أكثر من مليون شخص .
• 1991 حرب الخليج الفارسي : غزت الولايات المتحدة و حلفاؤها العراق : و فى 43 يوما ، قتل أكثر من 100 ألف جندي عراقي و جرح ما يقدّؤر ب 300 ألف.
• 2003-2004 غزت الولايات المتحدة للعراق و إحتلّته وهي حرب قامت على الأكاذيب بشأن أسلحة الدمار الشامل : حسب أدنى التقديرات وقع قتل 150 ألف عراقي لكن على الأرجح أنّ بين 600 ألف و مليون عراقي لقوا حتفهم ؛ و هجر 4,5 مليون نسمة منازلهم ( فضلا عن القتل الرجعي و الطائفي المتواصل ).
و هذا فقط جانب ممّا جدّ فى الشرق الأوسط ! و أنظروا إلى تاريخ أي بلد فى آسيا و أفريقيا أو أمريكا اللاتينية – أو بالمناسبة القتل الجماعي للمدنيين الذى إقترفته الولايات المتحدة فى ألمانيا و اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية ، و ستجدون المزيد من مجازر المدنيين المصنوعة فى الولايات المتحدة و أو إقترفتها الأنظمة الموالية للولايات المتحدة الممارسة للتعذيب و الإستغلال و القمع الوحشيين و المخرّبة للبيئة .
من إستهدف مرارا و تكرارا المدنيين ؟
قال أوباما : " ما هي غاية النظام العالمي الذى شيّدناه إن لم يقع فرض حظر إستعمال الأسلحة الكيميائية الذى وافقت عليه 98 % من شعوب العالم و صادق عليه بالغالبية الساحقة كنغرس الولايات المتحدة ؟".
غاية هذا النظام العالميهي فرض سحق الحياة و تخريب البيئة و الإستغلال الإمبريالي للكوكب ، إعتمادا على منتهى العنف و منه إستعمال الأسلحة الكيميائية و النووية حيث يكون ذلك ضرورة معتبرة. لهذا لا شيء يقال عن كون الحليف الأوّل للولايات المتحدة و عميلها الأوّل إسرائيل لم تمضى على منع الأسلحة الكيميائية وهي كذلك تمتلكها .
لهذا إستعمال الولايات المتحدة للأسلحة النووية فى هيروشيما و ناغازاكي و التهديدلت المستمرّة بإستعمال الأسلحة النووية من كلّ من إسرائيل و الولايات المتحدة ، بما في ذلك الإستعمال الأحدث ضد إيران – يعامل على أنّه جزء طبيعي تماما من " دبلوماسية " الولايات المتحدة . و من ثمّة دعّمت الولايات المتحدة الطاغية تلو الطاغية عبر منطقة الشرق الأوسط ، طغاة بدعم من الولايات المتحدة قد قمعوا بخبث مواطنيهم ( على غرار ما يفعله الجيش المصري الآن أمام أعيننا ) قصد الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة على المنطقة .
سأل أوباما : " ما الرسالة التى سنبعث بها إن كان بوسع دكتاتور أن يقتل بالغازات مئات الأطفال على الملآ و لا يدفع أي ثمن ؟ ".
لقد إستخدمت الولايات المتحدة النابالم فى الفتنام – وهو سلاح كيميائي يلتصق بالبشر و منهم الأطفال ويجعلهم يحترقون . و قد زوّد حلفاء الولايات المتحدة نظام صدّام حسين بالأسلحة الكيميائية و التقنية اللازمة لصنع الأسلحة الكيميائية التى إستعملها حينها فى ساحة الحرب ضد إيران – الحرب التى دفعت إليها و فى جزء كبير غذّت نيرانها مخابرات الولايات المتحدة – بغاية الحيلولة دون إنتصار إيران فى الحرب الإيرانية – العراقية بين 1980-1988. و أيضا أغمضت الولايات المتحدة عينيها عن إستعمال صدّام حسين الغاز ضد الأكراد لا سيما فى حلبجا فى 1988 و على ذلك توجد أدلّة قطعية على فتل على الأقلّ خمسة آلاف كردي لأنّ صدّام حسين لا زال يُعتبر حليفا ممكنا للولايات المتحدة و لا يجب القيام بأي شيء لقطع تلك العلاقة .
أمّا بالنسبة للإنشغال بالأطفال فبين 1990 و 1996 كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن موت أزيد من 500 ألف طفل عراقي بإنكار حقّهم فى الماء النقي و الأدوية – و كذلك الغذاء المناسب – من خلال العقوبات . و حينها قال سفير الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة " نعتقد أنّ الثمن [ عقوبات الولايات المتحدة ضد العراق التى نجمت عنها وفاة 500 ألف طفل ] يستحقّ ذلك " . هذا هو جوهر الحديث عن " غضب لا يمكن وصفه " ، هذا ما يجعل جرائم رئيس سوريا الأسد الحقيقية فعلا شاحبة مقارنة بجرائم الولايات المتحدة الأمريكية .
القوانين العالمية هي القوانين التى تحدّدها الولايات المتحدة ... و الولايات المتحدة لا تخضع لها :
قال أوباما :" إذا لم نفرض محاسبة مثل هذا العمل المقرف ، ماذا سيقال عن تصميمنا على الوقوف فى وجه الذين يزدرون بالقوانين العالمية الأساسية ؟ "
و مع ذلك ، فى الخطاب نفسه ، يمنح أوباما نفسه حقّ " دوس القوانين العالمية الأساسية " – تحديدا قوانين الحرب التى بموجبها ليس " الهجوم العسكري قانونيّا إن لم يكن مباشرة مسألة دفاع عن النفس أو إن لم يكن عملية صادق عليها مجلس أمن الأمم المتحدة . يحبرنا أوباما بأنّ له حقّ تجاهل – أي " دوس " هذه القوانين : " أنا واثق من ما قامت به حكومتنا دون إنتظار مفتّشي الأمم المتحدة . أنا مستريح للتقدّم دون مصادقة مجلس الأمن الذى إلى الآن شُلّت حركته تماما وهو لا ينوى أن يحاسب الأسد ".
إذن ما هي الرسالة إن منحت قوّة إمبريالية عالمية عظمى لنفسها الحقّ فى مهاجمة من تختار مهاجمته فى أي وقت كان ، حتى و لو أنّ مثل هذا الهجوم يخرق القوانين و المبادئ التى حدّدتها هي نفسها ؟
إنّ المعاهدات و المنظّمات العالمية و ما يشار إليه ب " المجتمع الدولي " التى توجد فى عالم اليوم تخدم الإمبريالية الأمريكية و تعمل كمنتدى للتوسّط فى النزاعات بين الإمبريالية الأمريكية و القوى العالمية الأخرى . يوظّفها حكّام الولايات المتحدة فى خدمة مصالحهم. لكن حتى حين تعترض هذه القوانين طريقهم ، حينها يستبعدونها دون أن يرفّ لهم جفن .
القيم التى تحدّد ماهية الإمبريالية الأمريكية :
قال أوباما : " لا يمكن تنشأة أطفالنا فى عالم حيث لا نطبّق فيه صراحة ما نقوله و ما نوقّعه من إتفاقيّات و القيم التى تحدّد ماهيّتنا ".
هذا كلام القائد العام للإمبراطورية التى تجلس على قمّة عالم أين حياة الأطفال عالميّا يتهدّدها الجوع و الفقر و المرض و الحرب .أي هجوم للولايات المتحدة ضد سوريا متّصل بالحفاظ على هذا العالم الفظيع و الحفاظ على قوّة الولايات المتحدة لتواصل الهيمنة و تصون مثل هذا الكابوس الذى لا ينتهى .
هذه هي القيم التى تحدّد ماهية الولايات المتحدة و هذا هو ما توفّره الولايات المتحدة ل 1.9 مليار طفل حول العالم وهي تهدّد حتى الحياة المستقبلية على الأرض بتخريبها التعسّفي للبيئة .
حان أوان الإحتجاج ... حان أوان طريق آخر مغاير تماما :
إدّعى أوباما أنّه قد قرّر بعدُ مهاجمة سوريا و أنّ لديه سلطة القيام بذلك :" لكن إثر إتخاذى القرار كقائد عام إعتمادا على ما أنا مقتنع بأنّه فى مصلحة أمننا القومي ، أنا أذكر كذلك أنّنى رئيس أعرق ديمقراطية دستورية فى العالم . و لطالما إعتقدت أنّ قوّتنا متجذّرة ليس فى سطوتنا العسكرية فحسب بل فى كوننا مثال لحكم الشعب نفسه بنفسه و من أجل نفسه . و لهذا إتخذت قرارا ثانيا هو أنّنى سأبحث عن تصريح بإستعمال القوّة من قبل ممثّلي الشعب الأمريكي فى الكنغرس " .
إلاّ أنّ الخطاب المزدوج لأوباما و كلماته ذاتها تفضح أكذوبة "حكم الشعب نفسه بنفسه و من أجل نفسه". يقول مباشرة إنّه سيكون من الأفضل لمخطّطاته أن تمرّ عبر لغز الديمقراطية لجعل الناس ينخرطون فيها : " ومع ذلك ، فى حين أنّي أعتقد أنّ لي سلطة القيام بهذه العملية العسكرية دون تصريح خاص من الكنغرس ، أعلم أنّ البلاد ستكون أقوى إن إتبعنا هذا السبيل و ستكون عمليّاتنا أكثر فعاليّة " بكلمات أخرى ، هذا التأخير يتعلّق بتعزيز القبضة العسكرية للولايات المتحدة ضد سوريا و منافسين آخرين عبر العالم .
ما يحدث هنا هو تمرين فى الديمقراطية - لكنّه تمرين فى الديمقراطية الرأسمالية – الإمبريالية التى هي فى جوهرها دكتاتورية الطبقة الحاكمة الإمبريالية . شعر فريق أوباما أنّ لديه حرّية لكن أيضا ضرورة إلقاء هذا الخطاب و إطلاق هذه السيرورة التى يدعو إليها ، إلى جانب الحاجة إلى أيلاء عناية للمتابعين للوضع عالميّا ودفع الحلفاء إلى الإصطفاف فى خطّ واحد ومعالجة إستقطاب قوى عالمي معقّد و ذلك نظرا للنفاق العام المنتشر حول حالة أخرى من الأدلّة " الدامغة " و مغامرة عسكرية أمريكية أخرى .
لكن هذه ليست حكومة تناشد آراء الناس و تستمع إليهم . إنهم الحكّام الإمبرياليون الذين يرسمون حدود النقاش و إطاره ، مأكّدين على أن يحصر الناس تفكيرهم فى ذلك – لصنع رأي عام يدعم الجرائم التى قد قرّروا إرتكابها و يقبل بها .
ما من شيء جيّد فى هذا . هذا لا يتعلّق بسماح بإستثمار عام فى تحرّكات إستراتيجية للإمبريالية الأمريكية – إنّه يتعلّق بالإستعانة بالناس و بتشريكهم ضمن الحدود التى ترسمها الطبقة الحاكمة . إنّه يتعلّق بالترويج ليس لهذا الهجوم و حسب بل لكامل الإطار المقلوب رأٍا على عقب و المعوجّ .
آخر شيء يتعيّن على الناس القيام به الآن هو تنفّس الصعداء . بدلا من ذلك ، يجب إغتنام اللحظة لتنظيم الإحتجاجات و النقاشات و لتوزيع تغطية " الثورة " لكلّ هذا - و على وجه العموم مضامين موقع
Revcom.us
توزيعا واسع النطاق ، بما فى ذلك ، فى الجامعات و التقدّم كقوّة ملموة صلب الولايات المتحدة ترفض كامل إطار خطاب أوباما و أجندته .



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتخابات الإسرائيليّة البشعة - نزاعات محتدّة و تحدّيات جدي ...
- 12 سنة من غزو الولايات المتحدة للعراق خلّفت القتل و التعذيب ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) :حرب ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : لل ...
- بوب أفاكيان و ريموند لوتا يحلّلان إنتفاضات 2011 ( الفصل الأو ...
- مقدمة كتاب - نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخل ...
- - يا نساء العالم إتّحدن من أجل تحطيم النظام الإمبريالي و الأ ...
- الخلاصة الجديدة و قضية المرأة : تحرير النساء و الثورة الشيوع ...
- مقدّمة كتاب : - من ردود أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية على م ...
- آجيث – صورة لبقايا الماضي
- تحيّة حمراء للرفيق سانموغتسان الشيوعي إلى النهاية - الفصل ال ...
- تحيةّ حمراء لتشانغ تشن- تشياو أحد أبرز قادة الثورة الثقافية ...
- شارو مازومدار أحد رموز الماوية و قائد إنطلاقة حرب الشعب فى ا ...
- الإستعمار من جديد بإسم التطبيع وراء إعادة إرساء العلاقات الد ...
- مقدّمة كتاب - قيادات شيوعية ، رموز ماوية - ( العدد 17 من - ا ...
- عشر سنوات من قيادة الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) لحرب الشع ...
- الشيوعيّة أم القومية ؟
- المسؤولية و القيادة الثوريتين - الفصل السادس من كتاب من كتاب ...
- الأخلاق و الثورة و الهدف الشيوعي -الفصل الخامس من كتاب من كت ...
- فهم العالم من وجهة نظر علم الشيوعية


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - مقالات تحليلية لأحداث مصر و ليبيا و سوريا من جريدة - الثورة - ( الفصل الثاني من كتاب - نصوص عن الإنتفاضات فى بلدان عربية من منظور الخلاصة الجديدة للشيوعية -)