أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم إيليا - العازفة على الحروف














المزيد.....

العازفة على الحروف


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 4712 - 2015 / 2 / 6 - 21:03
المحور: الادب والفن
    


لو لم تكن فيّ بقية من روح شرقية، لزدت على الصورة البيانية الرائعة التي سبكتها في قالب من الحسن لا يضاهى، مخيلةُ صديقي الشاعر عبد الرضا حمد جاسم الذي بيني وبينه "خبز وملح" طعمناهما على مائدة الفضاء اللامحسوس؛ لو لم تكن ... لألحقتُ بها حاشية منمنمة بزخرف العاطفة وأنا أحاول أن أقهر حياء تضرج خده من (إثم) النسيب إلى امرأة مترفة الرُّواء ذات بعل؛ لو لم تكن ... لهمست همساً واجفاً مجمجماً حذر أن تلتقط أذن التقليد الحساسة البائسة الصارمة كالسيف ما في همسي من إباقٍ أثيم: ((... وعلى القلوب)).
ولكنها الروح الشرقية! ولا سلوى لشرقي تتجدول روح الشرق في أوردته ولو وشلاً. فلندع ذا – على لغة زهير - ولنعدِّ القول في (مشعل الرماد):
فإن أول ما يتبادر إلى الذهن منه سؤالٌ دهش كأنه في جناحي طائر: وما الرماد الذي يشتعل!؟ أثمة رماد يشتعل يا ناس؟ فإذا تباطأت أذهانٌ أن تجيب، فما يبطئ ذهن صديقي المتوقد اللماح أن يرد على الفور: (( لا رماد يشتعل – كذا بلا النافية للجنس - الرماد لا يشتعل، ومن يحاول أن يُتعب نفسه في إشعاله، فلن يحصل على وهج أو نتيجة، بل قد يُساء إليه بوصفٍ. إن الرماد دقاق الجمر وهباؤه، فكيف يشتعل!؟... )) ولا مفرّ هنا لمن سمع قوله: "بل قد يساء إليه بوصفٍ" من تخمين الوصف الذي قد يمكن أن يكون مسيئاً لرجل يعكف ليله ونهاره على الرماد، ينفخ فيه بملء فيه راجياً أن يذكو ويشتعل: أهو وصفٌ من الحكمة؟ أهو من الرؤيا والنبوة؟ أهو من نفاذ البصر والبصيرة؟ أهو من الرجاء والأمل؟ أهو من البأس يمخر في عباب المستحيل؟ أهو من ...؟ أو هو مما يضاد كلّ تلكم الصفات؟
ولكن منطق صديقي النابه وهو يشرح على مقولة الرماد مشتعلاً شرحَ الشريف الجرجاني، لن ينطلي على العازفة.. ستستدرك عليه، ستدفعه بمنطقها الرخيم، مرنمة: ((هو يضرم في الرماد جذوة الشك والسؤال، محاولاً إعادة اللهب إلى الأدب. ملاحظتك (ملاحظة صديقي أبي حيدر) سليمة دون شك، إلا أني اعتبرت أن في الرماد بقايا جمرة يقبض عليها لينفخ فيها ويشعل الأدب)).
ولعمري! فإن استدراكها عليه، لكالنشيد العذب يروّي آذانا عطشى، بيد أنه – مع الأسف! – لا يملك أن يروي أذناً ترتع كالزهو في ريّ ورواء: فإن عبارة (مشعل الرماد) لا تفيد معنى القبض على جمرة ثم النفخ فيها ألبتة؛ إذ لا خير من نفخ في جمرة وهي (أصلاً) متوقدة. وإذا كان الأدب، المشبَّه بالجمرة، متوقداً مثلها، فما عسى أن يجديه النفخ؟ بل ربما أضر النفخ بالجمرة ذاتها فأخمد جذوتها، وعلى رأي صاحبي: (( وقد يصاب النافخ فيها بإصابات في العين وجهاز التنفس، و ما يعلق برأسه اللامع في النهاية إلا الرماد)).
فأما تخيّل الرماد عدماً، وتخيّل الناقد ينفخ في العدم؛ فتخيل شاعر استبد به الزهو في ليلة مقمرة. إن الرماد له وجود، فإذا تُخُيِّل عدماً، فقد انتقض وجوده وانمحت رموزه وآثاره، فأنى يكون النفخ فيه؟ ومن وجه آخر، فإن نسبة الوجود والعدم إلى شيء واحد، تناقض. والتناقض مأساة العقل.
وفي النهاية؛ نهاية هذا المقطع: من يزرع (ينفخ) في العدم، فلن يحصد إلا العدم!
فأما النقد المؤثر الذي تصفه العازفة بأنه يشعل الأدب، فلا بد له من شروط ليكون مؤثراً مجدياً. وأول شروطه وأبلغها في الأهمية، أن يكون من يزاوله نظيف القلم نبيل الغرض موضوعياً متجرداً من الهوى والميل والانفعالات العنيفة والمشاعر السلبية، فلا يكفي أن يكون عالماً مبدعاً خبيراً واسع الثقافة. ولقد رأينا (العقاد) ينتقد (شوقي) ولكن نقده لم يكن صادراً عن قلم تطهّر من مشاعر الحسد والغيرة، على الرغم من محاولات العقاد أن يُظهر نقده بريئاً من الحسد يتغيّا تجديد الأدب. وكيف كانت النهاية؟
لقد بقي شوقي شاعراً، وحال العقاد إلى مفكر إسلامي. وهذا استطراد لا صلة له بالموضوع.
فأما أن يأتي ناقد بنظرية ما من مكان ما، ويجتهد في تطبيقها على نماذج مختارة من الأدب والأدباء، فإن نجح في التطبيق، نال الثناء والمكافأة الحسنة والسمعة الطيبة، وإن أخفق، صار عرضة للمساءلة وللنقد النزيه المشروع. فإن توجس الناقد من النقد والمساءلة، وتوهمهما تدميراً لكيانه ومؤامرة للقضاء عليه، فقد خيف عليه أن يشفي على حافة الوسواس.



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاورة الربيعي
- حدث في عرس رنيم. الحلقة السادسة
- حدث في عرس رنيم. الحلقة الخامسة
- حدث في عرس رنيم. الحلقة الرابعة
- حدث في عرس رنيم. الحلقة الثالثة
- حدث في عرس رنيم. الحلقة الثانية
- حدثَ في عرس رنيم (1). رواية قصيرة
- محاورة الربضي
- مسألة الضرورة والحرية، بما هي مسألة وجودية
- وصيد المعنى
- محاورة رمضان عيسى
- ما العلة الحقيقية في انهيار سوريا
- معضلة الروح
- في رحاب المطلق
- أنتي مالوم أبو رغيف. أو فلسفة التغيير
- شبح الطحان شمس الدين الكردي
- إلى السيدة الفاضلة الأديبة ليندا كبرييل
- مشكلة الوجود الإنساني
- خلق العالم . 3- الحياة
- خلق العالم 2- المغزى


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم إيليا - العازفة على الحروف