أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء السابع )















المزيد.....

اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء السابع )


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 21:44
المحور: الادب والفن
    


في هذا الفصل نكون قد وصلنا الى الجزء الخامس من كتاب الدكتور (سليم علي الوردي ) والذي يحمل عنوان (علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية )وهو كتاب يعالج منهج الراحل الوردي في دراسة المجتمع العراقي ,الفصل الخامس من كتاب الدكتور (سليم )يحمل عنوان (المذهب الوضعي عندما يتموضع ) يقول الدكتور (سليم )في بداية ذلك الفصل (يحلو للدكتور علي استخدام مصطلح الموضوعية ويشدد عليها في كثير من المناسبات ويصم خصومه باللاموضوعية .لقد كثر استخدام الموضوعية في ايامنا, وصار الكتاب على مختلف مشاربهم الفلسفية ومناهجهم في البحث ,يتمسكون به ويدعون اليه ,واكثر من ذلك فأن الموضوعية قد تحولت الى سمة سلوكية ,فهذا موضوعي وذاك لا موضوعي )
ويشير الدكتور (سليم ) بعد ذلك الى امر في غاية الاهمية وهو ان المتحدثين عن الموضوعية, يضمنونها مضمونا سلوكيا واخلاقيا بالدرجة الاولى ,فالتفسير الشائع للموضوعية هو الحياد واللا تحيز .والراحل الوردي انما كان يقتصر على تضمين مقولة (الموضوعية ) هذه المعاني فحسب متغافلا عن المضمون الفلسفي لتلك المقولة , وهو بذلك يريد الافلات من شباك الفلسفة حسب رأي الدكتور (سليم علي امين الوردي ) ويمضي (سليم )متسائلا لكن هل يمكن ان تكون موضوعيا وانت تنكر الموضوعية ؟
يقول الراحل الوردي (الحقيقة المطلقة غير موجودة وان هي وجدت فالعقل البشري لا يفهمها ولا يريد ان يفهمها لإنها لا تنفعه في الحياة .ان الانسان في حاجة الى الحقيقة النسبية التي تساعده على حل مشكلاته الراهنة ,وكثيرا ما يكون الوهم انفع له من الحقيقة المطلقة المعلقة في الفراغ ...والانسان مضطر اذن ان يبتدع كل مرة حقائق جديدة ليعالج بها مشكلاته الطارئة وهو لا يبالي بما يكمن في اعماق الكون من حقيقة مطلقة لا صلة لها بما هو عليه من هموم مهزلة العقل البشري ص190 )ويقول الراحل في موضع اخر (ان من مزايا هذا العصر الذي نعيش فيه ان الحقيقة المطلقة قد فقدت قيمتها واخذ يحل محلها سلطان الحقيقة النسبية ,فما هو حق في نظرك قد يكون باطلا في نظر غيرك .وما كان جميلا في نظرك امس قد ينقلب قبيحا عندك غدا المصدر السابق ص173 )والراحل الوردي وكما هو معروف يعتبر الخير والشر ,والحق والباطل امورا اعتبارية والنزاع فيهما هو نزاع على المقاييس اكثر منه نزاع على الحقائق ونظرة الراحل هذه متأتية من نزعته الوضعية التي يغلفها بغلاف الموضوعية كما يقول الدكتور (سليم ) وفي موضع اخر يقول الراحل الوردي (الذي نرجوه من اخواننا ان يعلموا بأن الدليل العقلي ذهب زمانه ,حيث حل محله ما اسماه (اوغست كونت ) بالدليل الوضعي وهو الذي ينبعث من مصلحة الانسان وتؤيده التجربة العلمية والبحث الموضوعي اسطورة الادب الرفيع ص356 )
نستخلص من الكلام اعلاه النتائج الآتية .
1ـ لا وجود للحقيقة المطلقة وان هي وجدت فان العقل البشري لا يفهما او لا يريد ان يفهمها .
يعلق الدكتور (سليم )على الفقرة اعلاه بقوله (ان مسالة وجود الحقيقة المطلقة من عدمه هو موضوعة فلسفية ولا يمكن بحال من الاحوال المرور عليها بهذا الشكل (لا وجود لها وان هي وجدت ) اذ ان على الباحث ان يقول رايه فيها ,ان وجود الحقيقة المطلقة او عدمه لا يغير بالنسبة شيئا كما يبدو للدكتور علي ,فهو يريد الافلات من شباك الفلسفة بأي ثمن ,وكأني به يريد ان يقول دعونا من الفلسفة من هذا اللغو الذي لا طائل من ورائه )
2ـ الراحل الوردي يعترف بسلطان الحقيقة النسبية وينكر وجود الحقيقة المطلقة .وبهذا يحاول تحطيم الجسور بين الحقائق المطلقة والنسبية وان يبني جدارا صينيا يفصلها عن بعضها البعض .واكثر من هذا فهو ينكر وجود الحقيقة الموضوعية ,نسبية كانت ام مطلقة دون ان يفسر لنا ما الذي يعنيه من (النسبية ) .
يعلق الدكتور (سليم )قائلا (ان النسبية في نظر الوردي تعني كل ما ينفع الناس ,فما ينفعني هو الحقيقة وان كانت بنظر الاخرين وهما او باطلا ,لانها تجر عليهم الضرر اننا هنا امام فهم مشوش للحقيقة على وجه العموم ولعنصريها النسبي والمطلق .وقد جرت هذه الصورة المشوشة الكاتب الى نكران الحقائق الموضوعية .ان الحقيقة هي انعكاس للواقع الموضوعي في دماغ البشر ,ولكن هذا الانعكاس لا يكون متكاملا ,لسبب بسيط هو ان الفكر البشري في حالة تطور مستمر والطبيعة بدورها لا تقف ساكنة راكدة في محل واحد ,بل هي في حالة حركة متواصلة .ان اي نكران لهذه الوحدة الجدلية بين المطلق والنسبي يقود الى اللاأدريه كما ان نكران التناقض بين هذين القطبين يعني الجمود والتحجر . ففي هذا التناقض تكمن حركة الفكر الانساني وتطوره .ليست هناك معارف ثابتة ومتكاملة كليا ,ولكن بالمقابل ,فأن المعارف الجديدة لا تنقض المعارف القديمة كليا .انها تصحح وتطور . ان الجديد لا يبدأ من الصفر ,فالاكتشافات الحديثة في ميدان الطاقة ما كانت لتنجز لو لم يبدأ الانسان البدائي باكتشاف النار بواسطة احتكاك الحجر .وتنسحب هذه الحقيقة على كافة معارف البشر وفي كافة الميادين .
3ـ ان آراء الدكتور علي لا تقتصر على الاعتراف بسلطان الحقائق النسبية واهمال الحقائق المطلقة ,بل تتعداها الى فكرة خطرة ,تدعو الانسان الى ان يبتدع باستمرار ,حقائق يعالج بها مشكلاته الطارئة . يعلق الدكتور (سليم ) على فلسفة الراحل بقوله ( تنبعث من هذه الفكرة رائحة برغماتية صرفة تزكم الانوف فالحقيقة عند الكاتب تساوي المنفعة ,ومعيار الحقيقة هو النفع الذي يجنيه المرء من وراءها .كل ما يجلب النفع والربح هو الحقيقة بعينها . الحروب الاستعمارية وفق منطق المذهب الوضعي البرغماتي مبررة .الاستغلال الذي يحقق الربح حقيقة . منطق الدكتور على يقول ان لكل انسان حقائقه , وهو مستعد ان يتخلى عن الحقيقة التي تمسك بها البارحة اذا لم تعد نافعة له , ويضطر للتفتيش في سوق الحقائق ليعثر على حقائق نافعة تدر عليه الربح ... الامور جميعها نسبية ,ولتذهب الفلسفة وقوانينها وحقائقها الى الجحيم )ويطالبنا الدكتور (سليم ) بتطبيق تلك الحقائق البراغماتية التي ينادي بها الراحل على مستويات الصراع الاقتصادي والسياسي في العالم العربي, لاختبار صمودها امام النقد يقول (سليم ) ( كلنا يعرف اليوم الصراع المحتدم بين الدول المتحررة, المصدرة للبترول من جانب والدول الاستعمارية المستهلكة له من جانب اخر .من مصلحة الاولى زيادة اسعار البترول لمواجهة موجات التضخم العالمي المتصاعد . اما الثانية فمن مصلحتها ابقاء الاسعار بدون زيادة او بزيادات طفيفة . الفريقان تحركهما مصالحهما ... اين هي الحقيقة ومع من الحق وفق المذهب البراغماتي ؟ يدفعنا المنطق البرغماتي الى مواجهة حقيقتين متناقضتين . ما عساه يقول الباحث العلمي الموضوعي المحايد؟ ... هل سيصمت ويهرب من الميدان كما هرب اخوان له من قبل من معممة الفلسفة ؟
لا فالمنطق البرغماتي الذي يسبغ عليه صفة الحياد ,يريد منا جوابا (حقائق نافعة ) لا بد له من الادلاء برأيه لابد له ان يرمي بثقله في احدى الكفتين المتناقضتين , وعندها ستكون الحقيقة بالطبع في الكفة الراجحة ... هذا يعني اذا ما وفق جهابذة الفكر الاقتصادي البرجوازي ,ومخططو السياسات الاستعمارية من اختلاق (الحقائق المناسبة ) المبررة لسلوك الاحتكارات الاستغلالية فأن الحقيقة ستكون الى جانبهم ...وهكذا يزول الحياد ويحل محله الانحياز تحت شعار (الحقائق البرغماتية ) ... الم نقل ان من حق اي انسان ان يخترع حقائقه النافعة والخاصة به ..
ان الباحث الموضوعي هو الذي يكشف عن القوانين الموضوعية لتطور المجتمع البشري ويلقي الضوء على مستلزمات هذا التطور ولا يحتاج الى اختلاق الحقائق وابتداعها لان الحقائق الموضوعية الى جانبه ولصالحه .الباحث الموضوعي هو من يمتلك نظرة شمولية للمرحلة التي يمر بها المجتمع البشري .الباحث الموضوعي اليوم هو الذي ينحاز ضد الاستعمار ويكشف عن الدور الذي يلعبه في اعاقة تطور المجتمع البشري نحو الغد الافضل .ان من يغفل هذه الحقائق او يتغافل عنها انما هو عدو للحقيقة ول يمكن ان يكون موضوعيا .
4ـ ان التضمين الوضعي البرغماتي لمفهوم نسبية الحقيقة الذي يتحدث عنه الدكتور علي ,يؤدي بالنتيجة الى نكران وجود الحقيقة الموضوعية كما اسلفنا او على الاقل تضييعها في خضم الحقائق البرغماتية الذاتية التي لا عد لها ولا حصر .بعد كل هذا يتحدث الكاتب عن الموضوعية في البحث ويدعو اليها . اية موضوعية هذه التي لا تعترف بوجود الحقيقة الموضوعية .اكاد اشبه هذا التناقض بالمرء الذي يدعي الحب ويدعو له ,بينما هو لا يؤمن بوجوده , او من يدعو الى الخير ويحارب الشر ,بينما يؤمن (الخير والشر ) امران اعتباريان لا غير فما هو خير بالنسبة لي قد يكون شرا بالنسبة لك , وكلانا على حق.
لا يكفي ان نحبذ الموضوعية باعتبارها تقليعة هذا العصر بل يتوجب علينا فهم مغزاها واهميتها في ميدان البحث .الموضوعية هي قبل كل شيء خاصية ملازمة لعملية المعرفة العلمية التي تستهدف استكشاف القوانين الموضوعية التي تحكم حركة الكون والمجتمع .وتكتسب المعرفة السوسيولوجية طابعا موضوعيا عندما تميط اللثام عن النواميس والقوانين الموضوعية التي تحكم تطور المجتمع البشري وحركته الصاعدة .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء السا ...
- اسطورة علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي (الجزء الخامس )
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي (الجزء الخ ...
- اسطورة علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الرابع )
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الثا ...
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الثا ...
- اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي الجزء الاو ...
- الرمزية في حياة العراقيين
- العودة الى مغامرات السندباد البحري
- هل تجوز المفاضلة بين السيد المالكي والسيد العبادي ؟
- هل زور التاريخ ام لا؟
- من المسؤول عن تحديد قناعاتنا الشخصية ؟
- فقه الحسين بن علي (عليهما السلام )
- فيروز واحزاب الاسلام السياسي
- التكريم جاء متأخرا
- أميركا في ميزان الكاتب العراقي عبدالخالق حسين
- الشيعة والاميركان
- المالكي والانقلاب الذي لابد منه
- إسلام مسرطن
- الثورة المزعومة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء السابع )