أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - نقد فلسفة التحطيم الحداثية














المزيد.....

نقد فلسفة التحطيم الحداثية


رواء محمود حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4761 - 2015 / 3 / 28 - 06:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المفهوم الغربي الأكثر إلتصاقاً بالحداثة، كما يرى الآن تورين، هو أن التحديث يفرض تحطيم العلاقات الإجتماعية والعادات والمشاعر والإعتقادات المسماة بالتقليدية، وأن فاعل التحديث ليس فئة أو طبقة اجتماعية وإنما هو العقل نفسه، والضرورة التاريخية الممهدة لإنتصاره. وهكذا أصبحت العقلانية، وهي عنصر الحداثة الرئيس، آلية تلقائية وضرورية. أي أن هذا التحديث إنجاز العقل نفسه وليس منجزاً لطاغية مستنير أو ثورة شعبية أو إرادة نخبة حاكمة. إن هدف السياسات الوحيد هو إخلاء الطريق للعقل: بإلغاء اللوائح، وقوانين الحماية الخاصة بالطوائف المهنية والعوائق الجمركية، وتوفير الأمان وإمكانيات التنبؤ التي يحتاجها صاحب المشروع، وتأهيل الإداريين والفنيين الواعين والأكفاء ( تورين: " نقد الحداثة "، ترجمة أنور مغيث، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 1997 م، ص 30 – 31).
ويضيف تورين أن الغرب قد تمثل الحداثة وعاشها كثورة. إن العقل لا يعترف بأي مكتسب من الماضي، بل على العكس يتخلص من المعتقدات وأشكال التنظيم الإجتماعي التي لا تؤسس على النوع العلمي. إن فلسفة التنوير ( علم جديد )، وإتجاه حداثي يعمل على معرفة علمية للمجتمع وللشخصية، سواء كان هذا النموذج آلي أم عضوي أم سيبرناطيقي، أو النظرية العامة للأنساق. الآيديولوجيا الغربية للحداثة ألغت فكرة الدين والذات واستبدلت تشريح الجثث ودراسة نقاط التلاحم العصبي في المخ بالتأملات بالنفس. يؤكد أنصار الحداثة أنه لا المجتمع ولا الفرد ولا التاريخ تخضع لإرادة كائن أسمى يجب الإذعان له أو التأثير عليه بواسطة السحر ( تورين: نفسه، ص 31 – 32).

السؤال الأساسي الذي يطرح هنا في نقد فلسفة التحطيم للآيديولوجيا الحداثية الغربية كما يصورها تورين، هو: هل من العقلاني أن يشترط العقل تحطيم العلاقات الإجتماعية والعادات والمشاعر والإعتقادات المسماة بالتقليدية، كما يرى تورين، ليكون هذا التحطيم الشرط الوحيد للتحديث؟
والسؤال الآخر في السياق ذاته: أليست العلاقات الإجتماعية والعادات والمشاعر والإعتقادات مسائل من العقل ذاته؟ يعني: أليس العقل ذاته يشترط وجود علاقات اجتماعية بموجب أن الإنسان إجتماعي بطبعه، وأن الإنسان في ظل حاجته الماسة لأخيه الإنسان ينتج علاقات إجتماعية غاية في العقلنة والأنسنة والمنظور الإجتماعي ذاته.
ويبقى السؤال أيضاً مطروحاً، وبشكل رئيسي: أي حياة إنسانية يتم الحديث عنها بعد أن تحطيم كل القيم والعادات والتقاليد والمشاعر؟ وأي إنسان يتبقى وقد تحطم كل شيء هكذا وبسرعة وأمام ناظريه؟ أين تنتظم ( فلسفة التحطيم ) بالمنظور التوريني المتقدم من قضايا بالغة الأهمية من قبيل التسامح والتعددية والحوار إذا تم تحطيم كل شيء؟
لا تاريخ، ولا علاقات إجتماعية يجعل من الضروري الإلحاح بالسؤال الآتي: أين الإنسان إذا ما تم تحطيم ما تمت تحطيمه من قبل الإيديولوجية الحداثية؟
يؤكد هربرت ماركوز أن العقلانية المحدثة تنطوي في شكلها النظري والتجريبي على نزعة جذرية نقدية مشتطة في المنهج العلمي والفلسفي ( هربرت ماركوز: " الإنسان ذو البعد الواحد"، ترجمة جورج طرابيشي، ط3، دار الآداب، بيروت، 1988 م، ص 50). إن أحد المعالجات الجذرية من أجل أن تعيد ( فلسفة التحطيم الحداثية ) النظر في تقنياتها النقدية هو أن تراجع ما قررته المدرسة الوظيفية في علم الاجتماع، كما يصورها أنتوني غدنز، في كتابه ذائع الصيت " علم الاجتماع " وترى هذه المدرسة ان النظام الاجتماعي معقد وتعمل اجزائه سوياً لتحقيق الاستقرار. ويغدو علم الإجتماع وفق هذه المقاربة استقصاءً لعلاقة مكونات المجتمع بعضها بالبعض الآخر، وصلتها بالمجتمع برمته. وعلى هذا الأساس يمكن تحليل المعتقدات الدينية والعلاقات الإجتماعية بإظهار صلتها بغيرها من مؤسسات المجتمع لأن أجزاء المجتمع المختلفة تنمو بصورة متقاربة مع بعضها البعض الآخر. ولدراسة الوظيفة التي تؤديها إحدى الممارسات أو المؤسسات الإجتماعية، فإن علينا أن نحلل ما تقدمه المساهمة أو الممارسة لضمان ديمومة المجتمع. ولقد استخدم الوظيفيون، ومنهم أميل دوركايم، مبدأ المشابهة العضوية للمقارنة بين عمل المجتمع بما يناظره في الكائنات العضوية. ويؤكد الوظيفيون أن أجزاء المجتمع وأطرافه تعمل سوياً وبصورة متناسقة كما تعمل أعضاء الجسم البشري، لما فيه نفع المجتمع بمجمله. ومن أجل دراسة أحد أعضاء الجسم، كالقلب على سبيل المثال، فإن علينا أن نبين كيفية ارتباطه بأعضاء الجسم الآخر ووظائفه. وعند ضخ الدم في سائر أجزاء الجسم، يؤدي القلب دوراً حيوياً في استمرا الحياة في الكائن الحي. وبالمثل، فإن تحليل الوظائف التي يقوم بها أحد تكوينات المجتمع يتطلب منا أن نبين الدور الذي تلعبه في استمرار وجود المجتمع ودوام عافيته ( أنتوني غدنز: " علم الإجتماع "، ترجمة وتقديم الدكتور فايز الصباغ، ط1، المنظمة العربية للترجمة، 2005، ص 74).



#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياق الإيديولوجي للعقل الحديث واختلاف البنية الثقافية
- ما المفهوم الدقيق للحداثة؟
- لآن تورين ونقد الحداثة: بداية نقدية
- التواضع بوصفه حلاً من احترام الذات إلى الاستقرار العاطفي ومع ...
- في الإلحاح الناتج عن القلق
- في المشاعر والقلق الشعوري
- مقاربة في السلوكيات
- تاريخ المشقة ومعالجة الفشل
- روبرت ليهي من (أسلوب تعطيل الفكر) إلى ( طريقة التمكين الشخصي ...
- مقدمة في العلاج المعرفي للقلق عند روبرت ليهي
- كارل بوبر قراءة أولى على طريق الإستكشاف الفلسفي
- إعادة اكتشاف تراث ابن رشد د. حسن مجيد العبيدي والإستمداد الم ...
- جوزيف سايفرت ومنهاجية الحوار الديني في الفينومينولوجيا الواق ...
- إميل بوترو عن الدين وعلاقته بالعلم في الفلسفة المعاصرة
- ما وراء الغرب الانتحار والعدمية والتدهور
- اكتشاف سعيد النورسي مدخل مفاهيمي الى (سيرة ذاتية) ‏
- في نقد العقل المتفرد
- مناقشة د. حسام الآلوسي: التطور والنسبية في الاخلاق يلغي الاخ ...


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - نقد فلسفة التحطيم الحداثية