أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الإسلاموفوبيا . . تنميط المسلمين وتحنيط الثقافة الإسلامية















المزيد.....

الإسلاموفوبيا . . تنميط المسلمين وتحنيط الثقافة الإسلامية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4769 - 2015 / 4 / 6 - 12:52
المحور: الادب والفن
    


على الرغم من ظهور مصطلح الإسلاموفوبيا في العقد الثاني من القرن العشرين إلاّ أن شيوعه في المشهد الثقافي البريطاني يقترن غالباً بالهمجات الإرهابية التي شُنّت على برجي التجارة في 11 سبتمبر 2001 . فالماكنة الإعلامية البريطانية لا تختلف كثيراً عن شقيقاتها في أميركا والغرب الأوروبي عموماً حيث ينهمك هذا المثلث المرعب في شيطنة الإسلام والمسلمين، وتنميط ثقافتهم،والحضّ على كراهيتهم بغية تهميشهم واستبعادهم من الحياة العامة تحت ذرائع شتى أبرزها التحجّر الديني الذي لا يستجيب للتغيير ولا ينسجم مع روح العصر وكأن المسلمين جميعهم يعيشون في جزيرة منعزلة نأَت بنفسها عن الآخر وانفصلت عنه مع سبق الترصد والإصرار. ويذهبون أبعدَ من ذلك حينما يدّعون بأنّ المسلمين يفتقرون إلى منظومة القيم المشتركة التي تربطهم مع الثقافات والحضارات الأخرى في العالم، وأنهم بالنتيجة لا يؤثِّرون بالآخر ولا يتأثرون به بسبب القطيعة الثقافية، والجمود الفكري، ومنع الاجتهاد.
لَعِبت النظرة النمطية للإسلام والمسلمين على تكريس الإسلاموفوبيا أو الخوف المرَضي من الإسلام ذلك لأن الغرب الأوروبي يُصرّ على تقديمهم كأتباعٍ لديانة "بدائية، بربرية، متخلفة" نشروا الإسلام بحدِّ السيف، ومارسوا العنف والإرهاب ومازالوا يُمارسونه حتى الوقت الحاضر.
لم يقتصر هذا التطاول الفجّ على القرآن الكريم أو السُنة النبوية الشريفة وإنما تعدّاها إلى شخص الرسول الأمين محمد (ص) حيث وصفوه "بالساحر والمجنون والمستبد" وهو أنزهُ من هذه الافتراءات والنعوت الملفّقةالباطلة.
إذاً، لا يمكننا فهم مصطلح الإسلاموفوبيا ما لم نعد إلى العلاقة التي تربط بين المسلمين والعالم الأوروبي أو الغربي على وجه التحديد منذ بدء الفتوحات الإسلامية حتى يومنا هذا وما أسفرت عنه من هزائم متكررة للجانب الأوروبي على أيدي العرب والمسلمين في معركة اليرموك وفتح الأندلس وسواها من المعارك المستقرة في الذاكرة الجمعية لأبناء هذه المعمورة.
لم يسعَ الغرب قطعاً إلى فهم الإسلام فهماً علمياً دقيقاً ومحايداً، بل سعى إلى تنميطه وتشويه صورته في مختلف أرجاء العالم، وقد كرّس مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة كي تخدم هذا الغرض اللعين وتجعله مثل أمر واقع لا يمكن تصحيحه إلاّ بشقّ الأنفس.
لا شك في أن الغرب منحاز إلى الديانتين اليهودية والمسيحية ومتحامل على الديانة الإسلامية التي يقدِّمها دائماً على أنها ديانة مُستبدة، مُتحيزة، تُمجِّد العنف، وتُمارس الإرهاب. فلاغرابة أن ترتفع نبرة الأصوات المناوئة للإسلام ويكفي أن نشير هنا إلى الضجة الإعلامية التي أحدثتها رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي التي صدرت عام 1988وما تنطوي عليه من كمٍ هائل من المشاعر العدائية للإسلام والتطاول على شخص الرسول الأكرم محمد (ص) ومحاولة النيل من منزلته العظيمة ودوره الفاعل في تغيّير العالم على مدى أربعة عشر قرناً أو يزيد. وهناك العديد من الحالات العدائية المماثلة التي حدثت في الدنمارك وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وسواها من البلدان الأوروبية التي تحاول الطعن بالقرآن الكريم وشخصية الرسول الأعظم خاصة أو تشويه صورة الإسلام والمسلمين بصورة عامة.
إنّ مردّ هذه النظرة النمطية من قِبل الأوروبي أو الأميركي إلى المسلمين هو الجهل بالدين الإسلامي الحنيف الذي لا يُشكك أحد في سماحته إذا تأمله وأطال النظر فيه ولكن مشكلة هؤلاء المنحازين أصلاً إلى الديانتين اليهودية والمسيحية يهوّلون بعض الأحكام والإجراءات الإسلامية في بعض الدول العربية وليس كلها بالمطلق مثل الرجم، القتل بالسيف، وقطع يد السارق والسارقة، وتعدد الزوجات، ومنع النساء من قيادة السيارة، أو السفر من دون محْرَم، وإجبار الناس على تأدية فروض الصلاة بالقوة وكل ما من شأنه التضييق من الحريات الشخصية أو العامة، لذلك فهم يتخوفون من انتقال مثل هذه الإجراءات والشعائر والفروض الدينية إلى المجتمعات الغربية التي لا تُلزم أبناءها بأي قيد أو شرط بحيث يستطيع أن يكون الإنسان مُلحداً أو لا دينياً ولا يلج أي بيت من بيوت العبادة. كما لا تضع منظومة القيم الغربية شروطاً على الالتزام بالحياة الزوجية فكلاهما يستطيع أن يمارس الحب خارج إطار العلاقة الزوجية. وفي السياق ذاته يستطيع المواطن الغربي أن يتناول المشروبات الروحية وبعض أنواع المخدرات التي يسمح بها القانون الأوروبي بينما تحرّمها مجمل الدول الإسلامية وتنزل العقوبات الصارمة بالناس الذين يتاجرون بالمخدرات أو يتعاطونها أو يروِّجون لها.
لا يراعي الغرب منظومة القيم الإسلامية ويريدها أن تتطابق مع قيمه الغربية جملة وتفصيلاً خصوصاً فيما يتعلق بالحقوق الفردية والجماعية وبالذات حقوق المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى حرية الرأي، والدين، والمعتقد، وحق التظاهر، والانتخاب وتأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وما إلى ذلك من مظاهر الحياة المدنية المتحضرة.
يُدرك الغرب جيداً دوره الأساسي في تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في بلدان العالم الإسلامي فغالبية الأنظمة السياسية فيها دكتاتورية مستبدة فتكت ولا تزال تفتك بشعوبها الفقيرة التي يعيش غالبيتها تحت مستوى خط الفقر الأمر الذي يضع أبناءها في خانق الحاجة الماسة لتأمين هاجس الطعام وسدّ غائلة المِعد الخاوية التي تتضور جوعاً على مدار اليوم فلاغرابة أن يصبح بعضهم هدفاً للمجموعات الإرهابية المتطرفة التي تتربص بهم الدوائر.
ثمة عوامل كثيرة دفعت هؤلاء الفقراء والمضطهدين في العالم الإسلامي إلى الهجرة إلى بلدان العالم الغربي الذي يوفر لهم فرص العمل، وحرية الرأي والتعبير والعبادة، واشتراطات العيش الكريم لكنه بالمقابل يضعهم في دائرة الشك ويتوجس خيفه من نواياهم السريّة الدفينة، وربما يصنّفهم ضمن الخلايا النائمة التي يمكن لها أن تستفيق حينما تجد الحاضنة المناسبة لها وليس أدلّ على ذلك سوى التفجيرات الانتحارية الأربعة التي حدثت في 7 / 7 /2005 وراح ضحيتها 50 مواطناً بريئاً وما يقرب من 700 جريح.
إنّ هذه الأعمال الإرهابية التي يقوم بها نفرٌ ضال من المتطرفين هم الذين يؤججون المشاعر العدائية تجاه الإسلام والمسلمين ويضعونهم في موقف لا يُحسدون عليه خصوصاً وأنهم أصبحوا جزءاً من النسيج الاجتماعي البريطاني شاؤوا أم أبوا، وأن اشتراطات العيش المشترك تضطرهم في الأقل إلى الاعتراف بالثقافة البريطانية، واحترام قيمها الأخلاقية والاجتماعية والدينية.
إن خشية المواطن البريطاني من النَفَس الإسلاموفوبيوي لا يبرر له على الإطلاق أن يؤجج مشاعر العداء تجاه المسلمين الذين ساهموا في بناء المجتمع البريطاني على مدى قرنٍ أو يزيد. وأن وقوع عمل إرهابي هنا أو هناك وفي أوقات متباعدة لا يبرر لبعض البريطانيين "المتشددين" أن ينتقموا من المسلمين الذين يتمتعون بحق الإقامة الشرعية والعيش المشترك تحت خيمة المجتمع البريطاني الذي لا يفرق بين أبنائه على أساس العرق أو اللون أو الدين أو العقيدة.
وأن القانون البريطاني يجب أن يقف على مسافة واحدة من هذه الفسيفساء البشرية المتنوعة التي رصّعت خارطة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية بحيث فاق عدد الجنسيات الأجنبية التي تضمها المملكة المتحدة الـ 120 جنسية، حيث بلغت نسبة الديانات الأخرى كالإسلام واليهودية والسيخ والبوذية وبقية الديانات الأخرى نحو 29% فيما بلغت نسبة الديانة المسيحية 71% من نسبة السُكان في عموم المملكة المتحدة التي تسعى إلى حياة آمنة مُطمئنة لا يعتريها الخوف من الإسلام أو من أية ديانة سماوية أخرى.
على الرغم من هيمنة الخوف المرَضي من الإسلام في المملكة المتحدة إلاّ أنّ الأصوات المعتدلة كثيرة بمكان ولا يمكن حصرها في هذه المساحة الضيقة حيث يزخر الوسط الثقافي البريطاني بعشرات الأسماء الأدبية والفنية والفكرية والإعلامية التي ترفض هذه المخاوف المرَضية جملة وتفصيلاً وتتفاعل مع المسلمين بوصفهم مكوناً أصيلاً من مكونات المجتمع البريطاني المعاصر. ففي الجانب الفكري يمكننا الإشارة إلى الباحث الإسلامي البريطاني تموثي ونتر وهو مختص في العلاقات الإسلامية المسيحية وأخلاق الإسلام وقد ترجم العديد من كتب الغزالي أبرزها "إحياء علوم الدين" و "كتاب النفس والروح". والمفكر مارتن لينغز الذي يقترن اسمه بكتاب مهم يحمل عنوان "محمد رسول الله وحياته اعتماداً على أقدم المراجع"، والباحث والمترجم محمد مارمادوك بكتال الذي اشتهر بترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإنكليزية، والكاتبة والروائية البريطانية المثيرة للجدل إيفون ردلي التي أسَرتها قوات طالبان لكنها أعلنت إسلامها بعد الإفراج عنها ووصولها إلى المملكة المتحدة. وقد أصدرت عدداً من الكتب نذكر منها "في أيدي طالبان" ورواية "تذكرة إلى الجنة". وهي صحفية وإعلامية معروفة وتكتب في غالبية الصحف البريطانية. كما يحتضن الوسط الإعلامي البريطاني العديد من الأصوات المعتدلة أمثال الصحفية والمذيعة لورين بوث، وهي الأخت غير الشقيقة لزوجة توني بلير، وتُعرف بمناصرتها للقضية الفلسطينية. والصحفية والإعلامية سارة يوسف التي تعتبر من أكثر الشخصيات تأثيراً في المجتمع البريطاني وهي رئيسة تحرير مجلة "أميل". وفي السياق ذاته يمكن الإشارة إلى يوسف تشامبرز الداعية الإسلامي الذي عمل عدة مجلات وقنوات تلفازية أهمها مجلة الجمعة وقناة الإسلام. كما يزدان المشهد الفني أيضاً بعدد من الأصوات المعتدلة أبرزها المطرب كات ستيفنز الذي أصبح منشداً بعد أن غيّر اسمه إلى يوسف إسلام، وحمزة روبرتسون المنشد الإنكليزي الذي كان يُدعى سابقاً توم روبرتسون. ثمة أصوات معتدلة في مجالات أخرى مثل النائب جورج غالاوي، المناصر للقضية الفلسطينية، والباحث جوناثان بيرت، والكاتبة روزلين روشبروك التي غيّرت اسمها إلى رقيّة مقصود بعد أن تزوجت من وارث، الباكستاني المسلم، هذا إضافة إلى عشرات الأسماء الأخرى المعتدلة التي لا يسع المجال لذكرها جميعا.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود الرقابة على السينما (2 - 2)
- حدود الرقابة على السينما العربية (1 -2 )
- حضور الهولوكوست في السينما البولندية بعد خمسين عاما
- التناص الروائي مع الأحداث التاريخية
- الهاوية . . رواية لا تحتمل الترهل والتطويل
- مذكرات كلب عراقي
- أوراق من السيرة الذاتية لكلاويج صالح فتاح
- الغربة القسرية والحنين إلى الوطن في منازل الوحشة
- حدائق الرئيس
- مشرحة بغداد
- ماذا عن رواية «دعبول» لأمل بورتر
- النحات البلغاري سفيلِن بيتروف وثيماته الإماراتية
- كيم دونغ-هو في فيلمه الروائي الأول صُنع في الصين
- رانيا توفيق وليلى حطيط تستكشفان علاقتهما بالوطن الأصلي
- فرادة الابتكار وأصالة الصوت الشعري في -قلعة دزه- لصلاح نيازي
- ملامح الحداثة في الثقافة العراقية
- سخرية القشطيني
- التعالق النصيّ
- استثمار السيرة الذاتية
- ما وراء الجسد


المزيد.....




- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الإسلاموفوبيا . . تنميط المسلمين وتحنيط الثقافة الإسلامية