أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - في نقد العقل المتفرد















المزيد.....

في نقد العقل المتفرد


رواء محمود حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 16:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


‏ ‏
‏ يبدو أن موضوع العقل المتفرد بوصفه موضوعة قديمة – جديدة قد تجعل ‏المتذهن يشتغل على صياغتها في سياق نقدي يرتكز على مقدمات معرفية عديدة، من ‏خلال ظواهر الموضوع ذاته، أو بواسطة تداخل المعرفي مع ماورائياته المتعددة، في ‏نواحي الحياة المختلفة، وفروع المعرفة العامة والمتخصصة. ‏
‏ جاء في اللغة: واستبد فلان بكذا أي انفرد به. يقال: استبد بالأمر يستبد به ‏استبداداً إذا انفرد به دون غيره (ابن منظور: "لسان العرب"، ط3، دار صادر، بيروت، ‏‏1414ه، 3/81). واستبد برأيه انفرد (ابن سيده: "المخصص"، تحقيق خليل إبراهم ‏جفال، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1417هـ، 1996م، 3/431). ‏
‏ يرى الكواكبي أن الاستبداد في اللغة هو: "غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول ‏النصيحة أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة". وهو عند الاطلاق: "استبداد ‏الحكومات خاصة، لأنها أعظم مظاهر أضراره التي جعلت الانسان أشقى ذوي الحياة. ‏وأما تحكم النفس على العقل، وتحكم الأب والاستاذ والزوج، وبعض الشركات، وبعض ‏الطبقات، فيوصف بالاستبداد مجازاً أو مع الإضافة". وهو في اصطلاح السياسيين: ‏‏"هو تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف أو تبعة"، (الكواكبي: ‏‏"طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، تقديم الدكتور أحمد السحمراني، ط3، دار ‏النفائس، بيروت، 1427 ه – 2006 م، ص 37). ‏
‏ أعرف العقل المتفرد على الشكل الآتي: هو العقل الممتد في فعل نموذج من ‏الانسان وفي الفكر أيضاً، بمخرجاته المتنوعة، والقائمة على تسليع الثقافة بطريقة ‏الانتاج النمطي، وقولبة الانسان بانتاجه على شاكلة القوالب المتماثلة، أي إنتاج ‏الإنسان الواحدي، وتنميط المعرفة، أي تصنيع أنماط معرفية متشابهة، وتكرار النمط ‏الثقافي الواحد، الممتد في التاريخ، بحيث يتم تعطيل تجديد النمط الثقافي بهدف تحويله ‏إلى أنماط متعددة تشتغل بنسقية واحدة يخدم بعضها بعضها كالبنيان المرصوص، ‏وهنا يصبح التجديد معطلاً والعقل غير قادر على أداء وظيفته الأساسية وهي التأمل ‏والتفكر والتدبر والتبصر!‏
‏ العقل المتفرد يمكن أن يصل إلى المستوى الذي وصل إليه نمروذ. فمما روي ‏فيه: "أن نمروذ قال لإبراهيم فيما يقول: أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعو إلى عبادته، ‏وتذكر من قدرته التي تعظمه بها على غيره، ما هو؟ قال له إبراهيم: ربي الذي يحيي ‏ويميت. قال نمرود: فأنا أحيي وأميت! فقال له إبراهيم: كيف تحيي وتميت؟ قال: آخذ ‏رجلين قد استوجبا القتل في حكمي، فأقتل أحدهما فأكون قد أمته، وأعفو عن الآخر ‏فأتركه وأكون قد أحييته! فقال له إبراهيم عند ذلك: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق، ‏فأت بها من المغرب، أعرف أنه كما تقول! فبهت عند ذلك نمروذ، ولم يرجع إليه ‏شيئا، وعرف أنه لا يطيق ذلك"، (الطبري: "جامع البيان في تأويل آيات القرآن"، ط1، ‏تحقيق أحمد محمد شاكر، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1420 ه – 2000 م، ‏‏5/437). ‏
‏ أو أن يصل إلى ما وصل إليه فرعون في أنه، كما قال ابن عباس رضي الله ‏عنهما: "إنما كان فرعون يُعبَد ولا يَعبُد" ، الطبري: نفسه، 1/124).‏
‏ أو أن يصل إلى ما وصل إليه أبو لهب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، ‏قال: قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي صلى الله عليه وسلم: تباً لك سائر اليوم ‏فنزلت: {تبت يدا أبي لهب} (البخاري: "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري)، تحقيق محمد زهير ‏بن ناصر الناصر، ط1، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم ‏محمد فؤاد عبد الباقي)، 1422هـ، 2/104. ‏
‏ من هنا، أي من العقل المتفرد، يستمر التوالد الخلوي المصنع الواحدي البعد، أي ‏أن العقل المتفرد يريد أن يكيف الإنسان على نمطية واحدة تخالف سنة التنوع الكوني، ‏إنه يريد أن يستنسخ كل الانسانية من نموذج أوحد وهذا ما يتم على طريقة الاستنساخ ‏الخلوي من خلال: "إفراد خلية واحدة معروفة التركيب والوظيفة والشكل ومحددة ‏تصنيفياً تسمى نسيلة ‏Clone‏ ومن ثم تنسيلها بحيث لا تعطي إلا النوع نفسه، ويتم ‏خلال ذلك تقنية زراعة الخلايا في الأوساط البيئية المحددة والمعروفة، ويكون التنسيل ‏في هذه الحالة لمواصفات معروفة تتبع الخلية المستنسلة" (د. محمود الحاج قاسم: ‏‏"الاستنسال (الاستنساخ) بين العلم والدين"، مكتبة الجيل العربي، الموصل، 1999م، ‏ص 12). ‏
‏ من هنا يمكن تأكيد أن العقل المتفرد يشتغل على استمرارية التزامن الانتاجي ‏للنمط المعرفي الواحد في القطاعات المختلفة للانتاج المعرفي للعقل بطريقة تشبه ‏الاستنساخ الخلوي المذكور.‏
‏ أما في مجال الشروع بنقد العقل المتفرد فيمكن في البدء طرح السؤال الآتي: ‏هل يمكن قولبة الانسان وتصنيع الثقافة؟ ‏
‏ بالعودة إلى علم الحياة الجزيئي، وتحديداً إلى مجال تقنيات الهندسة الوراثية، ‏يمكن البرهنة على أن انتاج إنسانين بطرق معرفية متكررة من خلال الناحية البيولوجية، ‏وتسليع الثقافة عن طرق انتاجها التقليدي المتكرر يعد عملية مستحيلة.‏
‏ إن المعلومات الوراثية محمولة على الدي. أن. أي ‏DNA‏ وهي مرتبة بشكل ‏يعرف حالياً بالشفرة الوراثية ‏Genetic Code‏ وبحسب اكتشاف عالم الفلك والكونيات ‏جورج كامو، فقد صور الدي. أن. أي على أنه ليس جزءاً حياً فحسب، بل "سلسلة من ‏الأرقام الخاصة تشمل على معلومات وراثية هائلة، ممثلاً أياها برقم طويل جداً من ‏الصفات إلى الحد الذي يجعل احتمال تكراره بنفس التسلسل لانتاج شخصين متماثلين ‏تماماً مستحيلة، وبذلك يكون كل شخص فريداً من نوعه وغير مكرر"، (د. هدى ‏صالح: "الهندسة الوراثية: تقنية جديدة أم خطر كوني"، دار الحرية للطباعة، بغداد، ‏‏1409 ه – 1988م، ص 33). ‏
‏ وبذلك يمكن البرهنة علمياً على أن انتاج إنسان مشابه لآخر بطريقة الانتاج ‏المعرفي الإيديولوجي المعرفي وتكراره من الناحية الثقافية عن طريق عمليات تقليد ‏الفكر. كما إن عدم إبداع الأصول المعرفية الجديدة يعد عملية مستحيلة تماماً، إذ تتم ‏هذه القولبة عن طريق التحويل افتراضاً يعد عملية مستحيلة تماماً، إذ تتم هذه القولبة ‏عن طريق التحويل على شاكلة القوالب البنائية الجاهزة عملياً. وهذا يعني علمياً أن ‏التفرد وفرض الرأي الواحد والهيمنة على الآخر من غير وجه حق وإلغاء فاعلية ‏التفاعل المعرفي يعد غير مجد من الناحية العلمية المحضة ولاغياً على المستوى ‏البنيوي والستراتيجي.‏
‏ الشورى هي أحد أهم الحلول في نقد العقل المتفرد، فالرأي والمشورة أحد الشروط ‏المعتبرة في اختيار الامامة، كما يرى الماوردي. وهذه الشروط بشكل كامل هي: 1- ‏العدالة الجامعة لشروطها، 2- العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة ‏على الشروط المعتبرة، 3- الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو أصلح للإمامة، ‏ومن هو أعرف بتدبير المصالح (الماوردي: "الأحكام السلطانية"، دار الحديث، القاهرة، ‏بدون تاريخ، ص 17 – 18).‏
‏ ومن المسائل التي استنبطها الفخر الرازي من قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} ‏‏[آل عمران: 59] المسائل الآتية: ‏
‏ المسألة الأولى: يقال: شاورهم مشاورة وشواراً ومشورة والقوم شورى. قيل: ‏مأخوذة من قولهم: شرت الدابة شوراً إذا عرضتها، والمكان الذي يعرض فيه الدواب ‏يسمى مشواراً كأنه بالعرض يعلم خيره وشره، فكذلك بالمشاورة يعلم خير الأمور وشرها. ‏وقيل: المشاورة مأخوذة من قولهم: شرت العسل أشوره إذا أخذته من موضعه ‏واستخرجته.‏
‏ المسألة الثانية: الفائدة في أنه تعالى أمر الرسول بمشاروتهم وجوه: منها: إن ‏مشاورة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم توجب علو شأنهم، وبذلك يقتضي شدة ‏محبتهم، وإخلاصهم في طاعته، ولو لم يفعل ذلك لكان ذلك إهانة بهم فيحصل سوء ‏الخلق وقال الحسن وسفيان بن عيينة إنما أمر بذلك ليقتدي به غيره في المشاورة ‏ويصير سنة في أمته. وشاورهم في الأمر لا لتستفيد منهم علماً ورأياً لكن لكي تعلم ‏مقادير عقولهم وأفهامهم ومقادير حبهم وإخلاصهم في طاعتك فحينئذ يتميز عندك ‏الفاضل والمفضول، ولأجل أنك إذا شاورتهم في الأمر اجتهد كل واحد منهم في ‏استخراج الوجه الأصلح في تلك الواقعة، فتصير الأرواح متطابقة متوافقة على ‏تحصيل أصلح الوجوه فيها، وتطابق الأرواح الطاهرة على الشيء الواحد مما يعين ‏على حصوله وهذا هو السر عند الاجتماه في الصلوات. وهو السر في أن صلاة ‏الجماعة أفضل من صلاة المنفرد. ودل على أن لهم عند الله قدراً وقيمة، فهذا يفيد أن ‏لهم قدراً عند الرسول وقدراً عند الخلق. ‏
‏ المسألة الثالثة: اتفقوا على أن كل ما نزل فيه وحي من عند الله لم يجز ‏للرسول أن يشاور فيه الأمة، لأنه إذا جاء النص بطل الرأي والقياس.‏
‏ المسألة الرابعة: ظاهر الأمر للوجوب فقوله: وشاورهم يقتضي الوجوب (ينظر: ‏الفخر الرازي: "مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، ط3، دار إحياء التراث العربي، ‏بيروت، 1420 هـ9/409-410).‏



#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة د. حسام الآلوسي: التطور والنسبية في الاخلاق يلغي الاخ ...


المزيد.....




- زيلينسكي يصف اتفاق المعادن مع واشنطن بالعادل.. ما رأي الأوكر ...
- طبيب أمريكي عمل بمستشفيات غزة بأكثر من زيارة: الأمر يزداد سو ...
- أسطول الحرية: السفينة المتوجهة إلى غزة تتعرض لقصف بمسيرة وما ...
- إسرائيل تشن غارة على محيط القصر الرئاسي في دمشق في -رسالة لل ...
- إسرائيل تعلن شنها ضربات بمنطقة مجاورة للقصر الرئاسي السوري
- هل يوافق ترامب على ضرب إيران بـ-أم القنابل-؟
- -أسطول الحرية- يؤكد خطورة إصابة إحدى سفنه ويدعو مالطا للتحرك ...
- تقرير: الاستخبارات الهندية تشير إلى ارتباط باكستان بمنظمي هج ...
- حادث مروحية مروع في أستراليا.. والشرطة تفتح تحقيقا عاجلا
- بروفيسور بريطاني: ترامب يرى فرصا أكبر للبزنس مع موسكو لذلك ي ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - في نقد العقل المتفرد