أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - الخلاصة في الإقطاع شرقاً وغرباً















المزيد.....

الخلاصة في الإقطاع شرقاً وغرباً


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 4763 - 2015 / 3 / 30 - 00:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الخلاصة في الإقطاع شرقاً وغرباً
----------------------------------
الفرضية المنهجية الَّتي يمكن تقديمها هنا هي أن الإقطاع فى الشرق لا يختلف، كما يدعى، عن الإقطاع فى الغرب. بل هو نمط إنتاج واحد: إقطاعي. إذ يمكننا أن نعقد مقارنة بين الإقطاع في الشرق الإسلامي والغرب اللاتيني في ضوء ما لدينا من مصادر تؤكد لنا أن جوهر الإقطاع لا يختلف في الشرق عنه في الغرب: منتج مباشر مستغل. نخبة حاكمة مستغلة. ريع عيني ينقل إلى مخازن الملاك. ريع نقدي يتدفق إلى خزائنهم. قد يتغير الشكل. قد يتغير اسم المستغل وصفته. قد يختلف مكان الاستغلال. قد تتبدل الالتزامات. ولكن تظل الروح واحدة لا تتغير، والقواعد الكلية واحدة لا تتبدل."المجتمع الإقطاعي حيثما يكون في الشرق أو الغرب مجتمع جامد طبقي البنيان والمظهر والمخبر، وحقوق الفرد في هذا المجتمع تختلف بحسب الطبقة الّتي ينتمي إليها الفرد نفسه، والعلاقة بين الطبقات نفسها تختلف باختلاف وضعها في المدرج الإقطاعي، ولذا استطاع السبكي والقلقشندي والمقريزي تقسيم المجتمع المملوكي في سهولة، ومن زوايا مختلفة". (إبراهيم طرخان، النظم الإقطاعية: في الشرق الأوسط في العصور الوسطى). ولمن يهوون القول باختلاف الإقطاع في الشرق عن الإقطاع في الغرب، يمكننا بوجه عام أن نسايرهم، ونلاحظ أمرين: الأمر الأول بشأن الحيازة، والأمر الثاني بشأن إنتقال الأرض بالوفاة إلى الورثة. والأمران نتصور أنهما في غاية الشكلية. ولا بأس من إيضاحهما، وقبل ذلك نذكر أن الماوردي (974-1058) كتب:"وإقطاع السلطان مختص بما جاز فيه تصرفه ونفذت فيه أوامره، ولا يصح فيما تعين فيه مالكه وتميز مستحقه. وهو ضربان: إقطاع تمليك وإقطاع استغلال. فأما إقطاع التمليك فتنقسم فيه الأرض المقطعة ثلاثة أقسام: موات وعامر ومعادن، فأما الموات فعلى ضربين: أحدهما ما لم يزل مواتاً على قديم الدهر فلم تجز فيه عمارة ولا يثبت عليه ملك... والضرب الثاني... ما كان عامراً فخرب فصار مواتاً عاطلاً وذلك ضربان: أحدهما ما كان جاهلياً كأرض عاد وثمود فهي كالموات الذي لم يثبت فيه عمارة ويجوز إقطاعه... والضرب الثاني ما كان إسلامياً جرى عليه ملك المسلمين ثم خرب حتّى صار مواتاً عاطلاً... وأما العامر فضربان: أحدهما ما تعين مالكه للسلطان فيه إلا ما يتعلق بتلك الأرض من حقوق بيت المال. والقسم الثاني من العامر: أرض الخراج... والقسم الثالث: ما مات عنه أربابه ولم يستحقه وارثه بفرض ولا تعصيب".( الماوردي، الأحكام السلطانية والولاية الدينية. وقارن: إبن إياس، نزهة الأمم في العجائب والحكم). فمن الواضح، وفقاً لنص الماوردي، أن الإقطاع في الشرق يجد له سنداً تنظيمياً وغطاءً أيديولوجياً، على خلاف الإقطاع في الغرب الَّذي فرضه الظرف التاريخي. وإذ كان هذا وجه إختلاف، فوجهان آخران لدينا: فبصدد الحيازة: لم يكن للحائز في الشرق سوى سلطة استغلال وانتفاع دون التصرف؛ لأن المالك الوحيد للأرض جميعها، فيما عدا بعض الاستثناءات، هو الخليفة. الَّذي يستطيع أن ينزع الملكية وقتما شاء ممن يشاء، فمثلاً كانت بعض أراضي الشرقية والبحيرة موهوبة بمثابة إقطاعات للبدو من قبيلتي جزام وصليب الَّلتين كانت فرقهما تدخل في عداد الجيش النظامي، غير أن السلطان صلاح الدين نزع هذه الإقطاعات منهما عقاباً لهم على عقد صفقة سرية من الحبوب مع الصليبين . المقريزي، السلوك) . كما نزع السلطان الكثير من إقطاعات الأكراد كعقاب لهما على هزيمتهما في الرملة في عام 1177.( المقريزي، الخطط). أما عن انتقال الحيازة بالوفاة إلى الورثة، فقد كانت الأرض، في غرب أوروبا، تنتقل إلى أكبر الأبناء الذكور، وهو الأمر الذي كان له نتائج غاية في الخطورة على النظام الإقطاعي نفسه. أما في الشرق فالإقطاع سواء كان في مصر أو سوريا يمكن أن يتحول وفقاً للوظيفة الحربية، ويخبرنا ابن عبد الظاهر أن إقطاع الأمير شهاب الدين القمري انتقل لابنه بعد موته، ولكن إقطاع الأمير شرف الدين الَّذي وقع في الأسر على يد الصليبيين في بداية 1261، استبقاه السلطان لإخوته. والمقريزي في عام 1265 يستشهد بنص مرسوم بيبرس الخاص بتوزيع الإقطاعات على الأمراء في الريف والقرى الَّتي تقع حول المناطق التي تم نزعها من الصليبيين في قيسارية وأرسوف؛ علاوة على أنه يؤكد على الطبيعة الوراثية لهذه الأوضاع. وإعادة توزيع الإقطاعات بالشكل الوراثي يرجع في الأغلب للعادات الموجودة الخاصة بأمراء المماليك الكبار، الَّذين لا يمكنهم أن يرثوا وظائف أبائهم وبالتالي إقطاعاتهم. والمصادر تؤكد أن عزل الأمير أو وفاته تستتبع إعادة توزيع إقطاعه على الآخرين، وكان المحاربون يتعرضون لفقد إقطاعاتهم إذا ما ارتكبوا ما يخالف القواعد المتوارثة. على ذلك، قد يتبدى الاختلاف في النشأة ربما أو التنظيم أو عوامل التطور والإنهيار، ومع ذلك يمكننا أن نرى نشأة الإقطاع في الشرق مشابهة، في بعض الأحيان، لما حدث في الغرب اللاتيني؛ إذ نجد أن من أهم الأسباب الَّتي أدت إلى ازدياد عدد الضياع عند الخلفاء وذويهم، نظام الإلجاء؛ فقد كان الأهالي الضعفاء يقومون بإلجاء ضياعهم إلى الأقوياء من أقارب الخليفة أو الوزراء أو كبار رجال الدولة، للتخلص من جباة الخراج الَّذين كانوا يغضون النظر عن هذه الأراضي الملجأة فلا تخضع لجبايتهم. وبذلك يخف الخراج عن أصحاب الضياع الضعفاء، وبمرور الزمن تصبح هذه الضياع ملكاً للملجأ إليه، في حين أن وضع المالك الأصلي يتبدل إلى حالة مزارع في الأرض. وترجع هذه الطريقة، فيما يبدو، إلى العصر الأموي، حيث ألجأ الكثير من الفلاحين أراضيهم إلى مسلمة بن عبد الملك بن مروان في أثناء ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي للعراق. كما توجد أمثلة أخرى بعد قيام الدولة العباسية، ففي عهد المنصور، على سبيل المثال، ألجأ رجل من أهل الأهواز ضيعته إلى الوزير سليمان بن مخلد المعروف بأبي أيوب المرياني. "جاء رجل من أهل الأهواز إلى أبي أيوب، وهو وزير، فقال له: إن ضيعتي بالأهواز قد حمل علي فيها العمال، فإن رأى الوزير أن يعيرني اسمه أجعله عليها، وأحمل إليه في كل سنة مئة ألف درهم؟" (أبو عبد الله الجهشياري، كتاب الوزراء والكتاب)،.كما أننا نجد تشابهاً آخر؛ إذ كانت ملكية الأرض في عهد الدولة الأيوبية تقوم في أغلبها على النظام الفئوي الهرمي الشبيه في أساسه بالأشكال السائدة في غرب أوروبا في العصور الوسطى، وكانت الفئات الحاكمة تتكون في أغلبها من الأعيان المحاربين الذين ينحدرون من الأصل التركي. ونذكر أخيراً أن د. زكريا نصر يذكر وجهين آخرين للاختلاف بين الإقطاع الأوروبي والإقطاع في الشرق، وبصفة خاصة في العهد المماليكي، ولكنها أيضا شكلية:"أولاً: إن الفرق شاسع بين طبقة الإقطاع في أوروبا وجلهم من أحفاد أمراء ورؤساء القبائل البربرية وبين طبقة من الأرقاء المستوردين... ثانياً: كانت المدن الأوروبية تتمتع بحريات انتزعتها من أمراء الإقطاع فأصبحت مجالات لنظم تغاير أساساً النظام الإقطاعي القائم على التبعية الشخصية ورق الأرض، الأمر الَّذي هيأ الفرصة في مرحلة معينة من التطور لظهور نظام اجتماعي جديد كان مصيره القضاء على الإقطاع نهائياً. أما المدن المصرية فقد كانت هي أيضاً كالأرياف خاضعة خضوعاً كبيراً لسلطان المماليك، فهؤلاء كانوا وعسكرهم يقطنون المدن ويملكون فيها لا القصور فحسب بل والعقارات والحوانيت والأسواق الَّتي تدر دخلاً من تأجيرها...".
--------------------



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهجية فهم التاريخ الاقتصادي
- التكون التاريخي لتخلف أمريكا اللاتينية
- تاريخ ضائع
- التبادل متكافيء
- أرسطو (المنطق، والقانون، والاقتصاد)
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (6)
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (5)
- المدرسيون: من الإقطاع إلى الثمن العادل
- من أجل الزيت!
- نهاية الاقتصاد السياسي: من العلم إلى الفن التجريبي
- من الاقتصاد السياسي إلى الاقتصاد
- مدرسة الإسكندرية للاقتصاد السياسي: المحاضرة الأولى
- ماتت شيماء
- جدول محاضرات الدورة العلمية السادسة
- مدرسة الإسكندرية للاقتصاد السياسي
- من ريكاردو إلى ماركس عبر قانون القيمة
- العصور الوسطى: تعليق على المصطلح
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (4)
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (1)
- محاضرات مدرسة الإسكندرية (2)


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - الخلاصة في الإقطاع شرقاً وغرباً