أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - ما المفهوم الدقيق للحداثة؟














المزيد.....

ما المفهوم الدقيق للحداثة؟


رواء محمود حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4711 - 2015 / 2 / 5 - 08:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



يؤكد تورين أن فكرة الحداثة، في شكلها الأشد تواضعاً والأكثر صلابة، عندما تحددت بتدمير النظم القديمة، وبإنتصار العقلانية، قد فقدت قوتها في الإبداع والتحرر، ولا تستطيع الصمود أمام القوى المتعارضة مثل الدعوة لتحرير الإنسان وصعود العنصرية والإختلافية. ويبين تورين أن نقطة الإنطلاق في كتابه: " نقد الحداثة"، مع الأخذ بالإعتبار رفض العودة إلى التراث والجماعة، البحث عن تحديد جديد للحداثة وتفسير جديد أيضاً لتاريخ ( نا ) الحديث الذي غالباً ما يختزل في المسار التحريري والضروري لصعود العقل والعلمنة. مع ذلك فلا يمكن تعريف الحداثة على أنها العقلنة فقط، وإنما كتيار متدفق من التغييرات يروج لمنطق السلطة ولتصلب الهويات الثقافية، عندها لا يصبح واضحاً أن الحداثة تتحدث أساساً بهذا الأنفصال المتنامي بين العالم الموضوعي، الذي خلقه العقل باتفاق مع القوانين الطبيعية، وبين عالم الذاتية، الذي هو عالم الفردية، أو تحديداً عالم الدعوة إلى الحرية الشخصية؟ لقد مزقت الحداثة العالم المقدس الذي كان إلهياً وطبيعياً من جانب، وشفافاً ومخلوقاً من جانب آخر. ولم تحل محله عالم العلمنة والعقل، والحداثة حين ردت الغايات الأخروية إلى عالم لا يستطيع الإنسان أن يبلغه، فرضت الإنفصال بين ذات هابطة من السماء إلى الإرض متخذة مظهراً إنسانياً، وبين عالم موضوعات تتلاعب به التقنيات. يقرر تورين أن الحداثة قد أطاحت بوحدة عالم خلقته الإرادة الإلهية، أو العقل أو التاريخ وحلت محله العقلانية وتحقيق الذات الإنسانية. ويبين تورين بوضوح شديد أن هدف كتابه: " نقد الحداثة" هو عرض إنتصار المفاهيم العقلانية للحداثة رغم تصدي الثنائية الدينية المسيحية لهذه المفاهيم، هذه الثنائية التي تبث الروح في فكر ديكارت وفي نظريات الحق الطبيعي وإعلان حقوق الإنسان ( الآن تورين: " نقد الحداثة"، ترجمة أنور مغيث، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 1997 م، ص 23 – 24).
والسؤال الذي يطرح في معرض نقد تحديدات تورين للحداثة هو: كيف يمكن لتورين أن يجزم أن هذا هو المفهوم الذي تحدد به الحداثة؟ في حين اتجه فلاسفة آخرون بمستوى يورجن هابرماس وبالتحديد في كتابه: " القول الفلسفي للحداثة" أن الحداثة مشروع لم ينجز بعد. يشير هابرماس إلى استقبال ألمانيا للفلسفة البنيوية الفرنسية الجديدة، والتي احتلت جوانبها أهمية في ذهن الجمهور، وكذلك الأمر بالنسبة لتعبير ( بعد – الحداثة ) الذي أطلق في منشور ليوتار، ولهذا فإن التحدي الذي يشكله نقد العقل الذي قادته البنيوية الجديدة يحدد زاوية الرؤية التي يحاول هابرماس من خلالها إعادة بناء القول الفلسفي للحداثة منذ نهاية القرن الثامن عشر، هذا القول الذي جعل من الحداثة موضوعاً فلسفياً. إن القول الفلسفي للحداثة يتقاطع مع القول الجمالي في جوانب عديدة ( يورجن هابرماس: " القول الفلسفي للحداثة"، ترجمة د. فاطمة الجيوشي، دمشق، 1995 م، ص 5 – 6).
إذن لا يمكن التوافق مع تورين في أن المفهوم الذي عرضه للحداثة نهائي ومكتمل وقطعي. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فالمتفحص لأفكار تورين حول الحداثة يلاحظ أن مفهوم الحداثة عند تورين مبني بالدرجة الأساس على ( القطيعة ) مع المقدس والديني والتراثي من جهة، ثم أنه مرتكز على نقد ما يمكن تسميته ( بالمفهوم الأوربي حول المسيحية). إذاً هو ليس بمفهوم كوني بل هو مفهوم لأحد المفكرين الأوربيين، تورين، وليس كل الفكر الأوربي حول الحداثة، وبالتالي هو مفهوم ( محلي أوربي ) وليس مفهوماً ( كونياً ) بحيث يعمم على الأنماط الحداثية الأخرى للبنيات الثقافية في أماكن أخرى من العالم.
يكشف هابرماس عن ( مركزية الفكرة الأوربية ) من خلال العودة إلى مجموعة الدراسات في سوسيولوجيا الدين عند ماكس فيبر وقد كرس حياته كلها لهذه القضية، وهي: لماذا لم يتجه التطور العلمي والسياسي والفني والإقتصادي إلا في أوربا على دروب التعقيل الخاص بالغرب؟ كما إن وجود صلة داخلية لا يمكنها أن تكون محض جواز بين الحداثة وبين ما كان يسميه ب ( العقلانية الغربية ) كان ولا يزال أمراً مفروغاً منه. فك السحر، حسب وصف فيبر، مع ما تلاه من تفكيك التصورات الدينية للعالم تفككاً أوجد في أوربا ثقافة لا دينية هو عملية عقلانية. فالعلوم التجريبية الحديثة، والفنون، والنظريات الأخلاقية والتشريعية أصبحت مستقلة. ويرى هابرماس أن هذه القطيعة تقطع الصلة الداخلية بين الحداثة والإستمرار الداخلي للعقلانية الغربية، بحيث يصبح من الممتنع فهم عمليات التحديث بصفتها عمليات تعقيل، أي بوصفها التاريخ الموضوعي للبنى العقلانية ( هابرماس: نفسه، ص 7 – 9).
والسؤال الذي يطرح أيضاً: هل يتعين على الحداثة من أجل أن تكون حداثة أن تكون مبنية على القطيعة مع ما هو مقدس وتاريخي؟ والسؤال الأهم: الأ يمكن أن تكون الحداثة مبنية على نظام التواصل بين المقدس والدنيوي، وبين الماضي والحاضر والمستقبل؟



#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لآن تورين ونقد الحداثة: بداية نقدية
- التواضع بوصفه حلاً من احترام الذات إلى الاستقرار العاطفي ومع ...
- في الإلحاح الناتج عن القلق
- في المشاعر والقلق الشعوري
- مقاربة في السلوكيات
- تاريخ المشقة ومعالجة الفشل
- روبرت ليهي من (أسلوب تعطيل الفكر) إلى ( طريقة التمكين الشخصي ...
- مقدمة في العلاج المعرفي للقلق عند روبرت ليهي
- كارل بوبر قراءة أولى على طريق الإستكشاف الفلسفي
- إعادة اكتشاف تراث ابن رشد د. حسن مجيد العبيدي والإستمداد الم ...
- جوزيف سايفرت ومنهاجية الحوار الديني في الفينومينولوجيا الواق ...
- إميل بوترو عن الدين وعلاقته بالعلم في الفلسفة المعاصرة
- ما وراء الغرب الانتحار والعدمية والتدهور
- اكتشاف سعيد النورسي مدخل مفاهيمي الى (سيرة ذاتية) ‏
- في نقد العقل المتفرد
- مناقشة د. حسام الآلوسي: التطور والنسبية في الاخلاق يلغي الاخ ...


المزيد.....




- كيف علقت مصر على تقرير زعم أنها حثت بشار الأسد على مغادرة سو ...
- الناخبون في غانا يدلون بأصواتهم في انتخابات مصيرية
- قصة العلاقات السورية الإماراتية التي شهدت تحولات كبيرة
- قوات المعارضة السورية تدخل مدينة حمص وسط انهيار متسارع للنظا ...
- -القسام- تبث فيديو لأسير إسرائيلي يوجه رسالة إلى نتنياهو
- السعودية.. ضبط أكثر من 18 ألف وافد مخالف في المملكة
- لافروف يؤكد أن خبراء في الغرب يدرسون نطاق الأهداف المحددة لم ...
- كوريا الجنوبية تناقش توجيه ضربات إلى جارتها الشمالية
- هولندا.. قرابة 30 مفقودا إثر انفجار قوي في مبنى سكني بلاهاي ...
- لافروف يعلق على تقارير انسحاب السفن الروسية من القاعدة في سو ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - ما المفهوم الدقيق للحداثة؟