أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - آن الأوان لتطهير الدين من السياسة















المزيد.....

آن الأوان لتطهير الدين من السياسة


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 15:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تثبت الأحداث، يوما بعد يوم، أن الفوضى التي تعم المنطقة العربية، والحروب والاشتباكات في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والصومال وأفغانستان وباكستان، وفي نيجيريا وما حولها، هي حروب واشتباكات بين المسلمين أنفسهم، بين مذهبين أو طائفتين، أو بين طائفة معينة وطوائف الأخرى، وأحيانا بين مجموعات من الطائفة الواحدة تختلف في تفسير النصوص الدينية. والهدف من هذه الحروب الداخلية سياسي وهو السيطرة على الحكم وإقصاء الطرف أو الأطراف الأخرى. وكل من هذه الأطراف يؤمن، أو يدعي على الأقل، أن إسلامه هو الصحيح، وهو مستعد دائما أن يأتي ببراهين ليثبت ذلك. بعض هذه الخلافات استمرت قرونا من الزمان وبعضها طور حديثا بالاعتماد على أفكار قديمة. هل تستطيع الدول والشعوب أن تتقدم وهي في حالة نزاع داخلي؟

فبعد قرون عديدة من سيطرة السنة على الحكم في العراق حاولت الطائفة الشيعية، وهي الأكبر بين طوائف العراق، أن تلعب هذا الدور من خلال الانتخابات التشريعية بعد الاحتلال الأمريكي، فتأسست أحزاب شيعية واستولت على أغلبية من المقاعد البرلمانية مكنتها من الحكم، ورغم نجاح إياد علاوي الشيعي، عام 2010، في تأسيس تجمع علماني سُمي "القائمة العراقية،" والذي ربح 91 مقعدا في البرلمان، وشكل بذلك أكبر كتلة برلمانية، إلا أن الأحزاب الشيعية القوية أتحدت ضده، وبدعم من إيران، ولم تمكنه من تأليف الحكومة. واتهم القادة السنة قادة الشيعة باحتكار السلطة، ولا يزال التقسيم الطائفي والكوتا الطائفية سائدين، والنتيجة استمرار الخلافات الطائفية التي أدت في النهاية إلى سقوط الموصل بيد داعش.

في سوريا بدأت الاحتجاجات في 2011 على حكم بشار الأسد ، الذي وعد بإدخال نوع من الإصلاحات، ولكنه واجه، باستعمال القوة، الأحزاب الدينية السنية التي دخلت على الخط ، وظن هؤلاء أنهم يستطيعون أن يقلبوا النظام بمساعدة الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية، ولكن روسيا وإيران وحزب الله اللبناني مكنا النظام من الاستمرار، والنتيجة الحتمية كانت الحرب الطائفية التي نراها الآن والتي دمرت سوريا وحولت ملايين عديدة من السوريين إلى لاجئين في الخارج وفي الداخل.

وفي مصر، بدأ الشباب ثورتهم ضد نظام مبارك بداية 2011، وكان واضحا أن الإخوان المسلمين أصابهم الذهول وأسقط في يدهم عندما عبأ شباب مصر المستنيرون الشعب المصري وبرزوا كقادة المستقبل المحتملين، ولم تمض بضعة أيام إلا وكان الشيخ يوسف القرضاوي في القاهرة ليقود الإخوان ويمكنهم من الاستيلاء على الثورة، فأوقفوا ما كانوا يصفونه "بإسلامهم المعتدل" والحديث عنه، لأن الوضع في رأيهم، لم يعد بحاجة إلى تنظير بل إلى التطبيق العملي. وانتخب مرشحهم محمد مرسي رئيسا للجمهورية، لأن الأحزاب الأخرى لم تُجمع على المرشح المنافس له. وعندما شعر المستنيرون والتقدميون في مصر أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بدأ بالتدهور، تيقنوا أن المسألة مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، فخرجوا إلى الشوارع بالملايين وحثوا الجيش بقيادة السيسي على التدخل. ولكن الإخوان لم يستسلموا بعد تدخل الجيش وانتخاب السيسي، وها هم يحاولون أن يُسقطوا النظام الجديد بالقوة وبمساعدة مجموعات مسلحة.

وفي ليبيا نتج عن دخول المجموعات الإسلامية المدعومة من قطر وغيرها، وخاصة أنصار الشريعة، حالة من عدم الاستقرار وبدأت محاولات الإسلاميين السيطرة على البلاد بالقوة بالاصطدام مع الجيش.

وفي اليمن، وبعد سنوات من فشل مطالب الشباب المستمرة في تغيير النظام بآخر يحقق الحرية والعدالة، قامت الطائفة الزيدية، التي تؤيدها إيران، والتي يقودها عبد الملك الحوثي، بالاستيلاء على السلطة، وقد أدهش الحوثيون العالم بعد أن برهنوا على أن أعدادهم كبيرة وأنهم منظمون ويملكون الأسلحة الكافية لتنفيذ أهدافهم، رغم أنهم يواجهون أيضا منظمة القاعدة المعادية للمذهب الزيدي الشيعي والتي لم يستطع نظام علي عبد الله صالح أن يحد من نفوذها رغم المساعدات الهائلة التي كان يتلقاها من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
لا يتسع المجال للحديث أيضا عن الطائفية التي تشل الحياة السياسية في لبنان، ولا عن نشاط المعارضة الشيعية في البحرين، ولا عن إرهاب حركة طالبان في باكستان وأفغانستان وانشغال الحكومات بحماية الناس من شرورهم، فيكفي أن نتذكر الهجوم على مدرسة في بيشاور في 16 كانون أول الفائت وقتل حوالي 150 تلميذا ومعلما. كلنا نعرف المنظمات التي ولدتها القاعدة، والتي تدعي أنها تطبق الإسلام، في الصومال وشمال إفريقيا، وحركة بوكو حرام التي تنشر الدمار والإرهاب في نيجيريا والدول المجاورة وتهاجم قرى كاملة وتمسحها من الخارطة، والمذابح التي تنفذها ضد الناس، مسلمين وغير مسلمين، والتي خطفت في نيسان الماضي 276 فتاة مراهقة وأعلنت أنها ستبيعهن في سوق النخاسة. ولا يمضي يوم دون أن نسمع هجوم بالقنابل أو عملية انتحارية ضد مسجد شيعي في باكستان أو أفغانستان يقتل فيه العشرات.

القول بأن "قوى خارجية" تخلق الطائفية والحركات والمجموعات الدينية المحاربة لكي تضعف الشعوب العربية والإسلامية وتديم شرذمتها وتفتيتها، غير مُقنع. يمكن أن ينطبق هذا على منظمة أو اثنتين أو أكثر ولكن من المستحيل أن نصدق أن هذه القوى الخارجية لديها الوقت أو الوسائل لخلق ورعاية المئات وربما الآلاف من المنظمات ذات الطابع الديني التي تحارب الأنظمة أو التي تحارب بعضها البعض في سوريا وغيرها.

يتضح مما سبق أن المصائب والحروب التي تضرب العالم العربي والإسلامي سببها استعمال الدين لتحقيق أغراض سياسية، وأن السبيل إلى انتهاء هذه الحروب والحفاظ على وحدة الشعوب والانطلاق نحو المنعة والتقدم، هو تجريد السياسة من غطائها الديني. على كل دولة أن تسن قوانين تحرم تشكيل الأحزاب والمنظمات السياسية على أساس ديني، لأن الاختلاف في تفسير المبادئ الدينية سيولد باستمرار أحزابا سياسية ومنظمات متعددة، كل منها تعتبر مبادئها السياسية مقدسة لا تقبل النقض. جميع المنظمات المنهمكة في تدمير المجتمع العربي والإسلامي وتشويه الدين، ولدت من رحم الإسلام السياسي، والحل الوحيد هو تطهير الدين من السياسة، التي هي علم وأفكار من صنع الإنسان، تحتمل الصواب أو الخطأ، والنجاح أو الفشل، وتخضع للتطوير والتعديل والمناورة والتفاوض، أما المبادئ الدينية فلا يجوز للمرء، ولا يستطيع، أن يفاوض عليها.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزوف الشعوب العربية عن القراءة
- الوجوه المتعدّدة لرجب طيب أردوغان
- الحملة الحالية ضد الفكر الإرهابي جاءت متأخرة
- بان كي مون و أحمد إبن داود
- هل سنبقى نعيش في الماضي؟
- هل من وسيلة لحماية المسيحيين العرب؟
- إنعدام فرص الديمقراطية في العالم العربي
- هل غيّر القرضاوي نهجه المعتدل بعد إنجازات الإسلام السياسي؟
- تحالف تقوده أمريكا لن يهزم داعش
- سايكس بيكو وأخواتُها
- وسائل الإتصال الحديثة، والإرهاب، وإسرائيل
- حرب غزة علامة فارقة في النضال الفلسطيني
- المهاتما غاندي والقضية الفلسطينية
- حرب العراق الطائفية إحدى كوارث الإسلام السياسي
- من يُنقذ إسرائيل من نفسها؟
- حسن نصرالله وإستمرار المتاجرة بالقضية الفلسطينية
- -بوكو حرام- وعدم الإكتراث العربي والإسلامي
- القضية الفلسطينية والمواقف السلبية
- النظام السوري المتعجرف
- دهاء إيران السياسي


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - آن الأوان لتطهير الدين من السياسة